أخبار السودان

زيادات أسعار الدواء …وزيد في الألم آلام

أسعار الدواء زادت بنسبة 130% في العام الجارى فقط
دراسة 50% من المواطنين لا يستطيعون شراء الأدوية قبل الزيادات
خبير صيدلاني: السبب عجز الدولة عن توفير العملة الصعبة لمقابله استيراد الدواء
سعر الانسولين الى 100 جنيه بدلا عن 85
شح كبير في محاليل الازمة واجهزة التنفس
(79%) من الصرف على الخدمات العلاجية يقوم به المواطنون وليس الحكومة

بمجرد أن كشفت تقارير صحفية عن تحريك المجلس القومي للادوية والسموم لسعر دولار استيراد الأدوية من )15( جنيهاً الى )21.6( جنيهاً، مما أدى الى فرض زيادات كبيرة تقدر بـ )30%- 37%( في أسعار الأدوية، وقيام 6 من الشركات بتنفيذ السعر الجديد فور صدور قرار مجلس الأدوية والسموم، و توقف معظم الشركات عن البيع بالسعر القديم انتظاراً لإعلان القائمة الجديدة. سرت حالة من السخط والغضب وسط المواطنيين، بإعتبار أن الزيادة الجديدة في الأسعار، أتت في وقت لم يشفي فيه المواطن من آثار الزيادات التي يصحو عليها صباح كل يوم جديد، حيث لم يكد المواطن، يغفو غفوة هي في المنزلة بين اليقظة والأحلام، ليصحو منها حتي يجد زيادة جديدة في مكان ما، في سلعة ما، ولا يتمالك نفسه إزاء هذا الموقف الصادم، حتي يصدمه آخر بصورة هي أصعب من الأول، وهكذا دواليك، وهو حال المواطن السوداني مع النظام الذي أدمن تعذيبه.

(الميدان) وضعت ملف أسعار الدواء، قيد البحث وإستطلعت أراء خبراء، في هذا المجال، وصيادلة ومواطنون، وخرجت بالحصيلة التالية :

تحقيق: أسامة حسن عبدالحي

فاتورة العلاج الفلكية

خبير صيدلاني، قال ل (الميدان) أن الحكومة وفي إطار سياساتها المعروفة، والتي سلمت فيها القطاع الصحي لخصخصة مستمرة ورفعت يدها عن مسؤولياتها اتجاه مواطنيها ، قامت الآن باعادة تسعير الدواء علي سعر دولار بقيمه 21.6 ، معتبراً أن هذا القرار يعني زياده لأسعار الدواء في حدود ? 35 من سعر الدولار البنكي ( حوالي 15 جنيه ) . وقال : يعني أيضا ان الدواء ( ركب الظلط عدييل ) ليلاحق سعر السلع الأخري التي تسعر بشكل مستمر بناء علي الدولار في السوق الموازي. متسائلاً عن كيف أن الدولة توفير مبلغ زهيد لا يتجاوز 250 مليون دولار، يمثل حجم استيراد القطاع الخاص للدواء الذي يمثل العامل الرئيسي في الوفرة الدوائية ، وأضاف : هذا الرقم المتواضع جدا في أرقام الميزانيات العالمية المرتبطة بالدواء تعجز حكومة السودان عن توفيره، وزاد : هذا يجعلنا نتسائل عن ماهية أولويات الدولة فعليا وأوجه صرفها ولماذا يكون هناك جيش جرار من الدستوريين والوزراء اذا كانت الدولة بذاتها غارقة في الإفلاس والاستدانة و عاجزة عن الانتاج. وتوقع الخبير الصيدلاني أن الزيادات التي طبقت خلال اليومين السابقين ، سيكون لها تأثير سالب علي المواطن و زياده إرهاقه وكاهله بالمصروفات التي جعلت من تكلفه المعيشة والعلاج فاتورة فلكية يصعب علي الطبقة الوسطي ناهيك عن غالبية الشعب الفقيرة علي تحملها، وقال : (إننا اصبحنا محصنين من أفكار طالما روج لها المدافعين عن النظام ، مرتبطة بأن سبب الزيادات في السلع هو جشع التجار، وأضاف قائلاً : الحقيقة في الامر ان الزيادة في الدواء والتي بلغت حوالي 130 ? منذ بداية العام 2017، سببها الأساسي هو عجز الدولة عن توفير العملة الصعبة لمقابله استيراد الدواء). وإعتبر أن الدولة تسرق عشرات المليارات من جيوب المواطنيين بزيادة في اسعار السلع لا أصل لها سوي عدم مسؤولية القائمين علي امر الدولة و انقطاع احساسهم بمعاناة الجماهير. وإنتقد الخبير الإقتصادي البديل الصناعي الدوائي الذي يتحدث عنه المؤتمر الوطني، وقال الحكومة غير قادرة حالياً علي تامين الوضع الدوائي للمواطن، ويعاني هو أيضا من توفير النقد الأجنبي للمواد الخام ، وقال : دوننا المصانع المغلقة معطلة الانتاج او التي تعمل بطاقه أقل من كفاءتها الإنتاجية. وأشار إلي أن الصيادلة السودانيين لن يقفوا مكتوفي الأيدي أمام هذه الزيادات، وقال : لقد تصدي الصيادلة السودانيين لزياده الأسعار في بداية العام ، ووقفوا موقفاً مشرفاً بإغلاق صيدلياتهم، وسط تعاطف وطني ودولي كبيرين ، وتصدر هاشتاق ( ارجعو الدعم الدواء ) اعلي نسب عالمية.

