نظام البشير يفرج عن (20) من اعضاء داعش دون تقديمهم للمحاكمة

أفرجت الحكومة عن مجموعة من منسوبي تنظيم “داعش” الارهابي، وذلك بعدما كانوا محتجزين لديها لاكثر من نصف العام، على خلفية التخطيط والشروع في اعمال متطرفة. بجانب تحريض وتحفيز بعض الشباب والطلاب على الالتحاق بالتنظيم.
وبحسب الخبير في شؤون الجماعات المتشددة الهادي محمد الامين فان السلطات افرجت عن عشرين من الشباب المنتمين لتنظيم داعش، وذلك بعد سلسلة من المراجعات والنقاشات الفكرية والفقهية معهم، بغية اثنائهم عن الافكار المتطرفة والمتشددة التي يعتنقونها.
واشار الأمين الى ان عملية اخلاء سبيل المجموعة تزامنت مع عيد الفطر المبارك، لافتا الى ان الاجهزة الامنية درجت على اجراء المراجعات مع المنتمين للتنظيمات المتشددة والمتطرفة، كأحد الحلول للحد من إلتحاق الشباب والطلاب بتنظيم داعش.
واثار اطلاق سراح اعضاء داعش دون تقديمهم للمحاكمة، مخاوف الكثيرين، مشيرين الى احتمالية ان ينشط المفرج عنهم في اعمال ارهابية جديدة، خاصة ان تجربة المراجعات التي تخوضها السلطات السودانية مع المتطرفين لا تقود لاثنائهم عن افكارهم المتشددة والارهابية.
وسبق ان نفذ جهاز الامن سلسلة من المراجعات الفكرية مع الذين تم القبض عليهم على خلفية الانتماء او التعاطف مع الجماعات المتطرفة.
وبحسب مختصين في شؤون الجماعات المتطرفة، فان هذه التجارب لم يُكتب لها النجاح المأمول من قبل الاجهزة الامنية.
وتشير (الراكوبة) الى ان الاجهزة الامنية نفذت في وقت سابق، حملة مراجعات فكرية مع اعضاء خلية السلمة المتطرفة، ولكن تلك الحملة لم تُثمر، على نحو ما تشتهي السلطة.
وخلية السلمة المتشددة، هي مجموعة من الشباب جمع بينهم جامع التطرف والغلو، كانت تخطط لتنفيذ عمليات ارهابية.
وادت الصدفة الى اكتشاف امر تلك المجموعة في 13 اغسطس 2007م، وذلك بعد انفجار بعض المواد والاحزمة الناسفة التي كانت المجموعة تجهِّزها لتنفيذ عملياتها، عن طريق الخطأ، مما قاد للقبض على اعضاء الخلية، التي كانت تتخذ من احد منازل ضاحية السلمة جنوبي الخرطوم، مخبأ سرياً لعملياتها المتطرفة.
وأخضع جهاز الامن تلك المجموعة التي ضمت عمر نجل الدكتور عبد الحي يوسف وآخرين، الى المراجعات الفكرية، ثم اطلق الجهاز سراحهم لاحقاً، بعدما ظنّ ان المجموعة تخّلت عن الافكار المتطرفة التي تعتنقها.
وكانت الاجهزة الامنية قد القت القبض على الدكتور أسامة أحمد عبدالسلام الموصوف بانه العقل المدبر لخلية السلمة، واخضعته للتحقيقات.
وكان أسامة الحاصل على درجة الدكتوراة في الكيمياء الحيوية، قد قام بتجنيد واستقطاب عدد من الشباب، وطوّع تخصصه النادر في الكيمياء الحيوية والعضوية في تصنيع العبوات الناسفة والمتفجرات، لتنفيذ العمليات الارهابية، لكن الصدفة قادت لاكتشاف تلك الخلية.
واخضعت السلطات الامنية الدكتور اسامة الى المراجعات الفكرية، قبل ان تفرج عنه بمزاعم انه تراجع عن توجهاته وأفكاره التكفيرية بعد عدة مراجعات قام بها بعض العلماء الذين جادلوا أفراد خلية السلمة داخل المعتقلات، على رأسهم د. عبدالحي يوسف، والشيخ عبدالجليل الكاروري، ود. خالد عبداللطيف، والشيخ علاء الدين الزاكي، بينما اعتذر الشيخ محمد عبدالكريم عن الاشتراك في برنامج المراجعات.
