أخبار السودان

هل أنتم محصنون ضد الحريم؟

د.آمال جبر الله سيد أحمد

أقرأ بشغف وتمعن كتابة فاطمة المرنيسي، الباحثة والمهتمة بموضوعات المرأة في التراث الإسلامي وفي الواقع المعاصر خاصة أوضاع النساء في وطنها المغرب. وأنا أتصفح كتابها:(هل أنتم محصنون ضد الحريم؟) طفرت الكثير من الأسئلة والأفكار إلى ذهني من شاكلة.. هل يوجد حريم في بلادنا اليوم؟ ما هو تاريخ الحريم في السودان؟ أشكاله تطوره وتجلياته الراهنة؟

فكرت في تاريخ الرق بأشكاله الواضحة والمستترة، وكيف أن أغلب الكتابات عن تاريخ الرق لم تتعمق في خصوصية أوضاع النساء “السراري” وكيف تطورت هذه المؤسسة في المناطق المختلفة في السودان، كما تساءلت مع فاطمة المرنيسي عن كيفية تجلي هارون الرشيد وحريمه في القرن الواحد والعشرين.

لست هنا بصدد عرض فصول هذا الكتاب، بل أحاول مرافقة فاطمة المرنيسي ـ وبكلماتها ـ حول مفهوم الحريم، ذلك المصطلح الذي يثير حساسيتي المفرطة عند سماعه. هذا المصطلح الذي انحسر في أغلب المناطق إلى تسمية عنبر في مستشفى “عنبر الحريم” أو في بعض القوانين البائسة والتي تمنع سفر المرأة إلا “بمحرم” كما يذكرني بأحد أقاربي الذي لا يفوت أي سانحة أو مناسبة في الأهل لينتهر النساء اللائي يبذلن قصارى جهدهن في إعداد الطعام فيأتي هائجاً “يا حريم ما تطلعن الأكل ده الرجال جاعوا”.

وبحثت فاطمة المرنيسي في مفاهيم ومفردات:(الجارية والخادم والقينة والمحظية والغيشا والأَمَة)في مجتمعات شمال وجنوب البحر الأبيض المتوسط أي في أوربا ودول المغرب العربي تحديداً، وتطور تلك المفاهيم طوال ثلاثة قرون.

أوضحت الكاتبة أن كل هذه المفاهيم تعود إلى حقبة تاريخية سحيقة كانت الأمم فيها تقوم على القوة العسكرية من غزوات وفتوحات، وما يخرج به المنتصر من غنائم بعد اغتصاب أملاك العدو بما فيها نساءهم.

ركزت فاطمة المرنيسي على أن مفهوم ومصطلح “الحريم” يشمل المكان والنساء اللواتي يعشن فيه ويملكهن رجل واحد هو الحامي والسيد.

إن حريم الحاكميِّن المسلميِّن هارون الرشيد ــ رابع خليفة من سلالة بني العباس التي حكمت في القرن الثامن ــ ومحمد الثاني “الفاتح” وهو سابع سلطان من السلالة العثمانية وحكم في القرن الخامس عشر يمثلان نموذجين للحريم بمعنى الكلمة. ولا غرابة أن يحل هارون الرشيد ضيف شرف في أذهاننا كلما خطرت ببالنا كلمة حريم، ذلك لأنه كان نقطة إلتقاء وانصهار لثلاثة عوامل مهمة ومرغوبة هي:(السلطة والثروة والمتعة) فهذا المثلث الساحر، بل وهذا المكان “الحريم” الذي ينصهر فيه الرخاء المادي والغبطة الجسدية مرتبط بدرجة كبيرة من الترف والعظمة.

فالحريم لا يُؤِّمنَ المتعة إلا لشخص واحد أوحد هو السلطان، فهو الآمر الناهي وصاحب القرار والسلطة وكل رعاياه لا سيما النساء منهم مجرد أدوات. وليس من قبيل الصدفة أن الرجال القلائل الذين يدخلون الحريم هم الخصيان ، وتقضي مهمة الخصيان على التأكد من عدم وجود “ذكر” آخر في عالم الحريم غير السلطان.

ولا غرو أن”المحظية” كانت تعاني بشدة وتصاب بالصدمة وقد تشارف الموت إذا انصرف عنها السلطان. وتضيف فاطمة المرنيسي إننا نعيد بناء الحريم ـ التدميري ـ حين نغامر في المتاهات المظلمة للانصهارات العاطفية، حيث نعطي للآخر سلطة تحديد ماهيتنا.

