أخبار مختارة

تآكل مؤسسات الحكم في السودان يشجع على توسيع نطاق الاحتجاجات

محمد أبو الفضل

الرئيس السوداني عمر البشير يقيل وزير الصحة لإيهام الشارع بسيطرته على الأوضاع

كشفت وسائل إعلام سودانية، السبت، عن إعفاء وزير الصحة السوداني محمد أبوزيد مصطفى من منصبه، الذي تزامن مع تواصل الاحتجاجات في البلد ضد الأوضاع الاقتصادية الصعبة. وفيما يريد الرئيس عمر حسن البشير عبر تعديل فريقه الحكومي تجنّب المزيد من الضغط الشعبي والبرهنة على تموقعه القوي في السلطة، يعتقد مراقبون أن الخناق بدأ يضيق عليه وسط تزايد المؤشرات عن بداية تآكل مؤسسات الحكم وبالتالي انفتاح الأزمة على جميع السيناريوهات.

أخفقت خطة النظام السوداني في مواجهة التظاهرات في الشارع، عبر الأدوات التقليدية، مثل التجاهل والإنكار وممارسة العنف وتغليب المؤامرة، في تخفيف العبء الذي تزايد على كاهله، ولم يبق أمامه سوى إجراء تعديل في الحكومة أو عدد من الحقائب الوزارية، بدأها، السبت، بإقالة وزير الصحة.

ويريد الرئيس عمر حسن البشير من اللجوء إلى هذه الخطوة الحفاظ على وجوده في السلطة ومقاومة حركة الشارع، لأن خروجه من المشهد وسط تصاعد الاحتجاجات لن يعصمه من المساءلة المادية والمعنوية.

وكشفت وسائل إعلام سودانية عن إعفاء محمد أبوزيد مصطفى وزير الصحة السوداني من منصبه، بسبب نشوب صراعات كبيرة وسط قيادات وزارة الصحة الاتحادية، أدت إلى إعفاء أبوزيد، ووكيل الوزارة عصام محمد عبدالله من منصبيهما، وتم تعيين الخير النور وزيراً للصحة الاتحادية، وبابكر جابر كبلو وكيلاً للوزارة.

وأكد هاني رسلان، الخبير في شؤون السودان، أن إقالة وزير الصحة تأتي استكمالا لتوجه البشير “الساعي للفصل ما بين الطبقات المجتمعية التي خرجت للتظاهر، احتجاجا على الأوضاع المتدهورة وبين القوى السياسية التي يعوّل على عدم قدرتها على مواصلة التظاهرات لفترة طويلة، حال فقدانها التأييد الشعبي”.

وأوضح رسلان في تصريحات لـ”العرب”، أن “مشاركة عناصر من الجهاز الإداري في التظاهرات، تستوجب العمل على ترضيتهم من خلال عزل بعض المسؤولين في الحكومة”.

وتبدو الإطاحة بوزير الصحة من دون تكلفة سياسية بالنسبة للبشير، الذي يحاول التأكيد على أن إبعاد هذا الوزير أو غيره من الوزارات الخدمية يبرهن على سيطرته على مجمل الأوضاع، وعدم تأثير الاحتجاجات على ثبات موقفه وإحكام قبضته على السلطة.

ويحاول البشير تغيير الصورة الذهنية المرتبطة بالصراعات السياسية التي يعاني منها الجهاز الحكومي منذ أن وصل إلى سدّة الحكم، بعد أن عمد إلى إقالة المئات من الأشخاص في وزارات ومؤسسات مختلفة بتهمة الانتماء إلى أحزاب المعارضة وإحلال آخرين مكانهم من أعضاء الحركة الإسلامية ليضمن الولاء التام والاستمرار.

وأشار رسلان إلى أن “الكثير من الوزارات ليس لها دور فاعل في التعامل مع الانتفاضة الحالية، وهي تعاني أصلا من عجز قديم في أدوارها، وقد يكون ذلك أحد الأسباب التي تجعل اتساع التغيير فيها متوقعا في الفترة المقبلة، وبلا تأثير كبير على قوة النظام السوداني المرتكنة على المؤسسة العسكرية ثم عناصر الحركة الإسلامية التي لا تزال وفية له”.

