الجحيم العربي خازوق أسمه “الإخوان”

الجحيم العربي خازوق أسمه “الإخوان”

تيسير حسن إدريس
[email][email protected][/email]

(1)
المشهد الحاضر للازمة السياسية في مصر والمتصدر لعناوين الإخبار في كافة القنوات الفضائية لا يبشر بالخير ويعمق مشاعر الريبة ويزيد من حدة الشك في مجمل تجربة التيارات الإسلامية في الحكم وحقيقة نواياها تجاه العملية الديمقراطية خاصة في هذا التوقيت الذي وصلت فيه تجربة حكم التيار الإسلامي في السودان لخواتيمها الحزينة ليجد نفسه بعد ربع قرن من الحكم المطلق وجه لوجه أمام بانوراما الفشل المريع.

(2)
فالإعلان الدستوري الأخير الذي أعلنه الرئيس المصري محمد مرسي في محاولة لتحصين قراراته من النقض ثم ترجع عن بعض بنوده تحت وطأة الضغط الشعبي الذي ما زال يرى ضرورة إسقاطه بالكامل اقل ما يمكن أن يوصف به أنه قفزة غبية في الظلام عقدت المشهد السياسي المصري وأتاحت الفرصة أمام فلول النظام السابق لاسترداد الأنفاس والسعي لضرب الثورة المصرية ومحاولة إجهاض أهدافها وإعاقة مسيرة بناء نظام حكم ديمقراطي معافى.

(3)
والإعلان الدستوري الذي احتوى على بنود تتسق وشعارات الثورة لذر الرماد في العيون، أتت بنوده الأساسية مفخخة ومناقضة لأهداف الثورة، لم تراعي أجواء الاحتقان السياسي والريبة والشك المحيطان بمصداقية القوى الإسلامية ومدى إيمانها بالديمقراطية خاصة والتجربة السودانية المفزعة حاضرة في الأذهان ولعل الذي زاد وعمق من حدة الشعور بالخطر هو الخطاب المريب الذي ألقاه المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين المصرية في الخرطوم أمام المؤتمر الثامن للحركة الإسلامية السودانية الذي انعقد مؤخرا.

(4)
ناشد المرشد العام محمد بديع في ذاك الخطاب برعونة لا يحسد عليها دول الربيع العربي ودعاها للاستفادة من تجربة الحركة الإسلامية السودانية في الحكم وهي مناشدة تحمل في طياتها دعوة ضمنية لإقصاء بقية القوى السياسية والانقلاب على التجربة الديمقراطية ومحاولة الاحتفاظ بالسلطة ولو بالقوة فهذا ما فعلته ومازالت الحركة الإسلامية السودانية الحاكمة منذ ربع قرن والمفارقة المحزنة التي عرت الوجه القبيح “للإخوان” وكشفت عن حقيقة توجههم أن تأتي مثل هذه الدعوة من من أتت به الديمقراطية من تحت الأرض لسدة الحكم لينقلب عليها مناشدا “إخوانه” الاستفادة من تجربة نظام دكتاتوري أعظم انجازاته في الحكم هي تقسيم السودان وأضاعت موارده وتشريد أهله وإهلاك النسل والزرع والضرع!! .

(5)
إن “سنة أولى حكم” إسلامي في كل من مصر وتونس لم تقدم جديد واكتفى “الإخوان” في كلا القطرين بالسير في نفس خط “إخوان السودان” ليعمقا بذلك أحاسيس الريبة والشك في توجهات القوى الإسلامية قاطبة، التي لا تتوانى في ارتكاب الأخطاء القاتلة والقيام بالتصرفات الشاذة على أمل الاحتفاظ بالسلطة وإقصاء الآخرين وآخر تلك الحماقات “خازوق” الإعلان الدستوري الذي أعلنه الرئيس المصري وقذف بمصر وشعبها للمجهول.

(6)
فتراجع الرئيس مرسي وتعديله للإعلان الذي أشعل الحريق ليس كافيا لان آثاره مازالت باقية وتبقى الكرة في ملعبه وعليه أن يحسن التصرف ويضع في اعتباره أن شعب مصر وقواه المدنية التي عانت طويلا من كبت الحريات والإقصاء السياسي قد أضحت بعد ” 25 يناير” شديدة الحساسية تجاه أي مساس بمكتسباتها الثورية ولن تسمح بأي ردة تعود بها لنفق الدكتاتورية ومن غير المنتظر أن تقدم تنازلات في هذا الصدد ولو أدى ذلك “لإشعال حرب أهلية” كما جاء على لسان المخرج الشاب والناشط السياسي “خالد يوسف”.

