حينما يسقط الدين ..في بئر السياسة ..الى متى الصمت ؟

حينما يسقط الدين في بئر السياسة.. الى متي الصمت !

محمد عبد الله برقاوي..
[email][email protected][/email]

أحدعلماء الدين وهو رجل أزهري ويحمل شهادة الدكتوراة في الشريعة ، ولا أشك في صدقه لحظة واحدة ، حكي لي ، أنه كان في رحلة الى جمهورية باكستان الاسلامية، وقد أقتضت ظروف الرحلة أن تهبط طائرتهم في طهران عاصمة الجمهورية الايرانية الاسلامية وكان ذلك عقب شهور فقط من قيام ثورة الامام الخميني في العام 1979 ؛ ومن ثم أقترحت عليهم السلطات الايرانية تنظيم جولة بالعاصمة للتعرف على معالمها خلال ساعات توقفهم بها !
قال في واحد من أكبر ميادين المدينة وقد تصادف ذلك مع يوم عاشورا أن لفت نظرهم جمعان كبيران من البشر ، أنقسما الى فريق يقوم بضرب ( معزة ) مسكينة بكل ما تيسر في الأيد من أحذية وطوب وخلافه ، فيما كان الفريق الآخر يقوم بنفس العمل حيال جحش ضعيف يتضور ألما من ضربات آلاف الأيد التي تكالبت عليه !
استغرب الجماعة ما يحدث وحينما سالواعن سبب ضرب الحيوانين المسكينين ، قالوا لهم ، والعياذ بالله أن المعزة ترمز الى أم المؤمنين عائشة ، والجحش يرمز الى خليفة الرسول الصديق ابوبكر !

لست من دعاة التزمت الديني ولا من ناشري الفرقة أو الفتنة المذهبية التي تأكل أصلا كالصدأ في الجسدالاسلامي وقد انتشرت فيه آفة التطرف وتشعبت الرؤىوأصبح ما يفرق المسلمين ، اكثر مما يجمعهم ، اللهم الا حفظ المولى عز وجل لثوابت الايمان وقرآننا الكريم وسنة رسولنا المنزهة والشهادتين !
ولعل السياسة هي ما زاد من شقة الخلافات وشوه من صورة الاسلام بابراز عدم مصداقية بعض الأنظمة التي ترفع شعارات براقة لجذب انظار البسطاء فيما هي تنحى بصورة مختلفة تجاه المصالح ، ضاربة عرض الحائط بكل تلك الشعارات ، والا..فما الذي يجمع بين نظام الخرطوم السني المالكي مع نظام طهران الشيعي الصفوي وهو الذي يتعاطى بهذه الصورة القميئة المشينة مع ال البيت المشرفين بالنبوة وخلفاء الرسول الذين حملوا معه الرسالة على ثقل مسئؤلياتها وزوجاته اللائي طهرهن الله بشهادة عفتهن قبل أن يزكيهن البشر !
وهو ذات النظام الايراني الذي يتعاطي مع عصابة تؤله فتى طائش مثل بشار الأسد ، يتجلى غضب الله عليه والانسانية جمعاء في كل روح بريئة يزهقها دون وجه حق ، الا سعيا وراء تكريس حكم طائفته الصابئة وعائلته الظالمة وحزبه الذي يرفع شعارات تستخف بالأديان وبكل القيم الروحية !
اذن العاقل هو طبيب نفسه ، ومن يسعى وراء الدواهي والمشاكل لن يجني سلاما ولا راحة ، لا تنعكس على النظام في حد ذاته وانما ، تتخطاه الى مصالح الامة ، وتمحق ماضيها وحاضرها ومستقبلها ، ولسنا في حاجة لنقول أن ما يحتم تباعدنا مع نظام طهران هو أكثر بكثير مما يقرّبنا اليه ، لا مذهبيا ولا مصلحيا ولا سياسيا ، بل لا أبالغ أن قلت أن التعامل مع دول كالصين الشيوعية أو دول أروبا المسيحية ، ان كان يصب في مصلحة تنمية الوطن و يحقق تبادل المنافع المشتركة دون تحرشات مع القوى التي تملك ذراعا أطول من خطوات وشبحات أرجلنا في الأرض وأجنحة تضرب أبعد من أجنحتنا في السماء ، وطالما أن تلك العلاقات لا تغمز في قناة عقيدتنا ولا تمس بما هو لله ، ولا تخلط بينه وبينما هو لقيصر ، فان الحكمة السياسية والفطنة الوطنية تقتضيان اتباع الطريق الأقصر والأقل مشقة نحو بناء علاقاتنا الخارجية ، لاتّبني سياسات باسم العقيدة لنظام ذلك مسلكه في الميادين العامة دون خوف من المولى أو تقدير لأهل الملل الأخرى ، بل ويقيم تمثالا والعهدة على الراوي لأبي لؤلوة الفارسي لتمجيد فعلته باعتباره قاتل الخليفة العادل عمر بن الخطاب رضي الله عنه !
ولكن حينما تكون قيادة الدولة في يد جماعة ، تحمل سلم السياسة بالعرض في طريق الدين محاباة لأهل مذهب مارق وان تظاهروا بشواهدالاسلام ومثلوا على الأمة تبّني دعم قضاياها المصيرية كدعوة حق رمت الى الباطل ذاته !
فتذهب وراءهم حكومتنا دون رشد أو تمعن لمواطيء ومشارب خطواتها وهي مغمضمة العيننين ومغلقة العقل وتفتقر الى البصيرة الثاقبة لتحديد أولوليات الداخل ، فتقدم زيت البيت على قلته الى الجار العاشر ، فذلك يعني أن سكوت الأمة علي سلوك هذه السلطة الذي تجاوز طعنات جلدالوطن الى لحمه ونخر في عظمه، انما يعني أن في تركيبة واقعنا خللا يستوجب التدارك ، قبل التفكير في صرع هذه السلطة الفاشلة !
وعلينا تلمس مواطن الضعف في طريقة تفكيرنا السياسية واسلوب معارضتنا للتك السلطة التي لم تعد حكومة فحسب يمكن تبديلها والسلام ،وانما هي جماعة ، لن ترضى بالذهاب من الباب الا ..وقد ضمنت العودة من النافذة
وكل الدلائل تقول أن تيقن الحركة الاسلامية من فشل الانقاذ كنظام حكم ، يدفع بهم مجتمعين على اختلاف الوان طيفهم الى البحث عن بديل لا يخرج عن لونيتهم وان اختلفت الطرق !
وهذا ما يستوجب طرح السؤال الملح .. أما آن للقوى الوطنية الواعية فكريا والناضجة وطنيا والبعيدة عن ظل النظام أن تتحد في كيان واحد لتأطير رؤيتها لتغيير واقع حالنا السياسي التي فرضته علينا هذه الجماعة على مدى سنوات تجريبها الفاشل وقد شهد علي ذلك الفشل حتى الأنظمة القريبة منه في مصر وتونس و باعتباره قداصبح قدوة سيئة يجب التبروء منه كسابقة حسبت على الاسلام ليس السياسي فحسب وانما العقيدة السمحاء ذاتها ، بعد ان سقطت قدسيتها بحكم سلوك نظام الخرطوم في بئرالسياسة التي لن تغسل مياهه القذرة ثوب القداسة !
ويبقى السؤال قائما الى أن ندرك الاجابة في حل عملي لمعضلتنا التي تطاولت وتكالبت وتعقدت !
والله يلهمنا صواب السبيل ، انه المستعان .
وهومن وراء القصد ..

