أخبار السودان

رفع العقوبات الاميركية محاولة لرسم خارطة طريق سياسية

الخرطوم: إبتسام حسن
فرحة غامرة استقبل بها عدد من المواطنين خطوة رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة من الولايات المتحدة واحتفى بها سياسيون، إلا أن المتعمقين في السياسة وحملة الأقلام يبدو أنهم استقبلوا الخطوة بحذر، ذلك أنهم يرون أن الخطوة لها ما بعدها، والشاهد أن حديثاً دار منذ الموعد المضروب سابقاً لرفع العقوبات قبل ثلاثة أشهر أكد أن رفع العقوبات لا يكون له تأثير على الاقتصاد ما لم ينصلح حال أوضاع كثيرة منها رفع الإنتاج والإنتاجية. ويبدو أن الأمر يحتاج إلى وضع خطة استراتيجية من الحكومة لرفع الإنتاج، كما يتطلب خطة للتطبيع الكامل لرفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب وإلغاء قانون سلام دارفور، غير أن المشهد السياسي يبدو صادماً إلى حد ما، وفقاً للمعطيات المتاحة في الساحة السياسة خاصة فيما يختص بجانب التنمية بالبلاد ورفع الإنتاجية إذ أن الأمر يتطلب إصلاحات داخلية وفقاً للمشاكل الموجودة الآن، والتي من أبرزها ازدواجية القرارات، وعمل الوزارات الاقتصادية المعنية في جزر منعزلة، الأمر الذي يضع (متاريس) أمام المستثمرين الأجانب والتجار سيما أن وزارة المالية والاستثمار والصناعة والتجارة لا يوجد بينها أي تنسيق يذكر لدفع عجلة الإنتاج وأن المصالح الشخصية والفردية هي الغالبة في سياسة هذه الوزارات.
أمثلة شاهدة
يؤكد خبراء ومراقبون أن الوزرات لا تنظر بعين الاعتبار إلى المصلحة الكلية للبلاد، وأن نظرتهم ضيقة في هذا المنحى، سيما أن وزراء الوزارات الاقتصادية يتعاملون مع روساء مجالس شركات منفردة ومع رئيس الشركة معاملة فردية، ويعملون على تسهيل كل ما يساعد رئيس شركة ما في عمله من إعفاء من الضرائب ونحوه، والتالي فإن الوزير من حيث يعلم أو لا يعلم يعمل على تدمير البلاد، وما يناقض التنمية في دولة بأكملها معتبرين أن السودان بعيد عن حدوث تنمية في الوقت الحالي لجهة أن الأمر يتعلق بالسياسة الداخلية، وإن الولايات المتحدة الأميركية هدفت من خطوة التطبيع لخدمة مصالحها الشخصية، وقدمت تنازلات لدعم سياساتها والاستفادة من موقع السودان وعلى السودان بدوره أن يقتنص السانحة فى إرساء كل مصالحه الداخلية، وينظر إلى ما بعد الخطوة .
خطة استراتيجية
لابد للحكومة استقبال رفع العقوبات بوضع خطة استراتيجية تعمل لدفع مصالحها الداخلية والدفع بعجلة الإنتاج، ولا يتوقع أن يحدث أي انفراج سياسي بأي حال من الأحوال ما لم تضع الحكومة خطة استراتيجية، وهذه الخطة بالطبع تحتاج إلى إحصائيات عن الوضع الاقتصادي بالبلاد، وفي غير ما مرة تحدث المنقبون بضرورة وجود هذه الإحصائيات مثل نسبة العطالة بالبلاد عدد المواشي، الأراضى الصالحة للزراعة، وتلك التي خرجت عن الزراعة، وهذا يتطلب جهازاً بجودة ومواصفات عالمية..
هذه الدراسات الاستراتيجية التي يتحدث عنها المنقبون في الاقتصاد ذلك بغدخال جميع الأجهزة الحكومية وإخضاعها للإحصاء من أجهزة زراعة أو صناعة وما صاحب الوضع الاقتصادي للبلاد من إغلاق مصانع وإحصاء عدد المصانع المغلقة منها وإحصاءات توفرها وزارة العمل والتنمية البشرية للعمل لوضع خطة استراتيجية لترفع إلى الخبراء لتنقيح المعلومات توطئة لعمل دراسة متكاملة، وبالتالي وضع حسابات يرفع على ضوئها التقرير ووضع خطة ذات مدى زمنى محدد وبالتالي فإن الخطة تتطلب ميزانية من الحكومة بعكس ما كان معمولاً به من قبل الوزارات بوضع خطط ارتجالية. ويرى خبراء بأن هناك أمثلة ناجحة بدأت في بعض الولايات تصلح تجارب يحتذى بها، على رأسها خطة والي ولاية الجزيرة محمد طاهر إيلا الذي نادى بإصلاح 20% من مشروع الجزيرة، وذلك بترغيب المزارعين بإنتاج 20 جوال قمح مقابل توفير آلة تراكتر، ولكن المتشائمئن يرون أن رؤية إيلا تعتبر مجهودات فردية لابد أن تعمم، معتبرين الخطوة تدفع بالاقتصاد السوداني نحو الإصلاح.
