أخبار السودان

أمريكا هل ستفقد ظلها؟؟ من أجل الإنقاذ

صلاح جلال

الولايات المتحدة الأمريكية تمثل أكبر القوى العظمى بالمعنى الشامل الإقتصاد والسلاح، فهى بلاشك دولة مهمة فى الواقع العالمى الراهن

تمتلك الولايات المتحدة قوى صلبة قاهرة، ولكنها ليست كافية لتحقيق أهدافها الداخلية والخارجية الإستراتيجية، لذلك إبتدع الإستراتيجيون الأمريكان التنظير لمفهوم متكامل للقوة ، فقسموها لقوى صلبة تشمل (الجيش +المعدات +الإقتصاد) ، فالقوة الصلبة تقوم على إجبار الدول بالقوة لتغيير سياستها لتتوافق مع الإسترتيجية الأمريكية ، وبذلك تقوم الخطط الأمريكية على التخويف و الإغراء (العصى والجذرة )، هذا التوازن للقوى أصبح لايكفى فقد أخفقت القوى الصلبة الأمريكية تاريخياً فى إخضاع شعب فيتنام وكذلك أخفقت القوى الصلبة السوفيتية فى إخضاع الشعب الأفغانى.

🔹بدأ المخطط الإستراتيجى الأمريكى ،التنظير لمفهوم القوى الذكية ، وهى تشمل الخلط المتوازن بين العمل العسكرى وقوة الإقتصاد والمقبولية الطوعية بالوسائل الحضارية والثقافية ، على أن تقوم القوى الذكية ،على عناصر الإجبار ــ الإغراء ــ الجاذبية ، وضع الأسس النظرية لهذا المفهوم البروفسر جوزيف ناى أستاذ جامعة هارفارد ومستشار وزارة الدفاع الأمريكية فى عهد الرئيس كلينتون، فقد إعتقد البروفسر ناى أن الولايات المتحدة يمكن أن تحقق إنتصارات خارجية كبيرة بلا حرب ، من خلال كسب قلوب وعقول الشعوب ، وربطها بقيم إنسانية عليا كالديمقراطية وحقوق الإنسان والعدالة فقد بدأت الإدارة الأمريكية فى عهد الرئيس كلينتون التوسع فى هذا المفهوم الذى شهد بعض الضمور فى عهد بوش الإبن وعاد للتمدد فى عهد الرئيس أوباما

🔹لقد فشلت الجيوش منفردة للمرة الثانية فى جلب الإستقرار للعراق و أفغانستان فى عهد بوش الإبن ، مما إضطر الرئيس أوباما ليعلن عن حرب من نوع آخر سماها معركة كسب القلوب والعقول للقيم الأمريكية الحرية والمساواة والعدالة وحقوق الإنسان ، وجند لذلك المعونة الأمريكية وممثلى هليود والشركات الأمرييكة الكبيرة ذات الصيت والسمعة العالمية لجودة المنتجات المرغوبة على مستوى العالم ، هذه الحملة يشهد المختصون فى دراسات الرأى العام ،أنها قد حققت مكاسب كبيرة فى تخفيض المشاعر المعادية للولايات المتحدة على مستوى العالم، حتى عادت للإرتفاع فى عهد الرئيس الأمريكى الحالى ، الذى أعلن عدد من القرارات والتوجهات ، التى
تصب فى تراجع الدور العالمى المؤثر للولايات المتحدة .

🔹لقد تبنت الولايات المتحدة الأمريكية سياسة عدم الإفلات من العقاب وتحقيق العدالة خاصة فى أفريقيا فى كل من رواند وبورندى و تشاد، وتعهدت بالتصدى لكل محاولات التطهير العرقى بسياسات وتصرفات إستباقية تجعل وقوع هذا النوع من الجرائم ضد الإنسانية غير ممكناً ، لذلك إتخذت الولايات المتحدة عدة قرارات من خلال مجلس الأمن الدولى ، ومنفردة لحماية الشعب السودانى فى دارفور، من حرب الإبادة الجماعية التى شنها نظام الإنقاذ على مواطنية، توجت هذه المواقف بمساندة مجلس الأمن للمحكمة الجنائية الدولية للمطالبة بمثول الرئيس عمر البشير وعدد من القيادات للتحقيق فى إتهامات ترقى للإبادة الجماعية ، وكذلك إتخذ الكونجرس قراربأيجازة قانون سلام دارفور ، وقبل ذلك ساندت الولايات المتحدة قرار تشكيل البعثة العسكرية المشتركة للأمم المتحدة لحماية المدنيين فى دارفور، وهى أكبر بعثة أممية على مستوى العالم تكلف أكثر من مليار دولار سنوياً .

🔹ما حدث من قتل للمدنيين فى معسكر كلما ،وقبله قتل طلاب دارفور فى الجامعات والمعاهد العليا، يضع الولايات المتحدة الأمريكية ، أمام حرج بالغ إذا تجرأت الإدارة لرفع العقوبات فى التاريخ المضروب فى 1210 القادم

🔹إذا جاء القرار الأمريكى إيجابياً لصالح نظام الإنقاذ ، فهو سيظهر الولايات المتحدة كقوى غير مبدئية فى مواقفها ، لتحقيق العدالة الدولية بل أنها تتقدم خطوات لمكافئة المجرمين أمام نظر الرأى العام الأمريكى والعالمى مثل هكذا قرار سيملأ أشرعة الحملة المعادية لإدارة الرئيس ترامب بالهواء ويكرس إتهامه بالإنتهازية التى تشوه المواقف الأمريكية وتضعف قوتها الأخلاقية وتمرق مصداقيتها لدى الضحايا فى كل أنحاء العالم ، وستفتح الشعوب المستضعفة التى إشترت الوهم الأمريكى ، بتحقيق العدالة وسياسة عدم الإفلات من العقاب ، سلة مهملات ضخمة لتضع فيها ( الولايات المتحدة وكوريا الشمالية والصين والإتحاد السوفيتى و إيران) على قدم المساواة فى عدم المصداقية وبيع الأوهام للشعوب.

