قانون لحماية الفاسدين.!

شمائل النور

سيلفي غولار، وزيرة الجيوش الفرنسية، وتعادل عندنا وزارة الدفاع، تقدمت باستقالتها من منصبها، وطلبت عدم ترشيحها للحكومة الجديدة، لإفساح المجال لتحقيقات حول مزاعم تتهم حزبها في قضية وظائف وهمية في البرلمان الأوروبي..

قبل فترة ليست طويلة، استقال وزير الداخلية الفرنسي رونو لورو، بعد الأمر الصادر من النائب العام الفرنسي المكلف بالتحقيق في القضايا المالية، حيث أمر بتحقيق أولي معه على خلفية مزاعم تتعلق بتوظيف ابنتيه مساعدتين له في البرلمان.

قطعاً المقارنة بين باريس والخرطوم معدومة.. فلن يُقبِل مسؤول على الاستقالة لمجرد اتهامات فساد حتى لو كانت مكتملة الأركان وليست مجرد مزاعم، وهذا ما أصبح قاعدة، لكن الشاذ أن يتحول المُبلّغ عن الفساد إلى متهم، ويفقد موقعه، لأنه نقل اتهامات ومزاعم بشأن مسؤول دستوري، نعم، هذا ما حدث في نهر النيل.

ننقله كما جاء في صحيفة (الجريدة)…الخبر يقول (أصدر الأمين العام للحركة الإسلامية الزبير محمد الحسن، قراراً بإقالة الأمين العام للحركة الإسلامية بنهر النيل حمزة الأمين، وذلك على خلفية مطالبته بالتحقيق في تهمة استغلال النفوذ التي وجهها مجلس شورى الحركة لمسؤول تشريعي هناك بسبب منح وزارة المالية شقيقه قطعة أرض تبلغ مساحتها 5553 فداناً بالنخيلة وقيامه ببيع 2000 فدان منها بمبلغ مليون و300 جنيه، في وقت قرر المكتب التنفيذي للحركة انعقاد جلسة طارئة لشورى الحركة بالولاية للنظر في قرار الإقالة).

دوافع الأمين العام للحركة هناك، كما جاء في الخبر (إن الحركة عملت على إحياء مبدأ محاسبة القيادات في السلطة التنفيذية والتشريعية) لا أدرى إن كان حمزة حديث عهد بهذه الحركة أم أنه (صدّق) أحاديث الإعلام بشأن محاربة الفساد.. الحركة ظلت تقف بالمرصاد ضد من يتحدث عن وجود فساد بين منسوبيها، وظلت الحركة بعقيدتها التي تشرّب بها منسوبيها حامية للمفسدين، مهما كان حجم ما ارتكبوه، إعمالاً بفقه السُترة.

الذي حدث يشبه تماماً سيرتها في الحرب على الفساد، فقط، الشاذ هو أنها لم تكتف بترقية المفسدين في المناصب العليا، بل الآن تتجه فعلياً إلى حمايتهم، وسن عرف وتقليد جديد، حماية الفاسدين وإعفاء المُبلّغين وإبعادهم من مواقعهم..وإن كان شاذاً، لكنه التطور الطبيعي لحالة الفساد الذي أصبح أكبر من منظومة، إنه دولة.

صحيح، ان الكتابة عن الفساد أصبحت بلا طعم، لأن الفساد أصبح طبيعياً، لكن، لابد منها، حتى لا نتكيف مع الفساد، وهذا ما تسعى إليه السلطة، أن يصبح الحديث عن الفساد أمراً عادياً، فنفقد مجرد الانفعال مع قضايا المال العام..لذا لابد من أن نُشعر أنفسنا بحجم الهول في كل مرة، لابد أن لا نتكيف على ذلك.

التيار