الغناء الجماعي.. من طقس ديني إلى نمطٍ موسيقي.. أغراض متعددة

الخرطوم – نمارق ضو البيت
يعد الغناء الجماعي (الكورال) جزءاً أصيلاً من الفن في العالم، حيث عرف هذا النمط الغنائي منذ عصور قديمة في التاريخ الفني الزاخر، ذلك لأنه كان طقساً رديفاً للمناسبات والأنشطة الإنسانية مثل الختان والميلاد والزواج والحصاد والحروب.
للغناء الجماعي عشاقه ومحبيه الذين يفضلونه بحسب الاعتقاد، حيث نجد أن الشعوب الأفريقية تعتقد بأنه طقس ديني عندما تتلو ترانيمه يجلب الأمطار، لكن مع مرور الوقت أصبح شكلاً من أشكال الأداء الموسيقي.
أغراض عديدة
في عهد الممالك المروية دخل السودان نمط الغناء الجماعي، وكان وقتها في شكل ترانيم جنائزية، ويتغنى به في مناسبات تنصيب الملوك، ثم ظهرت بعدها ترانيم الكنائس باللغة القبطية بعد دخول الدين المسيحي، وذكر بعض الرحالة أن الصوت الجماعي لتلك الترانيم كان في غاية السحر، لكن في المملكة السنارية الإسلامية اختلف نمط الغناء من ترانيم إلى مديح نبوي.
أغانيات العمل
في السياق، يقول دكتور فتح العليم عبد الله ? أمين الشؤون العلمية بجامعة أمدرمان الأهلية والرئيس السابق لقسم التاريخ والحضارة لـ (اليوم التالي): كان المديح في شكل ثنائيات ويقوم بترديد الأبيات كل الموجودين حول الدائرة، يغني الرجال لوحدهم والنساء لم يكن لهم علاقة بالغناء إلا في مناسبات الختان أو الزواج، أو في المناحات القبلية كمولولات بصورة جماعية. وأضاف: شهدت فترة الأتراك انفتاحاً في أغاني النساء الجماعية، لكنه كان غناء من قبل محظيات الملوك أو العوالم وهن الحبشيات والمصريات، وشيئاً فشيئاً ظهرت أغاني العمل؛ وكل مهنة كانت لها أغنياتها التي تتناسب مع إيقاعها، فالترزي كانت أغنيات تتسق مع سرعة قدمه، وهو يدوس على الماكينة، والأبالة ? رعاة الأبل- أغنياتهم كانت تشبه خطوات إبلهم وعلى سبيل المثال لها “زولا سرب سربا/ ختا الجبال غربا”، وكذلك أغاني المزارعين والعمال.
الأغاني الوطنية والجلالات
تتجه كافة الدول لترديد الأغاني الوطنية والحماسية حينما تريد استنفار المواطنين، وبدأت الأغنيات العسكرية في السودان في عهد الدولة السنارية، وابتدأها سلاح الهجانة، وذلك ليزيد من نسبة الحماس داخل الجنود طوال طريقهم، وحتى لا تقل عزيمتهم في طول المسافة ووحشتها، وظل الجنود يستخدمون هذه الجلالات إلى يومنا هذا، يتخلل هذا الأسلوب من الغناء الجماعي الصرخات وضرب الأرجل على الأرض في كثير من الأحيان.
نمط التشجيع الرياضي
يعتمد نمط التشجيع في كافة الرياضات، وفي مختلف أنحاء العالم على الموسيقى والغناء، وينبغي أن تكون كلمات أغاني التشجيع خفيفة وذات إيقاع سريع بجانب التعبير عن الانتماء للنادي، كما قال الصادق الهادي آدم الشهير بـ (الواوا) ? موظف علاقات عامة ومؤلف أغاني تشجيع لنادي المريخ. وأضاف: يحب السودانيون عموماً أغاني الحماس، ولها تأثير بالغ على وجدانهم، مثل أغاني السيرة، التمتم، وفي التشجيع ينبغي الابتعاد عن الكلمات والألحان الثقيلة، لأنها تقتل إيقاع الحماس لدى المشجعين في المدرجات، كما تزيد أغنيات التشجيع من دافع اللاعبين في الأداء خلال المباراة، وهناك مفهوم مغلوط عن التشجيع لدى الجمهور، فهم يتحمسون في التشجيع حين يكون الفريق متقدماً على الخصم، ومن المفترض أن يزيد التشجيع للفرق عندما يُهزم أو في حالة التعادل، حتى ترتفع المعنويات لكي يحقق النصر. وأردف: في التشجيع لا ننسى اللاعبين الأجانب، ونعمل على تأليف أغاني بإيقاعهم المحلي، كالأغنية الأفريقية (جامبو كوانا) التي غنيناها للاعبين الأفارقة في الفريق، ويعتمد التشجيع على ترديد الأغاني بصورة جماعية إلى جانب التصفيق والتطبيل
اليوم التالي