رفع العقوبات التجارية والاقتصادية الأميركية … شماعة الفشل

د/ التجاني الطيب إبراهيم*
مدخل: بعد صدور قرار الرفع الجزئي المؤقت للعقوبات الأميركية المفروضة على السودان خلال العقدين ونصف الماضية في يناير 2017م، كتبنا بتكليف من “الجزيرة نت” مقالاً أقتصادياً بعنوان: “السودان: رفع العقوبات التجارية والأقتصادية الأميركية وتداعياته”. تناولنا في المقال الآثار الأقتصادية والمالية التي يمكن أن يحدثها القرار في الأقتصاد السوداني، وخلصنا إلى أن القرار سيكون محدود الفائدة أقتصادياً في ظل غياب إصلاح جذري للسياسات الأقتصادية والمالية الحالية. الآن وقد مر على صدور القرار الأميركي أكثر من ثمانية أشهر، فنود في هذه العجالة إعادة قراءة تداعيات القرار وأحتمالية رفع العقوبات الجزئي نهائياً على أرض الواقع بعيداً عن التفاؤل المفرط حيث صارت العقوبات شماعة تعلق عليها أخطاء السياسة وفشل السياسات الأقتصادية.
خلفية: هناك نوعان من العقوبات الأميركية التي استهدفت السودان: النوع الأول: تنفيذية رئاسية شملت: الأمر التنفيذي 13067 (نوفمبر 1997م)، الذي تم بموجبه فرض عقوبات اقتصادية ومالية وتجارية شاملة، علماً أنه قد تم قبل ذلك إضافة السودان للقائمة الأميركية للدول الراعية للإرهاب (1993م)؛ الأمر التنفيذي 13400 (أبريل 2006م)، حيث تم توسيع العقوبات لتشمل حظر الأفراد، الذين تثبت مساهمتهم في نزاع دارفور، وحجز أملاكهم؛ والأمر التنفيذي 13412 (سبتمبر 2006م)، الذي قضى باستمرار حجز أموال الحكومة السودانية، مع إضافة كل المعاملات التي قد يقوم بها أي مواطن أميركي مع صناعة البترول والصناعات البتروكيميائية في مجال النفط وأنابيب النفط السودانية. أما النوع الثاني من العقوبات، فقد تم بتشريعات من الكونغرس الأميركي وضم: قانون سلام السودان (2002م)، قانون سلام السودان الشامل (2004م)، وقانون سلام ومحاسبة دارفور (2006م)، وقانون المحاسبة ونزع الاستثمار في السودان (2007م).
القرار وتفسيره: يقضي القرار بإلغاء الأمرين التنفيذيين 13067، و 13412، اللذان تم ذكرهما سابقاً. شمل القرار فك الأصول المجمدة، والمعاملات البنكية والمصرفية، وكل المعاملات التجارية والاستثمارية، مع بعض الاستثناءات مثل شراء المعدات العسكرية والأجهزة المتقدمة، والأجهزة ذات الاستعمال المشترك، التي تحدد النظر في أمرها بعد 180 يوماً من بدء سريان القرار (لم يحدث ذلك) بعد التأكد من جدية الحكومة السودانية في السير قدماً نحو الديمقراطية، والحريات العامة والحد من الصراعات المسلحة. لكن القرار لم يمس ” قانون سلام دارفور” ووضع السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب، ما يعني أن السودان سيظل محظوراً من الاستفادة من المساعدات التنموية ومبادرات خفض الديون الأميركية. بالإضافة إلى ذلك، فمع بقاء السودان على لائحة الدول الداعمة للإرهاب، فأنه من غير المتوقع حصوله على إستثمارات طويلة المدى، وسيظل العالم ينظر إليه بتحفظ شديد، خاصة في ظل الأوضاع السياسية والإقتصادية المتأزمة. لذلك لا بد من تكثيف العمل السياسي والإقتصادي للخروج من نفق العقوبات التشريعية. إجرائياً، بدأ العمل بالقرار ابتداء من السابع عشر من يناير 2017م لمدة ستة أشهر مدت إلى ثلاثة أشهر تنتهي في الثاني عشر من أكتوبر 2017، لكن عملياً لم يتم إنزال القرار إلى أرض الواقع بعد مرور أكثر من ثمانية أشهر من صدوره. وهذا ليس غريباً قياساً على تجربتي إيران وكوبا، وعجز السودان من الأستفادة من الفرص التي يتيحها القرار كما سنرى لاحقاً.
