أخبار السودان

حظوظ الدستوريين في البقاء بمناصبهم (6) ..بدر الدين محمود.. “بانكر” في عين العاصفة

الخرطوم: عاصم إسماعيل

قبل شهرين، أقسم وزير المالية، بدر الدين محمود، على الاستقالة من منصبه، متى جرى إقرار الموازنة العامة. ولكن يبدو أن ذلك القسم المغلظ تم التكفير عنه، بدليل إجازة الموازنة، فيما محمود ما يزال محتقباً وزارة المالية.

وتحولت لغة محمود التي يصنفها كثيرون بأنها مستفزة وترسم واقعاً سوداوياً للعام 2017م، إلى لغة هادئة مفرطة بالتفاؤل حد قوله إن ? ذات العام- 2017 هو عام البشريات.

ولكن مما لا شك فيه، أنه حينما وقع محمود في غيابة جب السخط الشعبي، انتشلته إدارة أوباما، التي قررت بعد عقدين من الزمان، رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على السودان.

شهادة ميلاد

حينما كانت البلاد تتهيأ لترديد أنشودة الاستقلال والانعتاق من ربقة المستعمر، وحينما كانت الجموع تستعد لتترنم “يا غريب يلا لي بلدك”، كانت أسرة العم عباس محمود تتأهب هي الأخرى لتردد أنشودة طلع “البدر” علينا، وذلك بعدما أكملت زوجته شهور حملها، فكان أن جاء “البدر” أو بدر الدين، في ذات يوم من أيام العام 1955م، بجزيرة الفيل أحد أحياء مدني العريقة بولاية الجزيرة.

دخول وخروج

أكملت الأسرة فرحتها بدخول “بدر الدين” إلى حياتها، وبخروج المستعمر من حياة السودانيين، وربما هذا ما بذر في نفس العم عباس محمود بذرة أن يجعل من ابنه علماً يشار إليه بالبنان، ولعل ذلك ما جعله يبذل الجهد مضاعفاً لكي يلتحق ابنه بالمدارس في زمن يستعصي فيه التعليم لمن لا يجيدون حرفة الصبر.

المهم أن بدر الدين ابن العم عباس محمود ترقى في التعليم إلى أن توشح بدرجة بكلاريوس الاقتصاد والعلوم الاجتماعية من جامعة الخرطوم في العام 1981م، ثم الماجستير في الاقتصاد من جامعة السودان للعلوم والتكنلوجيا في العام 2009م. وهو ما أهله ليتدرج في عدة مناصب قبل أن يتقلد وزارة المالية، التي جاءها من نافذة نائب محافظ بنك السودان حينما كان يتولى أمره الدكتور محمد خير الزبير. وهي الوظيفة التي جاءها بعدما راكم خبرات مختلفة في العمل المصرفي حيث كان مديرًا للبنك الزراعى، وقبلها مديراً لبنك النيلين للتنمية الصناعية. كما عمل أيضاً مديراً عاماً لشركة كوبتريد وعمل بوزارة التجارة الخارجية وببنك فيصل الإسلامي وشركة “داوو”.

محطات متعددة

ويشير بعض مجايليه في وزارة التجارة إلى أن الجهات المتنفذة رأت أن يتولى بدر الدين محمود قيادة شركة كوبتريد التي كانت حينها من أكبر شركات استيراد السلع واستطاعت الشركة في عهده توفير كافة السلع التموينية بجانب توفير احتياجات القطاع الخاص التجاري من السلع التموينية.

كانت محطته الأخرى انتقاله إلى العمل المصرفي مديراً لبنك النيلين، حيث حقق إنجازات مصرفية ونجاحات كثيرة انعكست إيجاباً على حجم الودائع والحسابات الجارية وخدمات العملاء بجانب جذب المستثمرين من الداخل والخارج والنجاح في تمويل عمليات الاستيراد والتصدير مما حقق استقراراً للبنك وتوطيدًا لعلاقاته الخارجية مع المراسلين.

