أخبار السودان

مقاطع قصصية

مقاطع قصصية

د.بشرى الفاضل

[COLOR=blue]حيوان[/COLOR]

هبطت نجمة من أعاليها في السماء، أنفها قبالة موطنها الأول وأقدامها لا ترضى بأن تلامس أرض بلادنا.بعض عقلاء الجهلة هللوا لها:
– نجمة .. نجمة..
ويرى صحبي أنها نجمة حقاً، «لكن ليها ضنب .»

[COLOR=blue]إنذار[/COLOR]

انخفضت ضفة النيل اليسرى بينما حافظت اليمنى على مستواها، الناظر إلى النيل سيرى ضفتيه ككفتي معتوه يتعجب مائلاً بشدة وهو يقول :
– يعني!!
ضفتا النهر لو نطقت لصاحت:
– يا سودان هل تفلح الأرض أم انكفئ لأدلق مياهي؟

[COLOR=blue]نيوتن[/COLOR]

خرج جدي البصير النابه عبيد ود نقد. رأسه مشغول بهموم الناس والأرض . غرق حتى أذنيه في مفصل التفاصيل .. حط قاربه في فيء شجرة الدوم واستظل بوارف ظلها .. خمس دومات سقطن فوق رأسه .. لم يمت جدي بفعل كدمات الدومات لكنه لم يكتشف قانون الجاذبية!! كدمة ظاهرة بقيت لعدة أيام في مقدمة رأسه.

[COLOR=blue]ديكتاتورية[/COLOR]

خرجت ثلاثة تماسيح في قيظ الصيف من جوف النهر الخانق واستنشقت عبير الحرية وصاحت في صوت واحد متحسرة:
– آه ما أفظع قهر الضفاف!
وزجرها النهر :
– اسبحي إذن شمالاً حيث البحر.
فتذمرت التماسيح قائلة:
– ماؤه ملح.
فزمجر فيها النهر وقال بنفاد صبر
– إذن موتي.
لكن التماسيح لم تمت بل غاصت في بطن النهر وأصبحت تحفر جنبات واديه وتحفرها وتحفرها حتى أصبح النهر فسيحاً بحيث وسع عرضه البلاد بأسرها.

[COLOR=blue]أبشر[/COLOR]

عاد الشباب «المختلج » الأطراف لأهله بعد طول مكث، محملاً بالثياب والعباب .
سعى بين أهله مفصحاً عن رغبته في الاقتران.
خطبت له أمه نادية. فتاة صامتة. أهلها قالوا عنه مناسب جداً، جيرانهم قالوا كنز، ثيابه لا غبار عليها، ماله يتحدى السوق بالجديد .هرج. مرج. المارة عرفوا أن ثمة عرس ما يقام بالناحية . تصاعد الغناء ودخلت العروس حلبة الرقص وهي تخطو بإيقاع وخيلاء . صاح المطرب:
– يا…

ففاجأها ضحك ينبعث من ناحية الفتيات. التفتت لترى بعلها المرتقب مثل بعير غاضب. يده في السماء ، رجله اليسرى في عيذاب واليمنى في البقعة. صاحت الفتيات الخجلات:
-اشتر!! اشت!! اش..
جرت العروس للداخل . تجمد الفتى في مكانه وقال :
»- طالق !!»
في سره طلق عروسه كأسرع طلاق في تاريخ العرس السوداني . وسكن كل شيء . ثم علا صوت الصفقة المشير لأغنية جديدة.
العروس عادت للحلبة من جديد ومن جديد عاد الغناء وصاح أهل العريس:
« – ابشر .. ابشر .»

[COLOR=royalblue]نمليّة العشق[/COLOR]

قرب مدينة «نمولي » عاشت قبيلة من النمل . ملكة وحمالات وحمالون، أمينات وأمناء مخازن.. عشقت صبية النمل نايلة نمول الفتى. هو روميو وهي تاجوج، ربط قيس يده الحبلية في دلو عبلة وخرجا نحو قصر الملكة.
قال الفتى جميل:
– أحبك يا جولييت.
فأجابت الصبية ليلى:
– أموت فيك يا المهلب.
في الطريق صادفهما الوزير المتنمل الأطراف فقال:
– ما خطبكما؟
فردا:

– نحن في طريقنا للملكة لنعجن عصارة العشاق جميعاً. نلتقي نفرح؛ إذ تبارك الملكة زواجنا.
سارا مائة وخمسون سنتميتراً بأكملها ولاحت في الأفق الملكة تعتلي نملية العرش.
قالت:
– هاي أيتها النمولة اللطيفة قد جئت في موعدك، لكن أين خطيبك؟
قال نمول:
– ها أنذا..
التفتت الملكة لترى حبيباً يوسفياً لونه كأبهى ما يكون السواد. فمه واسع يقوي على حمل حبة من الذرة ا لشامي . تحرك سائل الحسد في دماغ الملكة نحو الخلايا العادلة في الدماغ.
عقدت قرانهما ثم وزعتهما للعمل في الحقول لجمع الحبوب . صارت النملة نايلة تخرج في السادسة صباحاً إلى الخلاء تدخل جحراً، تأخذ حبة وتخرج وهكذا وحين تعود لبيت الزوجية في المساء تصادف زوجها في قارعة الطريق تلوح له بمنديلها المبلل بالدموع النملية الباردة الصامتة. كان الفتى يعزق .. يجد حبة وان لم يجدها يصنعها ثم يأخذها ويخرج.
يدخل ؛ يأخذ حبة ويخرج. يدخل؛ يأخذ؛ يخرج… وهكذا ظلا يتناوبان الدوريات وعدم اللقيا حتى قضى نحبهما.

[COLOR=blue]نملة السكر[/COLOR]

عاشت قبيلة من النمل قرب نمولي، كانت قبيلة من نمل السكر، ونمل السكر كما نعلم قبيل حلو ومسالم.

وهكذا حدث أن تعرفت نملة على نامل متنمل الأطراف . تعارفا ومن خلال دوران الحياة وعنفوانها تحابا، ثم أصبح ذلك الفتى النملي بعلاً مرتقباً للنملة الصغيرة.
وذات يوم اكتشف ذلك البعل المرتقب « مساخة » النملة الصغيرة ونمل السكر لا يجامل في طعم بناته الفاتنات. وعندما أخبر نامل القبيلة بالأمر نصحوه بأن يغمسها في حوض به سائل حلو، فغمسها فيه فخرجت منه دائخة بلا سكر تفوح منها رائحة البن.
وأخبر القبيلة بعدم الجدوى فنصحته بأن يحقنها بمضاد الانسولين ولكن ذلك كذلك لم يجلب نفعاً. وهكذا فكر الزوج المرتقب وفكر؛ ثم قرر أن يصبح زوجاً غير مرتقب وأخبر النملة الحائرة بقراره فقالت له حانقة:
– سكر.
ثم نبست لنفسها:
– هل كان ذلك القمئ يرغب في الزواج مني أم من السكر؟
وارتاحت النملة البديعة لاكتشافها دواخل البعل المرتقب حتى شعرت بالسكر يجري في أحشائها مقام الدم ولم تخبر بأفراحها الداخلية أحداً.
لكنها طفقت تمني نفسها بأجنحة وشراسة تطير بها كالنمل اللاذع نحو منابع العسل.

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..