أضرار العقوبات: في البداية حاول السودان تفادي العقوبات المفروضة عليه، خاصة في مجال المعاملات المالية والمصرفية، بالتحول من الدولار الأميركي إلى العملات الأخرى قابلة التحويل، لكن سرعان ما باءت هذه الخطوة بالفشل، نتيجة لقوة أميركا الاقتصادية وسيطرتها شبه الكاملة على نظم وحركة المعاملات المالية في العالم. لذلك، انقطعت علاقة السودان تدريجياً بالبنوك الأميركية، ثم الأوروبية، ثم بدأت بعد ذلك معظم البنوك والمصارف الخليجية والآسيوية في الابتعاد عن التعامل مع السودان خوفاً من تأثير العقوبات الأميركية على مصالحها، ما زاد من تكلفة تقديم الخدمات والتحاويل والتجارة للسودان. المؤسف، أن تلك العقوبات أضرت أيضاً بالقطاع السوداني الخاص بحرمانه من التمويل الخارجي، والاستثمار الأجنبي خوفاً من الوقوع في مصيدة قوانين المقاطعة الأميركية، التي طالت أيضاً السودانيين في دول المهجر وفي الداخل بسبب صعوبة التحويلات البنكية من وإلى السودان.
أما في قطاع النقل، فقد كانت السكة حديد والخطوط الجوية السودانية أول الخاسرين بسبب توقف أكثر من 80% من القطارات والطائرات ذات الأصل الأميركي عن العمل لعدم توفر قطع الغيار، ما أدى إلى ارتفاع تكلفة النقل عن طريق الجو والشاحنات. كما أضرت العقوبات أيضاً بقطاع الصحة، خاصة الجانب الدوائي، نتيجة للتأثير السلبي على استيراد الأدوية المنقذة للحياة. وعلى مجالات التعاون الدولي وبناء القدرات البشرية ونقل التقانة الحديثة. فيما يختص بقطاع الصناعة، الذي يستحوذ على 26% من إجمالي الناتج المحلي حسب الأحصائيات الرسمية، فقد ساعدت المقاطعة في تدهور الصناعات الرئيسية كالنسيج والزيوت والملبوسات والمنتجات الجلدية والدواء نسبة لعدم توفر قطع الغيار والتقانة الحديثة بالإضافة إلى ارتفاع تكلفة التمويل والمعاملات البنكية، ما أدى إلى توقف الكثير من الصناعات الحيوية وتشريد كم هائل من العمالة. أما القطاع الزراعي، الذي يساهم بأكثر من 29% من إجمالي الناتج المحلي، فلم يكن أوفر حظاً، حيث ساعدت العقوبات فى رفع أسعار مدخلات الإنتاج بسبب الشراء عبر الوسطاء والسوق الموازي، زيادة أسعار التأمين، والحرمان من التقنية الأميركية والغربية، ما نتج عنه ارتفاع تكلفة الإنتاج وبالتالي توقف الكثير من الصادرات الزراعية، خلاف الصمغ العربي. باختصار، قد تمثل المقاطعة أحد الأسباب، وليست السبب الوحيد، في تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية حيث ساهمت وبصورة مباشرة في رفع تكلفة الإنتاج وبالتالي في ارتفاع أسعار المستهلكين، ما ساعد في الحد من تنافسية المنتجات السودانية وتوسيع وتنويع القاعدة الإنتاجية للاقتصاد القومي. لكن من الخطأ جعل المقاطعة شماعة يعلق عليها فشل سياسات الحكومة الاقتصادية والمالية، ناهيك عن الأخطاء السياسية، لأن لتلك السياسات دور أساسي في تأزم الأوضاع الاقتصادية التي يعاني منها السودان حالياً.