لم يكتف هارون الرشيد بجواريه الألفين، بل كان أيضاً يعشق جواري غيره كما حدث مع دنانير جارية الخليفة يحي البرمكي.

لقد كان الموقع الذليل للنساء في الحريم مرتبطاً بوفرة عددهن بالنسبة للسيد الأوحد بالإضافة إلى أن إمرأة الحريم لا تستطيع كسب عيشها لأن المال موجود في النطاق العام، في مجال الصفقات السياسية والتجارية ذلك ضمن عوامل أخرى حددث وضعها الاجتماعي.

أما عن زبيدة الزوجة الأولى لهارون الرشيد فأشتهرت بأنها استخدمت أواني من الذهب الخالص والذي غنمه زوجها من غزواته، أي أن نصيب زبيدة كان الذهب ونصيب زوجها السبايا،وهذا يكشف البعد العسكري والقوة الهمجية والبطش والاستعباد لمؤسسة الحريم.

وتستخلص فاطمة المرنيسي أن العلاقة بين الفتوحات العسكرية وتسخير الجواري لمتعة وخدمة السلطان ظلت سمة ثابتة في كل أنواع الحريم التركي والأغريقي والروماني.

إن الكثير من المفاهيم السائدة اليوم مثل:(الفحولة والرجولة و”الرجالة”) تعود إلى مثل تلك النماذج، والتي ما زالت تجد طريقها إلينا. حيث نجد ان أشهر المتاحف العالمية مثل متحف اللوفر يعرض لوحة “الحمام التركي” للفنان إنغز 1862، وكذلك لوحات الفنان الفرنسي ماتيس الذي لم يعبأ بالمتغيرات والثورة في بلاده، لأنه كان منهمكاً في رسم “المحظيات” اللائي يظهرن في لوحاته وحيدات في خدرهن ينتظرن فارس الأحلام، وقد اشترى متحف اللوكسمبورج في فرنسا لوحته “المحظية” ذات السروال الأحمر في مفارقة لحقيقة أن فرنسا ألغت العبودية عام 1794. لقد جمع ماتيس ثروته من الحمى الحريمية في زمن كان الركود الاقتصادي يجبر الناس على التقشف . هذا وقد استمرت الرغبة في لوحات الحريم لدى الأوربيين حتى القرن العشرين، فقد رسم بيكاسو حريمه عام 1905 ثم عاود الكرة عام 1955م حين رسم لوحته “نساء الجزائر”.

الشيء المؤكد أن ماتيس قد رسم الكثير من المحظيات في كل الأوضاع الممكنة والمعقولة، كما رسم غيره من الفنانين لوحات مماثلة وأحدثوا تأثيراً عميقاً في المتخيل العام والذوق والنزعات الرائجة لأنهم عرضوا “المحظية” و”الأمة الأسيرة” في سوق الفن على أنها مثال للأنوثة.

وما زال نموذج الجمال هذا سائداً في الدعايات التجارية للعطور والأكسسوارات وعارضات الأزياء وملكات الجمال ودعايات كريمات التبييض وتجارة تخسيس الوزن فهن دائماً فتيات صغيرات نحيلات جداً بمظهرن التائه والهش وانفصالهن عن الواقع.

بل إن الدور والمؤسسات التي تعيد إنتاج هذه الرؤية الجمالية كثيراً ما تضع النساء أمام الاختيار بين الجمال والذكاء كنقيضين، حتى أن ممثلة مثل مارلين مونرو ذكرت في مقابلة صحفية عام 1955م:(إن معركتي مع الاستديوهات لا تتعلق بالمال بل بحقوق الإنسان، لقد ضقت ذرعاً بأن يعرفني الناس بالمرأة التي تملك جسداً جميلاً …سوف أثبت لهم إنني ممثلة جيدة).

