مجموعة قصصية جديدة للروائية السودانية ليلى أبو العلا

صدرت عن دار المصورات للنشر بالخرطوم ترجمة عربية لمجموعة قصصية جديدة للروائية السودانية العالمية ليلى أبو العلا حملت عنوان “متاهة كل صيف” قام بترجمتها الأستاذ عادل بابكر.
اقتحمت ليلى عالم الكتابة الروائية بقوة واحتفت بها الدوائر الأدبية في الغرب منذ صدور روايتها الأولى روايتها “المترجمة The Translator” عام 1999 والتي أدرجت في قائمة أبرز مائة كتاب في تصنيف نيو يورك تايمز عام 2006، كما حصلت على جائزة كين العالمية للأدب الافريقي عن قصة (المتحف ?The Museum? التي تضمنتها مجموعتها القصصية “أضواء ملونة Coloured Lights”. ورُشحت بعض أعمالها لجوائز عالمية رفيعة مثل جائزة أورانج للرواية الطويلة وجائزة إيمباك دبلن. وقد ترجمت أعمالها إلى 14 لغة.
اكتسبت ليلى صوتا مميزاً من خلال تناولها للغربة الثقافية والنفسية التي يواجهها العرب والمسلمون في الغرب وقد ظلت تلك ثيمة مركزية في معظم أعمالها ويرى بعض النقاد البريطانيين أنها استطاعت أن تقدم صورة مختلفة عن المرأة المسلمة من خلال بطلاتها، فالمرأة عندها تجد ملاذها وقوتها في الدين وليس بالهروب منه. وتبدو ليلى سعيدة بهذه المساهمة في التعريف بالمسلم داخل المجتمع البريطاني، إذ تقول في مقابلة مع صحيفة الشرق الأوسط اللندنية “أشعر أني نجحت من خلال أعمالي في عرض وجهة النظر لمن هو داخل بريطانيا. كتبت كفرد يعرف المجتمع المسلم في بريطانيا بصورة حميمة بدلاً عن آخرين يكتبون عنه وهم يعيشون في الخارج”. وتضيف “المسافة بين الشرق والغرب ليست بالحجم الذي كانت عليه ماضياً، الشرق الآن موجود داخل الغرب بسبب المهاجرين. والغرب موجود الآن داخل الشرق بسبب انتشار التكنولوجيا، وتبني عادات العمل الغربية والاستهلاك المتزايد للمنتجات الغربية. نحن نعيش في زمن يحتاج فيه الناس الى الحوار. لقد تزايد التواصل وصار لصيقاً جداً بين الشعوب. وللأدب هنا دور يمكن أن يساعد على سد الفجوات عبر الإبحار داخل الاختلافات الجديدة.”
هذه الثيمة المركزية حاضرة بقوة هنا في هذه المجموعة الجديدة. ففي قصة “حرمان” تطالعنا الأم السودانية التي تفعل المستحيل لكي تضمن أن بقاء ابنها الوحيد في بريطانيا بقاء مؤقت مرهون بانتهاء دراسته. صارعتْ بكل قوتها لكيلا ينجرف ابنها الوحيد بعيداً عنها. زوَّجتْه من فتاة سودانية مسلمة ملتزمة وأرسلتها له كي تقاسمه العيش في لندن وهناك نتابع تفاصيل حية لمستويات متباينة من الصراع الثقافي ما بين الزوجين وما بين كل منهما والحضارة الغربية. وفي قصة “سماء أخرى” تحضر ذات الثيمة ولكن مسرح الصراع هذه المرة الخرطوم، و”ضحية” الصراع هو بريطاني اعتنق الإسلام وجاء إلى السودان كي يطلب يد حبيبته من أهلها. صراع يبدأ من لحظة وصوله مطار الخرطوم وحتى لحظة مغادرته. وفي “بيبي لاف” نطالع صراعاً من نوع آخر.. بين ماجدة الفتاة السودانية التي تنتظر عودة حبيبها سمير من الولايات المتحدة في العطلة الصيفية لكي يعلنا خطبتهما، ولكن والدته “جانيت” الأمريكية من أصل أفريقي والتي تقيم مع زوجها في الخرطوم تعمل بكل قوتها على تحرير ابنها من أي ارتباط بهذه الأرض-أي ارتباط.. بما في ذلك ماجدة. كانت ترى أن مستقبله هناك في بلدها هي وكانت مستعدة لإزالة أي عائق في سبيل ذلك الهدف. وفي “متاهة كل صيف” التي تحمل اسم المجموعة نتابع مع “نادية” الفتاة المصرية اليافعة المعاناة التي فرضت عليها أمها أن تعايشها كل عام حين تصطحبها إلى القاهرة وحيث تشعر بالغربة وبحنين طاغ إلى لندن حيث نشأت وترعرعت.
في هذه النماذج التي تقدم ذكرها، وفي غيرها من قصص المجموعة، تظهر ليلى إمكانات سردية فذة وقدرة فائقة على بناء عوالم نابضة بالحياة وتحرص على أن تقدم لك شخصياتها عارية بضعفها وانكساراتها وتناقضاتها وصراعاتها الداخلية.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..