الثوار الليبيون استخدموا الطائرات من دون طيار لمراقبة قوات القذافي.. شركة كندية تكشف عن بيعها «أيريون سكوت» لثوار ليبيا.. الثوار أعدوا خططا منذ 5 أشهر لتجنب الفوضى بعد سقوط القذافي

في توضيح مثير يظهر مدى انتشار تكنولوجيا الطائرات من دون طيار، ذكرت شركة كندية هذا الأسبوع أنها قامت ببيع طائرة استطلاع عسكرية صغيرة للثوار الليبيين، الذين يستخدمونها منذ شهر يوليو (تموز) الماضي، لمراقبة القوات الموالية للعقيد الليبي معمر القذافي.

«لقد تم استخدامها في معارك حربية ضارية، وحققت نتائج مذهلة»، على حد قول ديفيد كرويتش، المدير التنفيذي لشركة «أيريون لابس» التي تقوم بتصنيع طائرات «أيريون سكوت» في ووترلو بكندا.

وتحمل الطائرات التي تشبه طائرات الهليكوبتر كاميرات تعمل نهارا وفي الليل، وتطير دون إحداث أي أصوات على ارتفاع 500 قدم. وتستخدم الولايات المتحدة وحلفاء الناتو طائرات استطلاع وطائرات من دون طيار مسلحة في ليبيا، لكن لم يكن معلنا أن الثوار قد حصلوا على هذه التقنية أيضا. وكانت الـ«نيويورك تايمز» هي أول من أعلنت عن استخدام الطائرات دون طيار في ليبيا.

وقد وافقت الحكومة الكندية على عملية البيع هذه، وتعد هذه هي المرة الأولى التي توافق فيها حكومة غربية على نقل تقنية الطائرات من دون طيار لمتمردين. ورفض كرويتش ذكر السعر الذي دفعه الثوار، لكن السعر الأساسي لطائرات الـ«سكوت» هو 120.000 دولار.

[COLOR=blue]الثوار أعدوا خططا منذ 5 أشهر لتجنب الفوضى بعد سقوط القذافي[/COLOR]

كان ضمن الدفعات الأولى من الثوار الذين اقتحموا طرابلس هذا الأسبوع مجموعة صغيرة حمل أفرادها أجهزة هواتف ذكية إلى جانب ما معهم من أسلحة. ووفقا لخطة أعدوا لها جيدا، قاموا ببعث رسائل نصية باللغة العربية لتصل إلى عشرات الآلاف من أجهزة الهاتف الجوالة داخل المدينة: «لا تدمر المباني العامة، فهي مستقبل ليبيا»، هذا ما جاء في إحدى هذه الرسائل.

جاء نشر هذه الرسائل وهدفه الحد من عمليات النهب والإحراق المتعمد في الأجزاء المحررة من هذه المدينة، على رأس بنود بقائمة لما يتعين القيام به بدأ الثوار تنفيذها. وتمثل هذه القائمة التي أعدت وتمت مراجعتها خلال الكثير من الاجتماعات في واشنطن وبنغازي الليبية والعاصمة القطرية الدوحة، محاولة لتوقع كل تصرف خارج أو تحد ربما يقوض من عمل الحكومة الانتقالية داخل ليبيا خلال الأسابيع الأولى لها، بدءا من عمليات القتل الانتقامية وصولا إلى لانقطاع التيار الكهربي وكيفية إدارة الصرف الصحي.

وترغب قيادات الثوار ومن يدعمهم في الغرب في تجنب حالة الفوضى التي تلت سقوط بغداد عام 2003، ولذا قاموا بالتخطيط قبل خمسة لأشهر لما بعد هزيمة معمر القذافي، قبل أن يتضح كيف يمكن تحقيق ذلك وما إذا كان حاكم ليبيا المستبد سيسقط أم لا.

ويواجه تخطيط الثوار لمرحلة ما بعد الانتصار اختباره النهائي، إذ يسعى المجلس الوطني الانتقالي إلى التأكيد على سلطته وسط حالة من الفوضى داخل عاصمة ما زال القذافي يزعم أنها له وتقاتل فيها ما بقي من قواته الأمنية. ويقول مسؤولون أميركيون إن النتائج حتى الآن مشجعة. ولم ترد سوى حالات قليلة من التدمير المتعمد. ولكنهم يقرون بأن التطورات تعتمد على ظروف يصعب التنبؤ بها.

وقال جيفري فيلتمان، الدبلوماسي البارز بوزارة الخارجية الأميركية والمسؤول عن شؤون الشرق الأوسط، يوم الأربعاء، بينما كان ينتقل بين اجتماعات في ليبيا والدوحة: «نحن في مرحلة انتقالية هامة حاليا. وتوجد الكثير من التحديات، ويمثل الأمن أول هذه التحديات».

وفوجئ دبلوماسي أوروبي مشارك في المحادثات بشأن السياسة التي يجب تبنيها داخل ليبيا بتفاصيل «ما يجب أن يحدث ومن يجب عليه القيام به». وقال المسؤول الذي أصر على عدم ذكر اسمه خلال حديثه هذا عن هذه النقاشات الدبلوماسية: «الكثير من التخطيط تم بالفعل، والآن ينتظر الجميع تنفيذ ما خطط له».

وبدأ التخطيط لليبيا ما بعد القذافي، الذي وصف في مقابلات مع مسؤولين أوروبيين وأميركيين، في منتصف مارس (آزار) قبل موافقة الأمم المتحدة على التدخل العسكري تحت قيادة الناتو في ليبيا. وبدأ دبلوماسيون ومسؤولون أمنيون تحديد النتائج المحتملة لما كان حينها من صراع من جانب واحد بين قوات ليبية قوية ومدربة جيدا ومجموعات غير منظمة لمحتجين معارضين للحكومة.

