في الاحتفال باليوم العالمي لمكافحة المخدرات .. الشباب يمثلون 9% من المتعاطين والجامعات سوقها الرائج

تحقيق : تهاني عثمان
يعاني السودان من زيادة عدد المتعاطين للمخدرات وتجاوزه لكونه دولة معبر للمخدرات الرقمية الحديثة الي دخوله مرحلة المستهلك ما زاد من الطلب ومن ضرورة توسيع رقعة المكافحة ، وفي العام الماضي استطاعت المجهودات المشتركة علي رأسها الادارة العامة لمكافحة المخدرات من مداهمة مزارع الحشيش « البنقو » في منطقة المردوم بولاية جنوب دارفور وابادت مزارع الحشيش قبل مرحلة النضج وفرضت سيطرتها علي المنطقة ، ولكن في الافق اسواق جديدة تتمدد لتجارة المخدرات الرقمية اوالحديثة والتي تعتمد علي استخدام عقاقير « الكبتاجون ، الترامادول و الأكزمول » ما اصطلح تسميته « بالخرشة » ، ولكن علي الرقم من ضبطياتها المتواصلة الا ان المعدل لا تمثل سوى 10 % من جملة المخدرات التي تدخل البلاد ، تغيب عنها الاحصائيات الدقيقة كما تغيب احصائيات المدمنين لها .
يوما عالمي :
ومن اجل التبصير بمخاطر المخدرات علي جسم الانسان تم تخصيص يوم 26 يونيو من كل عام ليكون يوما عالميا لمكافحة المخدرات لما لها من مخاطر جسيمة تهدد العالم، وتمثل ظاهرة تلقى مقاومة شديدة من الحكومات لمنع انتشارها. ويهدف هذا اليوم إلى توعية المجتمعات بالمقصود بمعنى الإدمان، وأضراره، وكيفية التعرف على أعراضه والعلامات التي تظهر على متعاطي المخدرات، والتبصير بما يجب إتباعه لتفادي الوقوع في هذا الخطر الكبير وكيفية الوقاية من انتشاره عن طريق التنشئة الاجتماعية السليمة وتلبية احتياجات الشباب في وقت مبكر يتناسب مع نموهم الفكري والجسدي.
السودان ومر الجوار :
سبع دول في الجوار حدود شاسعة وممتدة لا تعترضها تضاريس او عوائق طبيعية جعلت من السودان عرضة لاتساع رقعة تهريب السلع المتنوعة ، والتي طالت حتي البشر ، بينما تظل المخدرات احد تلك المهربات التي لا تزال تقلق مضجع السلطات والمجتمع
وتبلغ مساحة السودان قرابة مليوني كيلو متر مربع، ممتدة على حدود برية مع 7 دول، تشهد أنحاء واسعة منها، عمليات تهريب لسلع متنوعة.
عصابات المافيا العالمية :
قال المتحدث الرسمي باسم الحكومة ووزير الاعلام باسمها الدكتور أحمد بلال عثمان ، في المؤتمر الصحفي الذي عقد بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة المخدرات إن عمليات ضبط المخدرات لا تمثل سوى 10% من النسبة التي تدخل البلاد ، واتهم بلال عصابات المافيا العالمية بالتورط في عمليات انتشار المخدرات بالبلاد في حين لم يكشف عن أي ارقام بهذا الخصوص ، وأضاف بلال أن الشباب يمثلون 90 % من مجموع المدمنين في البلاد، خاصة المنحدرين من أسر تتمتع بدخل «مرتفع».
مخدرات ومدمنون :
وطبقا لإدارة مكافحة المخدرات فإن شريحة الشباب تتعاطى البنقو او الحشيش بالاضافة الي العقاقير الطبية مثل «الكبتاجون و الترامادول و الأكزمول » المعروف محليا بــ« الخرشة»، ويتم تناولها بجرعات عالية تترواح ما بين 200- 300 مليجرام.
وفي تصريح سابق لمدير مركز حياة للعلاج والتأهيل النفسي والاجتماعي، حياة شبو، صرحت فيه بان المركز استقبل « 1500 » مدمن مخدرات خلال 3 سنوات فقط.
حشيش الردوم :
حملة كبرى قادتها ادارة مكافحة المخدرات لحظيرة الردوم بولاية جنوب دارفور علي الرغم من صعوبة تضاريس المكان الا ان الخطة المدروسة التي سبقت عملية الابادة كان لها الفضل في انجاح عملية ابادة مزارع البنقو حيث شاركت في الحملة قوات الاحتياطي المركزي وطيران الشرطة وشرطة ولاية جنوب دارفور .
