صلاح حاج سعيد .. فواصل الزمن البهي (قمر الزمان)

بسم الله الرحمن الرحيم
صلاح حاج سعيد .. فواصل الزمن البهي (قمر الزمان)
عروة علي موسى
[email][email protected][/email]
يحاول صلاح حاج سعيد في هذه القصيدة تحديداً ربط الزمان الآني بزمان مضى ، فكل زمان يعكس ما عاشه الشاعر من تجارب على مستوى الرؤية والملاحظة اليومية في الشارع العادي ، ليخلق لنا المقارنة مُركِّزاً على حدث سيخلق فضاءً من الانتظار لمعرفة تفاصيل ما حدث ، عندما قابل شاعرنا تلك الفتاة (قمر الزمان) وكيف أنها استحوذت على مشاعره برهة من الزمن ، ولكن بفهم متغير ، ليس الغرض منه ما يعرف الناس وينتظرون ، ولكن هو خلق جدلية في واقع الحياة وتشخيص جدلية الحدث الماثل أمامه ، وكيف أن هذا الحدث مختلفاً عما يزخر به الشارع من أحداث متنوعة ومتعددة ! والجدير بالذكر، أن الزمن الآني والزمن الماضي لدى الشاعر متداخلان، متمازحان، حاضران حضوراً له تأثير في سيكولوجية الشاعر ، وذلك لسبب بسط هو أن الشاعر عايشهما معاً ، فيكون مقبولاً تناول أحداهما برفقة الآخر ، وعقد المقارنة بينهما.
فزمن وقوع الحدث (ظهور قمر الزمان) جاء في لحظة كان الشاعر لا يكاد يصدق ما يجري حوله من أحداث في سرعتها ، وفي تطورها ، وفي شخوصها ، وكيف أن الأنثى في هذا الزمان خلعت ثوب الحياء وبدأت أكثر جرأة …
والزمن الماضي (زمن قمر الزمان) يضم جانباً كبيراً من حياة البنت الرزينة ، وطريقة تعاملها مع الحياة ، ومع الرجل عموماً ، تغض الطرف ، وتتريث في مشيتها ، أنثى فحسب ، على حد تعبير شيخنا الراحل المقيم ـ رحمه الله ـ الطيب صالح .
ثمة زمن دلالي ، وهو الزمن السيكولوجي لشاعرنا ، والذي يحاول فيه ، وعبره خلق تقاطع ما بين الزمن الآني والماضي ، وهذا بالتأكيد تسيطر عليه الحالة النفسية للشاعر ، الذي يفتش عن نسمة في الزمن العذاب ليعالج بها تضاريس الأسى الذي عملته في نفسه ليالي المهاجر ، والرحيل المر !
صمتَ الظاهر ، وتحركَ الداخل وفق منولوج نشِطَ في دواخل شاعرنا ، فكتب لتلك البنت / الحدث الجديد الفريد وسط ما يرى الشاعر في حاضر أيامه ، فكان لا يعبه ، فالشيء المموج لا يحرك دواخله ولا يدفعه لنظم القصيد ، ولكن هذه المرة جاءت (قمر الزمان ) فوجد الشاعر نفسه مدفوعاً بسيل من المفردات الشاعرية الراقية ، والإحساس النبيل ، القادم من دواخل شاعر مرهف ، ليس لأن الأمر فيه بعض حب أو محض عاطفة ، وإنما هو تأكيد بأنه اختار أجود فواصل نادرة في الشعر لقمر الزمن الآني / الحالة النادرة ، فهو الشاعر العارف قدر نفسه ، فليس ما جاءه من قصيد قصد به التقرب ، أو اللهو ، بل هو صادق في القول والبوح الفصل ، لأن (قمر الزمان) بطلتها البهية أعادت الزمان القهقرى ، فبدأت صورة (قمر الزمان) في الزمن السحيق كأنها ماثلة أمامه ، فجاء شعره ممثلاً حالة خاصة ، ومشهد غريب إذ أن الحدث الماثل أمامه لا يهمه بقدر ما أعاد له توازن النفس ليكتب بين زمنيين لشيء ماثل زاهد فيه ، ولشيء مضى هو الآن ملء البال ، وملء الخاطر حفظته الذاكرة ، ويحدوها أمل العودة الحثيث للزمن القديم ، وكأن الأطياف من حوله لشخوص الذاكرة تقف أمامه وترهف السمع لما يقول :
(كتبت ليك لا بيني بينك
ريده ولا قصة غرام
كتبت ليك وأخترت ليك
أصدق حروف واجمل فواصل
نادره في لغة الكلام
لا قصدي ألهو معاك بكلمات
غناء ولا شعري ليك
مرجيحه من شعر الغمام
كتبت ليك والله يا قمر الزمان
شان جيتي بي زمن المحنه
وشفت في عينيك حس أهلي القدام
كتبت ليك وانا جاي من زمن الشقا
المرسوم علي وش الثواني مظلله
تتمدد الساعات سنين
وتتفتح الاحزان غريقه ومزهلا
وأشتاق أفتش نسمه في الزمن العذاب
وايامي من كتر الاسي
وكتر العزوف والاغتراب ) .
