نور الهدى: السودان عبارة عن مزبلة للكتب المزورة في الوطن العربي

تضج المكتبات وأسواق الكتب عموماً بالطبعات المزيفة ، حيث يعمل قراصنة محترفون في تصوير الكتب الأصلية وتزييفها ويغرقون بها الأسواق والمكتبات على مرأى ومسمع الجهات المعنية بحماية حقوق المؤلف والحقوق المجاورة ،
ما يخلق ضرراً بالغاً لدى الناشرين الأصليين والمؤلفين و أن جهودهم تضيع سدى ويُكسب من ورائها كسباً مادياً قد تدخل فيه الحرمة باعتبار أنها تعد مثل المال المسروق ، هذا وقد كثرت الظاهرة واستفحل أمرها ووصفها خبراء بالخطيرة والمتزايدة ،وفي ذات الوقت لا يتم تفعيل القانون الذي ينص على حماية حقوق المؤلف والحقوق المجاورة حتى يردع هؤلاء القراصنة ويزجرهم ، كما أن هنالك اتهامات عديدة توجه للدولة ممثلة في وزارة الثقافة كونها تمارس ذات الظاهرة من خلال طباعتها لكتب مزورة ? بحسب متابعين ? غير أنها تغض الطرف عن هذا الانتهاك الذي قد يوقع حركة النشر في حافة الهاوية .
( نجوع ) تناولت القضية واستنطقت جهات ذات صلة
حيث توصلت لآراء مختلفة يجدها القارئ في السطور التالية :

جريمة مع سبق الإصرار
أوضح الناشر نور الهدى خلال حديثه مع (نجوع) أن عملية القرصنة أو النشر التصويري هي جريمة مع سبق الإصرار والترصد وهي مثلها مثل المال المسروق ، وهي تحرم الناشر والمؤلف من حقه بجانب رداءة المطبوع ، كما أن عملية التزوير ما هي الا (حبل مشنقة ) يشنق عملية النشر في السودان ، والسودان عبارة عن مزبلة للكتب المزورة في الوطن العربي ،
وقال إن ما يطبع في القاهرة تحت آبار السلم وفي المطابع الاخرى واصحاب المكتبات التي ليس لها ضمير والفريشة نقلوا هذه التجارب الينا واصبح لدينا اكثر من خمس عشرة مؤسسة تعمل في طباعة الكتاب بدون حقوق على مرأى ومسمع الجميع ، وأن الأرفف مليئة بالكتب المقرصنة والسلطات تعرف هذه المعلومات وتغض الطرف عنها.
ذهب نور الهدى في حديثه الى أن معرض الكتاب الفائت كان نصف المشاركين فيه عبارة عن كتب مزورة ، والجهات الرسمية كانت على علم بذلك ولم تمنع عرضها لأنها تعلم اذا منعتها فالمعرض لن يقوم،
واضاف : (وعن نفسي كنت ارى أن يكون بالمعرض خمسين ناشراً محترماً بدلاً عن أن يكون مليئاً بـ( الفريشة ) ومزوري الكتب، اذا كانت هنالك نهاية لحركة النشر في السودان فستكون بسبب هذه الطبعات المزورة والتي نجدها اليوم في جميع المكتبات.
المطروح في المكتبات وعلى الارفف وعلى الأرض يمثل أكثر من 50% من المزور وهذا ادى الى تقلص عملية النشر وامتناع الناشر عن طباعة الكتاب تخوفاً من السطو عليه وتزييفه ، التزوير كان يأتي الينا من مصر لكن للأسف اليوم أصبح يزور داخل السودان نسبة للاستفادة من آليات وتكنولوجيا الطباعة) .
غض الطرف
كما أكد صاحب دار عزة للنشر أن من يقومون بالقرصنة معروفون لدى الجهات الرسمية التي تغض الطرف وتتهاون معهم وهذه جريمة في حق النشر وحق البلد بالرغم من القوانين الموجودة ومشاركاتنا في كثير من المؤتمرات الا ان وزارة الثقافة ترفع يدها وهي مشاركة معهم كما أنها السبب الرئيس في تدمير حركة النشر بالبلاد .
اتحاد الناشرين تم حله والشكل الحالي عبارة عن (لقيط) تتبناه وزارة الثقافة وهو لا يمثل الناشرين لا شرعاً ولا قانوناً وعضويته نفسها مشاركة في التزوير ولا يوجد اتحاد ناشرين ، والموجود ليس الا عملية نصب كبرى يستفيد من ورائها عدد كبير ،
الحل الرئيسي هو القانون فعلى الجهات الرسمية أن تقدم الشكاوى وبالتالي يتم قبض المقرصنين وتقديمهم للمحاكمة ، والقانون موجود وقوي، وتوجد محكمة فكرية كاملة لكن للاسف الجهات المسؤولة لا تريد محاسبتهم ، من الذي يشتكي في حال غياب المؤلف ، خاصة وان 90% هي كتب لأجانب .