شح في العملة الصعبة

جاء بدر الدين إلى بنك السودان في منصب نائب المحافظ في وقت تعاني فيه البلاد من شح في النقد الأجنبي، وتعاني البنوك من آثار سياسة الدمج وضعف الموارد والودائع وعدم توحيد أسعار العملات الأجنبية وأسعار صرفها.

وكان أن تعاون ابن جزيرة الفيل مع د. محمد خير الزبير محافظ بنك السودان ابن شمبات، ولاعب كرة القدم البارع الذي تعرفه الأوساط الرياضية، وحقق ذلك التعاون نجاحات منظورة بدأت بتدفق النقد الأجنبي إلى بنك السودان لمواجهة احتياجات البلاد وتمويل عمليات الاستيراد وطلبات المواطنين للنقد الأجنبي سواء للسفر الخارجي أو العلاج، كما شهد سعر الصرف استقرارًا، ولأول مرة انعكس إيجاباً على الحركة التجارية فى الأسواق وأسعار السلع.

الرقابة على البنوك

تمكن بنك السودان من إحكام الرقابة على البنوك، بل ووجه بعضها ولأول مرة إلى تمويل القطاع الزراعي والمشاريع التنموية، وكثف دوره الرقابي على أدائها. وتواصلت حملات التفتيش، ونفذ مشروع الترميز الذي حدّ من الممارسات الخاطئة بالنسبة إلى تمويل العملاء الذين كان بعضهم يتسلم تمويلاً من عدة مصارف.

سياسات مالية

ويرى الخبير الاقتصادي الفاتح عثمان أن وزير المالية عادة ما يوكل إليه أمران لا ثالث لهما، الأول سداد متطلبات الإنفاق لدى الحكومة، والثاني التخطيط وتلبية احتياجات البلاد التنموية، ولكنه يرى أن كل وزراء المالية الذين تعاقبوا فشلوا في الأخير ويصبحون وزراء للإيفاء بمتطلبات الإنفاق الحكومي، وهذا هو ما نجح فيه بدر الدين محمود بقدر معقول، منوهاً إلى أن بدر الدين أصبح وزير خزانة جيداً ولكنه فشل في التخطيط برغم أنه يتبع للمالية لأن سياسة الدولة التخطيطية ليست جيدة.

رئيس الوزراء هو الحل

ويشير الفاتح إلى أن المطلوب حالياً استحداث منصب رئيس وزراء ليكون مسؤولاً عن إنفاذ خطط الدولة، ولفت إلى أهمية أن يحتفظ رئيس الوزراء بوزير المالية لكي يضمن تنفيذ خطط الميزانية بدلاً من تحويل البنود إلى أخرى، وهو الذي يتم حالياً في السودان بإذن مفتوح من البرلمان على عكس ما هو متعارف عليه عالمياً.

وقال الفاتح إن حديث بدر الدين في البرلمان بتقديم استقالته عقب إجازة الموازنة تحصيل حاصل خاصة لأنه يعلم جيدًا أن تشكيل حكومة الوفاق الوطني يتم في العاشر من شهر يناير الأمر الذي يعني أن احتفاظ الوزير بمنصبه شبه مستحيل.

فترات عصيبة

المثير في قصة بدر الدين أن المراجع العام أورد اسمه في قضية الفساد بشركة الأقطان السودانية، وذلك بعدما أشار المراجع العام لوجود تزوير في ترسية بعض العطاءات التي تقع ضمن مسؤوليته عندما كان يشغل منصب نائب محافظ بنك السودان.

وعندما جاء إلى وزارة المالية نفذ سياسات اقتصادية وُصفت بالقاسية، حيث قام بإلغاء سعر صرف الدولار مقابل الجنيه السوداني المستخدم في حساب واردات القمح مما يعني فعلياً إلغاء الدعم، وبناء على ذلك تم تعديل سعر دولار القمح من أربعة جنيهات إلى ستة جنيهات للدولار. وأيضاً قام بإلغاء نظام التحصيل الورقي عبر أورنيك 15 وأدخل الأورنيك الإلكتروني لمكافحة التهرب بجانب حوسبة العمليات الضريبية والمرتبات.