ويعتقد بعض المتابعين أن التوسع في إجراء تغييرات داخل الوزارات مقدمة لاحتمال انفراط عقد بعض المؤسسات الحكومية، التي تسعى حاليا إلى نفي دورها في اندلاع أزمة اقتصادية متشابكة، بدأت تأخذ أبعادا سياسية وأمنية واضحة.

وحملت مواقف بعض الوزراء والمسؤولين في الحكومة إشارات سلبية عن الوضع العام في البلاد، ولم يشفع خطاب التلاحم والتأييد للرئيس  البشير في إخفاء معالم التباين بين أقطابه، ومحاولة الاحتفاظ بمسافة ما عن النظام، بالتنصل من الأزمة بشكل غير مباشر أو الاعتراف بها، أملا في تسجيل مواقف قد تجلب تعاطفا مع أصحابها.

وجرى تداول أنباء في السودان السبت، عن أن هناك 4 حقائب وزارية على الأقل يمكن أن يتم تغييرها، لامتصاص جزء من غضب الشارع، بينها استبعاد معتز موسى (رئيس الوزراء القومي) عن حقيبة المالية الحيوية.

ويقول متابعون لـ”العرب”، إن ترك معتز موسى هذه الحقيبة، مقدمة لتنحيته عن الوزارة برمتها، فإسناد المالية لشخصية أخرى “إقرار بالفشل في إدارة الحكومة، وخطوة لتحميله مسؤولية الأحداث الأخيرة، للحفاظ على وجود الرئيس البشير في السلطة، لأن سقف الطموح وصل إلى ترديد شعار الثورات العربية المألوف (الشعب يريد إسقاط النظام)، ما يفرض الإسراع بتغيير الحكومة، وليس عددا محدودا من الحقائب الوزارية”.

وأعلن البشير في سبتمبر الماضي، حل حكومة الوفاق وإعادة هيكلة الأجهزة الحكومية وتقليص عدد الوزارات وإلغاء بعض المناصب الدستورية، لكن الخطوة أخفقت في تخفيف حدة أزمة كانت معالمها ظاهرة منذ بداية العام الماضي.

واعترف صلاح عبدالله (قوش) رئيس جهاز المخابرات والأمن الوطني، في الأيام الأولى لاندلاع التظاهرات، أن هناك أزمة معقدة في البلاد، ولم ينكر وجود فساد واسع، وبدت تصريحاته في هذا الوقت صادمة، وكأنه يريد القفز من سفينة البشير، والتنصل من قتل وإصابة عدد من المتظاهرين.

وفهم الكثير من المراقبين من تلميحات “قوش” في ذلك الوقت، أنها تعبّر عن وجود خلافات قوية في جسم النظام، بدأت تتزايد مع اختلاف وجهات النظر داخل مؤسسات عديدة، بينها أحزاب كانت منضمة إلى الحكومة، طالبت، الثلاثاء الماضي، بإجراء تغييرات هيكلية في نظام الحكم، ثم بدأت تنتقل إلى حزب المؤتمر الوطني الحاكم، مع ظهور استقطابات مختلفة.

وذكرت وسائل إعلام محلية، الخميس، نقلا عن قيادي في حزب المؤتمر الوطني، قوله “الحزب سيشهد تعديلا في بعض القطاعات ورئاستها بعد عملية تقييم للأداء خلال فترة التظاهرات”.

وتعكس الصراعات المتفرقة، في الحكومة والجهاز الأمني والحزب الحاكم، حالة من القلق الكبير على مصير السلطة، والخوف المتزايد من انهيارها، والتعرض لمحاسبة قانونية وشعبية، ما يجعل الأيام المقبلة تكون حبلى بكثير من المفاجآت، لأن نتائج الاختبارات التي دخلها النظام في الأسابيع الماضية ليست في صالحه، بما يشجع المتظاهرين على الاستمرار.

