في «الخجل السياسي»..!

في «الخجل السياسي»..!

منى ابو زيد

في إحدى قمم العشرين الماضية، وبينما كان العالم يعكف على ابتكار حلول عملية للنهوض من سقطة الرهن العقاري التي عصفت بالاقتصاد العالمي، كان مبلغ هم زوجات زعماء القمة – كعادة النساء – هو تجاوز سقف توقعات الصحفيين بشأن أناقتهن الباهظة والبقاء عند حُسن ظن نقاد مجلات الموضة والأزياء..!

ولا غرو فـ الخط الفني الذي يوازي الخط السياسي في أي حدث دولي قوامه أزياء وبروتوكولات قرينات الساسة.. وملابس السيدات الأول وإيماءاتهن العابرة هي نقطة الالتقاء الوحيدة بين الصحافة السياسية والصحافة الفنية..!

ولا تزال أرشيفات الصحافة تحفظ العناوين الرئيسة التي أعلنت عن خرق السيدة الأمريكية الأولى البروتوكول الملكي البريطاني، خلال حفل ?استقبال في قصر باكينغهام عندما وضعت ذراعها حول خصر الملكة.. وبينما كانت دول العالم الثالث تمور بتداعيات ارتفاع أسعار الأرز، كانت الصحف الأمريكية والبريطانية تتبادلان التأكيد على (الحدث الأول من نوعه في تاريخ البروتوكول الملكي البريطاني منذ أكثر من سبعة وخمسين عاما) ان كلاً من السيدتين الأوليين قد نظرت في ساقي الأخرى قبل أن تشيد بجمال حذائها.. وهو كما ترى سخف بروتوكولي وهراء إعلامي مُستفز بحسابات عالمنا الثالث..!

ولكن على الرغم من أجواء المجد والكرنفالية تلك لم تنس السيدة الأمريكية الأولى – الحريصة على مجاراة قوانين الأناقة المرهقة وقتها – أن تكتفي عقدا من اللؤلؤ في ثلاث مناسبات مختلفة، متتالية، ولم تستطع أن ترتدي من الملابس يتجاوز – سعر قطعته الواحدة – الخمسمائة دولار..!

فكل شيء كان مستصحباً ضمن حسابات الإدارة الأمريكية الجديدة – وقتها – الماشية على نهج الدبلوماسية الشعبية والاسترضاء بلا حدود.. محلياً ثم دولياً إذا لزم الأمر..!

وهكذا جاءت تلك الإنتباهة احتراماً لمشاعر عامة الشعب ومراعاة لظروف الأزمة الاقتصادية التي لم يشهد العالم لها مثيلاً منذ ثلاثينات القرن الماضي.

استحت أمريكا – يومها – من الحديث عن ضخ الأموال لدعم اقتصاديات الدول الفقيرة أو الاختلاف مع أوروبا على ضرورة زيادة الإنفاق الحكومي لإنعاش النمو الاقتصادي، دون أن يتماشى مضمون خطبها الاقتصادية العامة مع خط السياسة الاقتصادية الخاصة للسيدة الأولى التي تمثلها..!

استحت أمريكا – التي لا تعرف الخجل – وطأطأت رأسها خوفاً من طغيان ملامح البذخ والفخامة في اطلالة سيدتها الأولى وشعبها في ضائقة اقتصادية.. وعندما عنَّ لميشيل أن تعيش عطلتها السنوية كما يحلو لها أطلقت عليها الصحافة الأمريكية لقب ماري أنطوانيت الجديدة..!

بينما الفجوة بين مظاهر الثراء المستجد لبعض السادة الوزراء والبذخ المفاجئ الذي يحيط ببعض الساسة المسؤولين والمحسوبين على هذه الحكومة في هذا البلد، وبين مظاهر الفقر والعوز في ملامح هذا الشعب الصامد المستعفف تزداد هولاً واتساعاً..!