فقد ظل الوضع الاقتصادي السوداني في حالة تأزم منذ الأزمة المالية العالمية في عام 2008م، تنعكس في عدم التوازن بين الإنتاج والاستهلاك في الاقتصاد الكلي الناتج عن: (1) التوسع المستمر عبر الموازنة العامة للدولة، في الإنفاق الحكومي التشغيلي غير الداعم للنمو، الذي زاد بأكثر من 100% منذ انفصال الجنوب (يوليو 2011م) وذهاب 75% من إنتاج النفط مع الجنوب، والصرف خارج الموازنة على الصراعات المسلحة في أرجاء البلاد والأنشطة السياسية لدعم النظام الحاكم. هذا يعني أن الحكومة تكيفت مع إنفصال الجنوب بالمقلوب!. مشكلة الأنفاق التشغيلي أو الجاري أنه يبتلع كل الإيرادات والمنح الخارجية ويزيد. فمثلاً، زاد هذا النوع من الصرف على إجمالي الإيرادات والمنح بحوالى 19% (11 مليار جنيه) في العام المالي 2016م حسب موازنة العام المالي 2017م، و 18% (7 مليار جنيه) في النصف الأول من العام المالي 2017م وفقاً للأحصائيات الرسمية المتوفرة. هذا يعني أن الحكومة تقترض لتمويل العجز التشغيلي والإنفاق على التنمية، ما يجعل من الأخيرة مجرد شعار سياسي ليس إلا. (2) التراجع المتواصل لأداء القطاعات الحقيقية الرئيسية الزراعة (بشقيها النباتي والحيواني) والصناعة خلال الأعوام الثمانية الماضية، التي شهدت نمواً سلبياً بلغ متوسط معدله السنوي حوالى 3%. هذا أدى إلى
ظهور اختناقات هائلة في الإنتاج المحلي زادت من الاعتماد على الاستيراد، خاصة الغذائي، وقلصت من حجم الصادرات، ما أدى إلى المزيد من الطلب على النقد الأجنبي، مع ملاحظة أن عائد صادرات الذهب لا يتعدى 1,2 مليار دولار في العام. هذا قاد بدوره إلى تنامي عجز الميزان التجاري (الفرق بين الصادر والوارد)، الذي ارتفع من 300 مليون دولار في عام 2011م، إلى أكثر من أربعة مليار في عام 2016م. هذه العوامل هي السبب الرئيسي وراء تدهور قيمة العملة السودانية مقابل الدولار والعملات الأجنبية الأخرى قابلة التحويل. بالإضافة إلى ذلك، فهناك عدة مخاطر سلبية تخيم على الآفاق الاقتصادية المتوقعة في السودان. فعدم إحراز تحسن ملموس في خلق فرص العمل، خاصة للشباب، ومستويات المعيشة يهدد تفاقم الاحتكاكات الاجتماعية والسياسية، كما أن النكسات التي تتعرض لها عملية التحول السياسي ووضع وتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والمالية المطلوبة لمعالجة الأوضاع الأقتصادية المتردية يمكن أن تضر بأي تعافي اقتصادي متوقع. في هذه البيئة المحفوفة بالمخاطر، أتي قرار الرفع الجزئي المؤقت للعقوبات الأميركية المفروضة على السودان.
تداعيات رفع العقوبات: الرفع الجزئي المؤقت للعقوبات يمثل خطوة كبيرة في الاتجاه الصحيح تتيح استعادة التبادل التجاري والاقتصادي بين السودان وبقية العالم الغربي عن طريق تسهيل العمليات والإجراءات المصرفية لحركة الصادر والوراد، وتوفير السلع ومدخلات الإنتاج الأساسية، والخدمات الصحية والتعليمية، بالإضافة للاستفادة من كافة التسهيلات البنكية والمصرفية الموجودة في العالم، والتقنية الأميركية والغربية المتطورة، وفتح مجالات التعاون مع مؤسسات التمويل والاستثمار الدولية، خاصة بالنسبة للقطاع الخاص السوداني. من جانب آخر، يتيح القرار أيضاً فرصة قد تكون الأخيرة لمواجهة التحديات والمشاكل الحقيقية التي تواجه الاقتصاد السوداني لإستعادة الأستقرار السياسي والأقتصادي دون احتفاليات وفرقعات إعلامية بائسة.
في جانب أثر رفع العقوبات على القطاعات الإنتاجية، فسيكون القطاع الزراعي (بشقيه النباتي والحيواني) الأكثر استفادة من الرفع. هذا القطاع يمثل القاعدة الإنتاجية الرئيسية للاقتصاد ويعتمد عليه أكثر من 60% من سكان البلاد كمصدر دخل. فاستعادة انسياب واردات المدخلات الزراعية من قطع الغيار والأسمدة والتقاوي والتقنيات الحديثة سيرفع من إنتاج وإنتاجية القطاع ما سينتج عنه زيادة الصادرات وعائدها من العملات الصعبة بعد خفض تكلفة الإنتاج ورفع تنافسية المنتجات السودانية، شريطة أن تتبنى الحكومة السودانية تدابير وسياسات جديدة تعزز التنافسية والإنتاج المحلي. أما القطاع الصناعي، الذي يمثل أحد المصادر الرئيسية للعمالة، فهو الآخر، كالزراعة، سيستفيد من رفع العقوبات. لكن، بما أن الموارد الضرورية لإنعاش القطاعات المنتجة تستغرق وقتاً لتوفيرها وتنفيذها، فمن غير المتوقع أن يستفيد السودان من رفع العقوبات في توسيع وتنويع قاعدته الإنتاجية وزيادة حجم صادراته في المدى القصير، على أقل تقدير. على عكس ذلك، فمن المتوقع في حالة التعطش للواردات الأميركية، خاصة من جانب القطاع الخاص السوداني، أن تكون أميركا هي المستفيد الأول من رفع العقوبات في المرحلة الأولية، ما قد يؤدي إلى اتساع عجز الميزان التجاري، وبالتالي زيادة الضغط على أسواق النقد الأجنبي وسعر صرف العملة السودانية.