ولكن في مطلع العام 2008م، وتحديدا بعد اقل من نصف عام على انكشاف امر خلية السلمة، شارك ثلاثة من اعضاء الخلية ممن تم اطلاق سراحهم بناء على المراجعات الفكرية، في مقتل موظف المعونة الامريكية جون مايكل جرانفيل وسائقه السوداني عبد الرحمن عباس. وهم عبد الباسط حاج الحسن ومحمد مكاوي ابراهيم ومهند عثمان يوسف وهو ملازم اول بالقوات المسلحة، ووالده قيادي معروف في الحركة الاسلامية، وثلاثتهم كانوا ضمن خلية السلمة. وثلاثتهم تم اخلاء سبيلهم بمزاعم انهم استجابوا للمراجعات الفكرية.
وتشير (الراكوبة) الى ان اسامة احمد عبد السلام العقل المدبر لخلية السلمة، الذي تم اطلاق سراحه بدعاوي انه تخلى عن افكاره المتطرفة، عاد الى افكاره المتشددة، واشرف مجددا على انشاء خلية متطرفة يطلق عليها اسهم “خلية الدندر”، وذلك بعدما تم ضبطها وهي تقوم بعمليات تدريب لافرادها في حظيرة الدندر، في العام 2012م.
وتعد خلية الدندر امتداد لخلية السلمة حيث انضم اليها شباب جدد مثل وحيد عز الدين الذي كان احد ابرز تلاميذ الشيخ مساعد السدير المشهور بانه منظر التيار السلفي الجهادي في السودان.
واشتبكت تلك المجموعة مع قوة من الشرطة مما ادى لمقتل احد افراد القوة، بجانب اثنين من اعضاء الخلية هما محمد حسن المبارك وأحمد حسب الرسول الحاج.
وبلغ عناصر الخلية الذين تم توقيفهم بحظيرة الدندر وأودعوا سجن الهدى بأم درمان بعد ترحليهم من كوبر حوالي (31) فرداً.
ولاحقا ? وتحديدا بعد عام من احتجازهم – تم الافراج عن افراد خلية الدندر بعد مبادرة قادها رئيس منبر السلام العادل الطيب مصطفى ورئيس مجمع الفقه الاسلامي البرفيسور عصام احمد البشير. على الرغم من ان المجموعة كانت تواجه تهم تتعلق بالتخطيط لعمل ارهابي وقتل احد افراد الشرطة عمداً.
ولكن ذلك لم يثن أغلب افراد تلك الخلية عن ترك الافكار المتطرفة، حيث شارك كثيرون مهم في عمليات قتالية خارج السودان، ابرزهم وحيد عز الدين الذي لقى حتفه في مالي بعد انضمامه الى الجماعات المتطرفة التي كانت تقاتل هناك.
ولا يعوِّل كثيرٌ من المختصين في شؤون الجماعات الدينية، على المراجعات الفكرية التي ينفذها جهاز الامن عن طريق الواجهات الفكرية التابعة له، مثل مركز التحصين الفكري وغيرها.
ويشير خبراء في هذا المجال الى ان اغلب الشباب المتشددين الذين يخضعون لعمليات المراجعة الفكرية، يمارسون فقه التقية، وهي إظهار خلاف ما يبطنون، لإيهام الحكومة بأنهم تخلوا عن افكارهم، من اجل اطلاق سراحهم. وما ان يُطلق سراحهم سرعان ما يعودون الى تنفيذ عمليات ارهابية ومتطرفة.
وجريا على ذات المنوال، فقد شارك مهند عثمان في عمليات قتالية في الصومال، وذلك بعدما تمكن من الهرب من سجن كوبر الذي كان محبوسا به لتنفيذ حكم الاعدام عليه، على خليفة ادانته – رفقة آخرين – بقتل الدبلوماسي الامريكي وسائقه السوداني. وهو ذات ما ذهب اليه عبد الباسط حاج الحسن ومحمد مكاوي ابراهيم، الذيْن شاركا في عمليات قتالية خارج السودان بعد هروبهما من سجن كوبر، ما يعني ? بحسب الوقائع والمختصين – ان احتمالية ان يترك المتشددون افكارهم بناء على المراجعات، تبدو ضعيفة جدا، ونادرة الحدوث، إن لم تكن معدومة كلياً.