تعليق واحد

  1. كلامك عين العقل …. أسمعت إذ ناديت حياً و لكن لا حياة لمن تنادي . قاتل الله هولاء الأبالسة تجار الدين و أخرج أهلنا الطيبين من بينهم سالمين آميييييييييييييييييييييييييييييييييييييين

  2. قلت ( انما هي جماعة لن ترضي بالذهاب من الباب الا وقد ضمنت العودة من النافذه ) صحيح وتمام 100 % وليه لا ؟؟؟؟ اذا كان ومن قبل مايزيد قليلا عن العقدين ان رئيس طلبة دولة —- (دولة مجاورة) وتعرفة السلطات المصرية اصبح الان وزير وزارة سيادية في جمهورية السودان وان ابن عمه مباشرة المسؤول الثاني او الثالث في تلك الدولة المجاورة حتي الان — دي يحلوها كيف ؟؟؟ فما المانع ان يكون هذا الوزير بحكم منصبه الذي يشغله قد منح مواطني تلك الدولة الجنسية السودانية علي الاقل يكونوا رصيدا انتخابيا – ان لزم الامر – ثم بالله كده اسالك — اذا كانت بعض الوظائف المهنية لايتم شغلها الا بعد التحري الدقيق للمتقدم لها فكيف بالله عليك ان يدخل الوزارة اشخاص كانوا قبل سنين بسيطة مواطنين ومولودين في دولة اخري ؟؟؟؟؟؟ عندك اجابة

  3. الاستاذ المحترم (برقاوي)
    أولاً انا من المتابعين لمقالاتك التي تتصف بالموضوعية والعقلانية في الطرح والتي لا يملك حتى من يخالفك الفكر الا وان يحترمها. فهو أسلوب بالتأكيد يساعد الى الوصول الى (نقطة ما) بدلاً عن مجرد الصراخ بشعارات وقيم عامة لا معنى لها دون فكر واضح لتنفيذ هذه الشعارات والقيم، كم يفعل البعض ممن يسمى اصطلاحاً (بالاسلاميين) او بعضاً من الليبراليين والعلمانيين.