لقد شهدت أوربا قيام الأنظمة الديمقراطية القائمة على أساس حقوق الإنسان والمساواة والحوار بفضل الثورات وحركات التنوير والثورات المضادة، بينما كان أثرياءها ومثقفيها يشترون خفية لوحات وبطاقات تمثل الحريم تحت شعار الفن، مما دعا فاطمة المرنيسي لمخاطبتهم لا بأثر رجعي، بل في امتدادهم الحاضر: “تبادرون إلى الدفاع عن المساواة في البرلمان أو في الحزب أو النقابة، ثم تعودون في المساء لبيوتكم متوقعين نساءكم أن يقمن بتدليككم مثل نساء هارون الرشيد وأن يصغين دون مقاطعة إلى تأففكم من المتاعب التي صادفتموها خلال النهار. المهم أن تدركوا وجود مفارقة وخلل وأن تتوبوا إلى رشدكم وتمارسوا الرياضة الذهنية الضرورية لإحلال المساواة في حياتكم الزوجية).

والحقيقة أن مؤسسة الجواري لم تكن ساكنة ولم يكن مستسلمات للدرجة التي رسخت في أذهان مشتري لوحات المحظيات، بل تمكن من أحداث ثورة أنتجت تغييراً جذرياً في طبيعة وتركيبة السلطة السياسية وحضارة الإمبراطورية الإسلامية.

استطاعت ثورة الجواري إلغاء الطابع العربي للخلافة بحمل أبنائهن نصف الأعاجم إلى سدة الخلافة وذلك بفضل المتغيرات التي أحدثتها في توازن القوة بحكم قربهن من الخلفاء والسلاطين، الشيء الذي لم يفكر فيه أسيادهم أو الرسامين الذين استثمروا هشاشتهن واستسلامهن كما راؤها .

محاولات العودة لعصر الحريم:

إن حركة التاريخ لا تسير للخلف، ولكنها لا تتقدم في خط مستقيم، فوجود هارون الرشيد الكثيف بيننا له تجليات مختلفة، لكنها تشترك في الجوهر. فتعدد الزوجات وكثرة أنواع الزواج التقليدي منها والعرفي والمسيار والتراضي وزواج المتعة وزواج الجهاد وغيرها من المسميات ، كلها محاولات العودة إلى عصر الحريم بثوب جديد. أما زواج القاصرات من سن العاشرة والغموض المقصود حول سن المسؤولية الجنائية وسن الزواج كما جاء في المادة 40 من قانون الأحوال الشخصية 1991م.

لتحقيق حلم سادة القرن الواحد والعشرين في زواج الطفلات هو امتداد طبيعي لما عكسته لوحات إنغز وماتيس فهن ايضاً صغيرات، تائهات ومستسلمات ، يسهل ترويضهن. إن العلاقات غير المتكافئة بين الزوج وزوجاته العديدات والقاصرات وانعدام الندية الذي يلازمها باستمرار، بالإضافة للاعتماد الكامل للزوجة على وضع زوجها الاجتماعي والاقتصادي تشكل الأساس للاستعباد والتحكم من قبل الرجل في مجمل حياة نسائه اللائي يلجأن في لا وعيهن لاستبطان القهر، فتتحول المرأة ـ وبكل فخر ـ إلى عارضة لثروات زوجها المادية بما تحمله من شحم ولحم وذهب وغالي الثياب وإتيكيت يليق بالمقام.

موقف الدفاع عن حقوق المرأة ومساندة الحركة النسائية التقدمية يتطلب أن يرتقي الرجل بنفسه من نموذج هارون الرشيد ومواجهة الحلم ـ الذكوري ـ بالجارية التي تطيعه وتمتعه وترعاه وتكون عند اللزوم ولا تزعجه بمشاكل الصغار ولا احتياجات المنزل والأسرة ناهيك عن نفسها ….. أفيقوا يا هؤلاء.

الميدان

تعليق واحد

  1. يا دكتورة ارجو من سيادتك ان تاخذي التاريخ من كتبه الصحيحة قبل الدخول في غياهب الكتابات التي تريد ان تشوه الاسلام بتشويه رموزه.

