ندوة جامعة أم درمان الإسلامية .. رفع العقوبات .. الروشتات مستمرة

الخرطوم : جمعة عبد الله
لا حديث يعلو على قضية الساعة “رفع الحظر” التي لم ترفع الأقلام عنها منذ نحو أسبوع، وسيطرت كل مسيطر بحكم أهميتها على أحداث الأسبوع، ومواصلة لذلك أقامت كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة ام درمان الاسلامية ندوة عن المتطلبات السياسية والاقتصادية لمرحلة ما بعد رفع العقوبات.
وعلى ثراء المنثور من أقوال في الندوة لكنها لم تخرج من اجترار أحاديث باتت تقال بشكل يومي، وهي أحاديث تتوزع ما بين الأمنيات والتوقع لمستقبل الاقتصاد والسياسة بالبلاد، فما بال الذي يستحق أن يدون هنا.
قال وزير الدولة بوزارة الصناعة عبده داؤود أن السبب الأساسي لرفع الحظر عن السودان ورقة العمل المشتركة بين السودان والولايات المتحدة الأمريكية، وأوضح أن الولايات المتحدة ظلت تعمل بمعزل عن حكومة السودان وهي لا ترغب في أن تمد يدها له وألا تعمل جنباً إلى جنب، وأضاف ان ورقة العمل أكدت بما لا يدع مجالاً للشك أن الحكومة ليست لها علاقة بالإرهاب ودعمه وإنما متضررة منه وكذلك ليست لها علاقة مع جيش الرب ومن خلال ورقة العمل تعرفت الحكومة الامريكية على أن السودان حريص على علاقاته مع دول الجوار وهذا قاد الإدارة الامريكية لرفع العقوبات عن السودان، وقال إن صبر السودان 20 عاماً على العقوبات نقطة قوة، وأكد ان السودان خرج من الحظر أكثر قوة، مؤكداً بأن رفع الحظر لا يؤدي إلى النتائج المنشودة مباشرة وإنما بالعمل الدؤوب والمتواصل.
سمسرة
أشار داود إلى المتطلبات الاقتصادية بعد رفع الحظر والمتمثلة في الرفع الكامل والتكامل بين الاقتصاد الوطني والعالمي في عدة جوانب منها التحاويل المالية التي تأثرت بفترة الحظر نتيجة لوجود (المقاصة) العالمية في نيويورك وهناك دول كثيرة تعاملت مع السودان فرضت عليها عقوبات تجاوزت المليارات، وقال إن نسبة التكلفة على التحويل تتجاوز 6-11% للدول الصديقة التي تحول أموالاً، مقراً بعدم استفادة السودان خلال الفترة الماضية من التمويل الخارجي، داعياً القطاع المصرفي إلى تفعيل المراسلين واتباع خطوات جادة للاندماج في الاقتصاد العالمي.
دمج
يتوقع داود من الفوائد الاقتصادية التي يمكن أن يجنيها السودان أن يعمل على ادماج اقتصاده مع الاقتصاد العالمي، واستغلال الفرص المتاحة في التقنية المتطورة خاصة في القطاع المصرفي وتنفيذ نظام المقاصة الإلكترونية، حيث لا بد أن يمر بالمقاصة الأمريكية في التحاويل، وقال إن التحاويل يتم التدقيق عليها وتفرض غرامات على دول تعاملت مع السودان بملايين الدولارات كما تعرضت عدد من البنوك العالمية لغرامات وعقوبات.
تقانات
كشف داود احتواء السودان على (35) معدناً يحتاج استخراجها للتقانات الحديثة، وقال إن ذلك يعتبر عاملاً إيجابيا إذا تم الاستفادة منه بشراكات فاعلة، وان نستفيد من اقتصاد المعرفة بتحسين جودة التعليم والأهم تطوير القطاع الزراعي لأنه يعتبر مكونا للقطاع الصناعي كما أنه مكون للأمن الغذائي، وقال إن الثروة الحيوانية الهائلة (106) مليون رأس من الماشية عندما يتم الاهتمام بها بتقنيات حديثة ستحقق عوائد وفائدة أفضل.
التحدي الأكبر
بدوره قال وزير الدولة بالاستثمار أسامة فيصل أن رفع العقوبات لا يعني حل كل المشاكل مباشرة قاطعاً بأهمية التدرج في تحقيق الاستقرار الإقتصادي وقال أن الفترة المقبلة ستكون الأولوية لتهيئة البيئة الاستثمارية ووصفها بأنها (التحدي الأكبر) مقرا بأن البلاد واجهت مشكلات كبيرة في قطاع الاستثمار منها التشابك الشديد بين المؤسسات الحكومية والوزارات والحل لذلك يتمثل في تعزيز نظام النافذة الاستثمارية الواحدة لتسهيل عمل المستثمرين وتبسيط الإجراءات منوهاً إلى أن عددا كبيراً من المستثمرين سبق وأن شرعوا في تنفيذ مشروعات لكن إصطدامهم ببعض العقبات والخلافات مع الأهالي دفعت بهم للعودة أدراجهم، مشيرًا لتواصل الجهود لتذليل العقبات السابقة والتأسيس لمنصة انطلاق لقطاع الاستثمار للبلاد، وكشف عن اعتزام الوزارة تجميع وثيقة إصلاح المؤسسات وأكد أن الخطوة التالية تطبيقها على الواقع بعد الفراغ من مرحلة التجميع.
