بعد محطة هيثرو ..ننعى لكم خط الخليج ..الفاتحة !

بعد محطة هيثرو ..ننعى لكم خط الخليج ..الفاتحة !

محمد عبد الله برقاوي..
[email][email protected][/email]

أخيرا تفتقت عبقرية الادارة الجديدة لما تبقى من امبراطورية الخطوط الجوية السودانية التي كانت رائدة
قديما وهي في أوج عظمتها كالامبراطورية البريطانية حيثما ذهبت تجد أشعة الشمس تصطحب أجنحتها الميمونة ، فقررت تلك الادارة ( فجأتن ) ايقاف خط الخليج العامر بالذكريات وطرائف استعلامات المطارات عن دلال ستهم وقد تملكها الخرف في عهد الفساد المبرمج ، بعد بيع خط هيثرو الذي ظل زميلنا الظريف الأستاذ الفاتح جبرا يهلوس به حتى اصبح توقيعا ثابتا يزيل مقالاته بالسؤأل عن أخبار قضيته في أضابير ديوان النائب العام !
أربعون عاما من عناق مطارات الخليج تنتهي الى فراق بالدموع الحرى ، وتبرير الادارة الجديدة التي يقول العالمون ببواطن الأمور أنها تفتقر لأبسط مقومات وأهلية ادارة خطوط الركشات وعربات الكارو في الخرطوم ، ان هذا الخط الذي يشمل كل دول مجلس التعاون ماعدا السعودية لا جدوى من تسيير الرحلات اليه في ظل اشتداد المنافسة من شركات الطيران الأخرى التي تسيدت الأجواء السودانية !
وهو منطق غريب والكل يعرف جيدا أن منطقة الخليج قد أصبحت و منذ سنوات طويلة منطقة جذب للركاب قدوما ورواحا لاسيما بالنسبة للركاب السودانيين الذين تضاعفت أعدادهم بما يحتم تدعيم الخدمة لهم في هذا الخط و زيادة الحوافز والمغريات بدلا من اعدام هذه الخدمة نهائيا !
ولعل شدة التنافس كان بنبغي أن تصبح الحافز الأكبر الذي يجب استغلاله في دراسة خطة محكمة للجذب ، لا تعليق الفشل عليه كشماعة ، وكل مواطن سوداني يعلم أن السبب هو الفساد الذي استشرى في هذه المنشاة العريقة وبدد تاريخها التليد في رياح هذا العهد ، الذي لا يعطي العيش لخبازه ولو أكل نصفه !
مؤسسة تولاها أباطرة الادارة أمثال عبد الباقي محمد والسر حسن بشير والكابتن زمراوي الذين فاخروا بها عند أعلى سحابات الاتجاهات المختلفة، انتهى بها الأمر ، آخر المطاف الى أيد ادارية رخوة المعرفة ، همها التخلص مما هي ليست جديرة بتطويره ، فتلجأ الى أقصر الطرق ، اما بيع عزيز ذل الى من لايستحق واما الاغلاق دون تبصر الوسائل التي تؤدى الى حل ثالث !
سيداتي أنساتي سادتي الركاب الأفاضل يؤسفنا أن ننعى لكم بكل الحزن ، وفاة خط الخطوط الجوية السودانية الى الخليج خنقا بيد التخبط وعدم الادراك بأهميته المعنوية وفشل تلمس الأبواب لزيادة فوائده المادية ، وقد كنا مرتضين بهم ناقلنا الوطني الراحل عنه ، اعتدادا به من منطلق وطنيتنا التي نخشى أن تباع هي الآخرى في سبيل أن تكون المواطنة حصريا على الكيزان وقد غرفوا كل شيء في السودان ، حتى النيل لم يعد يفي بسقيا أهل أهله الذين باتوا يرددون في حسرة العطش أغنية صديقنا الحلنقي بصوت حمد الريح !
( عطشان والبحر جنبك )

نرجع لنعزيكم في خط الخليج العزيز ولنا في محطاته حكايات وحكايات ، و لا نملك حيال وداعه الى مثواه الأخير الا أن نترحم عليه بقراءة ( الفاتحة )
وانا لله وانا اليه راجعون .