لدينا فجوة في الأعلاف يُقدّر بـ (20) مليون طن .. الأمريكان الآن يستوردون لبن الإبل لأنه ثبت بعد دراسات حديثة إنه علاج لعددٍ من الأمراض

في السبعينات كان جنيهنا يساوي (12,5) دولار لكن السياسات الفاشلة اقتصادياً والتحول الاقتصادي غير السليم سبب ما نحن فيه

نحن في حزب الأسود الحُرة نرشح الرئيس البشير لدورة رئاسية جديدة لهذه الأسباب

ما لا يعرفه الكثيرون عن مبروك مبارك سليم، رئيس حزب الأسود الحرة، وزير الدولة بوزارة الثروة الحيوانية، وابن أحد زعماء قبيلة الرشايدة بشرق السودان، إنّه نشأ وترعرع في الحركة الاتحادية، حصل مبروك سليم على بكالوريوس التجارة من جامعة دمشق بسوريا عبر منحة دراسية وفّرها له زعيم الاتحاديين الشريف حسين الهندي، ثُمّ حصل على الماجستير من جامعة عين شمس بمصر، ليتحصّل بعدها على الدكتوراه من جامعة الفاتح بالجماهيرية العربية الليبية.

دخل مبروك الجمعية التأسيسية في العام (1986) عن الحزب الاتحادي الديمقراطي، وهو شابٌ صغيرٌ، بعد أن تمت تزكية ترشيحه من بين ثلاثة مرشحين من قبل، الشريف زين العابدين الهندي، بمُباركة رئيس الحزب مولانا محمد عثمان الميرغني، يقول مبروك في حديثه لـ(التيار) في حوار قلّب معه عدداً من جوانب حياته وتاريخه، إن والده ختميٌّ، ولا يزال يُدين بالولاء للسادة المراغنة، أما هو فقد ترك الحزب الاتحادي الديمقراطي منذ أيام التجمع الوطني الديمقراطي، بسبب خلافه مع المُحيطين بالميرغني، ويُشير إلى أنه لايزال يسكن في منزل والده بحي السوق في كسلا، مبروك سليم صاحب ذاكرة متقدة، يحتفظ بالكثير من الأسرار والمواقف السياسية والتاريخية التي جمعته بالكثيرين من القادة السِّياسيين والزعماء داخل وخارج السودان.

مبروك جليس لا تمل الحديث معه وصاحب دعابة لا تُخطئه، نحيلكم لما دار بيننا في هذه المُقابلة التي جاءت على عجلٍ وغير مُخطط لها على شرف ترتيبات المؤتمر العام لحزبه في (ديسمبر) المُقبل?

حاوره: محمد سلمان

دكتور مبروك سليم.. قضية صادر الإناث أثارت كثيراً من الجدل، في أوساط الإعلام، سنبدأ بها هذا اللقاء قبل أن نناقش معك الكثير من القضايا، فما هو السبب الذي دعاكم لتصدير الإناث؟

حقيقة الناس لا تعلم ما هو حاصلٌ بالبلد، نحن بالتقديرات عندنا (160) مليون رأس، منها (35) مليون رأس حصين وحمير وبغال، و(130) مليون رأس أنعام، تعرف أنّ النعجة في سنة تولد ?اثنين?، والناقة في ?سنة? تولد واحدا، والبقرة في ?سنة? تولد واحدا، (إذاً نحن عندنا إنتاج يوازي ده، إذا أخذنا عقلنا كسودانيين، وده حساب نحن حاسبنه اقتصادياً، نحن في السودان الأعياد والكرامات والمناسبات بحسابات تقديرية تأخد منا نحو 18 مليون رأس، تعرف نحن نصدّر ستة ملايين رأس، دي كلها 24 مليوناً، يعني ما نستهلكه ونصدِّره لا يُوازي 10%، تقول لي إناث، بعدين يا أخي التحورات الوراثية في الذكر وليس في الأنثى، إذا كنت تريد أن تحافظ على تحوراتك الوراثية ما تصدِّر ذكرا، نحن قاعد نجيب جينات، قاعد نجيب أبقار، هل الناس ديل مغفلين مثلاً من أمريكا قاعد نجيب أبقار، قاعد نجيب من هولندا أبقار ?فريزيان?، من المصيبة أن ننساق وراء ناس لا تعلم، ويكوِّنوا رأياً عاماً وهم لا يعلمون).