فيما يتعلق بتحويلات السودانيين في دول المهجر، وعائد الصادر، فمن غير المتوقع أيضاً أن يؤدي رفع أو إبقاء العقوبات إلى زيادة عرض النقد الأجنبي في السوق المنظم في ظل الفجوة الحالية بين سعر الصرف التحفيزي وسعر صرف السوق الموازي للدولار وغياب السياسات المطلوبة للحد من استمرار تدهور العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية قابلة التحويل. في نوفمبر 2016م، حدد بنك السودان المركزي سعر صرف تحفيزي لتحويلات المغتربين السودانيين وعائد الصادر (15,8 جنيه للدولار) بمستوى أقل من سعر صرف السوق الموازي (16,1 جنيه للدولار). لكن التقط السوق الموازي القفاز ورفع سعر صرفه إلى (16,5 جنيه للدولار). واستمر السعر في القفز حتى وصل (19,5 جنيه للدولار) في مطلع يناير 2017م، بينما ظل السعر التحفيزي واقفاً في مكانه. لكن فجائية القرار برفع العقوبات دفعت بالسوق الموازي لتوخي الحيطة والحذر، فهبط سعر الصرف الموازي إلى حوالى (18 جنيه للدولار)، لكنه واصل الصعود بعد امتصاص الصدمة النفسية للقرار وتعدى حاجز الثمانية عشر جنيهاً للدولار بعد الأسبوع الأول من صدور القرار. للأسف الشديد، البنك المركزي سار بالسعر التحفيزي في الاتجاه المعاكس، فهبط به من (15,8 جنيه للدولار) إلى (15,5 جنيه للدولار) في نفس الفترة ثم غط في نوم عميق منذ ذاك الحين. بالتالي واصل سعر الصرف الموازي في الأرتفاع حتى وصل إلى ما يقارب (22 جنيه للدولار) في الأسبوع الثالث من سبتمبر 2017م. هذا يعني أن القرار لم يحدث أثر ذي معنى على تدفقات تحويلات المغتربين وعائدات الصادر، التي قد تتقلص أكثر إذا استمرت الفجوة في الاتساع بين السعرين، ما يمثل ضربة موجعة للإنتاج وميزان المدفوعات. أما تراجع سعر الدولار مقابل الجنيه الذي يشهده السوق الموازي هذه الأيام قبل القرار النهائي بشأن الرفع الجزئي للمقاطعة الأميركية في الثاني عشر من الشهر الجاري، فهو أيضاً مؤقت دافعه الخوف والحذر، مع ملاحظة أن السوق الموازي هو سوق طفيلي بأمتياز يتأثر بالإشاعات والتصريحات المفرطة في التفاؤل بجنة ونعيم إن رفعت العقوبات أكثر من تأثره بالوقائع والحقائق الإقتصادية على الأرض. لذلك نتوقع أن يعاود الدولار الصعود مقابل الجنيه بعد تقرير مصير العقوبات سلباً أو إيجاباً وأكتشاف زيف النعيم الموعود. وقتها سيكون أول العائدين لطلب الدولار الحكومة وشركاتها الرمادية.
أما بخصوص سعر العملة السودانية مقابل الدولار، فقد هبط بنسبة 122% من (8,8 إلى 19,5 جنيه للدولار) من نهاية ديسمبر 2014م، إلى نهاية ديسمبر 2016م، بسبب عدم ضبط الإنفاق الجاري غير الداعم للنمو وحل مشكلة اختناقات الإنتاج بإعادة تحريك عجلة نشاط القطاعات الحقيقية. لهذا ليس غريباً استمرار عدم الاستقرار في أسواق النقد الأجنبي كنتاج طبيعي لغياب السياسات المطلوبة للتعامل مع تدهور سعر العملة الوطنية، ومعالجة الأسباب التي أدت إلى عدم استقرار الأسعار الكلية، حيث بلغ متوسط معدل التضخم 31% في شهر ديسمبر 2016م حسب أحصائيات الجهاز المركزي للأحصاء، مقارنة مع 13% في ديسمبر 2015م، و 35% في شهر أغسطس 2017م، ما يعني أن أسعار المستهلك ارتفعت بنسبة 138% في عام 2016م، و13% في الثمانية أشهر الأولى من عام 2017م. في ظل هذا الوضع، ومع عدم توقع أي تحسن ملحوظ في تحويلات المغتربين وعائدات الصادر، فمن المستبعد توقع أن يؤثر رفع العقوبات الجزئي في الحد من استمرار تراجع العملة الوطنية أمام الدولار والعملات الأخرى قابلة التحويل في المدى المتوسط. أما بالنسبة للاستثمار، فنظرياً يمثل رفع العقوبات حافزاً قوياً لتشجيع الاستثمار الأجنبي المباشر في السودان. لكن واقعياً، سيظل هذا النوع من الاستثمار حلم يقظة مالم تقم الحكومة بإصلاحات جذرية، خاصة في قطاعات الزراعة والصناعة والنفط والمعادن، من أجل تحسين التنافس، مرونة واستقرار سعر الصرف ، مرونة سوق العمل، الإنتاجية، تخزين وتسويق الإنتاج، وإعفاء كافة مدخلات إنتاج القطاعات الحقيقية من الجمارك والضرائب والرسوم الإدارية، ما عدا ضريبة القيمة المضافة، التي تمثل مصدر إيراد رئيسي للدولة.