وأوضح مدير الادارة العامة لمكافحة المخدرات اللواء شرطة محمد عبد الله النعيم أن عمليات ابادة زراعة المخدرات بالردوم صاحبتها اشتباكات بالاسلحة مع الخارجين على القانون واستطاعت القوة السيطرة عليهم والقبض على عدد من المتهمين وكانت القوات التي شاركت في ابادة حظيرة الردوم تم تدريبها تدريبا متخصصا لتنفيذ هذه المهمة ضمن الخطة التي تم اعدادها من قبل الادارة العامة لمكافحة المخدرات لابادة المخدرات في مناطق الزراعة بالسودان .
وأوضح الفريق شرطة عمر المختار حاج النور رئيس هيئة التوجيه والخدمات أن المدير العام لقوات الشرطة أصدر توجيهات بإنشاء قوة متخصصة لمكافحة المخدرات بحظيرة الردوم وان ترابط هذه القوة بصورة مستديمة بمنطقة الزراعة داخل الحظيرة ابتداء من هذا الموسم وقطع الطريق على كافة انواع المخدرات التى ترد الى داخل البلاد من دول الجوار .
المدمنون: اين يكون العلاج ؟
وقال رئيس اللجنة القومية لمكافحة المخدرات البروفسيور الجزولي دفع الله ان الاحتفال باليوم العالمي لمكافحة المخدرات يأتي من أجل التبصير بمخاطر المخدرات ونشر الوعي وسط المواطنين وابان ان قضية المخدرات اصبحت هما وطنيا تتطلب تضافر الجهود لمحاربتها ، واشار الي ان الاحصائيات العالمية تبين ان عدد المدمنين بالعالم يقدر بحوالي « 2448 مليون مدمن وان الاموال التي يتم تداولها في تجارة المخدرات تقدر بحوالي « 320 » مليون دولار .
واكد الجزولي علي ضرورة تطور ادوات مكافحة المخدرات تبعا للتطورات والتغييرات في اشكال التعاطي ووسائل الاستخدام .
اتساع رقعة البلاد عائق للمكافحة :
وقطع رئيس اللجنة القومية لمكافحة المخدرات الجزولي دفع الله إن لجنته لا تستطيع لوحدها مكافحة المخدرات في البلاد، نظرا لاتساع مساحتها ، وخلصت دراستان أجرتهما اللجنة، بمشاركة «22» ألف طالب من «17 » جامعة، بمختلف أنحاء البلاد، إلى أن « 10.5 % » منهم يتعاطون المخدرات « 2.61 % » منهم طالبات.
وابان الجزولي ان اللجنة التي تم تشكيلها منذ العام 2010 بمرسوم جمهوري وتضم مجموعة من الشخصيات القومية والمتخصصين والمؤسسات والوزارات ذات الصلة الا انها لم تنجح في تقديم العلاج للمدمنين، لعدم توفر الأمكانيات»، أشار إلى مركزين خاصين في الخرطوم، ينشطان في ذلك، بشكل فعال ، هذا في ظل غياب الارقام الرسمية لحجم تجارة المخدرات بالبلاد وعدد المتعاطين .
خفض العرض والطلب :
من جانبة اوضح مدير الادارة العامة لمكافحة المخدرات اللواء محمد عبدالله أحمد النعيم ان هناك مجهودات كبيرة تقوم به الاجهزة الامنية واهتمام متعاظم من قيادات الدولة من اجل مكافحة مخاطر المخدرات مشيرا الي توفير كل المعينات والامكانيات والبرامج التي تعمل علي خفض العرض والطلب .
واشار النعيم الي ان الاحصائيات العالمية تقول ان اكثر من « 249 ألف متعاطي » مخدرات حول العالم وان « 211 ألف شخص » يموتون سنويا بسبب تناولها هذا بخلاف قارتي افريقيا واسيا .
وقال ان الدولة وفرت امكانيات كبيرة لصد الهجمة التي ظهرت بصورة مزعجة عبر مخدرات رقمية وعقاقير مختلفة علي البلاد مؤكدا ان الاجهزة الامنية تصدت لها وهي تقوم بدورها ومنعها والوصول الي الشباب والطلاب وكل الشرائح في المجتمع.
رسائل و تطمينات :
وطمأن اللواء النعيم المجتمع السوداني قائلا ان الشرطة و الاجهزة الامنية ستظل عينا ساهرة لخفض العرض والطلب وان هناك ضبطيات كبيرة تحققت علي ارض الواقع حيث تم ضبط اكثر من « 2800 » محكوم عليهم وتم خلال هذا العام ضبط اكثر من « 26 » طن وتمت عمليات استباقية في ضبط « 20.2 » طن بذور وتقاوي قبل زراعتها وهناك متابعة عالية لحظيرة الردوم ، مشيرا الي ضبط احدي عصابات حاويات المخدرات مؤخرا ، مؤكدا ان ادارته ستظل مراقبة ومتابعة لكل التحركات، مبينا ان هناك تعاونا و تنيسقا كبيرين بين السودان والدول الاخرى للحد من مخاطر المخدرات .