شهادة نادرة

وفي سابقة وصفها الكثيرون بالنادرة، قدم وزير المالية شهادته في محاكمة محمد حاتم سلميان مدير التلفزيون الأسبق، أمام المحكمة، وأثبت أن التوقيع على المستندات هو توقيعه، وقال إن المستند الذي قدمته هيئة الدفاع صحيح، ولكنه قال إنه لا يختم كل خطاباته بختم وزارة المالية لإضفاء الشرعية والرسمية.

حظوظ

ينثر محمود – بعد فترة من الذم- الوعود والبشريات يمنة ويسرة. وعقب معارك إعلامية خاضها من جراء تصريحاته، ها هو يصير نجماً للحوارات التلفازية، يحدثنا عن بقرات سمان يأكلن أزمنتنا العجفاء، فهل بعد ذلك كله يتقدم باستقالته.

معظم الترجيحات تذهب إلى بقاء محمود (فإن هبت رياحك فاغتنمها)، كما أن الفريق الذي أسهم في رفع العقوبات، في حاجة إلى تمديد ولايته، واستكمال ما ابتدره.

بيد أن الخبير الاقتصادي بابكر فيصل، ينبه إلى أن أدب الاستقالة ما يزال غائباً عن المسؤولين السودانيين. ومن ثم مال لتوصيف أداء وزارة المالية إبان فترة بدر الدين محمود بالضعيف خاصة وأن ميزانية العام 2016م سقطت منذ أيامها الأولى. مشيراً إلى أن محمود مصرفي ما يعد مشكلة في إدارة دفة الوزارة مبيناً أن التوظيف يعتمد في الغالب على العلاقات وليس الكفاءات.

وينبه فيصل إلى أنه ليس صحيحاً أن وزارة المالية لعبت دورا في رفع الحظر، وقال: ما تم عمل سياسي خالص. ومع ذلك يقر بأن فرص بقاء محمود من ذهابه متساوية، مع تفضيله لأن تؤول وزارة المالية إلى خبراء متخصصين، عاد واستبعد ذلك لكون العلاقات قائمة ?بكل أسف- على الروابط ولا توجد معايير مما يجعل التكهن بمغادرة وزير المالية لموقعه أمراً صعباً.

الصيحة

تعليق واحد

  1. ما لم يذكره التقرير
    1. ان اسم السد م بدر الدن ورد في تقرير المراجع العام في قضية الاقطان بإدانة كاملة وانه زور رسالة لشركة انشأت لاحقا للخطاب .
    2. إشكالات ملفه الضريبي وهو الملك لمزرعة دواجن في بحري مع ديوان الضرائب وقد رفض دفع بعض الرسوم بحجة انها جبايات وتمت التسوية لاحقا

  2. كفارة اليمين صيام ثلاثة ايام لمن لم يجد الاطعام
    والدين يسر

    هنيئا لك التجديد اخونا بدر الدين

  3. يا جماعة لا علاقة للكيزان بأي دين او اخلاق..
    الحليفة والقسم اسهل شيء عندهم…
    ديل كما قيل بيسرقوا وينهبوا ويمشوا لى لله في بيته دون خوف.

  4. ما لم يذكره التقرير
    1. ان اسم السد م بدر الدن ورد في تقرير المراجع العام في قضية الاقطان بإدانة كاملة وانه زور رسالة لشركة انشأت لاحقا للخطاب .
    2. إشكالات ملفه الضريبي وهو الملك لمزرعة دواجن في بحري مع ديوان الضرائب وقد رفض دفع بعض الرسوم بحجة انها جبايات وتمت التسوية لاحقا

  5. كفارة اليمين صيام ثلاثة ايام لمن لم يجد الاطعام
    والدين يسر

    هنيئا لك التجديد اخونا بدر الدين

  6. يا جماعة لا علاقة للكيزان بأي دين او اخلاق..
    الحليفة والقسم اسهل شيء عندهم…
    ديل كما قيل بيسرقوا وينهبوا ويمشوا لى لله في بيته دون خوف.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..