إذاً أنت تؤمن بتصدير الإناث، ولا ترى أن هذا مضرٌ باقتصاد البلاد؟

أنا لم أقل إننا نسمح في الوزارة بتصدير كل الإناث، فنحن في الوزارة نصدر ذكوراً، أي نحن بنفس الثقافة، وفي رأيي الشخصي أن نصدِّر إناثاً، لأنّها هنا ستموت من الجوع! أنا لديّ فجوة (20) مليون طن أعلاف! والأمطار من (يوليو) إلى (أكتوبر) وباقي الأيام نأكل في المُخلّفات الزراعية أو نذهب لدول الجوار، وإذا ذهبت مواشينا لدول الجوار ستأتي بأمراض، وحرامية يسرقون منا، وستجلب لنا مشاكل أمنية، وهي ذاتها غير صالحة، ضعيفة وهزيلة ومنتهية، وتفقد (75%) من إنتاجها السنوي، نحن لم نُصدِّر إناث البقر لأنها غير مرغوبة، وأيضاً إناث الضأن.

لكن هناك حديث عن أن إناث الضأن تم تصديرها؟

بعض المصدرين تحايلوا علينا، واستجلبوا لنا خبيراً من سوريا، وبقي يعمل لهم خصيان للإناث كي يتم تصديرها، لكن تم ضبطها وحجزها.

ماهي الإناث التي قمتم بتصديرها سيد الوزير؟

صدّرنا إناث الإبل، وهي نوعان، النوع الأول، (الناقة عمرها (25) سنة، تلد عشر ولدات وبعدها تموت، إسياد الإبل البعرفوها في الحداشر أو في العاشرة دي يخلوها تحمل ويبيعوها وزناً، عشان تكون سمينة ومنفوخة، الجَنَا الجوّاها وزن، يبيعوها لأنها ستموت، وما ح تربي ولدها الاخير، ده الراعي بيعرف كده، أما إذا وقعت سنونها عند سيدها ما بتأكل وستموت، عشان كده سيدها ببيعها وبتخلص منها، هل نحن نخليها قمامة تموت، واللاّ سيدها يستفيد منها).. وهناك دراسة الآن للأمريكان عن الانعزال النفسي والخوف، (لأنه أطفالهم لم يتربوا في جو العائلة، ولم ترضعهم الأم بل كانت برضاعات.. وخلصت الدراسة الى ان لبن الإبل هو علاج للخوف لدى الأطفال ولكثير من الأمراض.. لبن الابل صار لديهم قيمة كبيرة جداً، والإبل التي نصدِّرها لا فيها لبن ولا لحم.

النوع الثاني نحن لدينا إناث الهجن، وهي تكون هزيلة في شكلها، وظريفة وجميلة زي الغزال، لكن لا فيها لبن ولا لحم، وأصلاً هي كانت انتهت من وقت طويل، زمان كانوا يستخدموها في الهمبتة والاسعاف وسلاح الحدود، وبعد ظهور السيارات في السبعينات اندثرا، ثم ظهرت سباقات الهجن في دول الخليج حيث أقبل عليها الناس، وهي تعد تراثاً للوطن، ويجب للدولة أن تدفع فيها وتعمل لها مضامير، والتراث جزء من الثقافة، الخليج أصبح يهتم بها، وفي حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم، يقول: (الإبل عز لأهلها والغنم بركة والخير معقود في نواصي الخيل إلى يوم القيامة).

وأنتم كصحفيين يمكن ان تزوروا مضمار الهجن الخرطوم، تبرع به الشيخ زائد رحمة الله عليه.. (للمساكين العرب القاعدين ديل، ناس الجمال، والحكومة ذاتها ما عارفة الحاصل عندهم شنو)! فالهجن السودانية ?الإبل? أحسن من أي هجن في العالم كله، وعندما غزت مضامير الخليج، بقى أول جمل من الجمال الخليجية يأتي وراء آخر جمل من الجمال السودانية، قالوا ديل ما مواطنين اعزلوهم براهم، وعملوا مضامير للهجن السودانية، وبقوا يهجنوا منها، المُهجّنة بسموها مواطنة.. وإلى الآن الجمال السودانية متفوقة والتي توجد بالخليج من الهجن تمثل (10%) من الهجن الموجودة هنا، وهناك اعتناء بها، ولدينا الرعي هنا تقليدي.. (الراعي هسي انت لو عايز تخش السوق ما ببيع ليك إلاّ الحاجة الما عايزها، ويبيع على قدر حاجته، لأنه يعتبر البهائم ملكه وجُزءاً من شخصيته، ووضعه في المُجتمع والبلد الذي يعيش فيه).

