قسمة التنمية.!ا

العصب السابع

قسمة التنمية.!

شمائل النور

قد لا يحظى أي أحد منّا بإجابة مقنعة بشأن السؤال، لماذا تجتهد الحكومة في تشييد الجسور والكباري أكثر من أي بناء في مجالات التنمية الأخرى وما أكثرها، فقبل أن يجف الحبر الذي كتب به عقد إقامة جسر نقرأ عن عقد تشييد جسر آخر يربط هذه المنطقة بتلك، وقبل أن يجف الأسفلت من هذا الجسر تفتتح الحكومة جسراً آخر، وكأن التنمية هي بناء الجسور والكباري فقط، حتى أنها تختزل ردودها على أعدائها بتشهير لافتات عريضة تكسو الشوارع (الرد كباري وسد)، وقد يُبرر كثيرون بتلك الحجة وهي أن جميع الشركات التي تعمل في مجال الجسور هي في الواقع شركات تتبع لرجال داخل الحكومة ذاتها، لذلك فالمصلحة هي سيدة التنمية، لكن ما المانع أن تكون هناك شركات تتبع لرجال داخل الحكومة وتتبني التنمية في المجالات الأخرى، ولماذا الجسور دون غيرها، ولا شك أن مسيرة التنمية لا يوجد لها خارطة طريق واضحة. التنمية تنقصنا في كل المجالات وبدرجة حادة جداً حتى طريقة تفكيرنا تحتاج إلى تنمية لما وصلت إليه من التردي المريع، فلماذا لا تسير خطى التنمية بذات القدر على بقية المجالات، أو لماذا تنجح الجهات المعنية بالتنمية في مجال الجسور دون غيرها، ولا حتى الطرق التي هي متلازمة مع عملية تشييد الجسور. هذه الجسور التي كثرت وتعددت خلال السنين الأخيرة، لا نشكك في حاجتنا إليها ولا نشكك كذلك فيما فتحته من منافس للسير، ولسنا بصدد الجحود بقدر ما أننا بصدد التساؤل بحيرة، فهل التنمية في مجال الجسور دون غيرها هي الأسهل على الإطلاق؟ أم لأنها الظاهرة والقريبة للتباهي بها في أية لحظة. حاجة المواطن السوداني للتنمية تبدأ من صينية الطعام ولا تنتهي، فليت القسمة توزع بالتساوي بين كل المجالات الضرورية، فمثلاً لا يختلف اثنان فيما وصل إليه المجال الصحي الذي يمس حياة المواطن مباشرة ونراه بأعيننا يموت كل يوم مرات ومرات كذلك التعليم، يتراجع إلى الخلف بصورة مريعة، وغيرها من المجالات المرتبطة مباشرة بالتنمية الإنسانية. أياً كانت دواعي الحكومة في حماسها في إنشاء الجسور،سواء كان متعمداً أو تقديرات خاصة ينبغي أن ينتقل هذا الحماس إلى المجالات الأخرى الأكثر حساسية وكم نحن في حاجة شديدة لها، وينبغي كذلك على الحكومة أن تضع في حساباتها أن الرد على الأعداء ليس في تشييد الجسور والكباري وإهمال ما هو بذات الأهمية أو أهم، ولو كانت تتعمد الرد بالجسور فسوف تجد نفسها بصدد البحث عن مخرج من هذه الجسور، المطلوب إدارة جيدة للتنمية في كل المجالات، وإلا دونما نعلم سوف نجد أنفسنا أمام جسور وكباري بلا سكان، في تقديري التنمية تحتاج إلى التوازن، بل تحتاج إلى خارطة طريق حتى لا تسير عرجاء.

التيار

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..