السوق يتفاعل سريعاً مع الزيادات

وفي جولة ميدانية ل(الميدان) علي الصيدليات، اقر صيادلة بزيادة كبيرة في اسعار ادوية الامراض المزمنة فقد وصل سعر الانسولين الى 100 جنيه بدلا عن 85 كما ارتفعت اسعار بخاخات الازمة والحبوب الى اكثر من 20%

وعزت صيدلانية الزيادات المفاجئة الى ارتفاع الدولار قالت ان كل الادوية المستوردة ارتفعت اسعارها وكذلك الادوية المصنعة في السودان بسبب ارتفاع اسعار المواد الخام

وكشفت نسيبة عن شح كبير في محاليل الازمة واجهزة التنفس وقطعت بان الادوية الخاصة بالعلاج النفسي والعصبي معدومة وفي سؤالنا حول بيع الادوية المتوفرة قبل الزيادات قالت إن البيع يتم بالأسعار الجديدة في اغلب الصيدليات

هذا وقد شكا اصحاب شركات الادوية من عدم وجود سيولة في الدولار واشار الى ان اسعار الادوية في حال ارتفعت لن يحدث تراجعا في الاسعار مهما بلغت وذكر ان ارتفاع الاسعار يحدث لهم اضرارا كبيرة عكس ما يشيع المواطن لانهم يواجهون تذمرا من اصحاب الصيدلات فهم في كثير من الحالات يرفضون استلام الادوية بالاسعار الجديدة وفي حال تم الاستلام تصبح مديونية تتأخر لفترات طويلة

وفي حديثه قال إن معظم الاسعار في الادوية حدثت لها زيادات لكن هناك تفاوتا في الاسعار بين الشركات والامدادت الطبية فهي تبيع باسعار اقل ? الامدادت- بين ان سعر البخاخ وصل الى اكثر من 500 بعد ان كان 167 واقر ان البيع للادوية المتوفرة اصلا يتم بالاسعار الجديدة>

المواطنون شككوا في حديث الصيادلة ان السبب هو ارتفاع الدولار فقد رمي المواطن هارون موسى باللائمة على اصحاب الصيدلات مشيرا الى ان الاسعار صدرت من جانب اصحاب الصيدلات انفسهم.

نصف الأودية لا يستطيع المواطن شرائها

مؤخراً افادت دراسة حول (تقنين اسعار الدواء في السودان) ان السكان في السودان، الذين يحصلون على الادوية الاساسية اقل من (50%)، وان (79%) من الصرف على الخدمات العلاجية من المواطنين انفسهم، وحذرت من ان حدة الفقر وانتشاره في البلاد يعرضان صحة شريحة كبيرة من السكان للمرض،واشارت الى ان 44% من الادوية غير مقدور على شرائها، ورأت ان تكلفة الادوية التى يدفعها المريض السودانى اعلى من التي يدفعها نظيره في دول افريقيا جنوب الصحراء، وقالت ان اسعار الادوية في السودان هي الاعلى في اقليم شرق المتوسط، وتعادل (18) مرة السعر الدولي المرجعي، وعزت الامر لارتفاع الهامش المضاف لاسعار العطاء الحكومي.

علي الدولة تحمل مسؤولياتها كاملة

الحزب الشيوعي السوداني، يري ان مايحدث فى السودان هو استكمال للازمة فى الخدمات الصحية ، حيث هنالك ادوية اساسية غير متوفرة ، كالادوية المنقذة للحياة ، وادوية تليف الكبد ،والصرع وغيرها ، اما من حيث الاسعار فقد تضاعفت بنسبة تجاوزت ال 100% علما بان التأمين الصحى لايغطى للفقراء الكثير من الادوية الحيوية .

وقال الحزب في التقرير السياسي المجاز من مؤتمره السادس، ان مسؤولية توفير الدواء على مستوى الدولة تقع على عاتق الهيئة العامة للامدادت الطبية والتى تم تحويلها من ادارة تتبع لوزارة الصحة لهيئة شبه مستقلة تعمل على اسس تجارية ربحية مما فتح شهية الراسمالية الطفيلية الإسلامية فأصدر مجلس الوزراء قرارا بخصخصتها فى عام 2006 . وقد بلغت ارباحها نسبة 247% فى عام 2009 . وتقف المقاومة الشرسة التى خاضها ويخوضها الاطباء ،الصيادلة ، العاملون بالامدادات والوطنيون ضد بيع وخصخصة الامدادات .

وأشار التقرير إلي ان الازمة الحالية فى اسعار الدواء وفى عدم توفيره تتفاقم مع تدهور الوضع الاقتصادى وانخفاض سعر العملة المحلية و ارتفاع اسعار العملات الحرة وندرتها وقلة المرصود منها لاستيراد الدواء وتلك التى ينبغى توفيرها لشراء مدخلات الانتاج لمصانع الادوية . لقد ادى كل ذلك الى خروج شركات وصيدليات من سوق الادوية نتيجة الخسائر التى تكبدتها .

وقال التقرير أن امر الدواء يتطلب ان تلتفت الدولة الى حاجة المواطنين الملحة والبالغة الحساسية للدواء وهذه مسؤولية اساسية من صميم مسؤولياتها ،وعليها توفير النقد الاجنبى لاستيراد الدواء ومدخلات انتاجه ،كما عليها ان تقوم باجراءات تنفيذية ورقابية تشمل هيئة الامدادات الطبية ،وشركات الادوية والمصانع ،والصيدليات لتوفير الدواء وخفض اسعاره .وكذلك متابعة توفير الدواء بالمستشفيات خاصة المنقذة للحياة وتوفير العلاج المجانى باقسام الحوادث التى يؤمها الاف المرضى يوميا ، وكذلك بالمراكز والوحدات الصحية بالعاصمة والاقاليم .

الميدان

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..