خاتمة: إجمالاً، أن قرار الرفع الجزئي المؤقت أو النهائي للعقوبات الأميركية سيكون محدود الأثر بالنسبة للاقتصاد السوداني في المدى القصير، على الأقل، مع توقع ظهور آثاره الإيجابية في المدى المتوسط. لكن هذا يتطلب قيام الحكومة السودانية بوضع وتنفيذ حزمة متكاملة من الإجراءات لإصلاح البيئة الاقتصادية بوجه عام وتحقيق الاستقرار في السياسات الاقتصادية الكلية والمالية على الآماد القصير والمتوسط والطويل، بهدف استعادة الثقة في مصداقية الحكومة في اتخاذ خطوات جريئة وحاسمة لمعالجة مشاكل الاقتصاد بصورة جادة ووفق رؤية واضحة المعالم وجدول زمني محدد يراعي معقولية التدرج في تنفيذ السياسات. لكن لابد أولاً من وقف الصراعات المسلحة ووضع وتنفيذ سياسات لإصلاح المالية العامة، بما في ذلك وقف التجنيب ومحاربة الفساد المالي والأداري، مع البدء في إصلاحات هيكلية لتحسين أداء السياسات الكلية، خاصة غلاء الأسعار وسعر صرف العملة الوطنية. فالرفع الجزئي للعقوبات الأميركية، مؤقتاً كان أو نهائياً، يضع الحكومة بين خيارين، إما الإصلاح للاستفادة من الفرصة الذهبية التي يتيحها القرار وأي قرارات أخرى قد تأتي لاحقاً، أو استمرار الجلوس على هاوية الانهيار. لكن بعد مرور أكثر من ثمانية أشهر على قرار الرفع الجزئي للعقوبات، فمن الواضح أن الحكومة أنحازت للخيار الثاني ولسان حالها يقول العوم في ” خور الورل” ولا الغرق في بحر الإصلاح والتحول الجوهري في النظام الإقتصادي والسياسي للبلاد.
______________________________________________________________________________
· ماجستير ودكتوراه في الإقتصاد من جامعتي غوتنغن وكولونيا (ألمانيا الإتحادية)، محاضر سابق في الأقتصاد، جامعة الخرطوم وجامعات ألمانية وأميركية، خبير إقتصادي، صندوق النقد والبنك الدوليين، وزير أسبق للمالية والإقتصاد الوطني أبان فترة الديمقراطية الثالثة، حالياً مستشار إقتصادي ومالي لعدة منظمات مالية وتنموية عالمية وإقليمية.
الدكتور التجاني الطيب — لكم التحية ? وشكرا علي المجهود والاضاءات وجاء في خلاصة مقالكم الجيد (كن هذا يتطلب قيام الحكومة السودانية بوضع وتنفيذ حزمة متكاملة من الإجراءات لإصلاح البيئة الاقتصادية بوجه عام وتحقيق الاستقرار في السياسات)
من هنا يبدأ تعليقي حيث المطلوب وضع وتنفيذ حزمة متكاملة من الاجراءات السياسية ووضع سقف زمني لكبح جماح البشير من تجديد تولي رئاسة البلاد تحت مختلف الحجج والذرائع والتي يخلق بعضها سيادته شخصيا بممارسات لا تخفي علي العالم الخارجي ان هي وجدت التغافل عن الحراك الداخلي وارتباط رأس الدولة وموقعه بحركة المال ارتباط يجهله فقط أويتغاضي عنه الحزب الحاكم في المؤتمر الوطني فلتقريب المعني للمواطن العادي فأمين خزينة السودان في مقابل البنوك المركزية العالمية هو عمر البشير ورئيس غرفة السودان التجارية بالنسبة للعالم الخارجي هو عمر البشير وتأكيد وتعزيز الا عتمادات المستندية للمصدرين من خارج السودان هو عمر البشير ومن يوقع أوراق ومستندات شحن واردات السودان هو قلم عمر البشير وباختصار وجود عمر البشير علي رأس الحكم طوال تلك الفترة ومع غياب أي برنامج جاد لخلافته في الحكم هو الحظر الاقتصادي الذي يجب أن يسعي السودانيون للتخلص منه ولا استعدي الة الحرب ولكن اصرخ في الحكمة السودانية لتتداعي وتناصح الرئيس علنا لفك أسر مقعد الرئاسة في السودان ليسمح بفك الحظر العالمي فامريكا لا تنصحنا بتغيير القيادة ولكنها تواصل تثبيت الحظر بذرائع أخري واللبيب بالاشارةىفهم ? لكم التحية
والله تحليل منطقى ويدل على العلم والدراية, بعكس الكيزان الذين عادتهم الضجيج ولا نرى لهم طحينا.
