روسيا تُجدد دعم حفتر: «المعركة مع الإرهاب لم تنته»

تونس: رشيد خشانة:
جددت روسيا بمناسبة زيارة المشير خليفة حفتر إلى موسكو، تأييدها لحل سياسي في ليبيا، واعتبرت في تصريحات أدلى بها أمس وزير خارجيتها سيرغي لافروف، أن الحل يأتي عبر «عقد حوار بين الأطراف الليبية الرئيسة لكي يمكنهم التفاوض حول مستقبل بلدهم بأنفسهم». ويتسق هذا الموقف مع حرص روسيا على دعوة الفرقاء الليبيين إلى موسكو، في زيارات منفصلة، لبحث التوصل إلى «اتفاق مقبول حول سُبُل تطبيق اتفاق الصخيرات»، بحسب لافروف، ومن هؤلاء رئيس حكومة الوفاق الوطني فايز السراج ورئيس البرلمان عقيلة صالح ورئيس مجلس الدولة عبد الرحمن السويحلي.
وخلافا لأنباء راجت عن احتمال عقد لقاء جديد بين السراج وحفتر ترعاه روسيا، أسوة بالاجتماع الذي رعاه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في باريس، اتضح أن زيارة حفتر للعاصمة الروسية كانت ترمي للمطالبة بمزيد من الأسلحة الروسية بعنوان «استكمال المعركة مع الجماعات الإرهابية». وبدا لافروف في تصريحاته أمس مُقتنعا بأن المعركة مع الإرهاب في ليبيا لم تنته، ما يعني أن موسكو ستمنح حفتر فرصة جديدة لاستقطاب التأييد الروسي، السياسي والعسكري، بوصفه الوحيد الذي يملك قوة عسكرية كفيلة بمحاربة الجماعات المسلحة، وبخاصة تنظيمي «الدولة» و»أنصار الشريعة»، والقضاء عليها.
ويأتي الدعم الروسي الجديد لقائد الجيش المعين من برلمان طبرق المشير حفتر في مثابة تأييد للحصار الذي تضربه قواته على مدينة درنة (شرق) بعنوان «تطهيرها من العناصر المتطرفة»، وهو حصار أثار احتجاجات في داخل ليبيا وخارجها لانعكاساته السلبية على السكان المدنيين.
ويسعى حفتر لإقناع موسكو بتجديد أسطوله من الطائرات الحربية وتأمين تحديث التجهيزات والعتاد الحربي لقواته، من أجل البقاء في مستوى متفوق على جميع التنظيمات المسلحة الأخرى في ليبيا. لكن الروس يشعرون بأن العملية معقدة، لأنهم حريصون على عدم الظهور بمظهر الدولة التي تخرق قرارات مجلس الأمن التي تحظر إرسال أسلحة إلى ليبيا. وأفادت مصادر روسية أن حفتر كرَر هذا الطلب في اجتماعه أمس مع وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو في موسكو، في سياق عرضه لحاجات قواته من السلاح والعتاد، لكنها لم تُوضح فحوى الرد الروسي على الطلب. وكان حفتر قدم الطلب نفسه إلى السلطات الروسية في زيارته الثانية لموسكو في أيلول/ سبتمبر الماضي. وكانت روسيا استقبلت نحو سبعين جنديا جريحا من عناصر جيش حفتر في شباط (فبراير) الماضي لعلاجهم في مستشفياتها. وتعهدت موسكو باستقبال 500 جريح إضافي في مستشفياتها، مُبدية استعدادها لاستقبال عدد أكبر من الجرحى، تنفيذا لاتفاق توصلت له مع حفتر، على ما قال الناطق باسم الجيش الليبي محمد غانم. ويندرج هذا الدعم في إطار الموقف الروسي المؤيد لحفتر في مواجهة خصومه، والذي يحظى أيضا بدعم مالي وعسكري من الإمارات ومصر والسعودية والأردن.
واعتُبرت هذه العلاقات المتطورة بين حفتر وموسكو محاولة من روسيا لاستعادة نفوذها في ليبيا، التي خرجت منها بعد انهيار نظام حليفها معمر القذافي. وعزت تلك الخسارة إلى كونها وقعت في مقلب العام 2011، لما امتنعت عن استخدام حق النقض لمنع إصدار قرار مجلس الأمن الرقم 1973 الذي أجاز الدفاع عن المدنيين الليبيين، وتحوَل لاحقا إلى مبرر للهجمات الأطلسية على كتائب القذافي. لذا فهم يعملون اليوم جاهدين لاستعادة مواقعهم السابقة. وراهنوا على قائد الجيش المعين من البرلمان المشير خليفة حفتر لكي يعيدوا إحياء الشراكة القديمة ويكسبوا مناطق نفوذ في ليبيا ما بعد القذافي، إن على صعيد صفقات إعادة الإعمار أم على صعيد صفقات السلاح.
«القدس العربي»