وفي ذلك الوقت، كانت السيناريوهات المحتملة تتراوح ما بين انتصار للقذافي أو ظهور ليبيا منقسمة على نفسها دائما، مع سيطرة الثوار على القليل من المحافظات الشرقية، بحسب ما ذكره مسؤولون أميركيون. وبعد أسابيع، أعطت مقاتلات الناتو للثوار مساحة ليعيدوا تجميع صفوفهم، ولذا بدأ المخططون يفكرون جديا عن مستقبل ليبيا تحت سيطرة الثوار.

وبدأ مسؤولون أميركيون وبريطانيون بصورة مستقلة تحديد تصورات مستقلة لكيفية سيطرة تحالف الثوار على دولة بها انقسامات جغرافية وقبلية. وفي نهاية أبريل (نيسان)، ومع سفر مبعوثين غربيين إلى بنغازي للاجتماع مع المجلس الوطني الانتقالي، أصبح واضحا أن الحركة المعارضة تعمل بالفعل على نفس القضايا. وقال مسؤول بارز في إدارة أوباما شارك في الكثير الاجتماعات: «كانت التركيز منصبا على مشاركة الجميع والبعد الأمني واستعادة النظام المدني». وجاء في مرتبة تالية، ولكن على نفس القدر من الأهمية، تقديم الخدمات الأساسية وإعادة بدء الاقتصاد. وقال المسؤول: «كانت أمام هذه الأشياء مخاطر وتحديات خاصة».

وفي مطلع فصل الصيف، كان هناك دبلوماسيون يسافرون بصورة دورية إلى بنغازي والدوحة بمقترحات ومقترحات مقابلة بخصوص العشرات من المهام المحددة. ومن بين هذه الأشياء: كيف سيتمكن الثوار من استعادة الكهرباء في طرابلس إذا تعطلت محطات كهرباء هامة؟ وكيف سيتم تخزين إمدادات الغذاء وتوزيعها؟ وكيف سيحصل الموظفون الحكوميون داخل ليبيا على رواتبهم؟ وكيف سيحصل المواطنون على الوقود اللازم للمنازل وتشغيل السيارات؟

وجاءت فكرة إرسال رسائل نصية في وقت سابق من المحادثات حول كيفية تهدئة الأوضاع داخل طرابلس في الساعات التالية لتحريرها، إذ لربما يشعر بعض سكان العاصمة بالقلق إزاء نيات الثوار، ويحاول آخرون الهجوم على محطات الشرطة وأشياء أخرى ترمز إلى قمع القذافي، بحسب ما ذكره المخططون.

وقال مسؤول آخر في الإدارة الأميركية: «كان بعث الرسائل المهمة الأولى، فبالأساس يحتاج الثوار إلى أن يقولوا (نحن هنا) و(نحن جميعا ليبيون) لطمأنة مواطنين نشأوا في ظل حكم القذافي».

وكان يحظى الجانب الأمني بنفس القدر من الأهمية، ولذا كلف بعض الثوار بعمل دوريات في المناطق المحررة حديثا لحمايتها ضد أعمال العنف والنهب. وبدأت الدوريات في طرابلس يوم الأحد، ولكن واجه عملها صعوبات بسبب القتال المتقطع والحديث عن وجود القذافي.

وقال الدبلوماسي الأوروبي: «العثور على القذافي والتعامل معه شيء مهم. وبمجرد أن يحدث ذلك، أعتقد أن كل الليبيين سيمكنهم التحرك. وإذا ظل براحته، سيبقى يطرح تهديدا أمنيا وسيمثل نقطة تجمع لأنصاره ولأفراد النظام القديم».

وتكتسب بعض المهام، مثل توزيع الطعام، أهمية لوجيستية، وتتطلب هذه المهام موارد ودعما من هيئات دولية، منها الأمم المتحدة. ولكن التعامل مع الأمم المتحدة يكتنفه تعقيدات، الكثير منها قانوني. وعلى الرغم من أن مسؤولي الأمم المتحدة مستعدون لإقامة بعثة في طرابلس، فإنهم في حاجة إلى طلب رسمي من الحكومة الجديدة. وليحدث هذا، يجب أن يعلن المجلس الوطني الانتقالي نفسه كحكومة جديدة في طرابلس.

ويتابع المجلس الأوروبي ومجلس أميركا الشمالية التابع للناتو تقدم الثوار لتعديل الخطة الموضوعة للمرحلة الانتقالية وفق الحاجة. ويخطط مسؤولون من مجموعة الاتصال الدولية الخاصة بليبيا الاجتماع يوم الخميس في إسطنبول لتنسيق جهودهم، ومن المخطط عقد اجتماع وزاري الأسبوع المقبل في فرنسا. ومع الإقرار بأن الكثير من الأشياء ربما تمضي في الطريق الخطأ، قال مسؤول بالناتو إنه مما شجع التحالف أن أعمال العنف والانتقام قليلة «نسبيا» في المناطق الخاضعة لسيطرة الثوار بمختلف أنحاء الدولة.

وقال مسؤول الناتو: «من الواضح أن المرحلة التي نمر بها حاليا حساسة نوعا ما، ولكن هناك الكثير من الدعم الدولي ومقدارا كبيرا من التنسيق الدولي».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص
الشرق الاوسط

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..