ستمر علينا السنوات الخمس القادمة ولن نجد لدينا ناشراً واحداً طالما أن عملية التزوير متوفرة وفي متناول اليد ، لدي كتب متوفرة في السوق ومزورة ولا أعلم من الذي صورها.
القارئ مستفيد من حيث السعر الضعيف لكن هنالك قراء يرفضون هذه الكتب . القانون يحاكم بالغرامة مبالغ طائلة والمصادرة ويمكن ان يتم اغلاق الدار لكن الدولة لا تريد تفعيل القانون . القضية موجودة في كل العالم لكن الفرق ان العالم يحاكم المتقرصنين الا اننا لا نهتم، الجهات المعنية تصادر الكتب التي تتناول الحديث ضد الحكومة الا انها لا تقف على هذه المسألة .
رفض قاطع
أمين عام المصنفات الأدبية والفنية الدكتور بشير سهل قال في حديثه مع ( نجوع ) بأنهم كمصنفات أدبية رافضون لهذه القرصنة وانهم بصدد حملة مكثفة لها ما بعدها فيما يتعلق بنسخ هذه الاصدارات وأن مجلس حقوق الملكية الفكرية سيراجع الموضوع ويقوم بتطبيق القانون بمواده (المادة 7 والمادة 8) الخاصة بالحق المادي والأدبي اضافة للمواد الخاصة بالتعاقدات مثل المادة (32/2) – والمادة (16) التي تنص على الزامية عقود الاستقلال .
واضاف سهل أن على الجهات ذات الصلة أو المتضرر أن يتقدموا بالشكوى حال ثبت التعدي على حقوقهم او حقوق الغير ، واذا كان المؤلف متوفياً ففي هذه الحال تقوم ورثته بإجراء اللازم .
محاربة للتزييف
وقال سهل إن المجلس حالياً يعكف على انزال القانون بشكل مكتمل الجوانب كما أنه بدأ بتكوين امانات ولائية لمجلس حقوق المؤلف والحقوق المجاورة ، يتبعها وحدة الرقابة والتفتيش الميداني وهي وحدة ينشئها المجلس من جهات ذات صلة . ودعا المبدعين الى ضرورة تكوين الرعاية والتي اسماها بـ( الإدارة الجماعية ) حسب الفصل السابع من القانون (تنشأ الإدارة الجماعية من حملة الصكوك الابداعية من اصحاب الحق الأصيل والحق المجاور .) يقوم المجلس بمدهم بالاستشارة القانونية وإعانتهم بالكادر الفني والعمل الاداري والتشبيك ،
وذهب الى انهم الآن بصدد الترميز الوطني لدعامات المبدعين حتى يسهل دمجها في الرمز العالمي خاصة وأن التجارة اليوم اصبحت تُدار عبر الوسائط الحديثة وعلى السودان ان يستعد لتحديد بيئته الالكترونية لمواكبة هذا العمل في إطاره القانوني ، وختم افادته بأن مسؤولية حماية حقوق المؤلف والحقوق المجاورة تقع على عاتقهم وانهم بصدد محاربة تزييف الطبعات والحد منها .
عقوبة جنائية غير التعويض المادي
المحامي والاستاذ الجامعي د. يوسف عبد الله أوضح في حديثه مع (نجوع ) أن أي مادة تتم طباعتها من قبل المؤلف لا يجب التدخل فيها ونسخها وأن أي اجراء فيها يعتبر تعدياً على حقوق الغير ،
وأضاف ان المؤلف اذا تضرر من نسخ وتصوير مطبوعاته عليه ان يتقدم بشكوى للجهات ذات الصلة ومن ثم تتم محاكمة المتهم بالقرصنة وتطبيق القانون عليه ، كما أن هنالك عقوبة جنائية غير التعويض وقد تتم مصادرة المطبوعات ودفع غرامة مالية وقد يتم اغلاق مكتبة الناشر،
وقال إنه سبق وان تم الفصل في مثل هذه القضايا التي تتعلق بالملكية الفكرية مثل مقاضاة زوجة العلامة عبد الله الطيب لأحدهم حينما قام بتصوير كتاب للعلامة ، وكانت قد تلقت السيدة جريزلدا تعويضاً مادياً قيمته عشرين ألف جنيه.
—