الوصفة لتجنب الطيران الإسرائيلي

خلوها مستورة

طارق عبد الهادي
[email][email protected][/email]

الوصفة لتجنب الطيران الإسرائيلي

بتاريخ 23 مايو 2012م كتبت بهذه الصحيفة وتحت عنوان (عن الشرق و التهريب وإسرائيل فحدث) ، ولكن من يتعظ ! ، أعيد اليوم في بداية مقالي هذا ذاك المقال بنصه فنحن امة لا تستمع الى النصح إلا ضحى الغد ، كتبت حينها بالنص عن عواقب التحرش بإسرائيل عبر تهريب السلاح بشرق السودان، إلى نص ذاك المقال :
قبل أكثر من عام من الآن رأيت في ما يرى النائم أي في الحلم، أنني كنت احمل كاميرا أصور في مجموعة من الناس من السودان قرروا وهم يقودون حوالي عشرين من سيارات اللانكروزر (التاتشر) وهم ملثمون ، قرروا غزو إسرائيل! ، مرة واحدة هكذا! ، سأكمل لكم قصة هذا الحلم ونهايته الدرامية في مقال آخر ، لنعود الآن الى الضحايا من أهلنا الطيبين بشرق البلاد فمنذ حادثة السيارة السوناتا قبل أكثر من عام والى قصف السيارة البرادو قبل يومين والناس لا يتعظون ، الذي لا يعرفه كثير من الناس ولا يحتاج الى عبقرية لفهمه هو أن إسرائيل تجند الكثير من الفلسطينيين كعملاء للموساد في هيئة تجار سلاح يأتون لشرق السودان وتجند مجموعات من بدو سيناء وبدو شرق مصر المتاخم للسودان عند حلايب ويأتي كل هؤلاء لأهل الشرق كتجار سلاح عبر الإغراء بالمال او بالتعاطف.

بهذا إسرائيل تخترق هذا العالم ، عالم تهريب السلاح ، ومن ثم تعرف من يتاجرون فيه ومن رحل السلاح ومن باعه ومن اشترى ، المحصلة أن إسرائيل اخترقت هذا المجال بنجاح وهي مهمة ليست صعبة ولا مستحيلة لإمكانات أي دولة فليست عبقرية من الإسرائيليين ولا يحزنون وأسماء من يعملون فيه معروفة في الشرق من سواكن وبورسودان والى حلايب وشلاتين ومن الواضح أنها أصبحت تستهدفهم بشكل مباشر دون أي اعتبار لسيادة السودان ، لا يجدي الصياح والاستنكار وشتم إسرائيل ، السؤال المهم هو طالما إسرائيل أيضا تعرف المهربين داخل حدود مصر الشرقية قبل سيناء وداخل سيناء لماذا لا تفعل الشيء نفسه هناك في مصر وتقوم بقصفهم أيضا؟ كما يحدث معنا! ، الإجابة ببساطة لأن هناك معاهدة سلام ولأن مصر دولة لديها شوكة ولديها جيش محترف ولديها وزن دولي ، ليست الدول القوية فقط من لا تتعرض للاعتداء ، علينا الاقتداء بالأردن الصغير الذي لا يسمح بمرور السلاح عبر أراضيه الى الضفة الغربية ، إذن فلا نحن لدينا جيش مخضرم مثل مصر تهابه إسرائيل ولا نحن نأخذ بحكمة الأردن الصغير بمنع تهريب السلاح ، الأردن يسير بحكمة الملك حسين الأب التي كان قد نصحه بها ونستن تشرشل قائلا له عند توليه الملك عام 1952م وعمره ستة عشر عاما أنت وسط جيران أقوياء،عليك ان تكون محايدا (young boy you have to float) ، الآن السودانيون يعالجون في الأردن! ويصدر إلينا الطماطم والخضروات هذا البلد الصحراوي الفقير من الموارد والغني بحكمة قادته.