اطال الله في عمرك واعمارنا لنشهد عودتك الي دفة الاقتصاد السوداني.
اولا اعجبت بالتجرد العلمي في التحليل، وبعدك عن الكيد السياسي. لكن ارى التافؤل ينضح في جنبات المقال: (في جانب أثر رفع العقوبات على القطاعات الإنتاجية، فسيكون القطاع الزراعي (بشقيه النباتي والحيواني) الأكثر استفادة من الرفع. مثال 1
لكن الشرط المتمم للفال :(شريطة أن تتبنى الحكومة السودانية تدابير وسياسات جديدة تعزز التنافسية والإنتاج المحلي) في ظني هو مربط الفرس. تعلمنا من التجربة ان النظام لا يقوم بهكذا سياسات . النفط كان بين ايدينا ويملء الخزانة الوطنية بما يكفي لتحقيح هذا الشرط. لكن ذلك لم يحدث فالقطاع الزراعي والذي يتغل به اكثر من 65% كمصدر دخل لم تتخذ اي تدابير تعزز التنافسية والانتاج المحلي واظنك تقصد: دعم البنيات التحتية لمشاريع التنمية الزراعية تحديث التقانة الزراعية ، تحديث واعادة تاهيل المكنكة الزراعية وتحسين شروط التمويل الزراعي المحفز… كل ذلك كان المتعافي ينتهج سياسة الضد تماما ابان الطفرة النفطية. وحتى هذا التاريخ لا اجابة عن اين ذهب العائدات التي بلغت المليارات( الناتج المحلي للعام 2010 وصل 100 مليار دولار، النفط ساهم باكثر من 66%).
مثال 2 (فيما يختص بقطاع الصناعة، الذي يستحوذ على 26% من إجمالي الناتج المحلي حسب الأحصائيات الرسمية، فقد ساعدت المقاطعة في تدهور الصناعات الرئيسية كالنسيج والزيوت والملبوسات والمنتجات الجلدية والدواء نسبة لعدم توفر قطع الغيار والتقانة الحديثة بالإضافة إلى ارتفاع تكلفة التمويل والمعاملات البنكية، ما أدى إلى توقف الكثير من الصناعات الحيوية وتشريد كم هائل من العمالة. ) وكذا القطاع الصناعي والذي يعتمد على كفاءة الزراعي، لا يتوقع ان يجري عليه اصلاحا حقيقيا ابسط المطالب كف يد الراسمال الطفيلي عن الاحتكار والفساد الاداري ومن ثم خلق سوق تنافسي يتعمد الجودة والشفافية كمبدا تدتر به السوق وهذا مالا نتوقعه من من اعتاد على التطفل.
ثم ان القرار نفسه يكفي ان نعرف من دفع بازالته وساعد في الضغط على امريكا،، كلنا يعلم. والطل ايضا يعلم الثمن المنتظر دفعه.
جدي- رحمه الله- قال لما ناس الحلة استبشروا بالبترول بداية الالفية وافرطو في التفاؤل: والله ان غبيانين ساي ، البترول دا طان جاء ماسي بالترعة دي ما يخلوك تغرف منو غرفة.
مودتي
يا اخوان مطلوب مسيرة مليونية للقصر الجمهوري لشكر الرئيس لاعلانه التنحي من الرئاسة في الانتخابات القادمة وتسليمه خطاب الشكر كل الناس كل الأحزاب كل الشعب السوداني الرافض للانقاذ لو شاركنا لأرينا الأقزام المنفوخة وبينا لها حجمها الحقيقي..
لقد نجحت فكرة العصيان المدني بفكره بسيطة بطريقة سلمية وتنفيذ دعاية عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي وسرت الفكرة ونفذت بطريقة ابهرت العالم وهزت كيان النظام هزا..
الآن لدينا الفرصة لنعلن يوم الاحتفال وشكر الرئيس لاعلانه التنازل عن عدم الترشح للرئاسة في الانتخابات القادمة وتذهب كل الجماهير للقاء بحدائق القصر وسط الأناشيد والعرضة وتسليمه خطاب الشكر.. لنريهم بطريقة حضارية كم هم منبوذين وكم هذا الرئيس لا يحقق طموحات جماهير الشعب السوداني ولا يشرف الشعب السوداني..
