الثورات العربية ونظرية المؤامرة

اليوم لا يوجد مكان للمنافقين والمتسلقين والمنتفعين والانتهازيين…ليس هناك منطقة رمادية والتي طالما عاشوا فيها بحرية وعاثوا من خلالها فسادًا في الأرض …اليوم لا يوجد مكان للمناورات والولاءات الكاذبة …هناك فقط مؤيدو الثورات والتغيير وفي الجهة المقابلة معارضوها…لا يمكن ان يكون الشخص مع الشعب ومع الحكام في نفس اللحظة ونفس الظروف بحجة الخوف من المؤامرات … صحيح اننا كنا نعيش في أمن ‘مرضي’ ولكن بدون كرامة وبدون روح…هل يمكن أن تنحدر أحوالنا الفكرية والمعيشية أكثر مما نحن فيه الآن؟!
لا أعتقد أنه يوجد ذل أكبر من الذي نعيشه في هذه الفترة وفي ظل حكامنا ‘الموقرين’ والذين وعينا على اجتماعاتهم الفاشلة في الجامعة العربية منذ بدايات إدراكنا هذه الحياة…
أي ذل أكبر من أن تترك العراق للفوضى لأن إسرائيل تريد حماية أمنها القومي وتشكل التجمعات الفاسدة مثل الاتحاد المغاربي ومجلس التعاون والتي لا تفعل شيئاً سوى تكريس أمن الحكام ومعهم إسرائيل… ثم تترك اليمن (العربية المسلمة) للقاعدة وإيران ولا تمد إليها يد المساعدة من دول الخليج الغنية بينما نجد مثلا في أوروبا مساعدات لتطوير ألمانيا الشرقية من قبل الاتحاد الأوروبي! من أحق بتقديم المساعدة والتكافل والتراحم نحن أم هم!
أي ذل أكبر من أن ترى المنكر وتسكت عليه، من سرقات، ونفاق، وسوء أخلاق!
أي ذل أكبر من أن تستباح أراضينا وأموالنا وشعوبنا من أجل الغرب وبمباركة من الحكام!
أي ذل من أن تكون أسيراً ومقيداً وموجهاً ومسخراً في أرضك التي ولدت فيها وستموت عليها!
أي ذل أكبر من أن تولد وتعيش وتموت لتمجد الفساد وتكون عبداً وتابعاً للخونة وأن تحرم من أبسط حقوق المواطنة في التعبير عن رأيك والمساهمة في بناء بلدك والتأكد من سلامة طعامك ومنزلك وبيئتك!
أي ذل أكبر من أن تعامل كأنك جاسوس في وطنك وأن كل مكالماتك وأقوالك وحركاتك وسكناتك مراقبة ومسجلة بقلم أحمر عريض في ملفك في ‘أمن الدولة’!
أي ذل أكبر من أن يتم التشكيك في وطنيتك وفي قواك العقلية لمجرد التفوه بكلمة حق أو سؤال بريء عن مستقبل أبنائك ووطنك؟!
أي ذل أكبر من أن نستجدي الأمن وأن يتم تخييرنا بين أمننا أو كرامتنا!
لا أعتقد أن أمريكا أو حتى إسرائيل كبلدان محتلة واستعمارية يمكن أن تنافس حكوماتنا في سرقة هوياتنا وأموالنا وآمالنا وأخلاقنا… نحن الشعوب العربية و’بكامل قوانا العقلية’ نرفض الحجر علينا من قبل حكوماتنا مثلما نرفض وجود إسرائيل والخضوع للسيطرة الأمريكية والأوروبية…
لسنا أي شيء مما يتهمنا به حكامنا…
لسنا مندسين…لسنا خونة…لسنا عملاء…لسنا مخربين…لسنا قاعدة…لسنا طامعين…لسنا إرهابيين…لسنا مدمنين…(يبدو أن حكامنا يعتقدون أننا نتآمر مثلهم!)، ولكننا مصلحون…نريد أن نكون امة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وليس أمة الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف…بل لا نريد سوى الاصلاح.
ونتوقع من حكـــــوماتنا أن تكون مثــــلنا وليس مثل أعدائنا إذا أرادت أن تحكمنا وأن تضمن ولاءنا وتعاوننا الأبدي..

منى كشوب – سلطنة عمان
القدس العربي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..