  2. موضوع يفهم به معاداة الاخر او الاقتصاص منه و تبقى الحقائق هى لا تغييرها امزجة او افكار….. المراة هى المرأة و الرجل هو الرجل ارادة مطلقة تجعل ادوارهم متكاملة بغض النظر عن تقاليد و موروثان كل امة لم يغير الاسلام فى دور المرأة فى دارفور بأنها المعيلة و المنتجة…تذهب الى الاسكيمو فتجد نفس المرأة فى ادغال افريقيا هى الطاهية و هى المرتبة هكذا سميتها حريم او عوين و لا يمكن ان تحكم بعدد قليل من من استغل سلطته ليتمتع بها و لو ان كفة ميزان المقارنة فى النجاحات اكبر من كفة وزر وزر الاستمتاع بأمراة لم يخلق الله من يستمر اكثر من دقائق او ساعة لنقل فدرجة التشبع هى واحدة فى كل الغرائز جوع او عطش او جنس او خوف…اما فكرة الاعداد المنزلى و الاطفال فالأب لا يملك فى الاطفال غالبا الريموت فهو بيد المراة التى تعرف ازراره جيدا

  3. مقال جيد دراسة مجتمعية قيمة يجب فهمها ضمن الاطار الكلى لقضايا المجتمع السودانى – شكرا دكتورة امال – مزيد من الفكر والدراسات والتحليل لتطوير المفاهيم

  4. (لم يكتف هارون الرشيد بجواريه الألفين، بل كان أيضاً يعشق جواري غيره كما حدث مع دنانير جارية الخليفة يحي البرمكي).

    هذا المغهوم_ و غيره كثير _ خاطئ في حق هارون الرشيد . أرجو فرأة سيرته بتمعن و تجرد و بعيدا عن تعصب الامويين والعباسيين و البرامكة.

  5. شُكرأ

    مقال ممتع بمناسبة يوم الرجل العالمي..

    الجواري تسنمن ذُرى السُلطة عن طريق أبنائهن (الخوال)… يعني هل نفهم من كده إنو ملك الأردن سليل الدوحة الهاشمية (ابن البريطانية)واحداً من أبناء الخالة؟؟.

    سؤال: هل عندما دخل العرب السودان، تزوجوا جداتنا أم اعتبروهن ملك يمين (طق سفروق؟!

    أي ما الفرق بيننا وبين أطفال المايقوما؟؟

  6. ان كان للسودانيين ما يباهون به محيطهم العربى والافريقى فهو وضع المرأه الافضل نسبيا من مجتمعات الصحراء التى رغم ثرواتها لازالت كسيحه تحبو فى القرن السابع بسبب وضع المرأه فى مجتمعاتهم . مقال يكتب بماء الذهب ولكن صعود التيارات السلفيه فى السودان نسبه لانتشار الفقر والاميه سوف يعرقل مشروع المرأه الحضارى التحررى . اتطلع للتطور الاقتصادى والسياسى فى بلادى لان اول ثمراته ستكون تحسن وضع المرأه ولا شك عندى ابدا فى ان انطلاق السودان يتوقف على وضع المرأه

  7. كلام فاطمة المرنيسى فيهو كتير من المغالطات لا تاخدى به يا دز امال وهو يدعو لزرع الفتنة بين الرجل والمراة

  8. طبعا معظم التعليقات سيلجأ اصحابها الى العنف المعنوى ومحاولات مهاجمة الشخصية بغرض التأثير النفسى على كل من يقرأ …العنف المعنوى الذى دائما ما يلوح به مرضى الدكتاتورية الذكورية كسلاح لارهاب المرأة واسكاتها لم يعد فعالا كما كان فى عصور الحريم…فيادكتورة يلقوها عند الغافل الدواعش السلفيين فى سودان البخاتة ده …ح يفوقوا غصب مش حناسة

  9. اقدم فيما يلي ملخصا عن سيرة الخليفة هارون الرشيد.
    (منقول نصا من ملتقى اهل الحديث)
    ملخص سيرة الخليفة هارون الرشيد.
    من عظماء أمتنا الذين طأطأ الروم رؤوسهم له ، وأحنوا هاماتهم رهبة منه ، ذلكم هو الخليفة المجاهد هارون الرشيد، ذلك الرجل الذي حاول أعداء تاريخنا و أذنابهم أن يصوروه بصورة شارب الخمر الماجن، صاحب الجواري الحسان والليالي الحمراء، العسوف الظلوم ، مع أنه كان من أعظم خلفاء الدولة العباسية جهادا وغزوا واهتماما بالعلم والعلماء ، و بالرغم من هذا كله أشاعوا عنه الأكاذيب وأنه لاهم له سوى الجواري والخمر والسكر، ونسجوا في ذلك القصص الخرافية والحكايات الواهية .
    قال ابن خلكان عنه في كتابه وفيات الأعيان: “كان من أنبل الخلفاء وأحشم الملوك ذا حج وجهاد وغزو وشجاعة ورأي” .

