أخبار السودان

هل تقرير المصير هو الحل الأمثل والوحيد الذي يجب إعتماده؟

مبارك أردول

لقد إطلعت على بيان صادر بالأمس نصه إن المؤتمرين في مؤتمر للحركة الشعبية لتحرير السودان بجبال النوبة قد ضمنوا حق تقرير المصير كحل نهائي لمعالجة المشكلة السياسية التي تعاني منها المنطقة.
ولكن مهما كتبت من بيانات كانت تحمل نصوص بأن المؤتمرين خرجوا بإعتماد حق تقرير المصير كحل نهائي للمشكلة في جبال النوبة الا أن موقفنا سيظل ثابت دون تغيير تجاهه، فتقرير المصير والانفصال وتأسيس دولة جديدة ليس هو الغاية والجنة التي يجب أن تلهف قلوبنا نحو تحقيقها! وليس هو الحل الوحيد العادل لتلبية طموحات وتطلعات شعبنا في جبال النوبة او جنوب كردفان.
فاذا تركنا كل التعقيدات الاثنية والاجرائية حوله وتجاوزنا واقع المنطقة وذهبنا لمناقشته كآلية يعتقد البعض عدالتها لحسم الصراع، نجدها أنها تحمل مشاكل كبيرة يتغاضى عن مناقشتها من يروجون لها حاليا.
فمثلا إذا نظرنا للوراء في خلفية تاريخية سريعة نجد انه منذ أن برز الحديث عن تقرير المصير في السياسة الدولية وضمن في أضابير الأمم المتحدة بعد إنتهاء الحرب العالمية الثانية أي بعد إنهيار منظمة عصبة الأمم بعد أن إنسحبت أمريكا منها، وبغض النظر عن الجدال حول أسباب تضمينه (لتفكيك الاتحاد السوفيتي أو لوقف وإنحسار التمدد الاوروبي في إفريقيا أو من أجل مصلحة الشعوب وجملت بعبارات الديمقراطية كزينة دائمة للسياسات الامريكية الخارجية)، وكذلك بعد تطبيقه او ممارسته في المستعمرات الإفريقية وغيرها، ونتج عن ذلك نيلها للاستقلال أو الانفصال وتأسيس دول جديدة، نجده خاصة في افريقيا لم تقود تلك الممارسات نحو تحقيق طموحات وأشواق الجماهير المناضلة والتي كانت ترى بأن مجرد الاستقلال يعني انتفاء الممارسات السابقة التي سبقت حقبة ممارسة حق تقرير المصير والانفصال، ولكن التجربة أثبتت أن تلك الشعوب أصيبوا بخيبة أمل كبيرة بعد أن استقلوا وانفصلوا، لم يحنوا للمستعمر ولكن لان أغلب الدول الوليدة التي ولدت بعد نضال وتضحيات ومعاناة أصبحت ملكية خاصة للنخب والقادة الذين قادوا تلك الشعوب وناضلوا معهم لممارسة تلك الحقوق، بل كانوا صوروا لهم أن الحل يكمن في مجرد الاستقلال والانفصال، وأن المشكلة تكمن فى المستعمر فقط، ذهبت الشعوب خلف الأشواق المحاطة بالثقة المفرطة، ولم يتمهلوا لمناقشة شكل الدول التي يريدونها كشرط سابق قبل تنفيذه، وكيف يمكن لهم ان يجعلوا ذلك ملبيا لتطلعات العدالة والمساواة والحرية والمواطنة المتساوية، ويمنعوا كافة الاسباب التي سوف تجعل الجديد قادما بنفس صفات القديم، وثقوا في قاداتهم ولم يتخيلوا أن يكون فيهم الفاسد والمستبد والدكتاتور، إنخدعوا خلف الشعارات فقط دون إيجاد آليات لتحويلها لواقع.
لكن قادة الثورة والتحرير بعد التحرير حولوا حياة شعوبهم لجحيم أشد إيلاما من سلطات الاستعمار نفسها، أصبحت الدولة حظوة في يد صفوة وأقارب القادة فقط، ظلت الممارسات القديمة في محلها فقط إستبدلت الأشكال او الاشخاص، فالمستعمر الأجنبي القديم ذهب وترك الاستعمار بوسائله وآلياته نفسها لمستعمر جديد وطني، بل عاد نفس القادة وتحالفوا مع مستعمريهم سابقا بشكل جديد، أصبحت تلك الدول في حاجة لتحرير من قادة التحرير أنفسهم.
هذا لا يعني تأييدنا للمستعمر (الاجنبي او الوطني) ولممارساتهم ولكننا نرى أن طرح وإعتماد تقرير المصير كحل نهائي ووحيد دون معالجة الأسباب الحقيقية والموضوعية التي قادت تلك الشعوب للنضال لهو ترحيل للمشاكل فقط والتي ستنتج الفشل والحسرة والندم لاحقا.
فالنضال ليس من أجل إيجاد دولة جديدة فقط دون شرط (شيك على بياض)، ولو كان كذلك فالدولة موجودة حاليا لما نسعى الي الحصول الي شي موجود، ولكن النضال لأن الدولة الموجودة حاليا لا تعبر عننا فهي دولة عنصرية دولة صفوة وحظوة صغيرة، دولة حرب وفقر وإستغلال وإستبداد وظلم، دولة فاسدة وفاشلة! ليست في نفسها ولكن في ممارسات حكامها وطنيين كانوا أو مستعمرين، والنضال والتضحيات من أجل إعادة توزيع السلطة والثروة والموارد بعدالة وتحويل الفشل لنجاح والاستغلال الي استقلال والاستبداد لحريات والفساد الي شفافية ومحاسبة ومسؤولية والفقر الي رخاء والحرب الي سلام واستقرار والعنصرية الي مواطنة متساوية، هذه هي القيم التي كان وسيظل النضال من أجلها، ولو يتعقد البعض أن النضال من أجل ميلاد دولة جديدة نتسأل عن ماهو الضمان من أننا سوف نقوم بتأسيس نفس الدولة التي ناضلنا ضدها وسننتج دولة تحمل نفس جيناتها؟ هل تريدوننا أن ننقاد معصوبي العينين للإستقلال ونكتشف لاحقا إن الأمس مثل اليوم! وإستبدالنا السيد بسيد آخر، وبعد ذلك هل سنرضى بسيادتهم لا ننا أوجدناهم بأنفسنا وبمحض إرادتنا؟ أم سنناضل مرة أخرى من أجل القيم أعلاه أو لتقسيم المقسم إن جاز التعبير؟
والتجارب أعزائي كثيرة من حولنا والظلم والإستبداد ليس له لون، فلننظر للدول التي جاءت بعد نضال مسلح مثل إرتريا وجنوب السودان من حولنا ونقول (العاقل من إتعظ بغيره)، يجب علينا مناقشة الأسباب الجوهرية التي جعلت تلك الدول تنزلق إلى إعادة تدوير وممارسة نفس الصفات السيئة أعلاه ضد شعوبها.
نحن لا نريد أن نكون ( فيران معامل ) جدد تجرب فينا المشاريع السياسية الفاشلة منها دون حتى إفراد جوء مناقشة حرة وديمقراطية لبحث أسباب فشلها.
واخيرا تظل دولة العدالة والحرية والديمقراطية والمواطنة والفرص المتساوية والمتكافئة هي الهدف والمطلب والغاية، ولأجل ذلك سنناضل وسنعمل مع كل الحريصين من أجل إيجادها، فدولة الخرطوم (ماعاجبانا) وخيار تقرير المصير ليس خيارنا.
مبارك أردول
10 أكتوبر 2017م