ويبقى الإعلان عن ترشيد الإنفاق الحكومي وتوجيه دفة تلك الأموال المُهدرة للتنمية ومُحاربة الفقر «كلاماً ابن عم حديث»، في بلد يعتبر ساستها مجرد التصريح (يعني كلام الله والرسول) فعلاً – بحد ذاته – يطاول سقف المنجزات ..!

أرجو أن تلاحظ معي كَيف وكَم أن الخجل من الشعب – أو التظاهر بذلك على الأقل – هو جوهر الفرق بين طبيعة الديمقراطية وطبائع الاستبداد..!

الراي العام

تعليق واحد

  1. مع التحية للكاتبة.
    اقتباس:أرجو أن تلاحظ معي كَيف وكَم أن الخجل من الشعب – أو التظاهر بذلك على الأقل – هو جوهر الفرق بين طبيعة الديمقراطية وطبائع الاستبداد

    تعليق :هناك ملاحظتان لفظيتان ,حيث ان على الكاتب و الشخصيات العامة الاهتمام بانتقاء الكلمات المناسبة:
    1.بدلا من “تلاحظ معي كَيف وكَم أن الخجل من الشعب ” كان من الافضل ان تكتبي:ان تلاحظ معي ان مراعاة شعور الشعب او الحياء السياسي
    2.بدلا من “طبيعة الديمقراطية وطبائع الاستبداد” كان من الافضل ان تكتبي:السلوك الديوقراطي و سلوك الطغاة و يمكن ان تحل كلمة النمط مكان كلمة السلوك

    اخيرا : لا اعتقد ان الاقتصاد في هندام ميشيل سببه الازمة المالية حيث ان سلوك ساسة الغرب في الهندام هو الميل نحو الاناقة مع عدم المبالغة لان ذلك سيفتح الباب للسؤال المزعج ” من اين لك هذا”
    طبعا الفرق بيننا و بينهم هو انه عليهم ان يجيبواعلى السؤال و بالوثائق!!!

  2. أ. منى الحمد لله الذي هداك من الكتابة عن الكذب على الرجال الى الكتابة عن الكذب على الشعب حتى لو تمسح بكل مكياجات الخجل و تلفح الشالات الخضراء و هتف ملء فيه بشعارات و اشعار الجهاد الذي نتج عنه جريمة الالفية فصل الجنوب والمقال التالي أرجو أن تكتبي عن الخجل الاقتصادي الذي تتبجح به أ. سناء بضع مليارات يا هلا بالشيوخ!!! كما أرجو أن تكتبي لنا عن موضة الشالات المزركشة و التي تضاهي تطريزات الثياب النسائية و العمم الترباسية التي خجلت عنها عمة ترباس الشهيرة و هل هناك تناسب طردي أو عكسي بين الدماغ و محتواه و حجم العمم ؟ مجرد سؤال!!! إنشاء الله ما تبقى تكك ساكت!!!!

  3. بينما الفجوة بين مظاهر الثراء المستجد لبعض السادة الوزراء والبذخ المفاجئ الذي يحيط ببعض الساسة المسؤولين والمحسوبين على هذه الحكومة في هذا البلد، وبين مظاهر الفقر والعوز في ملامح هذا الشعب الصامد المستعفف تزداد هولاً واتساعاً..!
    هذه حقيقه غريبه تستجوب التغييير لخير هذا الوطن :
    1 – الوطن والشعب يعاني .
    2 – الرئيس مريض ومشلول التحرك خارجياً وماذنب هذا الوطن الكبير .
    3 – المغتربييين وطول غربتهم وكرههم لوطنهم .
    4 – من الذي يحمي هذا النظام ولمصلحة من .
    5 – صمتالشعب وسكوته على ما يجرى .
    اللهم ولي من يأخذ بيد هذا الشعب الصابر المشرد في شتي بقاع الأرض اللهم أجمعهم في ديارهم واصلح حالهم ومعايشهم وسائر أحوالهم وعليك بالمفسدين الذين نهبوا واثروا انفسهم من خير وخيرات هذا الوطن وهم لا يستحقون ذلك . تحياتي بت ابوزيد …

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..