🔹مجزرة معسكر كلما ، وضعت الولايات المتحدة فى موقف حرج للغاية أمام الرأى العام الأمريكى ومنظماته الحقوقية ، و أمام الضحايا الذين عقدوا آمال على السياسة الأمريكية المساندة للعدالة وعدم الإفلات من العقاب ، ستظهر الولايات المتحدة كالتى نقضت غزلها إنكاثاً ، وبل وتقدمت دون حياء لمكافئة الظالم، فقد ذكر البروفسر جوزيف ناى ، فى أحد مقالاته أن واقعة قتل المدنيين العراقيين بواسطة شركة بلاك وتر ،وسجن قونتامو ، وحادثة تعذيب سجن أبوغريب ، هى أساس الهزيمة للدور الأمريكى فى العراق ، حتى المستفيدين من الغزو لم يتمكنوا من قبول هذه التصرفات ويجدوا لها مبرراً، وفر الشعب العراقى باغلبيته من السياسة الأمريكية فرار السليم من الأجرب

🔹بهذة الحماقة يقول جوزيف ناى إستنفدت الولايات المتحدة رصيدها من القوى الناعمة ، فى منطقة إستراتيجية وحيوية ، فتركتها لخصمها الإقليمى إيران وفرت هاربه
تحمل عار عدم المصداقية وفقدان الجاذبية.

🔹النظام فى الخرطوم مُستهلك لتبرير ماحدث بأعذار واهية لا تدخل عقل فقديماً قالوا ، قام أبونواس بضرب مؤخرة الخليفة هارون الرشيد بيده ، فالتفت إليه الخليفة غاضباً ، فقال له ما هذا ؟ فكان رد أبونواس معذرة يا أمير المؤمنين فقد أعتقد أنك سيدتى زينب ، وهى زوجة الخليفة هارون ، فاستشاط هارون الرشيد غضباً ، و أمسك مقبض سيفه ليهوى على رأس أبو نواس، فقال له مهلك يا مولاى ، فأنا لم أفعل هذا مع سيدتى ، ولكنى سمعت العرب يقولون العذر الأقبح من الذنب ، فقلت يجب أن تعلم كيف يكون العذر أقبح من الذنب الواقع ، فقد قتل النظام الضحايا وبدأ مسيرة البحث عن العذر فلم يجد منه شئ إلى اليوم غير القبيح .

🔹السؤال هل ستكرر الولايات المتحدة ذات الموقف فى السودان، بخذلان الضحايا وخسارة عقول وقلوب الراى العام العالمى والسودانى ، وتكافى الظالم وتلحس قيم العدالة وعدم الإفلات من العقاب؟؟؟ ومقابل هذه الخسارة العظيمة، ماذا ستكسب الولايات المتحدة خلف الأبواب المغلقة ؟

🔹ختامة للضحايا نقول، لا تحلموا بعالم سعيد لم تصنعوه بأيديكم، فوقفتكم فى كلما وقولكم لا بالصوت العالى كشفت زيف المجتمع الدولى ، و أيقظت الإرادة الوطنية للتحدى الماثل ، فأنتم أحفاد ، على دينار أداب العاصى ( السرح المرفعين مع الغنم) ومادبو ود علي أب طبايق والسلطان تاج الدين ووريث معركة الدم بحر الدين ،

🔹دارفور و أهلها قهروا الإمبرطورية الفرنسية فى معركة كرندنق ومعركة دورتى وجندلت قادتهم
فرسان دارفور حرروا السودان من الإستعمار الإنجليزى فى معارك الفداء شيكان و أمدرمان ، ودفعت دارفور أغلى الأثمان فى معارك الكرامة كررى و أم دبيكرات ، نقول لنظام الإنقاذ العنصرى ، ما قالته الحكامة ( ماشفنا النمر بيلاعب الجاموس وماشفنا المرق بيدخلو عرق السوس)، فأهل دارفور هم مرق هذا الوطن فقد حرروه بدمائهم فى مواجهة أقوى الإمبراطوريات فى العالم ، وهم قادرون على تحريره من الإستعمار الداخلى.

🔹نغنى مع شهداء كلما بما قاله الفيتورى ، مخاطباً السلطان تاج الدين

يافارس سرج جوادك ليس يلامس ظهر الأرض
وحسامك مثل البيرق يخترق الظلمات
يافارس مثل الصقر إذا ما إنقض
بيتك عالي الشُرفات وجارك موفور العرض
يا ويل الحرب الملعونة لم تبق جداراً لم ينهد
هذا زمن الشدة يا إخوانى هذا زمن الأحزان
سيموت كثير منا وستشهد هذى الوديان
سيموت كثير منا ودارفور لن تنكسر ولن تذهب ، صمود، شوكة حُوت، فى حلق الظلمة والمابينا.

فقد قال تاج الدين قبل إستشهاده (أنا تاج الدين ـ سيفى طرين ـ حصانى بدين نقاتل لمن الحق يبين ).

صلاح جلال

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..