تعليق واحد

  1. أرجو يا رفيق تسمية الأشياء بأسمائها الصحيحة، أفضل كلمة الانفصال بصراحة على جُملة تقرير المصير المواربة.

    استغل الحلو أخطائكم وترددكم في التوقيع على خارطة الطريق (التي لن يتم التوصل إلى اتفاق أفضل منها تحت ظرف التشرذم الحالي) ليبدو متشدداً وحريصاً على مصلحة جبال النوبة، لكسب ود الانفصاليين.

    لماذا قبل الحلو ومن معه بالمشورة الشعبية التي تقل كثيراً عن الحكم الذاتي أو الفيدرالي؟؟

    أي تقرير مصير على أساس الانتماء القبلي؟

    لأول مرة أسمع بسُكان أصليين يطالبون بجُزء مع أنهم الكُل.

    الانفصال يتناقض تماماً مع رؤية السودان الجديد.

    إذا أصر أبناء النوبة على الانفصال على أساس قبلي، فسوف يجعلون الشعب السوداني كُله يلتف حول المؤتمر الوطني، في رفضه للانفصال.
    وسوف تقدمون قبائل النوبة لمحرقة جديدة وحرب أهلية لا مبرر لها ضح الحوازمة والمسيرية وبقية الوحدويين، إذ لن يُشرف أحداً الانتماء أو الاصطفاف مع جماعة أو منظمة انفصالية.

    كفانا تجربة الجنوب المُرة بعد وفاة قون قرنق (الوحوي الوحيد بين الجنوبيين).

