السودان وحده لايستطيع محاربة الظاهرة ونحتاج لآليات حديثة .. الضحايا يعتبرون جزءً من أركان الجريمة وتتم محاكمتهم في هذه الحالة (……) ..

تراجع معدل جرائم الإتجار بالبشر إلى أكثر من 80% بالرغم من الجهود التي تبذلها حكومة السودان في مكافحة الإتجار بالبشر إلا أن الإدارة الأمريكية وضعت السودان ضمن قائمة الدول المتقاعسة عن مكافحة الإتجار بالبشر، وظلت القضية تمثل هاجساً يؤرق البلاد، خاصة الولايات الشرقية.. والسودان يعتبر معبراً للعصابات الناشطة في عمليات الإتجار بالبشر لإتساع حدوده، وإحاطته بالكثير من الدول المتأزمة أمنياً واقتصادياً، وفي ولاية كسلا حاول تجار البشر نقل نشاطهم إلى داخل الأحياء السكنية، الأمر الذي يثير الكثير من الهواجس والقلق لدى المواطنين، ما دفعنا لأن نحمل استفساراتنا حول القضية والعديد من المحاور الاخرى، ونضعها أمام مدير شرطة كسلا اللواء يحيى الهادي سليمان الذي بث التطمينات بانحسار معدل جريمة الإتجار بالبشر ومكافحتها بنسبة أكثر من 80% بالولاية . . حاورته: ثناء عابدين
* الإتجار بالبشر مازال يهدد الولاية؟
– في البداية نرحب بكم في رئاسة شرطة كسلا لعكس المجهودات التي تبذلها الولاية فيما يتعلق بالظاهرة ولاتجد البعد الإعلامي، ونحن في ولاية كسلا نعلم جيداً تأثير ظاهرة الإتجار بالبشر التي لها أبعاد مختلفة: منها البعد المحلي والإقليمي والدولي، ولذلك عملنا على مجابهتا بعدة محاور أهمها المحور المنعي والوقاية، وذلك من خلال الدعاوي لكل الأجهزة الأمنية الموجودة برئاسة رئيس اللجنة الأمنية بالولاية السيد والي الولاية وجهاز الأمن والشرطة والقوات المسلحة، نسيِّر يوميا طوف مشترك يجوب كل الحدود، وحدودنا مع أريتريا يبلغ طولها 368 كيلو، ومع أثيوبيا (17) كيلو للسيطرة عليها ومنع ومكافة الجريمة.كما أن هناك محور قانوني يتعلق بتنفيذ قانون الإتجار بالبشر لسنة 2014م، وكسلا سبقت القانون الاتحادي بقانون ولائي، وكذلك من الجهود التي تمت في الإطار القانوني أوكلنا التحري في جرائم الإتجار بالبشر لضباط المباحث فقط لخبرتهم الكبيرة في هذا الجانب، وتكوين نيابة خاصة بتهريب بالبشر، ومحكمة خاصة بتجارة البشر، وأصدرت الكثير من الأحكام الرادعة من إعدام ومصادرة.
* التوعية لها دور كبير في مكافحة الظاهرة ..ماهو مدى اهتامكم بالجانب التوعوي؟
– نعم هناك محور توعوي وإن كان الجانب الإعلامي ضعيف جداً فيه، وكان يمكن للإعلام أن يلعب دوراً كبيراً لتوضيح مخاطر الجريمة التي هي ضد الإنسانية، والآن تجري محاكمات في كسلا لأكثر من ( 160) بلاغاً بها مايقارب الـ(300) متهم .. وهنالك دور للإدارات الأهلية من عمد ونظار وأئمة المساجد الذين طالبناهم بالتوعية في منابر الجمعة، والتحدث عن مخاطر الجريمة التي أصبحت داخل الأحياء بكسلا .
