تحالفات المعارضة .. متى وأين ؟

منصات حرة

تحالفات المعارضة متى وأين ؟

نورالدين عثمان
[email][email protected][/email]

فى تقديري أن المعارضة عندما كانت فى الخارج ، وعلى الرغم من وجود إخفاقات فى تلك المسيرة الخارجية إلا أنها كانت أقوى من اليوم وكانت متماسكة أكثر ، وكان يحسب لها ألف حساب داخلياً وخارجياً ، وفى الوقت الذى وصل فيه النظام فى الخرطوم لعزلة سياسية كاملة خارجياً كان ( التجمع الوطني الديمقراطي ) بمثابة حكومة السودان الشرعية ، أو قل هكذا كان ينظر إليه العالم ، وكان حينها يستمد قوته من قوة تلك الشرعية النضالية ضد نظام إنقلب على الديمقراطية ، وكان الحد الأدني لذلك التحالف واضح المعالم وكل يؤدي دورة بإيجابية ،على الرغم من تصاعد الخلافات داخل هذا الكيان بعد توقيع نداء الوطن فى جيبوتي فى عام 1999م وخروج حزب الأمة من التجمع بعد قراءة خاطئة ومتعجلة للخارطة السياسية الداخلية والإقليمية وبعد تصاعد الخلافات داخل التجمع الوطني على الرغم من وجود ذلك المنفستو الذي يحدد الحد الأدني للتحالف والمتمثل فى ( مقررات أسمرا للقضايا المصيرية يونيو 1995 ) التى حددت علاقة الدين بالدولة وحق تقرير المصير فى ظل الديمقراطية ومبدأ المحاسبة أو المساءلة السياسية والجنائية ، ومن هنا كان يستمد التجمع قوته وعلى الرغم من وضوح ذلك البرنامج التحالفي خرج حزب الأمة وعاد للداخل عبر تفلحون ، وبعدها تصاعدت الخلافات التنظيمية أكثر وأكثر داخل ذلك التحالف إلي أن برز على السطح شعار ( الحل التفاوضي السلمي ) والذى تمخض عن شعارات سابقة تمثلت فى ( سلم تسلم ) والإنتفاضة الشعبية المحمية والمعززة بالسلاح وأيضاً كان نتيجة لضغوطات إقليمية ، ولكن فى عالم السياسة لكل مقام مقال ولكل حدث حديث ، وكان تبني هذا الشعار- الحل التفاوضي السلمي – من قبل التجمع هو بداية العد التنازلي للسقوط ، وبذلك فتحت جميع الأبواب لنظام الإنقاذ لكسر طوق العزلة والإنفتاح خارجياً بعد أن منح تلك الشرعية التفاوضية من قبل شرعية معارضة ، وكانت نتيجة الحل التفاوضي السلمي الحتمية هى عودة كل فصائل التجمع للداخل رغم إصرار رئيس التجمع البقاء فى الخارج ورهن العودة للداخل بتحقيق ( التحول الديمقراطي ) والذي لم يتحقق إلى اليوم وكان هذا التحول الديمقراطي هو الكرت الذى لعب به النظام لتفتيت وحدة المعارضة ونجح بنسبة عالية ، بعد عودة جميع فصائل التجمع للداخل وبعد طي شعارات خلع النظام من جذوره بقي مكتب الرئيس فى الخارج فى حالة تهميش وإنخرطت المعارضة فى العمل الداخلي من خلال ما أسموه ( هامش ) الحريات المنتزع إنتزاعاً ، ولكن فى تقديري كان ذلك ( الهامش ) ومايزال منحة من النظام ومصيدة نصبت بإحترافية وقعت فيها جميع فصائل التجمع تدريجياً ..

واليوم بعد إنكشاف حقيقة مايعرف بهامش الحريات ووضوح زيفها وبعد عودة السيد محمد عثمان الميرغني للداخل بعد معاناة مع التهميش ولتصفية تلك الحسابات القديمة داخل التجمع وبعد وضوح زيف الإنتخابات وكذبة التحول الديمقراطي وبعد تلك اليقظة اللحظية من بعض فصائل المعارضة التى كانت نتيجتها ( قوى الإجماع الوطني ) علينا بطرح سؤال ما العمل ؟
نعم كان على القوى المعارضة البحث عن برنامج حد أدني يمثل الإتفاق الحدي القابل للتنفيذ ، وقد تحدثنا سابقاً عن ضرورة هذا التحالف بعد التغيرات التى طرأت على الساحة السياسية التى تجاوزت التجمع الوطني وظهور نتائج الحل التفاوضي السلمي الذي أفرز خيار ( المشاركة ) بدلاً من التمسك بخيار ( التحول الديمقراطي ) والذى كان سببه حزبا الأمة والإتحادي بسبب تلك الخلافات الحزبية الضيقة ..

جاء تحالف قوى الإجماع ولكن ولد مشوهاً وبشكل غير مضبوط فكل فصيل يتغنى على ليلاه ، وأصبحت القوى المعارضة محاصرة داخلياً وخارجياً بعد أن كان يحسب لها ألف حساب ، ولكن فى تقديرنا مايزال الباب مفتوحاً لتطوير هذا الإجماع ليصبح تحالفاً قوياً للمعارضة ، ولن يتحقق هذا التطوير مالم يتم تقييم تجربة التجمع الوطني الديمقراطي عبر مسيرته فى الداخل والخارج والبحث عن مكامن الخلل التى أدت لإضعافه ( بتقديم نقد ذاتي ) وتلك التى كانت سبباً فى قوته حتى تتمكن المعارضة من الإلتفاف حول تحالف وطني عريض يتحقق من خلاله الإجماع الوطني المنشود ويكون معبراً لبر الديمقراطية ، ولكن متى سيتحقق هذا التحالف وأين ؟ هذا مايجب أن تجيب عليه القوى المعارضة اليوم ..

ولكم ودي ..

كتب قبل التوقيع على وثيقة ( الفجر الجديد ) ونشر بتاريخ اليوم 8 / 1 / 2013

الجريدة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..