شكرا
د/ التجاني الطيب إبراهيم
من التحليل الاقتصادي و الوضع السياسي المقرون بالتغييرات الاقتصادية , لن يكون هناك أمل في طل النظام الفاسد و الهيكلة القائمة علي (الكومشن) … من الجانب الأخر يفتقر هذا النظام الي الخطاب الدولي الدبلوماسي المدروس .
اللهم أرفع عنا البلاء أنت ولي ذلك والقادر عليه
الدكتور التجاني الطيب — لكم التحية ? وشكرا علي المجهود والاضاءات وجاء في خلاصة مقالكم الجيد (كن هذا يتطلب قيام الحكومة السودانية بوضع وتنفيذ حزمة متكاملة من الإجراءات لإصلاح البيئة الاقتصادية بوجه عام وتحقيق الاستقرار في السياسات)
من هنا يبدأ تعليقي حيث المطلوب وضع وتنفيذ حزمة متكاملة من الاجراءات السياسية ووضع سقف زمني لكبح جماح البشير من تجديد تولي رئاسة البلاد تحت مختلف الحجج والذرائع والتي يخلق بعضها سيادته شخصيا بممارسات لا تخفي علي العالم الخارجي ان هي وجدت التغافل عن الحراك الداخلي وارتباط رأس الدولة وموقعه بحركة المال ارتباط يجهله فقط أويتغاضي عنه الحزب الحاكم في المؤتمر الوطني فلتقريب المعني للمواطن العادي فأمين خزينة السودان في مقابل البنوك المركزية العالمية هو عمر البشير ورئيس غرفة السودان التجارية بالنسبة للعالم الخارجي هو عمر البشير وتأكيد وتعزيز الا عتمادات المستندية للمصدرين من خارج السودان هو عمر البشير ومن يوقع أوراق ومستندات شحن واردات السودان هو قلم عمر البشير وباختصار وجود عمر البشير علي رأس الحكم طوال تلك الفترة ومع غياب أي برنامج جاد لخلافته في الحكم هو الحظر الاقتصادي الذي يجب أن يسعي السودانيون للتخلص منه ولا استعدي الة الحرب ولكن اصرخ في الحكمة السودانية لتتداعي وتناصح الرئيس علنا لفك أسر مقعد الرئاسة في السودان ليسمح بفك الحظر العالمي فامريكا لا تنصحنا بتغيير القيادة ولكنها تواصل تثبيت الحظر بذرائع أخري واللبيب بالاشارةىفهم ? لكم التحية
والله تحليل منطقى ويدل على العلم والدراية, بعكس الكيزان الذين عادتهم الضجيج ولا نرى لهم طحينا.
اطال الله في عمرك واعمارنا لنشهد عودتك الي دفة الاقتصاد السوداني.
اولا اعجبت بالتجرد العلمي في التحليل، وبعدك عن الكيد السياسي. لكن ارى التافؤل ينضح في جنبات المقال: (في جانب أثر رفع العقوبات على القطاعات الإنتاجية، فسيكون القطاع الزراعي (بشقيه النباتي والحيواني) الأكثر استفادة من الرفع. مثال 1
لكن الشرط المتمم للفال :(شريطة أن تتبنى الحكومة السودانية تدابير وسياسات جديدة تعزز التنافسية والإنتاج المحلي) في ظني هو مربط الفرس. تعلمنا من التجربة ان النظام لا يقوم بهكذا سياسات . النفط كان بين ايدينا ويملء الخزانة الوطنية بما يكفي لتحقيح هذا الشرط. لكن ذلك لم يحدث فالقطاع الزراعي والذي يتغل به اكثر من 65% كمصدر دخل لم تتخذ اي تدابير تعزز التنافسية والانتاج المحلي واظنك تقصد: دعم البنيات التحتية لمشاريع التنمية الزراعية تحديث التقانة الزراعية ، تحديث واعادة تاهيل المكنكة الزراعية وتحسين شروط التمويل الزراعي المحفز… كل ذلك كان المتعافي ينتهج سياسة الضد تماما ابان الطفرة النفطية. وحتى هذا التاريخ لا اجابة عن اين ذهب العائدات التي بلغت المليارات( الناتج المحلي للعام 2010 وصل 100 مليار دولار، النفط ساهم باكثر من 66%).