* فيما يتعلق بالبعد الدولي .. إلى أي مدى يتعاون المجتمع الدولي مع هذه الظاهرة؟
– محور التعاون الدولي يعتبر أضعف الحلقات في مكافحة الظاهرة في السودان، والإتجار بالبشر جريمة دولية لايستطيع السودان وحده أن يتصدى لها، خاصة وأنه يعتبر معبراً وليس مقصداً لتجارة البشر، فالمقصد أوربا إذن فلا بد من تعاون دولي يتمثل في توفير المتحركات اللازمة وأجهزة الاتصال والمراقبة الحديثة والطائرات لمسح الحدود حتى تشعر المجرمين أن هناك جهة رقابية، كل هذه الجوانب إذا تكاملت والدور الإعلامي والأمني والوقائي والوتوعوي والدولي يمكن أن نقضي عليها، ولكن الدولة وحدها لا يمكن أن تمنع الجريمة نهائياً مهما كانت قوتها.. ورغماً عن ذلك قمنا بمجهودات وإنجازات كبيرة في ضبط الجناة وتحرير عدد كبير من الضحايا ومعاملتهم إنسانياً. والمحكمة أصدرت الكثير من الأحكام النهائية الرادعة والزاجرة، ولكنها لم تجد قوة إعلامية تبين هذه الجهود.
*ما هو موقف الولاية الآن من الظاهرة؟
– الموقف الآن، الكل يشهد على إنجازات الولاية في مكافحة الجريمة، ولا أقول أن مكافحتنا لجريمة الإتجار بالبشر انتهت بنسبة (100)% ولكن أقول بنسبة أكثر من (80)%، والآن هناك شكاوي من الزملاء في ولاية البحر الأحمر والقضارف بانتقال الجناة إلى ولايتهم بسبب التضييق الذي وجوده هنا، وصراحة نعمل في إطار الإمكانات المحدودة التي توفرها رئاسة الشرطة، وجهاز الأمن والمخابرات الوطني، وكل القوات النظامية، والسيد والي ولاية كسلا آدم جماع الذي يدفع بسخاء لمكافة الجريمة جداً، وأننا نشهد عليه بأنه يحفز الأفراد على كل إنجاز يتم، والموقف الآن مستتب جداً، وفي الحاضر الوضع مستتب والسجلات لم تسجل جريمة تهريب بشر، خاصة بعد الأحكام الرادعة جداً التي وصلت للإعدام والآن حتى الضحية فلا يحاكم ألا إذا دفع مبالغ لتهريبه، وفي السابق كان يعتبر لاجئاً.*منطقة السواقي شهدت أخطر عملية ومواجهات أودت بحياة بعض الضحايا؟- نعم وقريباً ستكتمل حلقات هذه الجريمة ويقدموا للعدالة التي كان فيها الجناة يختفون في إحدى السواقي، وحدثت مقاومة واستعملوا السلاح عند مطاردتهم، وهربوا بصورة جنونية بالعربة، وسقط واحد منهم وتوفي في الحال، والآخر من الضحايا بعد أن سقط من العربة حاولوا قتله لإخفاء معالم الجريمة، وذلك حسب رواية الضحايا أنفسهم، وسجل أحدهم اعترافاً قضائياً، ولازال البحث مستمراًعن بقية المجرمين، وصاحب الساقية نفسه الذي هو جزء من الجريمة.
* وكيف تتعاملون مع الضحايا وفقاً للأوضاع المستجدة ؟
ـ الضحايا كانوا سابقاً يتم عرضهم للفحص لدى معتمد اللاجئين لمعرفة هويتهم، لاجئين أم غير لاجئين، فإن كانوا لاجئين فيتم تحويلهم للبيت الآمن في معسكرات اللاجئين التي تبلغ ثماني معسكرات، وإن كانوا غير لاجئين فيتم إبعادهم، بإعتبار أنهم دخلوا الحدود بطرق غير مشروعة، ولكن كما ذكرت لك سالفاً فإننا نحسن معاملتهم كضحايا، ونقدم لهم كل المساعدات الممكنة، خصوصاً أنه قد يكون من بينهم أطفال ورضع.
*ماهي ترتيباتكم للدورة المدرسية التي تستقبلها الولاية الشهر القادم؟
– نحن جزء من الدورة المدرسية في اللجان الرئيسية واللجنة العليا، وبحكم وظيفتي كمدير لشرطة الولاية وكمقرر للجنة الأمن، فإن العبء كبير علينا، وقد وضعنا خططاً واسعة وخططاً بديلة كإحتياطي للعملية التأمينية، ووفرنا المعدات اللازمة من عربات النجدة وزودناها بالإسعافات الأولوية لأول مرة، وعقدنا دورات تدريبية لأفراد النجدة بالتعاون مع الهلال الأحمر، ووفرنا عدداً كافياً من المتحركات، والقوات كلها تعلم دورها، وهذه المناسبات ليست جديدة علينا، ولكن الآن هناك أكثر من سبعة آلاف طالب سيدخلون كسلا، وهو ماجعلنا نوفر كل الاحتياطات اللازمة، والحمد لله نحن مطمئنون إلى إن الحدث سيمر بسلام ورئاسة الشرطة في الخرطوم متابعة معنا وتمدنا بالدعم اللوجستي .
