أخبار السودان

رفع العقوبات الأمريكية.. “البنج فكا”..!

يوسف الجلال

إذا مررت قبالة مطار الخرطوم، فسوف تجد أجساد طائرات سودانير مُسجّاة، في انتظار أن تتحلل، هي في ذلك مثل “الجيفة” التي نهشها الصقور، فتيسبّت عظامها، وأوشكت أن تتحول إلى هيكل عظمي. وإذا أمعنت النظر في منظر الطائرات “المهلهة”، سوف تسأل نفسك سؤالاً واحداً: “ما الذي أورد شركة سودانير موارد الهلاك، بعدما كانت ملء الأسماع والأبصار”..!

صدقني حتماً سوف تسأل نفسك ذلك السؤال، وربما يتبرع احد بان يقول لك إن السبب في ذلك هو العقوبات الأمريكية المفروضة على السودان.. وربما يسهب هذا الأحد، ويقول لك إن العقوبات تحول دون دخول “الاسبيرات” إلى السودان، وإنها مؤثرة في قطاع النقل عموماً..!

وإذا أرخيت السمع إلى أحد مسؤولي الصحة في السودان، فسيقول لك إن العقوبات تسببت في توقف عديد الشركات وخروجها من دائرة استيراد الأدوية، لدرجة أن الأدوية المُنقذة للحياة، لم تعد متوافرة على النحو المطلوب..!

وذات السيناريو المُعد سلفاً ستسمعه إذا حاولت أن تتفحص موقف التحويلات البنكية، وستجد ذات التبريرات المعلبّة المتمثلة في أن العقوبات أعاقت حركة النقود من وإلى السودان. وظني أن تلك حيلة سهلة تلجأ إليها الحكومة لتبرير قصورها في عديد المجالات..!

حسناً، فالناظر إلى خطاب الحكومة سيجد أنها تبرر كل أخطائها بالعقوبات الأمريكية، لدرجة أنها صنعت من تلك العقوبات “شماعة” لتضع عليها كل إخفاقاتها..! ولكي تتأكد من أن الحكومة ظلت طوال الفترة الماضية تركن إلى “شماعة العقوبات”، ما عليك سوى أن تتفحّص أيّما قطاع خدمي أو اقتصادي أو حتى أمني، لتجد أن درجات القصور آخذة في التصاعد، بينما تصر الحكومة على أن تنتهج ذات “الشماعة” لتبرير القصور، حتى وإن انتفت العلاقة المباشرة وغير المباشرة بين العقوبات وتلك القطاعات..!

الآن، تبدل الموقف تماماً، بعدما بدلت الإنقاذ ثوبها تبديلاً محيِّراً. وبعدما تحركت من على ظهر المنصة التي تسببت في فرض العقوبات، وبارحت مربع “أمريكا روسيا قد دنا عذابها” إلى مربع التناولات والتطبيع. وهو ما أدى إلى رفع العقوبات عن السودان..!

قناعتي، أن الحكومة ستجد نفسها في ورطة أكبر من مأزق العقوبات، وخاصة إذا فشلت – وهو أمر راجح – في تحسين الأوضاع الاقتصادية. وهو ما يعني أن الشعب سيكتشف أن العقوبات لم تكن وراء كل كارثة اقتصادية أو ضائقة معيشية حطت على البلاد، وسيكتشف أن تدمير مشروع الجزيرة وخراب “سودانير” وإغلاق المصانع وتدمير السكة الحديد، وتصاعد واردات السودان إلى أكثر من 9 مليار دولار، مقابل تناقص صادراته إلى أقل من 6 مليارات دولار، لم تكن كلها بسبب العقوبات. وسيصل إلى القناعة بأنها بسبب أشياء أخرى مثل الفساد والتجاوزات المالية والإدارية. خاصة أن رجلاً مثل الدكتور عبد الرحيم حمدي، وهو قيادي بارز في الحزب الحاكم ووزير مالية سابق، قلل من جدوى رفع العقوبات الأمريكية، ما لم تكن متبوعة بخطة إصلاح حقيقي.

قناعتي، أن الإنقاذ فقدت واحدة من الحيل التي كانت تستميل بها الشعب، وتدغدغ بها عاطفته، وأعني حيلة “كرت العقوبات الأمريكية” التي كانت تستخدمها لتخدير الشعب، وصرفه عن الأسباب الحقيقية للأزمة الاقتصادية. بل انها كانت تستخدم العقوبات لاستحلاب الصبر من الشعب، وهو ما ظل حادثاً طوال الفترات السابقة. وعليه فإن احتمالية أن يفيق الكثيرون من حالة التخدير، تبقى واردة بشدة، خاصة أن “البنج فكا”، ما يعني أن الحكومة ستجد نفسها مواجهة بوعي شعبي كبير، لم يكن متوافراً في سابقات الأيام، بسبب النيّات الحسُنة التي كان يتعامل بها أكثرية السودانيين مع الحكومة..!

الصيحة

تعليق واحد

  1. بعد أن أنكسرت شماعة العقوبات الاميركية
    ستكون الشماعة التالية لنظام هم معارضي الكيبورد الذين يجلسون في فنادق خمسة نجوم بالخارج
    لن يحتاروا كثيراً ليجدوا الشماعة البديلة لتعليق فشلهم فيها

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..