سلفا كير نائماً !ا

تراســـيم..

سلفا كير نائماً !!

عبد الباقي الظافر

فوجئ حضور المؤتمر العام للحزب الحاكم بأن الشيخ حسن الترابي ومن على المنصة يعانق أخاه الفريق عمر البشير.. ثم في مشهد عاطفي وكلاهما على وجهه ابتسامة.. ثم تتشابك أيديهما وقد ارتفعت إلى أعلى كناية عن وحدة مرتجاة وقوة مبتغاة.. الأعضاء المساكين راحوا في تكبير وتهليل.. وبعضهم غلبتهم دموع الأشواق فانداحت على الخدود. تلك الصورة المتفائلة كانت تصادمها أخرى وراء كواليس الحركة الإسلامية.. ساحة الإسلاميين كانت تشهد استقطاباً حاداً .. كل فريق يحشد قوته ويعد عتاده استعداداً للمعركة الفاصلة .. ثم بعد وقت وجيز تنهار قصور الرمال.. وتتصدع الحركة الإسلامية إلى منشية بابها يقود إلى السجون وقصر يؤلف بين قلوب الإخوان. هل يعيد التاريخ نفسه على الساحة الجنوبية.. وتتصدع جبهة الحركة الشعبية إلى دينكا ونوير حتى قبل ميلاد دولة الجنوب المستقلة؟ .. للمراقب العادي الأحوال هادئة تماماً .. والجنوبيون على قلب رجل واحد اسمه سلفا كير.. حتى الذين شقوا عصا الطاعة وولجوا الغابة جنحوا إلى السلم وشاركوا في مؤتمر الحوار الجنوبي. الصحفية الشقية رفيدة يس وفي كمين صحفي استدرجت الجنرال سلفا كير ليفكر أمامها بصوت مسموع .. أطلق ضابط الاستخبارات السابق النار في كل اتجاه .. ووضع القنابل حتى على طريقه إلى قصر الرئاسة في جوبا. رجال حول سلفا كير استدعوا الصحفية الشابة على عجل لتنقل إلى الناس رسالة سلفا كير ..الاختيار في حد ذاته يحمل مضامين .. الصحفية التي تم اختيارها سودانية تتحدث اللهجة المصرية .. والصحيفة التي اختارها إن لم تكن توالي الحزب الحاكم فهي ليست ضده. سلفا كير اتهم الرجل الثاني في حكومة الجنوب بأنه لا يحسن التصرف.. وعندما يصف قائد عام أحد جنرالاته بهذا الوصف فهذا لايحتمل التأويل .. ثم يتكرم الرئيس سلفا كير وينعم على نائبه بلقب الانفصالي .. ولاشيء الآن في الجنوب يجلب التأييد ويسيل دموع الفرح غير الدعوة إلى استقلال الجنوب. يتجه سلفا كير نحو القائد التاريخي جون قرنق ويقلل من دوره في النضال الجنوبي، ويقول إن دي مبيور كان بندقية واحدة من بين آلاف البنادق .. هذا القول الذي يهزم الصورة الذهنية الجميلة للدكتور قرنق الذي جنّبته السماء مطبّات كثيرة على الأرض.. يفتح على سلفا كير باب جهنم في الجنوب.. قرنق عند الكثيرين رمز لا يجدر إلا أن يُرمى بالزهور. لم يكتف سلفا كير بصناعة الخصومات في أرض الجنوب .. فيكيل من ذات الإناء للحزب الحاكم ويتهمه بالتهرب من قضية ترسيم الحدود .. ويرفض مجرد الحديث عن تأجيل الاستفتاء وإن جاء الأمر برجاء من الأمريكان أو التماس من المصريين.

سادتي .. إن لم يكن سلفا كير نائماً .. فهنالك حدث ضخم ستشهده الساحة الجنوبية.. لن يكون أقل من رحيل قرنق المفاجىء والغامض .. ليس بالضرورة أن يكون الأمر دماءً ودماراً .. الرئيس سلفا كير رجل يجيد الصمت.. ولكن الشديد القوي يجعله يرسل أكثر من رسالة متصادمة. الجنرال سلفا كير لديه معلومات ويريد إخلاء مسؤولياته في أسرع وقت ممكن.

التيار