الامل في تحول السودان الي افضل

التحكم المخزني في جميع مفاصل الحياة السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، كما يعرف وضعا مترديا، يجعل الأمل في أي تحول إلى الأحسن، غير واردة، كما تؤكد على ذلك السياسة الحكومية، لحكومة المؤتمر الوطني الذي يحرص من خلال ترؤسه للحكومة، على تحقيق غايات معينة، تتمثل في:
1ـ خدمة مصالح الطبقة الحاكمة، ومن يدور في فلكها، وكبار المستغلين، والوزراء، والبرلمانيين، وكبار الموظفين، ورؤساء الجماعات الترابية: المحلية، والإقليمية، والجهوية، وكل أعضاء المكاتب الجماعية، وغيرهم، ممن يساهمون بشكل كبير في استغلال نفوذهم، لنهب ثروات الشعب السوداني.
2 ـ إنهاك قدرات الجماهير الشعبية الكادحة، وفي مقدمتها: العمال الذين أصبحوا بحكم ما تقرره حكومة الاخوان معنيين بتقديم المزيد من التضحيات، المتمثلة في الجمود الذي تعرفه الأجور، وفي الارتفاع المستمر، بدون حدود مرسومة، للمواد الاستهلاكية، بما فيها فواتير الماء، والكهرباء، اللذين صارا يشكلان غولا، يصعب التخلص من تأثيره، في الحياة الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، لكونه تحول إلى عامل إضعاف للقدرة الشرائية لعموم الكادحين.
3ـ التحكم في المنافذ التي يتسرب منها أبناء الشعب السوداني إلى وظائف الدولة، في مختلف القطاعات، حتى تبقى تلك الوظائف محتكرة لمن يرونه مناسبا لهم، للإيغال في التنكيل ببنات، وأبناء الشعب السوداني حتى يفقدوا القدرة على مواجهة متطلبات الحياة.
4 ـ رهن الدخل الوطني القائم، على أساس تضحيات كادحي الشعب السوداني، عمالا، ، وفلاحين فقراء، ومعدمين، وتجارا صغارأ، في خدمة الدين الداخلي، والخارجي، الذي تضاعف في عهد حكومة الاخوان بشكل مهول، أنها ستعمل على محاربة الفساد، وإحالة كل الفاسدين، الذين سماهمو في نهب اموال الشعب وقال في حقهم عفا الله عما سلف.
5ـ الرفع من قيمة الضرائب المباشرة، وغير المباشرة، التي تقف وراء الزيادات المتوالية في اسعار المواد الاستهلاكية، وفي النقل، وفي قيمة الأرض، وفي قيمة المحروقات المختلفة، وغير ذلك، مما يجعل تقدير الأضرار، التي تلحق الشعب السوداني، من الصعوبة بمكان.
6 ـ نهج مجموعة من الخطوات الهادفة إلى إلغاء صندوق التعاونيات بصفة نهائية، حتى يبقى المواطن في مواجهة مباشرة مع ارتفاع الأسعار، في جميع مواد الاستهلاك، وفي تقديم جميع الخدمات، التي تصير مخوصصة، لتحويل المواطن البسيط، إلى عامل من أجل خدمة الرأسمال الذي لا يرحم أحدا، ما دام الهدف هو تحقيق المزيد من الأرباح، التي تصب في حسابات الرأسماليين.
وهذه الغايات، التي تحققها حكومة الاخوان التي تعتبر الحزبه الأصولي المحافظ، مؤدلجا للدين الإسلامي، وموظفا له في الأمور الأيديولوجية، والسياسية، ووصيا عليه ومستغلا صلاحياته البئيسة لشراء ضمائر الشرائح المهمشة، وخاصة النساء الأرامل، إما عن طريق جمعيات حزبه الإحسانية، الممولة من جهات خارجية، والتي توزع، سنويا، مئات الملايين، لضمان ولائهم لحزب المؤتمرالوطني في أي انتخابات تجري على المستوى الوطني، ولصالح مرشحيه، دون أن يقول أحد: إن ما يمارسه حزب المؤتمر الوطني، إنما يعبر عن عمق الفساد السياسي، على مدار 25سنة، في الوقت الذي يمتنع فيه عن تشغيل المعطلين، من حاملي الشهادات.
ومعلوم أن هذا التردي الذي يعرفه السودان في مستوياته الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، يوازيه ضعف اليسار السوداني، وتشرذمه، كأحزاب، وكتوجهات، نظرا لغياب الوحدة الأيديولوجية، التي يترتب عنها غياب الوحدة التنظيمية، المنتجة للتشرذم التنظيمي، المنتج بدوره للاختلاف، والخلاف، في اتخاذ المواقف السياسية، التي قد تتناقض فيما بينها.
فمنابع اليسار الأيديولوجية في السودان شبه معدومة، مما يجعلها لا تعكس بالضرورة التعبير عن اهتمامات الجماهير الشعبية الكادحة، وطليعتها الطبقة العاملة، التي لا يمكن أن تنهض إلا بنهوض اليسار، الذي لا يمكنه النهوض بدوره إلا على أساس وحدة أيديولوجية. والوحدة الأيديولوجية لا يمكن أن تتحقق في صفوف اليسار، إلا بالانطلاق من اعتماد المنهج الاشتراكي العلمي، الذي يكاد الحديث عنه يغيب في صفوف حزب اليسار. والمنهج الاشتراكي العلمي، يتمثل في اعتماد قوانين المادية الجدلية، والمادية التاريخية المتطورة. وهذه القوانين العلمية المتطورة باستمرار، هي التي سوف تقف وراء العمل على قيام وحدة تنظيمية، تدمج في إطارها كل مكونات اليسار. والوحدة التنظيمية المتحققة، هي القادرة وحدها على إنتاج المواقف السياسية المعبرة عن اهتمامات الجماهير الشعبية الكادحة، وعن طموحاتها في التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية.
واليسار عنمدما يتحول إلى أداة، بوحدة أيديولوجية، وتنظيمية، وسياسية، يتحول إلى يسار منظم، في بوثقة واحدة: أيديولوجية، وتنظيمية، وسياسية قوية، تستطيع قيادة الصراع في مستوياته الأيديولوجية، والتنظيمية، والسياسية، ذات البعد الطبقي، الذي لا يكاد الحديث عنه يطرح في الميدان، الذي امتلأ بأشكال الصراع المصلحي: الفئوي، أو الفردي، ليصير البعد الطبقي في الصراع غائبا في النظرية، والممارسة.
والنهوض باليسار، يقتضي فتح حوار عميق بين مختلف المكونات اليسارية، حول الأيديولوجية، والتنظيم، والسياسة، وصولا إلى إيجاد قواسم مشتركة، بين مختلف المكونات، يمكن اعتمادها في البرنامج المشترك.
وفي هذا الإطار، فإن المطروح الآن، هو ضرورة التمييز بين اليسار الواقع، و(اليسار) المدعي.
فاليسار الواقع هو الذي ينحاز جملة، وتفصيلا، إلى الشعب السوداني، وإلى عموم الكادحين.
هل يتمكن الشعب السوداني من السيادة على نفسه، حتى يتمكن من تقرير مصيره الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي؟
هل تعمل على وضع حد للاستغلال الأيديولوجي، والسياسي للدين الإسلامي، في أفق تحييده في العملية السياسية، حتى يصير ما لله، لله، وما للبشر، للبشر، التزاما بالإعلانات، والمواثيق، والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان؟

[email][email protected][/email]
زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..