(7)
إن سماح الرئيس مرسي لمناصريه بالقيام بمظاهرات مؤيدة لسياساته في نفس التوقيت وبالقرب من الساحات التي حشدت بها قوى المعارضة جماهيرها تهور سياسي وحماقة أخرى ترتكب في سلسلة الحماقات التي مافتئ يرتكبها يمكن أن تزلزل استقرار الدولة وهي نهج استفزازي وبدعة لا تقرها النظم الديمقراطية الرشيدة فمناصري الحزب الحاكم ديمقراطيا لا علاقة لهم بالشارع فقد حققوا أهدافهم بوسيلة ديمقراطية أخرى هي صندوق الاقتراع وانتهى الأمر. أما الشارع في حال عدم رضا الجماهير عن سياسة الحاكم فهو ملك للقوى المعارضة التي من حقها الخروج لتعبر عن رفضها لتلك السياسات سلميا، فهي لا تملك وسيلة ديمقراطية غير هذه لممارسة حقها في المشاركة في الحكم وصياغة القرار الوطني وهذا من أصول اللعبة الديمقراطية.

(8)
على الرئيس مرسي وجماعته المسيطرة على الحكم التصرف بحكمة في أجواء الاحتقان السياسي الذي أوجده خازوق الإعلان الدستوري والتحلي بالمرونة اللازمة لنزع فتيل الأزمة وإلا سيدفعوا بالبلاد نحو تعقيدات هم في غنى عنها فالاستمرار في سياسة تصنيف الآخر ورميه بتهم الفلول والعمالة والارتباط بالخارج لن تساعد في تنقية المناخ السياسي ولا في الخروج من المأزق وهي فرية قد استهلكها “إخوان السودان” من قبل ولم تجدي وباتت بضاعة بائرة لا يرغب في شرائها أحد.

(9)
المطلوب اليوم هو الاستماع لصوت العقل والانصياع لإرادة الشارع وليس إشعال الحريق المطلوب إيجاد حلول توافقية تحفظ هيبة الرئيس وترضي القوى المعارضة. وعلى السيد مرسي ومناصريه العمل على تقليص الفجوة التي حدثت بين مكونات المجتمع المصري بعيدا عن روح الاستعلاء الصبيانية والمكابرة بإمكانية حشد الشارع فالأساليب الرخيصة المتبعة لحشد الشارع الذي يعاني من الجهل والفقر معروفة ومن يستخدمها ويبتز الجماهير البائسة بالغذاء والكساء مستغلا حاجتها معروف أيضا فلا داعي لدفن الرؤوس في الرمال وإعادة تجريب المجرب ، فالفرصة ما زالت سانحة إمام الرئيس مرسي ليحافظ على ربيع مصر اخضر ومزهر وتجنب تحوله لجحيم حارق ستطال ناره أول ما تطال لحيته ولحى جماعته ثم ليكونن من النادمين.
** الديمقراطية قادمة وراشدة لا محال ولو كره المنافقون.
تيسير حسن إدريس 12/12/2012م

تعليق واحد

  1. الفرق بين اخوان مصر واخوان السودان كبير جدا جدا جدا

    1- مرسي جاء منتخبا وليس بانقلاب عسكري

    2- الوضع العالمى الحالى بات درسا لكل من تسول له نفسه الاستهزاء بالشعوب ولا مكان للديكتاتورية بعد اليوم

  2. شكرا لك صديقي تيسير فكما عودتنا في مقالاتك
    اهم نقطة هي يجب ان يعيهاالجميع: “إن سماح الرئيس مرسي لمناصريه بالقيام بمظاهرات مؤيدة لسياساته في نفس التوقيت وبالقرب من الساحات التي حشدت بها قوى المعارضة جماهيرها تهور سياسي وحماقة أخرى ترتكب في سلسلة الحماقات التي مافتئ يرتكبها يمكن أن تزلزل استقرار الدولة وهي نهج استفزازي وبدعة لا تقرها النظم الديمقراطية الرشيدة فمناصري الحزب الحاكم ديمقراطيا لا علاقة لهم بالشارع فقد حققوا أهدافهم بوسيلة ديمقراطية أخرى هي صندوق الاقتراع وانتهى الأمر. ”

