مقالات وآراء

سلطة الجبايات .. حرب ضد الفقراء

 

 

خارج السياق
مديحة عبدالله
حالة الشلل الاقتصادي الذي تشهده البلاد الآن بسبب ما تقوم به السلطة الانقلابية من فرض جبايات باهظة على قطاع الأعمال والخدمات يدفع ثمنه الفقراء في المقام الأول، ممن يدبرون أمورهم بأعمال صغيرة مرتبطة بتلك القطاعات تدر عليهم رزق اليوم لتلبية الاحتياجات الأساسية، فإضراب التجار في الأسواق الرئيسية وأصحاب الشاحنات في الطرق القومية سيدفع كلفته الباهظة عدد كبير من المواطنين المرتبطين باقتصاد السوق والشاحنات..
لقد أفلح التجار في مدن كبيرة مثل الدمازين والفاو، وسنار، والقضارف، والأبيض، وتمبول في رفع صوتهم عاليًا ضد الضرائب العالية وكذا أصحاب الشاحنات على الطرق القومية ومعهم أصحاب الشركات العاملة في مجال بورصة المحاصيل، فبعض هذا الأسواق تعمل في مجال المحاصيل الأكثر أهمية للاقتصاد وكذا الثروة الحيوانية، ومن المؤكد أن إضراب التجار سيكون له تأثير سياسي على الوضع المضطرب والهش السائد الآن ولن يقتصر الأمر على الوضع الاقتصادي فقط.
هذا التأثير السياسي أبعاده ونتائجه ستكشف عنه الأيام القادمة، إلا أن أثاره على حياة المواطنين المرتبطة أعمالهم الصغيرة بالأسواق واستقرارها ستظهر على الفور في تدهور حركة البيع لأصحاب محلات بيع الأطعمة والمشروبات بالذات النساء، وممن فرضت عليهم الظروف العمل في الأسواق من الأطفال، وأصحاب الإعاقة، وعربات النقل الصغيرة والدرداقات، ومن يبيعون المنتجات المحلية على طول الطرق الرابطة بين المدن والقرى، من المؤكد أن الوضع الحالي سينعكس سلبًا على كل تفاصيل هؤلاء المواطنين والمواطنات، فهم يدفعون ثمن القرارات والسياسات المجحفة وإذا كان التجار وأصحاب الشركات والشاحنات يملكون القدرة على شل يد السلطة بنفوذهم الاقتصادي فأن هؤلاء المواطنين يقعون في دائرة هشة اقتصاديًا واجتماعيًا تسلبهم حتى حق التنظيم وممارسة الضغوط للمحافظة على حقوقهم ومصالحهم الاجتماعية.
ما يحدث الآن يمثل المزيد من سحق الفقراء وانتهاك حقهم في الحياة الكريمة، والأسوأ أن هذا الانتهاك يقع في دائرة الظل إعلاميًا وسياسيًا، فالأخبار ترصد خسائر التجار وأصحاب الشاحنات والشركات ومعاناتهم وهو أمر مطلوب لكن في ذات الوقت تغض الطرف عن من يمثلون ضلعًا أساسيًا من أضلاع النشاط الاقتصادي ويدفعون الرسوم أيضًا ويواجهون تعسف السلطة وعدم الحماية الاجتماعية، وهو وضع مختل لا بد من إثارته بكل الطرق من قبل قوى المعارضة.
الميدان
زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..