    نسبه ومولده
    هو أبو جعفر هارون بن المهدي محمد بن المنصور أبي جعفر عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس الهاشمي العباسي، كان مولده بالري حين كان أبوه أميرا عليها وعلى خرا سان في سنة ثمان وأربعين ومائة وأمه أم ولد تسمى الخيزران وهى أم الهادي ، عرف بالشجاعة والقوة ، وقاد الحملات في عهد أبيه ، ولم يتجاوز العشرين.

    توليه الخلافة
    ولي الخلافة بعهد معقود له بعد الهادي من أبيهما المهدي في ليلة السبت السادس عشر من ربيع الأول سنة سبعين ومائة بعد الهادي ، وكان يكنى أبا موسى فتكنى بأبي جعفر.

    عبـادتـه:
    ذكر الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد: [وحكى بعض أصحابه أنه كان يصلي في كل يوم مئة ركعة إلى أن فارق الدنيا، إلا أن يعرض له علة، وكان يتصدق في كل يوم من صلب ماله بألف درهم، وكان إذا حج أحج معه مئة من الفقهاء وأبنائهم، وإذا لم يحج أحج في كل سنة ثلاثمئة رجل بالنفقة السابغة والكسوة الظاهرة].
    وقد أحصى المسعودي سنوات حجه بالناس فكانت: 170، 173، 174، 175، 176، 177، 178، 179، 181، 186، 188هـ .
    وقال الذهبي في التاريخ: [سنة تسع وسبعين ومئة وفيها اعتمر الرشيد في رمضان ودام على إحرامه إلى أن حج ومشى من بيوته إلى عرفات].
    وقال أبو الفدا في المختصر: [ثم دخلت سنة ثلاث وسبعين ومئة وفيها حج الرشيد وأحرم من بغداد].
    و قال الغزالي في فضائح الباطنية: وقد حُكي عن إبراهيم بن عبد الله الخراساني أنه قال: حججت مع أبي سنة حج الرشيد فإذا نحن بالرشيد وهو واقف حاسرٌ حافٍ على الحصباء، وقد رفع يديه وهو يرتعد ويبكي ويقول يا رب أنت أنت وأنا أنا، أنا العوّاد إلى الذنب وأنت العوّاد إلى المغفرة، اغفر لي.

    غزارة دمعه عند الموعظة
    قال منصور بن عمار: ما رأيت أغزر دمعا عند الذكر من ثلاثة الفضيل بن عياض والرشيد وآخر.
    وروى أن ابن السماك دخل على الرشيد يوما فاستسقى فأتى بكوز فلما أخذه قال على رسلك يا أمير المؤمنين لو منعت هذه الشربة بكم كنت تشتريها قال بنصف ملكي قال اشرب هنأك الله تعالى فلما شربها قال أسألك لو منعت خروجها من بدنك بماذا كنت تشترى خروجها قال بجميع ملكي قال إن ملكا قيمته شربة ماء وبولة لجدير أن لا ينافس فيه فبكى هارون الرشيد بكاء شديدا.
    وقال ابن الجوزي قال الرشيد لشيبان عظني قال لأن تصحب من يخوفك حتى يدركك الأمن خير لك من أن تصحب من يؤمنك حتى يدركك الخوف فقال الرشيد فسر لي هذا قال من يقول لك أنت مسئول عن الرعية فاتق الله أنصح لك ممن يقول أنتم أهل بيت مغفور لكم وأنتم قرابة نبيكم صلى الله عليه وآله وسلم فبكى الرشيد حتى رحمه من حوله.