مناخ مساعد
يقول أمين العلاقات الخارجية بالمؤتمر الشعبي نادر السيوفي في تصريح لـ(الصيحة) إنه لابد أن تكون للحكومة خطة استراتيجية واضحة بعد رفع العقوبات الاستراتيجية ويتم حوسبتها للتعامل مع ما ينفع رفع التحويلات البنكية، ويضيف أن النقطة المهمة إذا لم تكن هناك إنتاجية فلن ينصلح حال البلاد، فضلاً عن أنه لابد من قفل باب الفساد وتسهيل إجراءات للمستثمرين فيما يتعلق بالتمويل وتحويلات النقل الجوي والسكة حديد. ويضيف: إذا لم ينصلح حال الإنتاج لا يمكن أن ينصلح حال السودان، وذلك باستصحاب توصيات مخرجات الحوار الوطني بالبالغة 700 توصية، ويشير إلى ضرورة وضع قاعدة معلومات حقيقية للمستثمر لانفتاح الدولة واستقطاب أكبر عدد من المستثمرين، سيما أن كل إمكانيات السودان المادية ما زالت بكراً، وحرض على ضرورة النظر إلى التجربة الإثيوبية التي مكنت أثيوبيا من القفز باقتصادها مع استصحاب وقف الحرب ودعم السلام، فضلاً عن التنسيق الكامل مع وزارات الاستثمار والتعدين والنفط وخلق آلية لإنشاء نافذة موحدة وتسهيل الإجراءات للشركات من طلب الترخيص وحتى آخر تسهيل، وذلك بالابتعاد عن المصالح الخاصة، والنظر إلى المصلحة الكلية للبلاد بأن تجند كل الطاقات للمصلحة العامة، وهنا لابد من إعطاء صورة زاهية للبلاد.
ويقول السيوفي: لابد من النظر لضرورة رفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وذلك بالنظر لإرساء القواعد الخاصة بسلام دارفور.
بذل جهود لوضع خطة
من جهته اعتبر رئيس اللجنة الاقتصادية بجمعية حماية المستهلك عوض جبريل البوني في تصريحه لـ(الصيحة) أن الحظر كان شماعة لتعليق الفشل، لذلك فإن فكه يعتبر ضرورة، ويقول إنه بعد فك الحظر أصحبنا أمام أمر واقع يتطلب بذل كل الجهود لتحقيق الرخاء للمواطن، ويؤكد أن المسألة ليست بسهولة لأن مشاكل البلاد الاقتصادية أسبابها لا تقتصر على الحظر، لكن هناك مشاكل أكثر حدة على رأسها الوضع السياسي والاستقرار السياسي غير أنه ما دام هناك حرب (النيل الأزرق وجبال النوبة) سيكون هناك صرف على الأمن مما يؤثر على موارد الدولة التي يتوجب توجيهها للتنمية. ويقول إن هناك مشكلة الاستثمار غير الجاذب التي تتطلب تحسين بيئة جاذبة خاصة أن هناك شركات أجنبية تفكر في الاستثمار في قطاع البترول والتعدين، غير أن هناك مشاكل ضعف أداء الخدمة المدنية وضرورة رفع قدرات العاملين وتدريبهم ومشكلة غياب التخطيط الاستراتيجي، وأن هناك مشاكل ارتفاع تكاليف الإنتاج وانخفاض قيمة الجنيه السوداني أمام الدولار، ومشكلة العطالة المتزايدة والفاقد التربوي بالإضافة إلى تعدد وارتفاع الرسوم الحكومية مما يؤدي إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج، وتحول العمال الزراعيين إلى العمل في النشاط التعديني.
ويستطرد: هناك مشكلة الاختلال في موازنة الدولة، فضلاً عن عدم استقرار السياسات المالية والنقدية واعتبر كل ما ذكر بعض من المشاكل التي يعاني منها السودان ويتطلب علاجها قيام ورش متخصصة لدراسة المشاكل للقطاعات المختلفة، ووضع الحلول، ومن ثم متابعة تنفيذها.
ويقول: من ناحية أخرى لابد من النظر بعد فك الحظر إلى مشاكل البلاد بصورة شاملة آخذين في الاعتبار المشاكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية والإدارية، ذلك لارتباطها الوثيق ببعضها البعض. وبالنظرة الشاملة لهذه القضايا يمكن أن تؤدي إلى الخروج بالسودان إلى بر الأمان ـ حسب البوني.
الصيحة.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..