( ادرووب )… الفزيوزى

( ادرووب )… الفزيوزى
منتصر نابلسى
[email][email protected][/email]
ادروب بروحه المرحة البسيطة ،ونفسه المستللطفة النكات، المعبرة بلسان جمال الانسان البيجاوى،الغنى بالنوادر والمرح ، فادروب تميزه سرعة البديهة وحدة الذكــاء ، وخفة الظل الذى يستطيع ان يحول كثير من المواقف التراجيديا الى كوميديا ضاحكة، ومواقـــف طريفة ولطيفة وساخرة.. وهو ايضا يحمل قلبا وثايا وجريئا الى المعـالى والتمــــــيز والاعتــــزاز بشخصيته…. ومنذ حقب تاريخية قديمة اشتهر الادروب بالشجاعة والاقدام… فلايعرف عنــد الشـدائد الخوف والتجاين والخضوع… ولا تنسى صفحات التاريخ شجاعة البطل عثمان دقنه ومواقفه البطولية المشهــــودة، ضد المستعمر الغاشم، وقيـــادته المحنـــكة والذكية للبجــــة وصمودهم وثباتهم وهم يحاربون واسلحتهم انذاك السيوف والحراب، بينما الجيش البريطانى قد تدجج لهم بالمدافع، وشتى الانواع الاسلحة النارية الفتاكة ، وهذا الصمــــود االفريد منهم جعل الغرب يعترف يقوة شكيمتهم وصلابتهم وشدة باسهم وعزيمتهم ، التى دحـــرت قـــوات الجيش الانجليزى، وتمكنوا من الحاق الهزائم بالانجليز… فما كان من شاعر الامبراطورية البريطانية التى لم تكن تغيب شمسها…. روديارد كيلنج Kipling Rudyard الا ان كتب قصيدة ظلت خالدة تحكى للتاريخ مايتميز به المقاتل البيجاوى، وكيف يدافع عن تراب وطنه
واسمى القصيدة فزيوزى fuzzy wuzzy وترجمها صديــقى الاديب الاستاذ/ ابراهيم احمد شلية، متعه الله بالصحة والعافية ….الى اللغة العربية …….ولطول هذه قصيدة الرائـــعة اخترت مقاطع منها:
كانت لنا صولات حـــرب جمة عبر البحار
مع كثير من رجال منهم الشجاع والجبان
تعاركنا مع البيتان والزولو والبـــورميين
فكـــــــان اروع المقاتلين ذلك المــــــغوار
الاجعد اللبنى الشـــعر ( الفزيـــــــــوزى)
فقد عجــــــزنا ان نفت مــن صمــــــــــوده
اذ كان رابضا لنا يندس فى سواتر الاشجار
ليعقر الخيــــول منا بغتـــة ويستبيــــــح
ساحة الحـــــراس فى سوالكن المحصنة
يعابث الحنود مثل قطة تداعب الاوتـــــار
لذا نهديك صادق التحايا فى بلادك السودان
ان كنت فى الحيـــــاة يائسا وجــــــــــــاهلا
فانت فى الحــــــــروب قمـــــة الفـــــــــخار
اليكــــــها شهـــــــــادة الابلاء فى المنازلة
وان اردتـــــــــها ممــــــــهورة باســـــمنا
نعطيكـــــــها من الاعجـــــــــــاب فى اطار
فان جنحت للتصـــــــخاب والمـــــــــراح
فننا نتـــــــوق منك طيب الوصل والجوار
لك الاكبــــــار انت والصبـــــية الصـــغار
تحية نســــــوقها فى قالب اعتـــــــــــذار
فانت رغم فارق الصراع بين شفرة ونار
كسرت حاجز المربـــــع المنيع فى اقتدار
هذا المقـــــــــــاتل المهيب
لا يحمل الوثائــــــق الشخصية المميزة
لذا نعــــــــطيه ما استحق من شــــهادة
على مهـــــارة القتـــــــال
لذا نزجى اليك مدحا فى بلادك السودان
فانت فى الحياة معـــــدم وجــــــــــــاهل
ولكن فى الحـــــــــروب قمة الفــــــخار
نهديك هاهنا تحية يا اشـــــــعث الاهاب
يامن حكى وعاء التبن راسه الدهين بالغبار
وانت الاســــــــود الوثاب الساغب الحشا
لانك اقتحــــــمت صف الانجليز فى اقتدار
وقيل ان شهادة عدوك بمحاسنك اكبر من شهادة حليفك، فالاول يرى بعين الحقيـقة المجــردة التى لامراء فيها… ولا نفاق ،وعندما تنطلق هذه الكلمات المعبرة ،من قلب شاعر يدين لوطنه بريطـانية بالولاء ويتحدث بلسان الخصم عن روعـــــــة الادروب ? البيجاوى ويســـــالته … وصلابة الانسان السودانى عموما .. وهذه القصيدة بروعتها ووضوحها ملحـــمة شعــــــرية وشــــــهادة صادقة، ووثيقة باقبة ومعتمدة ، تبقى لكل الاجيال تحكى عن المواقـــف البطولية التى كتبها الاجــداد بمداد من نور كحقيقة مائلة لن تندثر ولن تموت حتى لو تناسيناها نحن… فاين موقــــعنا اليـوم من صدى حضاراتنا… وهذه الانتصارات الخالدة …..التى تحكى بصدق وشفافية من تاريخنا…حضاراتنا ….ومجـــــدنا الافل والمنسى … والمجنى عليه ….
أنا شخصيا تضايقني كلمة (أدروب) هذه والتي تطلق علي كل بجاوي وتذكرني دائما بكلمة (زول) التي يطلقها المصريون علي كل سوداني والكلمتين فيهما شئ من الإستحقار والسخرية وتقليل الشأن.. فلما لا نسمي أهلنا البجا بأسمهم (فبجاوي) أفضل من (أدروب).
الانسان البجاوي يعاني كل البؤس على تعاقب الحكومات و في النهاية يلقى التندر و السخرية من ابناء جلدته، أدروب قال و أدروبات عملوا و مش عارف إيه. أيام نميري زار وفد من جنوب السودان بعض مناطق الشرق فلما راوا البؤس ، تساءل أحد أعضاء الوفد: إنتو ليه قاعدين ساكتين كدة؟ فرد عليه أحدهم بطرافة و الظرف الذي عرف به الجنوبيون: ديل ما عندهم غابة!!!!!!!!!!!