أهنا على أنفسنا إلى هذا الحد! نتيجة السياسات الخاطئة التي عزلتنا ولتنكب الطريق الصحيح ، لننأى ببلدنا عن هذا الملف الذي لا طائل من ورائه فتهريب بضع قطع سلاح متخلف لغزة لن يحدث التوازن مع إسرائيل ، إن كانت هناك حرب فليقم بها كل العرب ومعهم المسلمون وإلا فلنترك هذا العبث بتهريب السلاح من الشرق ونتعرض لهذه المهانة بقصف أراضينا من قِبَل إسرائيل فنبدو أمام الميديا العربية والعالمية مجرد دولة مستباحة مثل الصومال وتطفش الاستثمارات من بلادنا ، مدينة الغردقة المصرية تبعد عن حلايب السودانية 200(مائتي) كيلومتر فقط انظر أين هم وأين نحن ، لماذا لا يكون السودان بلدا متقدما مثل مصر ، لماذا لا نمد الساحل الشرقي من بورسودان وحتى حلايب بمياه النيل ، لماذا نحن لا نحول مدننا الجميلة في الشرق من حلايب ومحمد قول و حتى بورسودان وسوكن لتكون مركزا معتبرا للرياضات المائية من سباحة وصيد وركوب القوارب والتزحلق على الماء والغوص والاستمتاع بمشاهدة الشعب المرجانية من خلال القوارب أو الغواصة ومشاهدة الأحياء المائية وإقامة فنادق وقرى سياحية وإعلامية وتجارية وشواطئ ومسطحات خضراء بدل تهريب السلاح الذي لن يجلب للشرق وللسودان سوى الخراب.

علينا أن نكون صادقين في منع تهريب السلاح قولا وفعلا وتعهدا أمام المجتمع الدولي و البولع النار بدفا بيها ، عليه إذا تهرب سلاح لغزة ستقصفك إسرائيل وخياراتك محدودة جدا تجاهها بل منعدمة ، في حادث بورسودان في مارس من العام الماضي حلقت الاباتشي لدقائق عديدة وحسب شهود العيان في البي بي سي هبط حتى على الأرض! ليتأكد من إصابة الهدف أي سرح ومرح وورل قدل تب!.

انتهى نص ذلك المقال ، ماذا نقول اليوم والطيران الإسرائيلي كشف عن عوراتنا تماما! بهجومه على الخرطوم، التخندق في خندق حماس وإيران هو تخندق خاطئ تماما و هو حلف عاجز حتى عن الدفاع عنا ،علينا أولا ان نرتب البيت الداخلي ، لابد من حكومة قومية معتدلة ومتصالحة مع العالم الخارجي حتى يقف العالم مع الحق عندما ينتهك هذا الحق، بلد بحساسية وموقع السودان يتحتم عليه الاعتدال والحياد ، فالأحرى بالسودان هو ان يدافع عن نفسه إذا استهدف رغم حياده أما أن يكون رأس حربه لنشر الإسلام في إفريقيا أو ان يتخندق مع حماس و إيران فهذه لها تبعات اكبر من إمكاناته والنتيجة هي ما ترون ، لا مجلس الكنائس العالمي ولا الغرب سيسمح بدور إسلامي للسودان في القارة الإفريقية ، المسلمون بقضهم وقضيضهم هم أقلية في هذا العالم وعلينا التمسك بحقوق الإنسان، العالم الآن يبصر ويرى دقائق الأمور، وإذا كانت جبهتك الداخلية ضعيفة والناس تئن فستتعرض لاختبار جدي، وجبهتنا الداخلية هي ضعيفة نتيجة التهاون في مكافحة الفساد مما يحبط الناس وهناك حروب، ان كانت جبهتك الداخلية تسمح بالتقسيم فالغربيون سيمضون في ذلك ، ان كنت حملا ستخرج لك الذئاب حتما من الجبال وان كنت منحنيا لن تعدم من يقفز ليركب على ظهرك ولم لا يفعل مادام انك منحنيا.

فقط بالحكم الراشد وبالديمقراطية وبالتراضي الوطني سيكون ظهرك غير منحنيا ولن يستطيعوا ان ينالوا منك ، أما بغير هذا ، فهم ماضون في خططهم لمزيد من الاستباحة والتقسيم للبلاد لا تحسبوا الربيع في دول العالم العربي سيأتي بأنظمة تغير من معادلة العلاقة مع إسرائيل ، الإخوان المسلمون في مصر اعترفوا بكامب ديفيد و محمد مرسي الرئيس المصري همه اقتصادي وليس أيدلوجي وستكون علاقتهم كما كانت مصر من قبل مع إسرائيل ومع أمريكا، السودان وحده سيقف معزولا في حين معظم الدول العربية من موريتانيا والمغرب غربا و حتى قطر شرقا و حتى تركيا شمالا ، الجميع لديهم علاقات متفاوتة مع إسرائيل ابتداء من مستوى التمثيل الدبلوماسي الكامل مثل مصر والأردن إلى مكاتب ارتباط وتجارة ، لماذا السودان وحده يجاهر بعدائها و منذ التسعينات يدرب و يدعم حماس وهو ليس من دول الطوق ولا دول المحور.