  2. ياخي لا تكبر المسألة لا فيها مستعمر اجنبي ولا وطني وانما تهميش وتحقير وأنانية من المركز وهذه حلها ليس بالنفصال وانما بالتضامن مع باقي الشعب لإسقاط المركز الذي يحكم حكم شمولي استبدادي وقبلي واستعادة الديمقراطية. والمساواة واذا لم يوجد التضامن لاسقاط النظام وعودة الديمقراطية يمكنكم في التفكير في الحكم الذاتي الاقليمي والذي يمكن ان تجيزه حتى الديمقراطية لكل اقاليم السودان وليس لإقليم بعينه.
    اما الانفصال او الاستقلال فلن نوافق عليه مطلقا سواء كان حكم المركز شموليا أم ديمقراطيا وهذا كلام واضح حتى لو حصلتم على الانفصال من هذا النظام الشمولي فلن نقبل بذلك بعد اسقاطه وسوف يطالب الشعب بحقه في كل شبر من بلاده بمافي ذلك الجنوب سوف نستعيده وقد نوافق على منحه الحكم الذاتي في اطار السودان ارض المليون ميل مربع.

  3. أرجو يا رفيق تسمية الأشياء بأسمائها الصحيحة، أفضل كلمة الانفصال بصراحة على جُملة تقرير المصير المواربة.

    استغل الحلو أخطائكم وترددكم في التوقيع على خارطة الطريق (التي لن يتم التوصل إلى اتفاق أفضل منها تحت ظرف التشرذم الحالي) ليبدو متشدداً وحريصاً على مصلحة جبال النوبة، لكسب ود الانفصاليين.

    لماذا قبل الحلو ومن معه بالمشورة الشعبية التي تقل كثيراً عن الحكم الذاتي أو الفيدرالي؟؟

    أي تقرير مصير على أساس الانتماء القبلي؟

    لأول مرة أسمع بسُكان أصليين يطالبون بجُزء مع أنهم الكُل.

    الانفصال يتناقض تماماً مع رؤية السودان الجديد.

    إذا أصر أبناء النوبة على الانفصال على أساس قبلي، فسوف يجعلون الشعب السوداني كُله يلتف حول المؤتمر الوطني، في رفضه للانفصال.
    وسوف تقدمون قبائل النوبة لمحرقة جديدة وحرب أهلية لا مبرر لها ضح الحوازمة والمسيرية وبقية الوحدويين، إذ لن يُشرف أحداً الانتماء أو الاصطفاف مع جماعة أو منظمة انفصالية.

    كفانا تجربة الجنوب المُرة بعد وفاة قون قرنق (الوحوي الوحيد بين الجنوبيين).

  4. ياخي لا تكبر المسألة لا فيها مستعمر اجنبي ولا وطني وانما تهميش وتحقير وأنانية من المركز وهذه حلها ليس بالنفصال وانما بالتضامن مع باقي الشعب لإسقاط المركز الذي يحكم حكم شمولي استبدادي وقبلي واستعادة الديمقراطية. والمساواة واذا لم يوجد التضامن لاسقاط النظام وعودة الديمقراطية يمكنكم في التفكير في الحكم الذاتي الاقليمي والذي يمكن ان تجيزه حتى الديمقراطية لكل اقاليم السودان وليس لإقليم بعينه.
    اما الانفصال او الاستقلال فلن نوافق عليه مطلقا سواء كان حكم المركز شموليا أم ديمقراطيا وهذا كلام واضح حتى لو حصلتم على الانفصال من هذا النظام الشمولي فلن نقبل بذلك بعد اسقاطه وسوف يطالب الشعب بحقه في كل شبر من بلاده بمافي ذلك الجنوب سوف نستعيده وقد نوافق على منحه الحكم الذاتي في اطار السودان ارض المليون ميل مربع.

  5. ياخي الداير تقرير مصير اليجيب تفويض من شعبو البتكلم باسمو وبعداك اذاقروا الانفصال حسب الاستفتاء خير وبركة والله نحن متنا وفترنا من راضي ده وحنس داك بعد كده ما بنحارب زول عشان انفصال وما انفصال الزمن ده الدول بالكيفية وليس الكمية

  6. ياخي الداير تقرير مصير اليجيب تفويض من شعبو البتكلم باسمو وبعداك اذاقروا الانفصال حسب الاستفتاء خير وبركة والله نحن متنا وفترنا من راضي ده وحنس داك بعد كده ما بنحارب زول عشان انفصال وما انفصال الزمن ده الدول بالكيفية وليس الكمية

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..