أخبار السودان

العقوبات الأمريكية وزيف ادعاء الدبلوماسية السودانية

خالد يس

لقد بشرت الدبلوماسية السودانية الشعب السوداني بأنها قد حققت نصرا في موضوع رفع العقوبات بعد عناء وجهد وصراع مع الدبلوماسية الأمريكية وان ذلك النصر قد جاء نتيجة لتوزيع جهود الدبلوماسية داخل الولايات المتحدة بين البيت الأبيض ومجلس الشيوخ والنواب وتحييد للوبي المعادي للسودان، وكان كل ذلك من خلال خطة مدروسة من قائد الركب والمسيرة الرئيس البشير واللجنة التي كونها من الأمن والدفاع والخارجية وغيرها من اجل التنسيق والفعل المشترك، كل ذلك قال به غندور وهو يبشر الشعب السوداني بانتصار وزارة الخارجية السودانية، ولكن هل ضلل غندور نفسه ام الشعب السوداني بتلك الرواية التي لا تحمل ادني مصداقية في جوهرها. وللأسف هنالك من صدق تلك الرواية فالعقل السوداني يفتقد للتراكم وهو ما يقوده إلى تصديق أي ادعاء دون إخضاعه للفحص الكلي وإدراك مدي مصداقيته، فإذا كان هنالك عقل تراكمي كان يمكن لأصغر محلل سياسي وضع الأحداث في صياغها الصحيح وعدم الانقياد خلف ادعاءات دون فحصها.
فقد جاء رفع العقوبات نتيجة لرغبة ثنائية بين الولايات المتحدة ودول الخليج على رأسها السعودية ولم يكن للسودان دور سوى تنفيذ تلك الرغبة وما تحتويه من شروط، فالولايات المتحدة وجدت نفسها قد خلقت دولة فاشلة هي دولة جنوب السودان نتيجة لإصرارها على الاستفتاء ودعمها للانفصال، ودولة في اتجاهها للانهيار بالكامل وهي دولة السودان نتيجة لافتقادها لكل عناصر البقاء الاقتصادي وأخرها البترول الذي ذهب مع ذهاب الجنوب، فقد مثلت تلك أزمة أخلاقية سياسية لاوباما ولحزب الديمقراطيين الذي يتزعمه، فهي أخلاقية حتى لا تكون وصمة عار في جبين الحزب الديمقراطي طوال تاريخه وهي أزمة سياسية يجب تلافيها حتى لا تحدث الصوملة في السودان وتحديدا مع موجة الإرهاب التي سببت صداع للعقل الأمريكي ولم يستطع أن يحتويها إلى الآن، ولكن كان السؤال من جانب المؤسسات الأمريكية هو كيفية رفع العقوبات في ظل نظام ديكتاتوري قمعي يرفض الانصياع لصوت العقل ولا يسمع إلا لصوت القوة أو صوت البزنس، هنا ظهرت السعودية التي أصبحت تحاول أن تكون القائد في المنطقة العربية بعد ذهاب الأباطرة التاريخيين وآخرهم حسني مبارك والقذافي، فهذه الانا المضخمة عند الحكام السعوديين الذين يحاولون فرض إرادتهم على كل المنطقة بقوة المال فقط هي التي جعلت السعودية بان تتكفل وتكون الضامن للنظام السوداني عند النظام الأمريكي مع التأكيد على تنفيذ النظام السوداني لكل الشروط الأمريكية لرفع العقوبات، واستفادت السعودية عندما وجدت نظام خانع لا يمتلك ادني روح للمقاومة ولا توجد لديه رؤية يسير على هديها وفي ظل الضائقة الاقتصادية التي يمر بها أصبحت السعودية تمتهن كرامة المؤسسة السودانية من رئيسها إلى اصغر موظف، فبداية من افتعال السعودية للازمة مع إيران وإجبار النظام السوداني على قطع علاقاته معها، مرورا بعاصفة الحزم وإجبار النظام السوداني على القتال في اليمن من خلال قوات على الأرض ومع استمرار الحرب كان استنزاف الجنود السودانيين، ولم يستطع النظام السوداني أن يرفض ذلك كما رفض النظام المصري رغم كل الحوافز التي لازالت تقدم له.
فتلك الثلاثية هي التي رفعت العقوبات الأمريكية عن السودان وليست الدبلوماسية السودانية كما يدعي غندور ويحاول أن يوهم نفسه بانتصار حتى لو تحقق هو اقرب إلى الهزيمة عندما نتذكر شعارات الحاكمين (لن نزل ولن نهان ولن نطيع الأمريكان)، فأمريكا رفعت العقوبات من خلال المسؤولية الأخلاقية والسياسية واستفادت السعودية من الوضع باعتبار السودان تابع للمواقف السعودية وكذلك الاستفادة من الاستثمارات والإعفاءات التي تقدمها لها الحكومة السودانية مجبرة، واستفاد النظام الخانع عندما فقد بوصلته تماما وأصبح يعتمد على المنح التي تقدمها له دول الخليج من اجل الاستمرار في الحياة.