إذا كنا نجاهر بعدائها ويتم تهريب سلاح لغزة بحدودنا الشرقية بعلم او بدون علم السلطات ستقصفك إسرائيل وخياراتك منعدمة تجاهها وستدعم جنوب السودان ولم لا تفعل ما دام موقفنا تجاهها معاديا جهارا نهارا بائنا ومزايدا ، لنسال أنفسنا لماذا القطريون مثلا لديهم علاقات دولية ممتازة مع أمريكا وفي حدها الأدنى مع إسرائيل و خالد مشعل الآن يقيم في قطر ، وها هو الأمير زار غزة (يلعبوا بوليتكا) كما قال فيليب غبوش ومن لا يصانع في أمور كثيرة يضرس بأنياب ويوطأ بميسم و قطر بلد محافظ ، مجتمعيا لم يتخلوا عن تقاليدهم و مع ذلك حدثوا مجتمعهم بفتح فروع لكبريات الجامعات الغربية والمظهر العام بقطر ورفيقاتها أي لبس النساء الذي عليه يزايدون في السودان ويجلدون عليه النساء ليل و نهار هو أفضل من السودان بدون فرض الزى عنوة و بدون شرطة امن المجتمع بل الشرطة عندهم تحترم الإنسان عبر التدريب و التطوير المستمر وفي نفس الوقت يدعمون الشعب الفلسطيني ماليا عبر الأمم المتحدة ووكالتها (الاونروا) وهي وسيلة شرعية، اسألوا الفلسطينيين أيهم أهم لهم قطر أم السودان ستحبطون من الإجابة! والفلسطينيون في الخليج لا يرون في السودانيين سوى منافس لهم في سوق العمل!

لقد قزمنا أنفسنا بمشاكلنا ونزايد في الصراع العربي الإسرائيلي ونحن لسنا من دول الطوق ولا دول المحور ، إعلام مبارك كان يغمز وخاصة أيام حرب الخليج الأولى وما بعدها في عقد التسعينات أن السودانيين يريدوا ان يثبتوا أنهم عرب بمزايدتهم في القضية الفلسطينية أي أننا أصبحنا مثيرين للشفقة كلما زايدنا في هذه القضية بل علينا البحث عن مخرج من هذه الدائرة المتصلبة وعلينا ان نبحث عن مخارجة في علاقتنا مع إسرائيل ولنرى مصلحة البلاد أولا و لنبدأ بدعم عملية السلام في الشرق الأوسط ، فهذا سوق الكل يكسب منه إلا السودان ، ابو مازن و فتح يستفيدون منه مرتباتهم منه ودعم الاتحاد الأوروبي هو الذي يجعل مستوى المعيشة في الضفة الغربية أفضل من السودان فلماذا ندخل الى الهامش و نقذف الناس بالطوب والحجارة و نزايد.

رحم الله امرئ عرف قدر نفسه واحترم نفسه ، الآن قيمة السودانيين انخفضت لدرجة لم تبلغها من قبل لأنها مرتبطة بالدولة وبسياساتها ولابد من وقفة مع النفس لإيقاف هذا التدهور ، الطريق الى قلب وعقل أمريكا و تحييد كل جماعات الضغط بها المعروفة بولائها لإسرائيل، هذا الطريق يمر بموقف متوازن وعقلاني ومعتدل من إسرائيل يأخذ في حسبانه مصالح البلاد العليا ، هذه هي الوصفة للتطبيع مع واشنطن وهي ذات الوصفة لتجنب الطيران الإسرائيلي، أولها الحكم الرشيد الديمقراطي والتراضي الوطني و آخرها الاعتدال و الحياد للخروج من النفق لمن يحكم هذا البلد السودان ذي الإمكانيات الهائلة المعطلة لسوء الاختيار و تنكب الطريق و أي حل عداها هو قفزة في الهواء الطلق ليس إلا.

