رندوك تجاري.. مصطلحات السوق تتوِّه الزبائن.. لغة خاصة

الخرطوم – درية منير
بعيدا عن اللغة العامية والفصحى، فإن فئات بعينها ناشطة في (سوق الله أكبر) أنجزت لغتها الخاصة التي تحفظ عبرها حقوقها المادية والتجارية خوف انكشاف أسرار (السوق)، وبالتالي التعرض لخسائر يعقبها إقصاء.
خلقوا لغتهم من ثنايا عملهم، فلكل فئة لغتها الخاصة (راندوكها)، فهناك لغة خاصة بالسواقين، الطلاب، الميكانيكية، النجارين، المعلمين، الموظفين، الأطباء، وغيرهم، إلا أن راندوك التجار له وقع خاص كونه متصلاً بأعمال البيع والشراء والاستهلاك اليومي، لكن كل تلك الراندوكات تتأثر ببعضها، فيأخذ راندوك الصحفيين مثلاً بعض كلماته من راندوك كماسرة البصات، فلم يعد مستغرباً أن تسمع كلمة (ماسورة) في عقر دارك أو مكتبك المحترم، يطلقها مسؤول كبير.
سؤال كبير
سؤال يطرح نفس من أين تأتي تلك اللغة الخاصة أو (الرندوك) وكيف يتم استنباطها، وكيف تلقى قبولاً وتحظى بانتشار واسع وسط المجتمع؟ وكيف يتعامل معها الآخرون دونما رفض أو استهجان، كلها أسئلة يجيب عنها أهل الشأن في استطلاع (اليوم التالي) لهم:
مصطلحات سرية
في البداية، يقول محمد الحاج ? تاجر- بسوق أمدرمان لـ (اليوم التالي) المصطلحات التي تستخدم تمثل لغة سرية، فلكل مجموعة من الحرفيين لغة سرية، حيث يتكلم التجار أمام الزبون بكل حرية تامة، مشيراً إلى أن الغرض منها هو توصيل وتناقل المعلومة بين التجار دون أن يعلم الزبون المقصود بها، مضيفا أن تلك اللغة يتم اكتسابها بمرور وقت طويل في العمل، فمثلا التاجر أو الصنائعي لا يبدأ تاجرا أو صنائعيا، ولكنه يبدأ صبيا، ومع الاجتهاد يصبح (شاطرا) في عمله، وهذا أمر غاية في الصعوبة، وعن مزايا لغة الراندوك الخاصة بالمهنة، قال إنها قليلة، فهي تصلح في الأماكن المزدحمة وعند التمويه، فهي تستخدم فقط للتفاهم بين أبناء المهنة في الفكر والعمل والتعامل والمعاملة مع الآخرين، ولكن لا يصلح استعمالها خارج إطار العمل، لأنك ستضطر أن تشرح لشخص أكثر من مرة، ويشير إلى أنهم أثناء اليوم يتعرضوا لأكثر من موقف حرج، لذا يرجعون لاستعمال تلك المفردات مثل (الزولة دي حبة واحدة) أي أنها لا تمتلك المال الذي يجعلها تأخذ جولة طويلة تخرج من سوق الذهب مرصعة بالذهب من أذنيها، وحتى حجول أرجلها، لذا يتم اختصارها ونعود لعملنا، وهناك مصطلح آخر عندما يحس التاجر أن الزبون غير راغب في الشراء، يقال عنه (فالصو)، محمد لا يرى غضاضة في الأمر، فهو أسلوب خاص يرتقي بالمهنة، حد قوله.
عفوية أم خبث؟
الأمر لا يختلف كثيراً عند عمال وحرفيي المنطقة الصناعية، لكن اللغة الخاصة بهم يتم استعمالها في أي مكان، حيث يفيدنا أسامة علي ? حرفي، قائلا: لـ (اليوم التالي): لغتنا خفيفة نوعا ما نستعملها في أي وقت حتى عند زيارة المرضى يتحدث الأطباء بلغتهم، ونحن بلغتنا عندما يكون المريض في حالة لا يرثى لها يقول بعضنا (الزول ده عشَّق، أو داير عمرة كاملة)، وفي حالة الوفاة (المكنة بطلت)، فما هي إلا مفردات عفوية جاءت كنوع من التغيير ليس الغرض منها تمويه أو إحراج الزبون. ويضيف: مع مرور الوقت ظهرت تلك اللغة، ولم يعلم مستخدوها أنها ستنتشر وتصبح رموز تعامل بين فئة بعينها، وتلك اللغة يرفضها بعض الزبائن الذين لا يجيدون فهمها أو التعامل بها.
العطارين والجرسونات
العطارون لهم نوع من المصطلحات جاء من رحم بضاعتهم، فيقولون على القرنفل (مسمار) والمدرح على الفلفل الأسود، فمثل تلك الأشياء لا يفهمها إلا أصحاب المحلات، ورغم أنها خالية من الإساءة إلا أنها غير مقبولة لدى البعض، أما جرسونات المطاعم فلهم لغة أشبه بتلك، فيطلق على العدس لحمة الفقراء، أما الدمعة خالية اللحم يقال عليها طلب خبر، أي أن خبر الوفاة والجثمان في مكان ما، كما يطلق على رأس الخروف (الباسم) وعلى الكوارع (زحافات)

اليوم التالي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..