بلاغ عن فقراء

اسماء محمد جمعة

والي الخرطوم ورئيس المؤتمر الوطني، عبد الرحيم محمد حسين ، في المؤتمر التنشيطي للحزب بولاية الخرطوم ، وجه قيادات الحزب المحليين ولجان الزكاة واللجان المجتمعية بالإبلاغ عن أية أسرة فقيرة لأن الهدف من المؤتمرات القاعدية ،كما قال هو، الاطمئنان على ألا يكون بيننا جائع أو تلميذ دون وجبة إفطار ،ولا أدرى إن كان يعني مواطني العاصمة كلهم أم المؤتمر الوطني منهم ، فبيننا هذه لها تفسيران ، ولكن سنأخذ الموضوع بحسن نية ، ونعتبر انه يسأل عن كل مواطني العاصامة الفقراء، مع أنه (شن فيها بلا الفقراء ) ؟

ألا يعلم والي الخرطوم أن قيادات الحزب ولجان الزكاة واللجان المجتمعية بما فيها اللجان الشعبية لا يعلمون شيئا عن الفقراء ، لأنهم جميعا يعتبرون أنفسهم (مسؤولين) ، وقاعدة عامة تقول إن أي مسؤول في الحكومة لا يرى الفقراء، بما فيهم والي الخرطوم نفسه ، لأنه إن كان يراهم لما قال حديثه ، هذا فأغلب سكان الخرطوم فقراء جوعى، والدليل سوء التغذية الذي يعاني منه كل المرضى في المستشفيات الحكومية ، والمشردون الذين يقتاتون على مكبات النفايات و(الكوش) .. ألم ير الوالي يوما احدهم يتناول بقايا أطعمتهم في (كوش ) احيائهم الراقية ، أم تراءوا له حيوانات ضالة .

الم يسأل الوالي نفسه عن سر( قِدَر) الفُول التي تملأ شوارع العاصة ؟ ألم يخبروه أن السبب هو أن الغالبية في الخرطوم لا يأكلون غير الفول ، فكل هذه الأجسام النحيلة التى تزدحم بها الشوارع تبحث عن وجبة فول واحدة من عمل هامشي أو تسول او سرقة ..ألم يبلغه قيادت حزبه ولجانه المجتمعيه بان أغلب تلاميذ المدارس الحكومية ،وبخاصة في الأطراف، لا يجدون وجبه فطور ؟ بعد كل هذا يبحث عن فقراء عن طريق قيادات ولجان لا تسمع ولا ترى ولا تشعر .

سيدى والي الخرطوم.. الفقراء في ولاية الخرطوم لا يحتاجون الى من يبحث عنهم ويعطيهم وجبة أمام شاشات التلفاز وتصوير الكاميرات لتضيفها إلى إنجازاتك السراب ، بل يحتاجون إلى أكثر من ذلك ،فالفقر ليس جوعا فقط ، بل هو تركيبة لا تنفصل عن بعضها ،جوع ومرض وفقر وخوف وضياع ، فلنقل إنك أطعمت كل العاصمة فهل بالطعام وحده يحيا الانسان ؟.

إن قيادات الحزب المحليين ولجان الزكاة واللجان المجتمعية الذين يوجههم الوالي للإبلاغ عن أية اسرة فقيرة لن يأتوا اليه بأية اسرة فقيرة محتاجة، لأنهم إن كانوا على قدر المسؤولية لما انتظروا توجيهه ولأخبروه بأن أغلب سكان العاصمة فقراء ، ورغم ذلك سيكون لديهم قوائم للفقراء يختارونها بمعرفتهم الخاصة وما سيجود به الوالي من مال الدولة سيذهب إليهم وهناك تجارب تعرفها الأحياء.

للأسف، الذين يوصيهم الوالي هم أيضا فقراء رغم أنهم مسؤولون ، ولكن فقراء في نفوسهم وضمائرهم وعقولهم وقلوبهم ، فمشكلة السودان يا سيادة الوالي ان الفقر لم يعد الحاجة هو الى الأكل والشرب والسكن والدواء وغيره من متطلبات الحياة ، بل هو الحاجة إلى حكومة هدفها وبرنامجها إزالة أسباب الفقر وأكبر متسبب للفقر في السودان هو … حكومة المؤتمر الوطني .
التيار