    حبه للسنة و توقيره للعلماء
    كان الرشيد يحب العلماء ويعظم حرمات الدين ويبغض الجدال والكلام، وقال القاضي الفاضل في بعض رسائله ما أعلم أن لملك رحلة قط في طلب العلم إلا للرشيد فإنه رحل بولديه الأمين والمأمون لسماع الموطأ على مالك رحمه الله.
    – ولما بلغه موت عبد الله ابن المبارك حزن عليه وجلس للعزاء فعزاه الأكابر.
    – قال أبو معاوية الضرير ما ذكرت النبي صلى الله عليه وسلم بين يدي الرشيد إلا قال صلى الله على سيدي ورويت له حديثه “وددت أني أقاتل في سبيل الله فأقتل ثم أحيى ثم أقتل ” فبكى حتى انتحب .
    – وعن خرزاذ العابد قال حدث أبو معاوية الرشيد بحديث احتج آدم وموسى فقال رجل شريف فأين لقيه فغضب الرشيد وقال النطع والسيف زنديق يطعن في الحديث فما زال أبو معاوية يسكنه ويقول بادرة منه يا أمير المؤمنين حتى سكن.
    – وأخرج ابن عساكر عن ابن علية قال أخذ هارون الرشيد زنديقا فأمر بضرب عنقه فقال له الزنديق: لم تضرب عنقي قال له أريح العباد منك. قال فأين أنت من ألف حديث وضعتها على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كلها ما فيها حرف نطق به قال فأين أنت يا عدو الله من أبى إسحاق الفزارى وعبد الله بن المبارك ينخلانها فيخرجانها حرفا حرفا.
    – وكان العلماء يبادلونه التقدير، روي عن الفضيل بن عياض أنه قال: ما من نفس تموت أشد علي موتا من أمير المؤمنين هارون ولوددت أن الله زاد من عمري في عمره، قال فكبر ذلك علينا فلما مات هارون وظهرت الفتن وكان من المأمون ما حمل الناس على القول بخلق القرآن قلنا الشيخ كان أعلم بما تكلم .

    بين هارون ونقفور
    في سنة سبع وثمانين ومائة جاء للرشيد كتاب من ملك الروم نقفور بنقض الهدنة التي كانت عقدت بين المسلمين وبين الملكة ريني ملكة الروم وصورة الكتاب [من نقفور ملك الروم إلى هارون ملك العرب أما بعد فإن الملكة التي كانت قبلي أقامتك مقام الرخ وأقامت نفسها مقام البيذق فحملت إليك من أموالها ما كنت حقيقاً بحمل أضعافه إليها، وذلك لضعف النساء وحمقهن فإذا قرأت كتابي فاردد ما حصل قبلك من أموالها وإلا فالسيف بيننا وبينك] فلما قرأ الرشيد الكتاب استشاط غضبا حتى ما تمكن أحد أن ينظر إلى وجهه فضلاً أن يخاطبه وتفرق جلساؤه من الخوف واستعجم الرأي على الوزير فدعا الرشيد بدواة وكتب على ظهر كتابه بسم الله الرحمن الرحيم من هارون أمير المؤمنين إلى نقفور كلب الروم قد قرأت كتابك يا ابن الكافرة والجواب ما تراه لا ما تسمعه ثم سار ليومه فلم يزل حتى نزل مدينة هرقل وكانت غزوة مشهورة وفتحا مبينا فطلب نقفور الموادعة والتزم بخراج يحمله كل سنة.

    – وأسند الصولى عن يعقوب بن جعفر قال خرج الرشيد في السنة التي ولى الخلافة فيها حتى غزا أطراف الروم وانصرف في شعبان فحج بالناس آخر السنة وفرق بالحرمين مالا كثيرا وكان رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم في النوم فقال له إن هذا الأمر صائر إليك في هذا الشهر فاغز وحج ووسع على أهل الحرمين ففعل هذا كله.

    وقد مات الرشـيد أثناء غـزوه الروم، قال السـيوطي في تاريـخ الخـلفاء: مات الرشـيد في الغـزو بطوس من خراسان .
    ودفن بها في ثالث من جمادى الآخرة سنة ثلاث وتسعين ومائة هجرية وله خمس وأربعون سنة .
    انتهى
    تعقيب:
    وقد سأل سائل السؤال التالي:
    هل تتنافى تلك الحكايات مع حشمته إن كان بالفعل يتمتع بما ملكت يمينه من الإماء والجواري، أو كان يشرب النبيذ على مذهب أهل العراق!!
    وكان جواب ملتقى اهل الحديث ما يلي:
    يا سبحان الله .. هل عندك دليل انه كان يشرب النبيذ او يتمتع بالاماء .. لا حول ولا قوة الا بالله
    هذا من كلام الروافض ومن تاريخهم الاسود المدلس
    ومن حقدهم الدفين .. اولاد المتعة
    انتهى
    التعليق:
    تمرد الانثى من كونها انثى يعكس دورها في الحياة ويرتد عليها سلبا !! لها حق التعليم وحق العمل وحق الرئاسة والملك كما كانت بلقيس !! وهذا لم يلغ دور الرجل كرجل ولم يغير وضع الانثى كامرأة !! بناء مقال استنادا على فرية تاريخية مضللة نسجت على اتهام كاذب للخليفة هارون الرشيد يسقط سقف بنيان المقال على قواعده !! فكل من الرجل والمرأة له حدود وضعها الخالق الحكيم وهو اعلم بمن خلق!! المرأة لا تحتاج لمن يدافع عنها فالجنة تحت اقدام الامهات !! وهي الام والاخت والزوجة وشريكة الحياة !! ماذا تريد الرنتيسي ان ثبت ؟؟؟ وماذا تعني الدكتورة بقولها : هل أنتم محصنون ضد الحريم؟

