المعاناه تولد الأبداع… صديقي واستاذي غالب طيفور …

حسن ياسين

بينما انساق أعمي البصيره ، وانجرف في عالم مختلف تماما محاولا الهروب من ذكرياتي التي قد تبدو لي مؤلمه نوعا ما بالتقرب من الحبيبه ، والخلوه في معزل عن الآخرين الذين اعتقد انهم صورة اخري من المرارات والألم ؛و لا أريد الأندماج معهم، او أن اكون جزءا” ولو بسيطا” منهم ، أجد نفسي اقع رهينة لرواية (البحر وطنا) ً ألتي ايقظت كل ملامح الماضي ، وبؤس الحاضر المستميت ، أيقنت تماماً انني ( لص ) يسرق الحلم والامن والرؤيا من الذي نصب نفسه ان يقاضيني كما يشتهي …سوى ذاتي
بعد الأنتهاء من قراءة رواية( البحر وطنا)ً خُيل إلي أنني سأعود الي كل لحظه كنت أغفو فيها هاربا ، او مرهقا ، من واقع يحال استبداله فلقد ايقظتني ياصديقي ، وايقظت البؤس ، والكآبه والحزن ، والفرح ، والضحك ، والأحلام القديمة معا ، اختلطت كل المشاعر البشريه وانجرفت في عالم صنعته حروفك ببطء ..
الجزء الأول كان بمثابه تخليد للهرم (طيفورالشايب ) الذي بين أدمت سيرته ، وخلدت ذكراه ابداً في عالم لايعرف أن الأبوه معني للألوهية ، فقط بشكل مختلف ، قدست اباك وأحببته وأوفيته حقه مع علمي القليل ان اباك لا كتب تكفي ولا مجلدات ولا مخطوطات مكتوبة بماء الذهب توافيه أفعاله…
لمن يهمه الأمر ..
الجزء الثاني هو الكارثه الكبري في ذكرياتنا المؤلمة لايمكن محوها بدموع ، او ببناء مخيلتنا ، او أبداننا فهي تبدو متهالكة ، ولن ننسي مرارة الجوع ، والعطش ، والمرض ، حتي ولو اعتلينا أعلي هرم الصحه لكن سنظل نتخيل تلك الليالي …لقد اذقت الحروف مرارة ، وأدميت الأوراق ، ومنحتها السادية الحرفيه التي تلذذت من خطى قلمك …
وفي عمق الآلام كنت تذكر الله وتحمده الي حد انك نذرت زبيحه اذا نجوت من هذا ، وكنت مثالا للصبر وللأدب ، طوال معاناه تلك الرحله التي هي بمثابه تحول لمن يقودهم الحظ ، وبمثابه نكسة لمن يتحايل علي نفسه ؛ ويخادع روحه انه وصل الي مبتغاه فالسكة وعرة ، لايمكن حرثها بالتمني فقط ..
عدت بنا الي الوطن ياصديقي!
حيث ان للبطاقه سلطه عليا بمثابه درع واقي من اقوي الهجمات البشريه حين اصدروا أمر تفتيش بحقك ، وبرفقتك الطفل (محمد) حينما وصلت لهذا الجزء من الرواية ، كرهت الانسانيه والفضيله ، والانسان ، واذداد كرهي ، واغلقت عيناي كرها لكل شعور بالرحمه ظل يخالجني نحوهم ,,,اللعبه لم تنتهي ياصديقي !
هكذا احسست برد ابنك كأنه بخبرك بأمر ويقل لك ليست لعبتي يا أبي بل لعبه الحياه فصبرا” علي ما أصابك.. …ولكن ستظل هذه اللحظه في ذهن ذاك الطفل ماكبر وماوجد من الوعي سيظل يذكر تلك الوجوه التي اغتصبت حريتك ، ولحظات وقتها المر الذي قضيته بينهم ..
أطن دمائك التي وصفوها بالنجسه لعمري ، لهي أنقي من ماء وضؤهم الذي اصابته النجاسه كلما لمسوه ياصديقي !
رأينا اشباحا” وشياطينا” تسكن القرين ، لكنني لم أري شيطان يسجد لعظمه شرور انسان قط ,,,,
ومازال (البحر وطناً) ويطول الحديث فلا انا بناقد ، ولكن اعبر عن تقديري ، واحترامي ، لما قدمت ممنيا” نفسي ان أجدك أفضل حالا” ، وتستقر ، وتلاعب طفلك الجميل (محمد) وتظل الاشابيل مقبرة اخري للاحلام ، والميته البطئيه لكل قلب نبض بالشجاعه يوما ؟ وأنكسر أمام الواقع المظلم الذي يعيشه هؤلاء ، وأن لم يتخطوا هذه المرحله لعمري انهم لمخلدون فيها بين جدران البؤس والأذى ، والاستياء والانكسار..
فالبحر كما ذكرت ياصديقي !
لايشبع ولايمل والرب يغفر كل ليله لمن يشاء
عسى ان تصيبنا رحمة الله ، ورحمته وسعت كل شئ ، ان نحيا بماتبقي من كرامة ، وعزة نفس فينا ، وأن يضمد جراح أهل كل من ابتلعهم ذاك البحر..
وشكرا ..
فالروايه لاتصفها كلمه سوى انها الحقيقه المريرة ، تصف الأنسان مجردا من قوته مرجعا” لمن يقل لك: انا يائس ومكسور ..
ربما بعد الإطلاع عليها لابد ان يعرف انه كلما اشتد الألم ، فتحت آفاق اخري من الألم الموجع المرير ، لكن سيجد انه لامهرب من الرجوع الي الله – عز وجل – وطلب المفغره والحمد علي ما أصابه ..
أما بخصوص استخدامك لهاتف لنقلها الي الواقعيه لعمري ! انها لقوة جبارة منك ،
والسرد ممتع ، مريح ، مثير للفضول …
وشكر؛؛؛؛

اخوك.. حسن ياسين…

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..