تشويش حقائق واضطراب ادراك :
الاستشاري النفسي بجامعة الرباط الوطني الدكتور يوسف علي يوسف «قرولو» ابتدر حديثه « للصحافة » بالقول ان المخدرات تستهدف التأثير علي خلايا العقل وتؤدي الي تلف وضمور في خلايا المخ ، وتأتي خطورتها في ان هذه الخلايا الوحيدة في جسم الانسان التي لا تتجدد مرة أخرى ، وتؤدي الي تشويش الحقائق و اضطراب الادراك والتفكير والشك في المعتقدات .
ويضيف دكتور يوسف : لذلك نجد المتعاطين للبنقو لديهم مشكلة في الاحجام والمساحات وهذه المشكلة تبدو بصورة اكثر وضوحا عند السائقين الذين تحدث لهم الكثير من حوادث المرور بسبب اضطراب الادراك .
كما يؤدي تعاطي المخدرات الي الاصابة باضطراب المزاج والاكتئاب و الاحباط بصفة عامة ويؤدي الادمان الي تحريك الرغبة القهرية للتعاطي والبحث عنها بأي وسيلة عن طريق سؤال الناس او السرقة او الاعتداء لان الدوافع القهرية لمدمن المادة المخدرة قد تؤدي الي ان يتنازل عن عرضه وقيمه ويبيع ممتلكات البيت او المؤسسة او الدخول في الديون ، فالرغبة القهرية تسلب الارادة ولا يستطيع ان يتحكم بعدها المدمن في ارادته ، والمروجون يستغلون المتعاطي ايما استغلال في لحظات الضعف والقهر لمن اعتمد علي المادة المخدرة ووصل الي مرحلة الادمان .
في حديثه عن دخول المدمن للجريمة يقول دكتور يوسف علي يوسف ان الرغبة القهرية عندما تسيطر علي المدمن يكون بعدها قد دخل الي الجريمة بكل اشكالها بعد ان يكون الشخص فاقد الاهلية ومن هنا تأتي جرائم المجتمع وزنا المحارم واغتصاب الاطفال وتراجع المسؤولية عن الاقارب و الاهل ويكون المدمن في حالة بحث دائم عن المخدرات وفي حال التعود عليها وتركها تظهر الاعراض الانسحابية الجسدية نتيجة نقص الجرعة المخدرة في الجسم .
ما بين المتعاطي والمدمن :
لما كان متعاطي المخدرات لا يعني مدمنها أوضح الاستشاري النفسي بجامعة الرباط الدكتور يوسف علي يوسف ان المتعاطي يكون غير منتظم في تعاطيه للمخدرات وانما يتناولها احيانا بغرض اللذة والاستمتاع والشعور بالنشوة ، اما المدمن فيستخدم المخدرات للتخلص من الاعراض الانسحابية بما فيها الاعراض الجسدية والنفسية والاجتماعية .
عدد من المظاهر السلوكية اشار اليها الدكتور يوسف بأنها تشير الي وقوع المتعاطي في دائرة المخدرات ، حيث يقول دكتور يوسف ان المخدرات تجعل من المتعاطي اقل اهتماما بمظهره العام كما تبدو عليه اعراض التوتر والعصبية و اضطراب النوم والانطوائية وتجنب افراد الاسرة ودخول المنزل في ساعات متأخرة من الليل ، ويميل الي الكذب والخداع وكثرة التعطر من اجل اخفاء الرائحة ، مع احمرار العينين وعدم رغبته في ممارسة المناشط المعتادة ، مع ملاحظة تغيير اصدقائه القدامى، وحدوث تدهور في العمل او الدراسة وفي مرحلة متقدمة افتقاد لبعض ممتلكات المنزل او العمل.
الإرشاد العلاج الأول :
في حديثه عن العلاج من تعاطي المخدرات وادمانها يؤكد دكتور يوسف ان العلاج الاول يكون بالتوجيه والارشاد والرقابة اللصيقة من قبل الاسرة ، كما لا بد من تأهيل المتعاطي ورفع الوعي لديه بأهمية العلاج ، ومن ثم تبدأ الجرعات العلاجية و الادوية المصاحبة للجلسات النفسية والتي لا بد ان تكون الاسرة شريكا فيها ، مع المتابعة الدورية مع الجهات المختصة للتأكد من حالة الادمان والتعاطي والمتابعة والتأهيل .
وأكد في ختام حديثه « للصحافة » علي اهمية تكامل الادوار ما بين الاسرة والمدمن و اعانته على تجاوز مرحلة العلاج حتى لا يعود مجددا الي التعاطي .
الصحافة.
وجماعة البشير يمثلون 9% أخرى من مستهلكي المخدرات! أنظر إلى تصريحاتهم وستتأكد من تعاطيهم أشد أنواع البنقو تأثيراً