*علمنا أنه كانت لديكم مشاركات أخرى لنجاح الدورة المدرسية بالولاية؟
– نحن طبعاً دورنا كشرطة لايتوقف على عملية اكتشاف الجريمة والتأمين فقط، بل شاركنا بنفير الشرطة في الضفة الغربية للقاش، وكان يوماً مشهوداً وشارك فيه ما لا يقل عن (500) من أفراد الشرطة، ولدينا كتيبة مختصة بالبناء وحدادين ونجارين مهرة، وأمهر من يقومون بالبناء في كسلا هم من الشرطة، وتبرعت الشرطة بكل المحليات الولاية بجزء من مرتبهم لدعم الدورة المدرسية لمدة ستة أشهر، إلى جانب أن أبدت استعدادها لإعداد الوجبات للضيوف، وشارع الشرطة الآن من أميز الشوارع
*رسالة لأسر الطلاب ضيوف الولاية؟
– رسالة صراحة نقدمها عبركم ونطمئن كل الأسر على أبنائهم، فالأسر قد تكون متوجسة من سفر أبنائهم لمسافات طويلة إلى كسلا، ولكن نقول لهم إن كسلا أمان وكرم وهم أبناؤنا، وكل من أتى لكسلا فهو ابن لنا وضيفنا ونودعهم بذات الحفاوة التي سنستقبلهم بها.
*مازالت الولاية تعاني من التهريب مما انعكس سلبا على اقتصادها؟
– نعلم جيداً أن التهريب يؤثر في السلع، وإدارة مكافحة التهريب لديها يومياً إنجازات لا تحصى ولا تعد، وكل القوات مشتركة فيها الشرطة والأمن والجيش وضبط الكثير من السلع المهربة وقبل 48 ساعة من اللقاء هذا، تم ضبط سلع تقدر بـ(2 مليار)، تم ضبطها، والآن الحمد لله كل الأجهزة يعملوا من خلال لجنة أمن الولاية .*برأيك ماهي الحلول الجذرية للظاهرة .؟
– من الصعب أن يتم حسمها بنسبة (100)% وذلك لأن بعض القبائل أصبحت تمتهن التهريب، وأصبحوا يسلكون طرق مختلفة كلما ضاق بهم الخناق، ولابد من توفير المتحركات الكافية وأجهزة اتصال، فأي جريمة يجب أن تواجه بوسائل أفضل من التي يستخدمها المجرمون، وكذلك لابد من التوعية .
*كيف تمضي حملة جمع السلاح بالولاية؟
ـ جمع السلاح هو أمر طوارئ رقم (1) لعام 2017م، وقلنا الترغيب قبل الترهيب ودعينا كل قيادات الولاية من إدارات أهلية وغيرهم، فجميعهم يشاركون في عملية التوعية التي نعوِّل عليها، وأتت أكلها والآن حققت مردوداً كبيراً، فتم تسليم الأسلحة طواعية، والآن بدأنا مرحلة الجمع القسري الذي تترتب عليه عقوبة وأحكام رادعة جداً، ونعتبر أن أهل كسلا متجاوبين جداً .. أيضاً الآن هناك مبادرة إسمها أفراح بلا سلاح وتصدرنا لهذه المبادرة ودعمناها مادياً ومعنوياً وقريباً ستكون أفراح الولاية بلا سلاح، والعملية الآن تجري بكل سلاسة وستنتهي بها بذات السلاسة .
*العدد الذي تم جمعه من السلاح؟
ـ العملية بدأت قريباً فلا أستطيع تحديد رقم بعينه، ولكن هناك الكثير من الأسلحة التي تم تسليمها طواعية، فهي في مراكز القوات المسلحة .. والآن هناك تجاوب كبير ومن خلال التوعية سنحقق أهداف علمية جمع السلاح.
آخر لحظة.