أخبار السودان

مبارك الفاضل.. هل يدلِّس من يقول الحق..!

يوسف الجلال

ليس من خلاف حول أن مبارك الفاضل يعتبر من أكثر السياسيين معرفة بخبايا المشهد السياسي، في عديد الحقب التي مرت على السودان، فالرجل يرقد على بحيرة من المعلومات، والأسرار التي تناهت إليه من علاقاته الواسعة بصُناع القرار داخلياً وخارجياً. ولكن بالمقابل ليس من اختلاف حول أن مبارك تلاحقه تهمة تلوين التاريخ وتزييفه في كثير من المرات. كما أنه تلتصق به شائنة الانتصار لذاته السياسية، من خلال تطويع شهادته وفقاً لاشتهاءاته. وربما هذا ما سيجل من سهام المشككين تطعن في صحة كثير من الروايات التي سترد في ثنايا سفره الذي سوف يدشنه يوم غدٍ “السبت” تحت عنوان (ماذا جرى؟ أسرار الصراع السياسي في السودان من 1986 الى 2016م). خاصة أن كثيرين يرون في مبارك ميلاً ناحية تصفية حساباته مع خصومه متى ما سنحت له الفرصة وتواتت له السانحة. وظني أن سيرة الرجل عامرة بمثل هذه الاتهامات، فكثيراً ما عمد إلى لي عنق الحقيقة حتى يمرِّغ تاريخ وسيرة خصومه بتراب المنقصة والمذّمات..!

الشاهد أن دخول مبارك الفاضل الى حلبة كتابة المذكرات في حد ذاته محمدة، تحسب له لا عليه، وقطعًا سيكون صنيعه رائعاً لو تجرد من الأهواء والمواجد الشخصية، حتى لا ينتصر لنفسه وفكرته مقابل تتفيه الآخرين، لأن ذلك يتعارض مع فكرة كتابة المذكرات التي تحتاج الى موضوعية وأمانة، حتى تأتي تأرخة الأحداث بما يفيد البحاثة والمنقبين عن المعلومات السياسية. وما لم يفعل مبارك الفاضل ذلك فان كتابه سيظل في خانة الرأي الشخصي، او ما يمكن تسميته بـ(خواطر سياسي)، وبالتالي لن يكون صالحاً للوثوق فيه لكتابة التاريخ.

قناعتي أن الشهادة التي يريد أن يقولها مبارك الفاضل للتاريخ، ستفتح الباب على مصاريعه للنبش في أقبية ماضينا وحاضرنا السياسي. فالرجل كما قلت يملك قنوات اتصال مفتوحة ونشطة مع كثير من الدوائر الداخلية والخارجية. وكثيراً ما تحدث مبارك عن معلومة أو فكرة أو مقترح، فيظن الناس أنها محض أحلام، ولكن سرعان ما تدور دائرة الشهور فتتحقق نبوءته السياسية، حتى أن كثيرين ربطوا بينه وبين بعض المخابرات العالمية.

الثابت، ان مبارك يبذ كثيرين في القدرة على قراءة المشهد والمستقبل السياسي، لكنه بحاجة ? فعلاً لا قولاً ? للتجرد التام من عاطفته، حينما يقول شهادته عن الآخرين، وخاصة أن عمه الصادق المهدي.

وعن نفسي فأنا على يقين راسخ بأن شهادة مبارك في الصادق لن تكون منصفة في كل الأحوال، وربما تأتي في كثير من المرات بغير ما يشتهي الصادق، أو عكس الحقيقة، اذا كانت الحقيقة في صالح نقاء سيرة ومسيرة الصادق. وعليه فإن مبارك الفاضل سوف يُختبر في مصداقيته، من خلال كتابه وشهادته للتاريخ. وهو ما يعني أنه أمام خيارين، إما أن يبرهن للناس أنه تجاسر على أهواء النفس، أو أن يتخيّر موقعه في طوابير الذين قاموا بتسويد صفحات الكتب من أجل تبييض صفحاتهم، بعدما شابها الكثير من السواد.

ولكن مهما يكن من عمر فإنني أستطيع أن أضمن لكم أن تأتي مذكرات مبارك الفاضل عامرة بالجرأة والمصادمة ونقد الآخرين، على عكس ما كان يحدث في المذكرات التي كتبت من سبقوه، فمبارك ليس رعديداً أو جباناً، بحيث يسكت عن ذم الآخرين وتجريمهم، متى ما كانوا في موضع ذم وتجريم، على عكس كثيرين مما كتبوا مذكراتهم، وتحديدًا الذين تهيبوا قول الحق حتى لا يغضب منهم من شاركوهم الأحداث، ذلك أن مبارك يتمتع بالشجاعة الكافية التي تجعله ينتقد الأشخاص في مذكراته، وفقط تنقصه الموضوعية..!

الصيحة

تعليق واحد

  1. يتضح من حديثك يا أستاذ أنك لم تقرأ الكتاب بعد ولم تطلع عليه، وبالتالي فإن هجومك على صاحبه بناء على انطباعاتك الشخصية عنه ووصفه بعدم الموضوعية والتدليس ومحاولة تصفية الحسابات مع خصومه هو في حد ذاته نوع من الحكم المسبق وعدم الموضوعية، فالأجدر كان أن تقرأ الكتاب أولا ومن ثم تصوب سهام نقدك إليه وفقا لما تجده فيه من سلبيات، أما الإيحاء للقارئ بدءا بأن الكاتب يفتقد إلى الموضوعية فهو نوع من التدليس أيضا ومحاولة للتشكيك وصرف النظر عن الكتاب فأيا كان رأينا في الكاتب، يجب ألا نحاكمه إلا بأقواله وليس بانطباعاتنا عنه إن أردنا التجرد والموضوعية.

  2. يتضح من حديثك يا أستاذ أنك لم تقرأ الكتاب بعد ولم تطلع عليه، وبالتالي فإن هجومك على صاحبه بناء على انطباعاتك الشخصية عنه ووصفه بعدم الموضوعية والتدليس ومحاولة تصفية الحسابات مع خصومه هو في حد ذاته نوع من الحكم المسبق وعدم الموضوعية، فالأجدر كان أن تقرأ الكتاب أولا ومن ثم تصوب سهام نقدك إليه وفقا لما تجده فيه من سلبيات، أما الإيحاء للقارئ بدءا بأن الكاتب يفتقد إلى الموضوعية فهو نوع من التدليس أيضا ومحاولة للتشكيك وصرف النظر عن الكتاب فأيا كان رأينا في الكاتب، يجب ألا نحاكمه إلا بأقواله وليس بانطباعاتنا عنه إن أردنا التجرد والموضوعية.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..