مثال 2 (فيما يختص بقطاع الصناعة، الذي يستحوذ على 26% من إجمالي الناتج المحلي حسب الأحصائيات الرسمية، فقد ساعدت المقاطعة في تدهور الصناعات الرئيسية كالنسيج والزيوت والملبوسات والمنتجات الجلدية والدواء نسبة لعدم توفر قطع الغيار والتقانة الحديثة بالإضافة إلى ارتفاع تكلفة التمويل والمعاملات البنكية، ما أدى إلى توقف الكثير من الصناعات الحيوية وتشريد كم هائل من العمالة. ) وكذا القطاع الصناعي والذي يعتمد على كفاءة الزراعي، لا يتوقع ان يجري عليه اصلاحا حقيقيا ابسط المطالب كف يد الراسمال الطفيلي عن الاحتكار والفساد الاداري ومن ثم خلق سوق تنافسي يتعمد الجودة والشفافية كمبدا تدتر به السوق وهذا مالا نتوقعه من من اعتاد على التطفل.
ثم ان القرار نفسه يكفي ان نعرف من دفع بازالته وساعد في الضغط على امريكا،، كلنا يعلم. والطل ايضا يعلم الثمن المنتظر دفعه.
جدي- رحمه الله- قال لما ناس الحلة استبشروا بالبترول بداية الالفية وافرطو في التفاؤل: والله ان غبيانين ساي ، البترول دا طان جاء ماسي بالترعة دي ما يخلوك تغرف منو غرفة.
مودتي
يا اخوان مطلوب مسيرة مليونية للقصر الجمهوري لشكر الرئيس لاعلانه التنحي من الرئاسة في الانتخابات القادمة وتسليمه خطاب الشكر كل الناس كل الأحزاب كل الشعب السوداني الرافض للانقاذ لو شاركنا لأرينا الأقزام المنفوخة وبينا لها حجمها الحقيقي..
لقد نجحت فكرة العصيان المدني بفكره بسيطة بطريقة سلمية وتنفيذ دعاية عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي وسرت الفكرة ونفذت بطريقة ابهرت العالم وهزت كيان النظام هزا..
الآن لدينا الفرصة لنعلن يوم الاحتفال وشكر الرئيس لاعلانه التنازل عن عدم الترشح للرئاسة في الانتخابات القادمة وتذهب كل الجماهير للقاء بحدائق القصر وسط الأناشيد والعرضة وتسليمه خطاب الشكر.. لنريهم بطريقة حضارية كم هم منبوذين وكم هذا الرئيس لا يحقق طموحات جماهير الشعب السوداني ولا يشرف الشعب السوداني..
شكرا
د/ التجاني الطيب إبراهيم
من التحليل الاقتصادي و الوضع السياسي المقرون بالتغييرات الاقتصادية , لن يكون هناك أمل في طل النظام الفاسد و الهيكلة القائمة علي (الكومشن) … من الجانب الأخر يفتقر هذا النظام الي الخطاب الدولي الدبلوماسي المدروس .
اللهم أرفع عنا البلاء أنت ولي ذلك والقادر عليه
Greetings to DR. Tegani and wish to add,the fact that,there is no way for economical and political reformation to be achieved soon ,as far as this corrupted system of Bashir and his gang is absolutely swiped off …Sudan ,now is totally destroyed ,to rectify this ,or to enable it stand again may need 100 bil. of dollar and twenty years of time…l am not dis optimistic ,,,but this is the fact
يا دكتور نكرك علي المقال الرائع والذي كان شافي وافيا وأعتقد كثير من المسؤلين ( عملوا print out)لهذا المقال.
لاكن لا نتفق معك يا دكتور في جزئية أن العقوبات الاقتصادية أثرت وعلى بانهيار قطاع السكة الحديد والزراعة وووو.
يعني انهيار وتفكيك مشروع الجزيرة وبيع حتي منازله وخطوط السكك الحديدية ومحالجه وجميع آليات وكذلك الخطوط الجوية والنقل البري والنهري ليس بسبب العقوبات الأمريكية ولكن بسبب تبني سياسة( التمكين ) زائدا الفساد والمحسوبية.
إيران فرضت امريكا عليها عقوبات منذ العام 1979.لم تنهار بل كانت في تطور زراعي وصناعي وتقني حتي بلغت مرحلة تخصيب اليورانيوم. لذلك نشاركك الرأي بأن رفع العقوبات ولو نهائيا لن يحدث نقلة في الوضع الاقتصادي السوداني المنهار.
إيران عندما رفعت العقوبات عنها كا لها من المال 150 مليار دولار في البنوك الأميركية ولذلك استطاعت شراء ما تريد من الدول الغربية .أما السودان لنفترض أن الأمريكان قالوا تعالو يا حكومة السودان اشتروا قطارات وطائرات ومصانع نسيج ومداخلات إنتاج زراعي وتقنية وغيره. أين المال؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
تحليل دسم وعلمي
بالله دا كان وزير عندنا؟!!
أححح خسارة فقدنا الكفاءات دي
قال الركابي قال هه