أخبار السودان

صاحب “السادة الرئيس القرد”:أحاول تلمس موضع خطاي في العالم بالكتابة

آلاء عثمان

– الرواية تبرهن على ما تقوم به القوى المتحكمة في مصائر الناس
– قبل إنقاذ “دار الهلال” للرواية كنت في حيرة من أمري
– أتمنى أن تكون الرواية على قدر التوقعات

ننتظر هذه الأيام صدور رواية “السادة الرئيس القرد”، للروائي السوداني عبد الحميد البرنس، عن مؤسسة “دار الهلال”، ورغم ما أثير حول تأخر طباعتها، لأسباب غير واضحة وبالتالي تأخر صدورها عن الموعد المحدد مما دفع بتكهنات بمنع الرواية من الطباعة والنشر، فإن الرواية نجحت في أن تجد متابعين لها ينتظرونها بشغف، ليتعرفوا على عالمها المختبئ خلف عنوانها اللافت للانتباه، وللتعرف على ما يخطه “البرنس”.

تواصلت “الدستور” مع الكاتب السوداني، للتعرف على عالم الرواية المثيرة للجدل، قبل صدورها، فعن عنوانها يقول “البرنس”: “العنوان قد يخلق بالفعل نوعا مما يمكن تسميته الإلتباس مثلا، وما قد يستدعيه من قياسات هنا وهناك. إلا إن المسألة تتعلق هنا بقردٍ حقيقي على مستوى ما أسماه الناشر (نسغا فنيا تختفي فيه ملامح الأزمنة، وتذوب فيه المسافات بين الواقعي والغرائبي، الجاد الهزلي). ربما أردت بوضعية ذلك الرئيس القرد البرهنة على ما يمكن أن تقوم به تلك القوى الفعلية المتحكمة في مصائر الناس عبر الأقنعة من عبور ما هو عقلاني إلى ما هو غير عقلاني في مسعى لتأكيد السيطرة من دون أن تلام. عموما أنا لا أستطيع الحديث عن عملي، ليس فقط لأن ذلك قد يصادر مساحات التأويل الأخرى المحتملة، بل كذلك لأنني لا أقف بداهة على مسافة موضوعية مما كتبت”.

ويشير “البرنس” إلى أنه أرسل الرواية سابقًا إلى الروائي أحمد زين، الذي أثنى عليها وأكد أنها جميلة بحق، وهو الرأي الذي جاء مخالفًا لرأي عدد من دور النشر التي اطلعت على الرواية، قائلًا:”كنت قبل إنقاذ دار الهلال الكريم في حيرة حقًا من أمري، ما بين حرارة رأي أحمد زين، وبرودة دور النشر تلك القاتلة”، مؤكدًا أن الكاتب سعد القرش، رئيس تحرير سلسلة روايات الهلال، مبدع كبير، حيث قال: “أخشى أنه لكرمه يبالغ كثيرًا في دعمه وتشجيعه لما أكتب رغم تواضعه. وأخاف بالتالي أن يظهر العمل ولا يكون على قدر تلك التوقعات. عموما ما أحاول كتابته في عموميته لا ينطلق من أي مزاعم بقدر ما أحاول بواسطته تلمس موضع خطاي في ما أسماه ميلان كونديرا: هذا الفخ الذي يسمى العالم”.

جاء عبد الحميد البرنس إلى القاهرة بعد سبع سنوات من الغياب عنها في كندا، وصادف ذلك وقتها أحداث ثورة يناير، ولابد أنه استفاد من ذلك في بناء الرواية، وعن هذا يحدثنا قائلا: “إحدى فرضيات الرواية بالنسبة لما عرف بـ”الربيع العربي”، أن ما حدث قد يستقر في الأخير على وضعية نجد معها أن ما تغير بالفعل لم يكن سوى القناع، بينما جوهر القهر لا يزال قابعًا هناك في إنتظار أن يتقدم للإمساك بمقاليد الأمور مجددًا عبر وسائل أخرى واقنعة مختلفة”.

ويضيف:”كما لو أن ما تم تعريفه بوصفه ثورة ليس سوى تفريغا لغضب الشعوب نتيجة عمل القهر في السابق، ومن ثم إعدادها لتقبل حقبًا أخرى من قهر قد تكون أسوأ مستقبلا. هي دائرة خبيثة. الرؤساء قد يكونوا معها مجرد دمى يتم استبدالها متى تم حرقها. هناك قوى قهرية متجذرة عميقًا في التاريخ راكمت في يديها الكثير من آليات القهر المادي والمعنوي ولها قدرة قد تفوق الخيال في التحكم في مصائر الأفراد والشعوب وعملها عبر ما أسميه (تمظهرات الأقنعة)”.

حين يتعلق الأمر ببناء النموذج في سياق قصة أو رواية، يرى “البرنس”، ألا يعول على الواقع العياني المادي الملموس وحده، مهما بلغ ذلك الواقع من تعقّد في تجاربه، ويقول: “لابد من حفر ذلك النموذج في التاريخ، من خلال الاستعانة بمختلف التجارب المعنية ناهيك عما تم تحويله من تلك التجارب في شكل تصورات فكرية أو جمالية، ولا أنسى هنا دور الخيال المهم في توسيع أبعاد الواقع الضيّقة، ثم تصفية ما هو يومي عابر وثانوي وصولا إلى ما أسمته (نازك الملائكة) ملامسة جوهر الأشياء، ما هو مشترك إنساني ويتسم بديمومة ما. ربما لهذا كان مثال مصر الثري جزءً من روافد بناء ذلك العمل”.

وكان قد أثار تأخر صدور الرواية، المُعلن عنها مسبقًا، عددًا من التساؤلات، خصوصًا بعد حذف الخبر الذي نُشر عنها على بوابة الهلال، اليوم السبت، مما دفع لتكهنات بمنع الرواية من الطباعة والنشر.

وأكد الكاتب سعد القرش، رئيس تحرير سلسلة روايات الهلال، أن الرواية لم تدخل للمطبعة، ولا يعرف سببًا لهذا التأخر، رغم جاهزيتها للطباعة.

من ناحية أخرى، أكد رئيس مجلس إدارة مؤسسة “دار الهلال”، غالي محمد، أنه لا يعلم شيئًا عن رواية “السادة الرئيس القرد”، ولم يسمع اسمها من قبل، وأنه لا يتدخل في أعمال رؤساء تحرير السلاسل الصادرة عن الدار، ولا يمارس دورا رقابيا عليهم.
صاحب “السادة الرئيس القرد”:أحاول تلمس موضع خطاي في العالم بالكتابة

الدستور

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..