ويحرص البشير على عدم النيل من أي مؤسسة أمنية (الجيش والشرطة والدفاع الشعبي)، بما أنها الضمانة للحفاظ على حياته في السلطة وخارجها. ولا يستبعد بعض المراقبين الاقتراب من الأجهزة الأمنية أو أحدها، إذا وجد الرئيس السوداني أن هناك حاجة لتهدئة الشارع بهذه الوسيلة، أو تأكيد إحكامه على السلطة، أو شعوره بالتجهيز لأي سيناريوهات داخلية تغضبه.

العرب

‫5 تعليقات

  1. السادة الراكوبة
    هناك اخبار عن احتراق بنك الخرطوم فرع سوق ليبيا نرجو التأكيد

  2. بـسـم الـلـه الـرحـمـن الـرحـيـم
    عـوامـل الـتـضـاريـس والـتـأكـل الـجـيـولـوجـي بـدأ يـؤكـد ويـثـبـت وجـوده فـي نـظـام الـبـشـيـر، الـذي يـحـاول هـنـا وهـنـاك من أجـل الـتـمـسـك والـتـشـبـث بـالـحـكـم. بـدأ بـرجـال الـجـيـش وإنـتـقـل بـعـد ذلـك لـرجـال الـشـرطـة وبـالأحـزاب الـسـيـاسـيـة الـقـديـمـة الـتـي شــاخـت ولا مـعـنـى لـهـا الأن …لأن هـنـاك دمـاء جـديـدة فـي عـنـاصـر الـشـعـب الـسـودان ..
    ومـن ثـم إلـتـقـى الـبـشـيـر بـالـطـوائـف الـديـنـيـة والـقـبـلـيـة … وإنـطـلـق بـعـد ذلـك إلـى تـغـيـيـر وزاري لـتـخـديـر الـشـعـب الـسـودانـي الـمـصـر لـلـخـلاص من الـبـشـيـر وعـصـابـتـه…
    ثـم مـاذا بـعـد ، هـنـاك عـدة ســينـاريـوهـات ، الأولـي تـنـازل الـبـشـيـر لـنـائـبـه بـكـري حـسـن صـالـح، أو لـوزيـر الـدفـاع عـوض إبـن عـوف ، أو صـلاح قـوش .
    الـثـلاثـة مـن سـلـة الـنـظـام الـذي تـتـطـالـب الـجـمـاهـيـر بـتـغـيـيـرهـم وعـزلـهـم من دائـرة الـحـكـم تـمـامـاً.
    ثـلاثـيـن عـام ولـم يـسـتـطـع الـبـشـيـر إرسـاء أي قـواعـد سـيـاسـيـة ، إقـتـصـاديـة أو إجـتـمـاعـيـة أو تـعـلـيـميـة وصـحـيـةونـظام حـكـومـي. إلا أنـه تـضـرع لـلـشـعـب الـسـودانـي بـأن هـنـاك الـكـثـيـر مـن الـقـرارات الـتـنـفـذيـة قـادمـة لـصـالـح الـشـعـب وتـعـديـل ظـروفـه الـمـعـيـشـيـة والإقـتـصـاديـة.
    وعـد الـبـشـيـر الـطـبـقـات الـمـهـنـيـة الـعـامـلـة بـتـحـسـيـن ظـروفـهـم الإقـتـصـاديـة والـمـعـاشـيـة ….وعـدهـم بـزيـادة فـي الـمـرتـبـات وزيـادة فـي الـمـعـاشـات
    كـل تـلـك الـوعـود تـحـدث بـيـن يـوم ولـيـلـة .. كـيـف يـتـم تـنـفـيـذ تـلـك الـوعـود والـسـودان يـعـوم فـي مـشـاكـل لا أول ولا آخـر لـهـا وعـلـى وشـك الـغـرق ..
    عـلـى الأحـزاب الـقـديـمـة وشـيـوخـهـا، الـمـراغـنـة وحـزب الأمـة والأحـزاب الأخـرى بـالـتـضـامـن مـع شـرائـح الـشـعـب الـسـودانـي الـمـنـاضـل فـي إنـتـفـاضـتـه الـثـوريـة من أجـل تـغـيـيـر الـوضـع والـمـطـالـبـة بـالـحـريـة والـديـمـقـراطـيـة والـعـيـش الـشـريـف.
    لـقـد حـان الـوقـت لـتـلـك الأحـزاب لإثـبـات وجـودهـا الـفـعـلـي لمـنـاصـرة شـرائـح الـشـعـب الـمـنـتـفض ضـد الـوضـع وتـغـيـيـره وتـنـضـم لـصـفـوفهم وتـنـادي بـالـديـمـقـراطـيـة والـحـريـة ورحـيـل الـوضـع بـرمـتـه. بـدلاً من الـمـقـابـلات الـتـلـفـزيـونـيـة والإذاعـيـة والـكـلـمـات الـجـافـة الـتـي لا فـائـدة لـهـا … الـبـيـان بـالـعـمـل فـقـط، وعـلـيـهـم بـفـتـح صـدورهـم لـرصـاص الـدكـتـاتـور الـطـاغـيـة الـبـشـيـر..
    لـقـد حـان وقـت إثـبـات شــخـصـيـة الأحـزاب والـشـرائـح الأخـرى مـن الـشـعـب الـسـودانـي الـطـيـب.
    الـمـجـد لـلـثـوار ، الـمـجـد لـلأحـرار ، الـمـجـد لـلـشـهـداء ، الـمـجـد لـدمـائـهـم التـي دافـعـوا بـهـا مـن أجـل رخـاء وعـزة الـسـودن