تعليق واحد

  1. ذكرنا فى مقال سابق أن فيروس الشعلة الإسرائيلى الذى إستهدفت به إسرائيل إيران والسودان هدفه الأساسى السيطرة الكاملة على أجهزة الرادار ووسائل المراقبة الجوية السودانية و معرفة كل الأسرار الأمنية والعسكرية المرتبطة بشبكة المعلومات لتسهيل ضرب الأهداف فى أى زمان ومكان وبدقة متناهية لتلقين الدروس القاسية وارهاب العدو القاصى والدانى. المقال الكامل على الرابط التالى http://bit.ly/Rh7qLQ

  2. أشهد الله أن هذا المقال يمكن أن يكون دستور لحكمالسودان البلد الجامع المتعدد الأعراق والأجناس………أهنئك يا اخى

  3. لك التحية فأنت رائع وهذا المقال يستحق أن يُضاف إلى المناهج الدراسية لتتعلم منه الأجيال القادمة لأن الأجيال الحالية فاتها قطار التعليم الذي يرمي اليه هذا المقال الرائع
    فشكراً لك ومزيداً من المقالات

  4. بت أخسى أن تضرب إسرائيل حي رام الله في الخرطوم
    سؤال لكل حصيف أما كان في إمكان الطائرات الإسرائيلية الأربع أن تضرب القصر الجمهوري أو بيت كافوري وأي موقع تريده في السودان
    تعالي وشوف غدا مسيرات حاشده وئيس يرقص ووزير دفاع مات الحياء في دمه يشارك من لايحس ولا يشعر الرقيص فعلا نحن شعب عبيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــد

  5. برافو برافو اصبت كبد الحقيقهوماسطرته يصلح كخط سياسي يوصلنا لبر الاما فلن نكون اكثر عروبة من الخليج ولا حتى من مصر المتاخمه لاسرائيل فلننهض ببلدنا اولا مقال رائع ومعبر تسلم

  6. ياريتنى لو أقدر أقول فيك الكلآم المانكتب
    وأجلى المقاطع بالذهب

    العنتريه أصبحت ثقافه عندنا يا أخ طارق حتى على مستوى الشعب..تجدنا خلدنا عبدالناصر لأنه جاءنا بنظرية ماأخذ بالقوه لايسترد إلا بالقوه وصدقناها… تجدنا دائما متصلبين فى رأينا بمعنى أن الشئ أللى قمنا عليه نموت به…تجدنا نتدنى للغريب ونترفع على القريب…تجدنا نضع لأنفسنا صفات لا صلة لها بالواقع..نحترم من عنده مال ونكره المعدم..وهلمجرا.

    جبت الديب من ديله والله يا أخ طارق.

  7. كلام ميه الميه يا استاذ ، الفلسطينيين ما معترفين بينا عرب و بعتبرونا عبيد ، لكن معاهم حق هسع البشير و علي عثمان و احمد هارون عرب ؟

  8. تمام والله .. بس اقتراح زغنوني العنوان يكون ….

    &&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&
    …………………………………………
    (الوصفة البهية …في تجنب الطائرات الاسرائيلية…)
    ………………………………………….
    &&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&

  9. طبعا حيطلعوا لينا الاغبياء البشير وعلي عثمان والهارب ابوريالة

    ويقولوا ليكم نحن مستهدفين عشان بنطبق الشريعة التقول الاسلام دا نزل عليهم براهم واللا التقول هم المسلمين الوحيدين في العالم

    وسيظلون كالنعام يدفنون رؤسهم ويكذبون ويصدقون ما يكذبون بانهم فعلا بطبقوا شريعة الفساد والقتل والارهاب وايواء المنبوذين دوليا

    والشعب برضو ساكت ساكت لشنو انا ما عارف

    لكن هم لهوه في المعايش وبقوا عايشين على الضرائب وبس

    واي حاجة فيها تعب وانتظار ما دايرنها لا زراعة لاسفن لا طيارات كلهن باعوهن ونهبوهن وسرقوهن

    اشوفكم يارب مع بولهب في جهنم
    لعنة الله تغشاكم دا كان ما اصلها غشتكم وانتهت

  10. طبعا مقال جميل ومنطقي لاكن منو البقنع الديك ابوريالة ومعة المصطول البشكير ومن ورائهم اهل النفاق والشقاق الطيب مصطفي وين المهدرب صاحب الحزام الاسود اه جاكم البطير النوم

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..