  10. ليس الحياة مادة بمنطق دلداتيكى…
    اين تذهب الفراشات..ويستفيزها بوح النداء اريج الوردا عطرا..
    وتصرخ الزاهيات القا وشبقا لتلك الفراشات..
    لولا ذاك الالق لماتت تلك العلاقة لا جنسية ..ما بال الجنسية ..
    حتى الطبيعة التى يمؤمنون بها من دون الخالق..لتوقفت..
    هل تسطعن ايقاف عدد الاناث لتساوى عدد الرجال ..؟؟؟؟
    هل تمنع الارض الخصبة اليباب ان تهتز وتربد من حبات المطر كلألأ..
    لماذا تردن تحميل المرأة اثام الحرية زورا..
    هل تردن ان تعدد الرجال كما فى اروبا لتكون ماخور انجاس الرجال ..
    هذه هى النظرية الحقيقة للحريم ليصبحن سلعة تحمل المرأة دعاية نفسها ..تتحمل متفجرات الرجال واكوام بشر متعددى الاباء..
    إن شرع الله اعطى التعدد لتقنيين السفاح الى عقد اجتماعى نظيف متزن ومعتدل المناخ النفسى لا هطول ولا يباب وقحط ..
    ثم لها الان الحرية التى تدفع هى اوزارها ..وتتحمل عبْ لم تلف به…

  11. انا مقتنع تماماً انو اي مجتمع انساني داير يعيش حياة طبيعية ومتزنة لازم يكون مجتمع ذكوري. اعتقد ان هذه هي الفطرة السليمة التي لا تستطيع قوة في الارض تغييرها وان اجتمع الناس وسنوا لها قوانين واعراف دولية.

  12. أنا أريد من يجبني بصراحة..نحن معشر الرجال إذا رضي الله عنا فلنا الجنة ونعيمها…
    أريد نصا صريحا بدون لف أو دوران نصا يقول بماذا يكافئ الله المرأة؟

  13. جزاك الله خيراستاذ [مسلم] . استغفر الله . ما قصدي اهزأ بكلام الحق عز وجل . لا حول ولا قوة الا بالله .. قمنا من صباح الرحمن لقينا المقال الكاتبا (د.آمال جبر الله سيد أحمد) فى جريده الميدان اليساريه. ديل نساء بطالبن باشياء غريبه حقوق انسان ومساواة المرأه بالرجل في اي شئ بغض النظر عن الدين . (سيداو) دي لها علاقه بمنظمات دوليه بتنادى بتحرر المرأه من سطوه الرجل. اقرأ المقال مره اخري. منتظرين تعليقك علي المقال وكاتبته بس انت علقت علي أراء المعلقين . مره تانيه جزاك الله كل خير ونستغفر الله من زلاتنا..

  14. هذا المقال جيد جداً.. نتمنى من الإدارة رفعه بالرئيسية لأطول فترة ممكنة..
    وإلى أن تنتهي أفواج الدقون المأفونة من إستمنائها الفكري.. إنا هنا قاعدون!

    إقتباس : ( بالإضافة للاعتماد الكامل للزوجة على وضع زوجها الاجتماعي والاقتصادي تشكل الأساس للاستعباد والتحكم من قبل الرجل في مجمل حياة نسائه اللائي يلجأن في لا وعيهن لاستبطان القهر، فتتحول المرأة ـ وبكل فخر ـ إلى عارضة لثروات زوجها المادية بما تحمله من شحم ولحم وذهب وغالي الثياب وإتيكيت يليق بالمقام. إنتهى الإقتباس..
    .
    .
    , جبتيها ضقلها يكركب يا دكتورة.. ودة الحاصل للأسف!!

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..