    تحفظي على أيحاء عنوان المقال الذي يمثل في العادة خلاصة مضمون المقال. فعنوان المقال بالتأكيد له علاقة بالموضوع، ولكن سبب تحفظي هو ان هذا العنوان له علاقة (وارتبط) بمفهوم (اعتقد ولست جازماً) بانك تؤمن به الا وهو: (فصل الدين عن الدولة – “العلمانية” سواء ان كانت كلية او جزئية). وبالرغم من ان ما جاء في المقال وهو حقائق لا اعتراض عليها ولكنه لا يثبت صحة هذا المفهوم الموحى به من خلال هذا العنوان. ولا اعلم صراحة ان كنت تقصد هذا الايحاء ام لا ولك الحق في الحالتين، كما لنا حق التعقيب كقراء متابعين لمقالاتك.

    وبالتالي فانني ارى انك من خلال المقال وكأنك وضعت حقائق و معطيات صحيحة ولكن الاستنتاج الموحى به من خلال العنوان (بفصل الدين عن الدولة) لا يتوافق مع هذه المعطيات، فهو بالتالي استنتاج خاطئ من معلومات صحيحة. وكما قلت سابقاً فربما لم تقصد هذا الايحاء وحينها فان هذا التعليق هو لمن فهم هذا الايحاء (بالخطاء) كما فهمته انا (إن وجد) وان لم يوجد فالحمدلله.

    أعتقد ان الاستنتاج المنطقي من مقالك هو: زيادة معرفتنا الدينية والاهتمام بها حتى لا نسمح لكل من يستغل الدين في ان يخدعنا بأسمه وحتى نركل كل من يقوم بذلك الى مزبلة التاريخ بإذن المولى عز وجل. وكما ذكرت انت في مقالك فأن المولى عز وجل قد حفظ (ثوابت الايمان وقرآننا الكريم وسنة رسولنا المنزهة والشهادتين) وعليه فيمكن ان نستقي منهم ديننا، ولا يجب علينا ان نحكم على ديننا او اي جزئ منه (من حيث الصحة او الصلاحية) بأفعال البشر لأن الله قد تكفل بحفظ المصادر التي يؤخذ منها هذا الدين فلا بشر اذا يمثل هذا الدين اكثر من مصادره، والحجة فقط هي الدليل (الصحيح) من هذه المصادر. وكما قيل (لا يعرف الحق بالرجال ولكن يعرف الرجال بالحق) وقيل ايضاً (أعرف الحق تعرف رجاله).

    و السبب وراء التعليق هو ان هذا الاستنتاج الخاطئ قد يترتب عليه ان البعض من غلاة (العلمانيين والليبراليين) سيصنف كل من يؤمن بتطبيق الشريعة (بمفهمومها الصحيح وليس المشوه والمختصر على الحدود) ضمن من قصدتهم بقولك (انما هي جماعة لن ترضي بالذهاب من الباب الا وقد ضمنت العودة من النافذه) مع اعتقادي بأنك تقصد به الطغمة الجاثمة على صدورنا الآن، ولكن الاقصائيين من العلمانيين والليبراليين سيطبقونه على كل من ذكر اعلاه من دعاة الشريعة (بحجة اننا نخلط الدين بالسياسة) حيث انهم يريدون اقصاء كل من يؤمن بهذا الفكر (المخالف لفكرهم) حتى ولو كانوا اغلبية (افتراضاً، والفيصل هو الديمقراطية)، وبالرغم من ان دعاة الشريعة هؤلاء فيهم الكثير مثلي ممن يكره هذا النظام بقدر كرهك له (وربما اكثر)!

    والغريب ان هذا (الاقصاء) الذي يمارسه بعض (العلمانيين والليبراليين) يتنافى حتى مع مبادئ العلمانية والليبرالية نفسها والتي يرى مؤسسوها وكبار منظريها مثل (جون لوك و سبينوزا) بأن: الاغلبية يمكن لها تطبيق الحكم (بمرجعية دينية) طالما انها وصلت الى الحكم بواسطة الطرق الديمقراطية (المدنية) الصحيحة، ويمكن لمن يريد ان يطلع على رسالة (الدولة المدنية) و (التسامح) لجون لوك وكذلك كتاب (حدود العدالة في الليبرالية).
    بل أن جون لوك (وهو مؤسس فكرة الدولة المدنية – وله الرسالة المذكورة اعلاه) ذكر أنه ان كان هناك قوم يؤمنون بدين مثل اليهودية الاولى التي كانت ترى بوحدانية الخالق وبأنه المشرع فإنه (والقول لجون لوك) لا يرى مانعاً في ان يستمدوا نظام الحكم من هذا المشرع!

    ولكن بعض غلاة العلمانيين والليبراليين من اصحاب الهوس (الذي يشابه الهوس الديني) يكيلون بمكيالين ومستعدون للدوس على مبادئ العلمانية والليبرالية نفسها لإقصاء الآخر والتخلص منه. ولا اعتقد ان طالب حق يمكن ان يقبل بان يكون خطأ (ميكافيلية ونفاق) من يسمون اصطلاحاً “بالاسلاميين” سبباً في ممارسته لنفس ذلك الخطاء الذي يرفضه، حيث ان الحق لا يؤخذ الا بالحق ولا يصلح معه البراغماتية او الميكافيلية!

    وتقبل فائق أحترامي وتقديري

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..