ما بين الخروف الشبعان والمواطن الغلبان

ما بين الخروف الشبعان والمواطن الغلبان

سيد محمود الحاج
[email][email protected][/email]

إذا إعتبرنا الخروف ضحية او شهيداً لأنه يذبح مرة واحدة وهو في حالة جيدة .. شبعان ورويان ومعافى فماذا يمكن ان نطلق على المواطن الغلبان الذي ضحّى ويُضحّى به في كل يوم لمدة جاوزت العقدين…يعافر من صباح الرحمن ويقلب الجيوب من جميع النواحي …شيء حق فطور عيال المدارس وشيء حق مواصلات وشيء حق جمرة خبيثة وشيء حق قفة الملاح وفوق دا كله نقة الحريم الما بتخلص ولا بتنتهي.. وفي النهاية يضطر المسكين لأن يركب خ11 عشان يحصّل الشغل.. دا غير رسوم المدارس وقيمة الكتب وفاتورة العلاج وكسوة العيد .. امّا ناس خبيز وحلاوة ولحمة وغيرها من الكماليات أصبحت أثر من الماضي الجميل وقريباً تتناولها فقرة (حدث في مثل هذا اليوم) او فقرة (كان ياما كان) او (حاجات سادت ثم بادت) …أذكر ونحن أطفال ان أكثر الناس فقراً كان لا يستعصى عليه توفير ما يعينه على شراء الأضحية او تجهيز صينية الكعك حتى الذين يعملون( رزق اليوم باليوم) فالدولة كانت توفر لهم العلاج بالمجان والتعليم بالمجان بل وتوفر الكتب وحتى الأقلام والمساطر والمساحات وأدوات الهندسة والألوان وغيرها ناهيك عن داخليات المدارس التى تتحمل عبئة إعاشة الطالب على نحو قد لا يتوفر في بيت أهله..كان كل ذلك يحدث دون اي مشروع او توجه حضاري …اولي الأمر كانوا يعملون في صمت ودون رياء لإيمانهم بأن(السوّاي ما حدّاث)..كانت الوطنية في دمائهم وانتماءاتهم.. لم يخونوا أمانة ولم تمتد أيديهم للمال العام ولم يجعلوا الدين ستاراً يواري سوء أعمالهم فمنهم من كان شارب خمر ومنهم من كان لاعب ميسر لكنهم كانوا أنصع من البفتة البيضاء وكانوا أنظف و أطهر من أناس يقفون اليوم على منابر المساجد يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم .. مضوا ولم يتركوا وراءهم أبراجاً او قصوراً او مزارع او شركات وكل ما تركوه لا يتعدّى سيرتهم العطرة وسعيهم المشكور فعاشوا في وجداننا أبدا !! .

فلعل خروف الضحية أكثر حظاً من المواطن المقهور الذي سُلب كافة حقوقه والذي بات يذبح في اليوم الواحد أكثر من مرة وإذا كانت الأضحية تذبح مرة واحدة وهي في أحسن صحة فإن المواطن الغلبان يذبح ويذبح ويذبح وهو أبعد المخلوقات عن الصحة السليمة .. يذبح وهو جائع !!

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..