    ولكن نأتي تاني إلى جزر المشكلة اخي تيسير. فهم لا يؤمنون بالديمقراطية اساسا الا كوسيلة، مثلها مثل الانقلاب. هذا فكرهم الايدلوجي هكذا. فهم لا يحترمون الآخر ويظنون انهم الاخوان او الحركة الاسلامية الاحق بحكم الناس من غيرهم. فهذه هي المشكلة الايدلوجية او لوثة راسكيلينوف كما حللتها في مقالك الماضي. فالخلل في المنهج اساسا والآلية التي يريدون ان يديروا بها البلاد. فهي ما ستؤدي الى الفشل المحتوم ولا يهمهم. ولو تحدثنا لهم عن اي الاسلوب الصحيح الذي يجب ان يتبعوه لن يستمعوا. وبالنسبة لهم اتيانهم بالديمقراطية مثل ايتانهم بانقلاب لا فرق، وهنا يكمن الفرق بين من يحترم الديمقراطية ام لا.

    وعلى كل فالجنون هو ان تكرر نفس الشئ عدة مرات وتظن في كل مرة انك ستحصل على نتيجة مختلفة. دع اولاد بمبا يجربوا. وهو درس لنا ايضا في كيف يمكن ان يحافظ على الثورة. فاسقاط النظام والاتيان بالتغيير ليس معناه هو نهاية الثورة بل هي بدايتها واصعب مراحلها هو كيف يجب ان تحافظ عليها الى تبني بلد يحترم فيه كل الاخر ونظام ديمقراطي سليم يجلب الحرية والعدالة الاجتماعية ولا شك من ثم التقدم والنمو والازدهار.

  3. معذرة لم اقرا مقالك..ولكن اود ان اقول ما نمر به الان مرت به اوروبا قبل قرن من الزمان ودفعت الثمن غاليا حتي تبين لهم الحق وان الدين لله….
    كنت اتمني ان تتعلم الشعوب العربية من هذه التجربة..ولكن ما دمنا لا نتعلم فالندفع الثمن ولتنعم الاجيال القادمة..

  4. الاخوان الجماعات الجهادية وكل الفصائل بتاعة الاسلام السياسى الماعندهم جهاد وقتال الا فى شعوبهم ابحثوا عن الموساد والسى آى ايى وهلم جرا!!!!
    طبعا الناس الجهلة المتابعنهم يمكن يكونوا مقتنعين بطرحهم وانهم يقاتلوا او يفجروا من اجل تمكين وتطبيق شرع الله فى مخالفيهم من ابناء جلدتهم وكله بشعارات اسلامية بينما القادة مروقين ومنغنغين وشغالين طق حنك واثارة الجموع ولا تنقصهم الحلاقيم الكبيرة والدقون وغرة الصلاة ثم يذهبوا بسياراتهم الفارهة مع حرسهم الى فيلاتهم او قصورهم وياكلوا المحمر والمشمر!!!
    ويمكن خزائنهم لا تخلوا من جميع العملات خاصة الدولار ويمكن الشيكل الاسرائيلى!!!!!!
    انتو قايلنهم ح يحاربوا اسرائيل او امريكا؟؟؟ليه هم جنوا؟؟؟؟ يحاربوكم انتم المساكين الما مسلحين زيهم او زى بنى قريظة والامريكان!!!!
    والدليل اخوانهم فى السودان ليهم اكثر من 23 سنة وجهادهم كله داخل السودان ومع شعبهم!!!!!
    لكن يمكن بعد الفين تلاتة سنة كده ما معروف يمكن يكونوا قضوا على اعداء الداخل وبعد داك يقبلوا على اسرائيل ده اذا كانوا ما عملاء اصلا لاسرائيل والغرب!!!!!!!
    لا تقولوا عليهم انهم خنازير لان الخنزير ح يزعل اذا شبه بهم!!!!!

  5. تجربة الاسلاميين السودانية عبار حبل مشنقة يلتف حول عنق من يقتدي بها من الاسلاميين في الدول الاخرى مثلها مثل السلطة التي استولوا عليها فهي يضاً احبل مشنقة آخر جاهز للإلتفاف حول اعناقهم يوم تتكشف مراميهم في البلدان التي استولوا عليها وستكون تلك نهايتهم الحتمية…..

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..