  3. ذلـك الـمـجـرم مـجـرم الـحـرب عـمـر الـبـشـيـر مـطـلـوب من الـمـحـكـمـة الـجـنـائـيـة كـمـجـرم حـرب قـتـل الـكـثـيـريـن مـن أبـنـاء غـرب الـسـودان وبـالـتـحـديـد دارفـور وشـن حـربـاً فـتـاكـة فـي جـنـوب الـبـلاد وبـيـده تـم إنـفـصـالـه لـعـنـصـريـة الـبـشـيـر وهـذا مـا حـدث ويـحـدث فـي دارفـور…
    اسـقـاط الـنـظـام وتـقـلـيـمـه تـمـامـا وتـسـلـيـم مـجـرم الـحـرب ومـعـاونـيـه لـلـمـحـكـمـة الـجـنـائـيـة الـدولـيـه ، لـن يـهـدأ بـال الـثـورة الـعـاصـفـة ومـطـالـبـة تـنـحـي الـسـلـطـة تـمـامـاً من الالـف إلـى الـيـاء.
    الإنـتـصـار لـقـوى الـشـعـب الـصـابـروإنـتـفـاضـتـة مـطـالـبـاً بـالـحـريـة والـديـمـقـراطـيـة والـعـيـش الـشـريـف..
    الـثـورة والـثـوار أحـراراً ويـد واحـدة ضـد الـطـاغـيـة ونـظـامه الـمـشـلـول ..

  4. فَإِنَّكَ لَا تُسْمِعُ ٱلْمَوْتَىٰ وَلَا تُسْمِعُ ٱلصُّمَّ ٱلدُّعَآءَ إِذَا وَلَّوْاْ مُدْبِرِينَ (الرّوم – 52)

    الحقيقة الغائبة في السودان من ضيع الديمقراطية ؟؟
    اول حاجة نشخص ازمة الديمقراطية في السودان بعد 64 سنة من الاستقلال
    هل السبب السيد عبدالرحمن الاصر علي المشي عليها وطريق الكومونولث وكنا هسة مرينا بي 16 حكومة وطنية منتخبة…حتي 2020
    ام الاجدى مخلفات الصاغ صلاح سالم واالضباط الاحرار 1954والمشاريع المصرية الناصرية والشيوعية والاخوان المسلمين والانقلابات التي ضيعت 52 سنة من الاستقلال ..نواجه الحقيقة دي اولا..؟؟ لانه الواقع حيواجهك بها في مقبل الايام…تسقط بس ما كفاية اطلاقا …
    عادل الامين

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..