أخبار السودان

28 عاماً على النظام السوداني: مسيرة من الإخفاقات والتبدّلات

أكمل النظام الحاكم في السودان بتاريخ الثلاثين من يونيو/ حزيران، 28 عاماً على رأس السلطة في البلاد، بعد وصوله إلى سدة الحكم في ذاك التاريخ من العام 1989 عبر انقلاب عسكري وقفت خلفه الحركة الإسلامية بزعامة الراحل حسن الترابي. 28 عاماً شابتها إخفاقات واتهامات كثيرة، إلا أن عوامل ومعطيات عديدة ساهمت باستمرار النظام، مع انتهاجه سياسة براغماتية استطاع من خلالها تغيير مواقفه وسياساته وفق الظروف والمعطيات.

عند وصوله إلى الحكم، رفع النظام الحالي مجموعة من الشعارات الإسلامية، وعمد إلى تطبيق الشريعة على حياة الناس، بما في ذلك في حياتهم الاجتماعية، واستعدى مجموعة من الدول بينها الولايات المتحدة الأميركية وروسيا، باعتبارهما أعداء الدين، فضلاً عن دول غربية أخرى. وانتهج النظام في سنواته الأولى سياسة تصدير الثورة إلى الدول العربية والإسلامية، بدعم الإسلاميين في تلك الدول ومساعدتهم للوصول إلى الحكم. كما كان حاضراً في حرب الشيشان وصربيا والبوسنة والهرسك والصومال، وضالعاً في أحداث الجزائر، وساهم في تغيير حكومات دول الجوار (إثيوبيا وإريتريا وتشاد). وفي الداخل، عمل على إحداث تغييرات وتحوّلات كبيرة في المجتمع السوداني، ونجح في تدجين الشارع، كما غزا المناطق والقبائل وعمل على إعلاء قبائل على حساب أخرى.

أما اليوم، ومقارنة بوضعه عند وصوله للحكم، فهو أحدث تغييرات كبيرة، بدءاً بعلاقاته الخارجية وتحوّلاته في المحاور الدولية والإقليمية، وصولاً إلى سياسته داخل السودان. داخلياً بدأ هذا النظام التراجع عن المشروع الذي أعلنه عند وصوله، إذ يُلاحَظ تغيير واضح في الشارع السوداني بين سنوات “الإنقاذ” الأولى واليوم، في سلوك السودانيين ومظهرهم.
إخفاقات وإنجازات لازمت النظام الحالي في مسيرته، وإن كان الأخير يرى أن مسيرته تُوجت جلها بالإنجازات، بينها تقديم نفسه كبديل لتحقيق طموحات السودانيين، ما جعلهم يصبرون عليه خلال الأزمات التي لحقت بالبلاد أخيراً، كالأزمة الاقتصادية وما صاحبها من إجراءات، فضلاً عن استخراج البترول وإنهاء الحرب الأهلية في جنوب السودان التي استمرت 21 عاماً.

بينما يرى معارضون ومراقبون أن النظام الحالي أدخل البلاد في أزمات اقتصادية وسياسية ودبلوماسية عديدة، من خلال عدم الاتزان في سياساته الاقتصادية والخارجية وتقلّبها وغياب الرؤية الاستراتيجية في إدارة البلاد، وتفشي الفساد وتراجع القيم الإنسانية، فضلاً عن تدويل القضايا السودانية وفرض 63 قراراً ضد السودان من قِبل مجلس الأمن الدولي بينها قرار إحالة ملف دارفور إلى المحكمة الجنائية الدولية، وما ترتب عليه من اتهامات لمسؤولين على رأسهم الرئيس السوداني عمر البشير، بارتكاب جرائم حرب في دارفور وملاحقته قضائياً. إضافة إلى دخول قوات دولية إلى الأراضي السودانية في دارفور.

وعلى الرغم من إخفاقات النظام طيلة فترة وجوده في سدة الحكم، إلا أنه تمكّن من تجاوز العواصف واحدة تلو الأخرى، كما أنه أصبح من الصعب التكهن بتركه السلطة على الرغم مما يعانيه من ضعف ووهن. ويرى مراقبون أن مجموعة عوامل ومعطيات ساهمت باستمرار حكم “الإنقاذ” في السودان، أهمها انتهاجه سياسة براغماتية استطاع من خلالها تغيير مواقفه وسياساته وفق الظروف والمعطيات، فضلاً عن ضعف المعارضة المحلية ونجاحه في شق صفوفها، إضافة إلى توفر الحماية له من قِبل الجيش والأمن، إلى جانب تغيّر التوازنات الدولية والإقليمية.

وكان من أبرز الاختبارات التي مر فيها النظام الحاكم، خروج السودانيين في تظاهرات في سبتمبر/ أيلول 2013 كانت الأعنف في فترته، لكن النظام نجح خلال يومين فقط في قمعها بالرصاص الحي، ما أثار الذعر في نفوس السودانيين وتراجعت معه الاستجابة لأية دعوات للتظاهر، خصوصاً تلك التي تطلقها قوى المعارضة. كما شهدت البلاد العام الماضي عصياناً مدنياً شكّلت مواقع التواصل الاجتماعي نقطة انطلاقه وحقق نجاحاً نسبياً في اليوم الأول، لكن سرعان ما لاحق الفشل العصيان في دعوته الثانية بعد أن نجح النظام في مواجهته عبر وسائل التواصل وعبر حزمة إجراءات تتصل بالخدمة المدنية للحد من تغيّب العاملين والطلاب والمعلمين عن الدارسة والعمل.

العربي الجديد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..