مامون وهاروت وماروت

محمد وداعة

هاروت وماروت كانا من الملائكة، جاء ذكرهما في القرآن، وأنهما نزلا بأرض بابل، أنزل عليهم السحر، قال تعالى: (وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر)، وقال: (فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه)، ورغم إيماننا بالقضاء والقدر، إلا أن لكل شيء سببا، ومع ايماننا العميق بأن ما من أحد يضر أو ينفع إلا بأذن الله ولحكمة يعلمها الله، ولله في خلقه شئون يعلمها وحده.
خلال افتتاح مستشفى الراجحي بمحلية أمبدة قال السيد رئيس الجمهورية (أنه لم يسبق أن قام بتعيين وزير ولائي باستثناء وزير الصحة بولاية الخرطوم مامون حميدة، لقناعته التامة بأن مستشفيات ولاية الخرطوم يؤمها المرضى من كل أنحاء السودان وأن حميدة هو الأنسب لهذه المهمة)، وأضاف: (مامون أرمي قدام ولاتسمع لمثبطي الهمة)، وتابع: (أن مامون عينو ملانه ووارث وما محتاج قروش ولا منصب ولكنه جندي همام)، في وقت سابق وصف السيد رئيس الجمهورية مامون بالبلدوزر، وقال ليه: (ماتسمع كلام الناس البكوركو ديل).
السيد رئيس الجمهورية وجه باستمرار سياسة توطين العلاج بالداخل وتحقيق الاستقرار كما حدث بشطب قوائم الانتظار في مستشفى الذرة والقلب وزراعة الكلى، هذا الحديث يؤكد أن الرئيس تلقى تقارير عما يحدث في مستشفى الذرة والقلب وزراعة الكلى، ومع الأسف فإن الوضع في هذه المستشفيات مزري وقوائم الانتظار فيها تزداد استطالة، و برنامج توطين العلاج بالداخل متوقف منذ خمسة سنوات، وعليه فإن السيد مامون حميدة وزير الصحة بولاية الخرطوم يتحمل نتيجة تقاريره وما بها من معلومات غير دقيقة، ولا علاقة لها بحقيقة مايجري على أرض الواقع، وإلا لماذا تحول الحالات من مستشفى الذرة الى مدني؟ وكم عدد الحالات التي فارقت الحياة نتيجة لانتظارها في صف طويل من الحالات الحرجة؟
أنا لا أؤمن بالسحر، أو بكتابة (الفقراء)، وظللت على هذا، إلا ان ما يحدث في مسرح مامون حميدة يصيبك بالذهول، ولعل قناعتي اهتزت قليلاً بعد حديث الرئيس في افتتاح مستشفى الراجحي، وبلا شك لو أن السحر، أو (الحواطة) موجودة وأنها لتنفع، لاستخدمها أحد المسئولين في فك الحصار (المشبوك) فوق بلادنا لعشرون عاماً، ولتم استخدام هذه التقنية في الكشف عن مكان (45,000) طن ذهب اختفت بعد أن أعلن وزير المعادن اكتشافها، وغالطت شركة سبرين الروسية في أمرها، ولو كان أمر هاروت وماروت صحيحاً لما عجزت قيادات سادت ثم بادت في إبقاء نفسها في دائرة الضوء، اللهم إلا إن كان هذا الأمر حصراً على مامون حميدة، وأنه أخفاه عن سائر أهل الإنقاذ واسر به، لمن أسر،
مع قناعتي التامة أن الأمر يتجاوز كونه دجل وشعوذة، إلا أنه لو كان صحيحاً فانه من عمل الشيطان ولا ينتج عنه إلا الشر، كثيرون دعوني لزيارة أحدهم في مدينة سنار ووصفوه بانه (يروب الموية)، إلا انني لم أرى في سنار إلا أحدى المدن السودانية التي تعاني كغيرها من مدن السودان الاخرى ولو كان هذا (الفكي) موجود فيها لكفاها شر الفقر و المرض،
التحية لمدينة سنار وهي تتهيأ للاحتفال بأنها عاصمة الثقافة الإسلامية،
لايوجد رابط بين مامون القادم من سنار و(فكي) سنار المزعوم.
ولا زلت عند قناعتي بأنه لا سحر ولا (حواطة) …
الجريدة