كيف يفوز الأطرش والمطنش (1)

كيف يفوز الأطرش والمطنش (1)
جعفر عباس

كتبت من قبل عن الضفادع التي اعتزمت الصعود الى سقف بناية شاهقة، بينما وقف جمهور حاشد من المتفرجين يضحك مستخفا بالضفادع ويصيح فيهم: بلاش هبل وخبل وعبط.. لا تحرجوا أنفسكم ايها الضفادع الهزيلة ولا حتى بمحاولة الوصول الى الطابق الأول!..

وكيف ان الآلاف منها فشلت في تلك المهمة بينما ظل ضفدع صغير يقفز متجاهلا عبارات الاستخفاف والشماتة حتى وصل الى قمة البناية، واتضح ان الضفدع البطل الذي حقق ما لم يحققه ضفدع من قبل كان فاقدا القدرة على السمع (أطرش).

والشاهد في هذه الحكاية هو ان على من يريد النجاح في أمر ما أن يسد أذنيه كي لا يسمع كلام الشامتين أو من يشككون في قدراته.. بعبارة أخرى «طنش» الكلام المحبط طالما أنك مصمم على تحقيق غاية تعتبرها مهمة مهما بدت صعبة المنال…

وهكذا كانت عاهته نعمة لأنه لم يسمع الكلام المحبط الذي كان يصدر عن المشاهدين، وركز كل جهده على تحقيق غايته، وهي الوصول الى أعلى نقطة في البناية العالية.. والشاهد في هذه الحكاية هو ان على من يريد النجاح في أمر ما أن يسد أذنيه كي لا يسمع كلام الشامتين أو من يشككون في قدراته.. بعبارة أخرى “طنش” الكلام المحبط طالما أنك مصمم على تحقيق غاية تعتبرها مهمة مهما بدت صعبة المنال… وحتى في المدرسة قد تجد مدرسا يشكك في قدراتك الذهنية ويحرص على تذكيرك بأنك حمار، ولكي تنجح وتثبت أنك لست غبيا “اعمل حالك اطرش” واجتهد في دروسك.. لو أعار البرت آينشتاين ملاحظات مُدرِّسته حوله انتباها لما صار العالم الذي غير وجه علمي الرياضيات والفيزياء، فقد كانت تكتب في تقاريره انه تلميذ خامل الذكاء ولا رجاء فيه.. وأعرف أن العديد من الشبان والشابات ذوي القدرات الواعدة في مجال الكتابة والأدب يتعرضون للتجاهل والاستخفاف من قبل “الكبار” الذين يلجأون إليهم طالبين النصح والتوجيه او المساعدة في “النشر”.. في السودان موسيقي ومطرب اسمه محمد وردي وكان في صدر الشباب يحب أغنيات مطرب صاعد اسمه إبراهيم عوض، ويردد تلك الأغنيات في جلسات خاصة، وخلال وجوده في مدينة صغيرة سعد وردي كثيرا عندما سمع ان ابراهيم عوض قادم لإحياء حفل غنائي، وتسلل خلال الحفل الى الكواليس ليلتقي بمطربه المفضل ويحكي له عن حلمه بدخول عالم الغناء على أمل ان يطلب منه ابراهيم عوض ان يردد أمامه جملة لحنية او أكثر.. ولكن ابراهيم عوض قال للصغير وردي: يا ابني (وكانا في نفس المرحلة العمرية) طريق الموسيقى والغناء وعر وصعب فابحث لنفسك عن طريق آخر! في تلك اللحظة قرر وردي عدم ترديد أي أغنية لذلك المطرب وقام بتلحين أغنيتين وتقدم بهما الى الإذاعة السودانية فأجازته كمطرب ذي طابع خاص.. المهم ان وردي وخلال سنوات قليلة صار ولا يزال (حتى بعد موته) المطرب الأول في السودان واثيوبيا والكاميرون والصومال وتشاد واريتريا وعموم أفريقيا جنوب الصحراء.. بل صار رمزا للأغنية الوطنية تخطب الحكومات السودانية المتعاقبة وده أو تطارده وتسجنه.. وهكذا ينجح صاحب الموهبة الحقيقية في إثبات أنه كاتب او شاعر أو….أو..، لو استمع الى موهبته ووثق في نفسه وسد أُذنيه كي لا يتسلل إليهما الكلام المحبط.

اليوم

تعليق واحد

  1. يا أستاذنا ابو الجعافر عليك الله استخدم لينا نظريتك دي في تحليل سلوك رئيسنا بشبش … هل هو أطرش ولا مطنش؟؟؟؟ … وهل هو عاوز يصل لقمة البناية ولا عاوز يصبح مطرب ذو طابع خاص ؟؟؟؟؟

  2. الواقعة التي ذكرتها كانت في مدينة شندي وكان وقتها وردي يعمل معلما في معهد التربية شندي اي انها في مدينة معروفة وليست مدينة صغيرة يا ابو الجعافر تحكي وكانك مستودع اسرار وردي مع انه المرحوم وردي لم تكن لديه اسرار يحكي تفاصيل حياته في الهواء الطلق وشئ اخر اذكرك به وردي عليه الرحمه لم يذكرهاليذكر ان المرحوم ابراهيم عوض استخف به انما يذكرها كحادثة عابرة او ظاهرة ظلت تحيط بعالم الفن وقتها وظل يقول ان غناء ابراهيم عوض من احب الغناء الى نفسه رحمهما الله واحسن اليهما وعافاك الله

  3. العملاق ابو الجعافر…!!! والله انت تكون مكسب حقيقى للراكوبة وروادها لو استمرت بالكتابة بها نتمى ذلك

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..