وللأسف لا توجد دبلوماسية سودانية ولكن توجد مهازل دبلوماسية يقودها غندور ومن خلفه البشير ومن تلك المهازل زيارة البشير للمملكة المغربية التي قيل انها بدعوة من العاهل المغربي ولكن اتضح انها من العاهل السعودي لزيارته في مصيفه في المغرب، فهي اغرب مهزلة أن يسعي أو يستدعي رئيس دولة إلى أخرى دون أن يلتقي بمسؤولين من تلك الدولة ولكن ماذا نقول عن الدبلوماسية السودانية، وكذلك من المهازل رفض السعودية لأي مسؤول سوداني بزيارة قطر منذ الأزمة الخليجية رغم ما بين نظام الخرطوم وقطر من علاقات، فحتى زيارة بكرى حسن صالح التي أعلن عنها لم تتم ولم توضح الأسباب رغم وضوحها وهو رفض السعودية لتلك الزيارة، وكذلك مسلسل الفريق طه الذي مثل اكبر اختراق للدولة السودانية في العصر الحديث من جانب السعودية ولم يستطع النظام أن يعتقل الفريق طه أو يحتج فقط لدي السعودية لذلك الاختراق. وعن أي دبلوماسية يتحدث غندور ورأس النظام اجبر على أن يكون ساعي البريد يستلم من السعودية مطلوبات أمريكا ويسلمها ما تم انجازه، فقد التقي الملك السعودي بالرئيس السوداني منذ يناير 2015م 15 مرة أو أكثر ليس من بينها لقاء في السودان، ورغم ذهاب عمر البشير المستمر إلى السعودية لم تتفضل علينا السعودية بزيارة لملكها أو ولى عهدها على الأقل، ولذلك ليست هي لقاءات بين ملك ورئيس دولة ولكنها بين ملك وساعي بريد ليس إلا، ويحدثك غندور عن الدبلوماسية.
والظاهر من اللقاءات المستمرة بين العاهل السعودي والرئيس السوداني هو عدم اقتناع المؤسسة الأمريكية سوى بعمر البشير دون ادني اعتبار لغندور ووزارته، فهي تدرك الحكم الشمولي الذي يقوده عمر البشير في السودان وعدم اعترافه بالقرارات التي لا تأتي إلا منه ويكفي أن نتذكر اتفاقية نافع عقار، فإذا كان العقل السوداني ينسي فالعقل الأمريكي يحتفظ بكل التاريخ ولذلك اجبر عمر البشير على أن يكون هو وليس إنسان آخر الضامن وساعي البريد.
ولكن لنترك غندور جانبا ونسال ماذا يستفيد السودان من رفع الحظر حتى يتم الاحتفال به بتلك الصورة؟! من المعروف ان رفع الحظر يعيد فقط السودان إلى دائرة الاقتصاد الدولي وكان سيستفيد أيضا إذا كانت له أصول مجمدة من ذلك القرار ولكن نسبة لان الأصول ليست كبيرة كما تحدث كثير من أهل الشأن، فإذا الفائدة من القرار تقتصر فقط على دخول السودان في دائرة الاقتصاد العالمي، ويتحكم في تلك الدائرة الميزان التجاري للدولة وهو الفرق بين الصادرات والواردات فذلك الفرق هو الذي يوضح حجم استفادة الدولة من الاقتصاد العالمي أو خسارتها، وفي ظل الوضع الراهن وفشل الدولة في توفير إدارة ناجحة للاقتصاد الكلي واكتفاء كل وزير بوزارته وعدم وجود رؤية وخطط حقيقية وانعدام التنسيق والتكامل الضروري بين الوزارات وتوفير فقط الربط السنوي المعد من قبل وزارة المالية مما يمكننا من تسمية الاقتصاد السوداني باقتصاد الختة فهو أشبه بالصناديق التي كانت نسائية وأصبحت مجتمعية من مفهوم اقتصاد الدول.
وكذلك مع انهيار قطاعات الإنتاج الحيوية المتمثلة في القطن والثروة الحيوانية وبيروقراطية الدولة وانحيازها الواضح لتجار النظام دون غيرهم من حيث الغطاء السياسي والمالي، والتشوهات التي توجد في الاقتصاد السوداني بين الحر والمحتكر، كل ذلك لا يبشر بإمكانية استفادة السودان من قرار رفع العقوبات بل يمكن ان يؤثر سلبا نتيجة لعجز الميزان التجاري المستمر والذي يؤدي إلى التضخم ومزيد من انهيار العملة السودانية.
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. يازول اتق الله وبطل حقد وتنظير وعليك الله ما تتفلسف فينا والله ماكرهنا الا خزع بلادكم دي الواحد فيكم متجدع ليهو في بلد ويجي يمرضنا باوهام منجوره من راسو .ياخي انت عملت شنو للبلد دي ولا اقول ليك تعال ياخي شارك الناس بفهمك البوصل الناس للعيشه السمحه للمواطن الروحو طلعت ده؟؟

  2. يازول اتق الله وبطل حقد وتنظير وعليك الله ما تتفلسف فينا والله ماكرهنا الا خزع بلادكم دي الواحد فيكم متجدع ليهو في بلد ويجي يمرضنا باوهام منجوره من راسو .ياخي انت عملت شنو للبلد دي ولا اقول ليك تعال ياخي شارك الناس بفهمك البوصل الناس للعيشه السمحه للمواطن الروحو طلعت ده؟؟

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..