تبدو القصيدة ، وكأنها سرد قصصي يتحدث عن الذات ، ويروي الأحداث ( الماضية والآنية ) ويقارن بينها ، ويتخذ من (قمر الزمان ) مطية لعبور مطبَّات ما أحدثته حياة العصر ، فاتخذ الشاعر طريق الخطاب بالضمير السارد (أنا) الذي يمتزج أحيانا مع حركة الحدث ، فيصير هو الحدث ذاته ( تتمدد الساعات سنين .. وتتفتح الاحزان غريقه ومزهلا .. وأشتاق أفتش (أنا) نسمه في الزمن العذاب ) ، ويتحول أحيانا أخري إلي ضمائر تكشف عن الذات الساردة (يا قمره اقلبي السوسنه الحمراء .. وشوفي شليل ليه ما جاء) .
وفي المقطع الأخير أعلاه يعمل الشاعر على استلهام البعد التراثي (حُجا الجدات) والعمل على محاولة بعثه من جديد ، وطرحه كخيار لحل معضلة الزمن الآني ، ويمكن اعتبار ذلك التناص ليس مجرد استحضار لأصوات ، ومواقف ، وأحداث تراثية ، ولكنه السعي لجعله دلالة إسقاط تعبر عن رؤية الشاعر لما يحدث أمامه .
(صارت حروف مترهلا ولحظات اسيفه ومهملا
كتبت ليك ووقفت ليك
لمن لقيتك جايه في قلب الطريق
ولمحت فيك ريحة المشاوير البعيده
ولفحة النسمه الحنينه
الجايه من جوف المضيق
حسيت عجائب الدنيا أتلمت
بقت جايني من عصراً سحيق )
لا شك أن الشاعر في هذا البوح الشفيف أعتمد على المفردة الساحرة، التي تعطي إيحاء بالجو الشعري لخلق رابط ما بين المتلقي وبين ما يريد أن يصل إليه الشاعر ، فجاءت المفردات جاذبة ومشجعة في إعادة إنسان الزمن الآني ليشارك الشاعر صراع الذات/ الأنا مع الواقع المعاش ، ومحاولة الإنعتاق ، عبر دعوة الشاعر للعودة لأيام الزمن البهي الذي استعاده الشاعر في اللاوعي عبر قصيدته ، لينقلنا الشاعر من إطار الشعرية إلي مجال نقد الزمن الآني ، ليجسد لنا حالة المجتمع المعاصر مستنداً على ما له من عادات مجيدة ، وأساليب حياة فريدة ، ويبقى السؤال ، سؤال ( قساوة الزمن المكهرب بالحريق ) موجهاً للواقع المعاش وما حصل فيه من تحول . من أجل ذلك عمد الشاعر إلى تقديم روشتته عبر نصه الشعري ، فجعل من زمن (الحبوبات) مرجعية لأيام الصفاء والنقاء ..
(عينك حس أطفال بينادو
القمره للغائب يعود
وجبينك الضواي حُجا
الحبوبه للزمن السعيد
يا قمره اقلبي السمسمه الحمراء
وشوفي شليل ليه ما جاء
وانا في قساوت الزمن المكهرب بالحريق
وانا حيلتي ايه
يا قمر الزمان غير أنتكي
وأحضن معاك أماسي
الصحوة والأمل البريق ) .
عروة علي موسى ،،،
كتر خيرك ياعروة لكن دايما وابدا جمال القصائد الحقيقي منطوي داخل سحر عدم وصول مدي المعاني
لدي المتلقي خاصة في مقاصد الشاعر ممايجعل مسافة أرحب لروعة التخيل في زهن المتلقي خصوصا لو
ارتبط المكتوب باحساس ملحن وجمال مؤدي مما يضطفي عليها مساحات أرحب للشجن بعد اسقاطها علي الحالات المختلفة من المتلقين . لذا أعتبر ان مثل هذاالتحليل يمثل جهدالمقل إن لم يكن المخل
وذلك لإسقاط حالة الشاعر والمتلقي في وجه نظر واحدة وهي خاصتك ممايجعل موضوع النقد في حالة ظلم غير مقصود بالضرورة . فياعروة خلينا نسرح في أحلامنا الوردية .
ولك العتبي حتي ترضي ,,,,,,,,,,,,,,,.
ياخى خلينا سرحانين مع قمر الزمان من 1993 والى ما لا نهاية وما تشرح لينا معانى القصيدة التحفة دى.. خلى اى واحد يشطح بى خيالو مع الفنان المبدع مصطفى سيدأحمد والشاعر الرقم صلاح حاج سعيد