لجان
يقول فيصل إن الإيجابيات الموجودة بالقطاع من شأنها دعم التطوير ورفع مقدرات الاستثمار بالسودان مشيراً إلى أن القوانين الجاذبة والإصلاحات الاقتصادية التي قامت بها الحكومة تعد خطوة في هذا الاتجاه، وقال فيصل إن رفع العقوبات عن السودان لا يعني أن كل المشاكل قد تم حلها، مشيراً إلى وجود بعض الإشكاليات مع أمريكا واوروبا، مقراً بوجود تحديات تواجه وزارة الاستثمار خلال المرحلة المقبلة والمتمثلة في تهيئة البيئة الاستثمارية والبيئة الاقتصادية، لافتاً إلى وجود إشكاليات كثيرة في مؤشر الأعمال الصادر من البنك الدولي، وقال ان رئيس الجمهورية شكل لجنة برئاسة النائب الأول لاصلاح أداء الأعمال، مشيراً الى ان اللجنة عقدت أجتماعا وشكلت (10) لجان، لجنة لكل مؤشر، والآن فرغت من أعمالها وهي في طور تجميع المؤشرات وسيبدأ التطبيق بعد الفراغ من الوثيقة، كاشفاً عن وجود معلومات مغلوطة تم تسليمها للبنك الدولي.
مصالح
يشير الأكاديمي والمحلل السياسي د. أسامة العيدروس أن اهتمام الولايات المتحدة بالسودان قديم ولم ينقطع في يوم من الأيام، مشيراً إلى أنها “أمريكا” كانت حاضرة لمراقبة الانتخابات التي جرت بالبلاد قبيل الاستقلال، ثم شهد العام 1958م تنفيذ المعونة الأمريكية بالسودان، وتم في العام 1973م تسمية سفير للبلاد، لافتاً إلى أن وصول الحكومة الإسلامية لمقاليد الحكم أدى لنشوب موجة من العداء تجاه السودان، وقال إن أولى خطواتها تمثلت في وضع السودان ضمن قائمة الدول الراعية للإرهاب في العام 1993م، ووصفها بأنها قائمة خطيرة ولها تبعات سالبة تلاها فرض العقوبات والحصار الاقتصادي 1997م، ونوه الى وصول العداء لقمته في العام التالي لفرض العقوبات بضرب مصنع الشفاء للأدوية، منتقداً تورط الحكومة في تغيير حكومات بعض الدول مثل تشاد وإثيوبيا، وقال إن ذلك جلب لها العداء من الولايات المتحدة، قبل أن يشير إلى أن فرض العقوبات كان متوقعاً وفسر حديثه بأن محض وقوع انقلاب في دولة ما كفيل باستعداء واشنطن عليها.
يخلص العيدروس للقول إن الولايات المتحدة ودول الاتحاد الاوربي لها مصلحة في استقرار السودان وقال إن تبعات انهياره ستكون مكلفة عليهم بشكل مباشر بتوافد أكثر من 50 مليون مهاجر غير شرعي من منطقة القرن الافريقي وهو ما لا طاقة للغرب به.
تغيير
دعت عضو مجلس الإدارة بالغرف التجارية عادلة أحمد الطيب لتغيير التعامل مع الولايات المتحدة في المرحلة الحالية بصورة أوسع، مشددة على ضرورة تهيئة البيئة الداخلية لجذب المستثمرين وتقوية مؤسسات القطاع الخاص والاهتمام بقوانين الشفافية والحوكمة وتهيئة النظام المصرفي.
اتفاقات سرية
قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة أم درمان الإسلامية بروفيسور صلاح الدومة: لا نتوقع أن يتم رفع العقوبات دون مقابل، مشيراً إلى وجود اتفاقيات سرية، وقال إن البرلمان قبل رفع العقوبات بيوم واحد وقع أربع اتفاقيات من ضمنها اتفاقية (سيداو)، مستبعداً حدوث انفراج بعد رفع الحظر إلا بتغيير عقلية الحكومة وإيقاف الفساد المالي والإداري، مؤكداً على وجود فساد ضخم والدليل تقارير المراجع العام أمام البرلمان.
فرص
أما مدير جامعة أم درمان الإسلامية بروفيسور حسن عباس حسن فأكد على فوائد رفع الحظر الأمريكي عن السودان، وقال: هناك فرص كثيرة في مجال التعليم مرتبطة بالاستثمار، وقال: الآن الجامعات تتجه للاعتماد على نفسها في التمويل بعد رفع الدولة يدها عن الدعم وأضاف دعمها بنسبة 70% فقط من الفصل الأول، مؤكداً على ضرورة التواصل مع الجامعات الغربية في مجال البحث العلمي وإبتعاث الأساتذة.
الصيحة.