ما هي رؤيتكم سيد الوزير للنهوض بقطاع الإنتاج الحيواني؟

الآن الدولة لديها المشروع القومي للإنتاج الحيواني والبستاني لتربية الضأن والماشية عن طريق رشاشات وتعليف حديث، وليست تربية تقليدية تتأثّر بالفجوة العلفية أو الجفاف والتصحر وتقلبات الطقس، هل تعلم أن الفجوة في الوطن العربي من الضأن والماعز تبلغ (12) مليون رأس؟! ده بعد إنتاجهم، السودان يسد (ستة) ملايين، وكما ذكرت لك نحن نصدر ?ستة? ملايين رأس، وإذا كنا نحن بحالتنا البدائية نوفر (50%) من حاجة الوطن العربي، فإذا عملنا برامج اقتصادية وتدخلات بسيطة سوف نسد فجوة الوطن العربي بنسبة (100%) ونصدِّر لبقية دول العالم، إذاً نحن لدينا خيرات كبيرة، فالسودان بلد فيه مياه جوفية، وحصتنا في النيل (18) ملياراً لم نتجاوز الـ(ستة) مليارات في استهلاكنا، حصتنا من الأمطار أكبر، واراضٍ زراعية خصبة، المطلوب كيف نتوجّه للإنتاج، إذا كان هناك إنتاج حقيقي سيسقط الدولار، وكل المشاكل سوف تتعالج ، نحن في السبعينات جنيهنا كان يساوي (12,5) دولار، ماذا حدث؟! السياسات الفاشلة اقتصادياً، سياسات التأميم والطرد لبعض الشركات، والتحول الاقتصادي غير السليم، تحول لليسار وطُردت منا شركات كثيرة، نحن صحيح اقتصادياً منهكون، ولكن إذا صدقنا في توجهنا يمكن أن يكون هذا البلد رائدا، واقتصاديا ومنتجا، ويمكن أن يعول عليه، وسيعود المغتربون السودانيون للوطن وينتجون، وستأتي الاستثمارات.

نعود بك للجانب السياسي د. مبروك.. متى ينعقد المؤتمر العام لحزبكم؟

بإذن الله يوم السبت (23 ديسمبر 2017) هو اليوم المُحدّد لانعقاد المؤتمر العام لحزب الأسود الحرة، ونحن عقدنا مؤتمراتنا الأساسية في (18) ولاية، صحيح بدأنا بولايات الشرق ولكن الآن حزبنا مُنتشرٌ في كل ولايات السودان استعداداً لانتخابات (2020) وللتداول السلمي للسلطة، ولدينا برنامج اقتصادي واجتماعي متكامل، ونمتلك رؤية لإنقاذ المشاريع المنهارة في السودان، وسوف نطرحها في مؤتمرنا وبرنامجنا لانتخابات (2020).

هناك أحاديثٌ دارت عن وحدة بينكم وبين الحزب الاتحادي الديمقراطي، خَاصّةً وأنّك كنت جُزءاً من الحزب الاتحادي الديمقراطي، والكثير من قياداتكم جاءت من هذا الحزب.. إلى أين وصل هذا الحوار؟

لدينا حوارٌ مع عدة أحزاب سنطرح نتائجها للمؤتمر العام حتى الوحدة الاتحادي، والحوار مع الحزب الاتحادي الديمقراطي بقيادة د. أحمد بلال سيُطرح أمام المؤتمر العام للحزب، وهذا اتفاقنا معهم.. سنطرح هذا الموضوع في المؤتمر العام وهو أعلى سُلطة وسيبت في هذا الأمر.

هل أنتم على استعداد لخوض الانتخابات المُقبلة؟ أم أن هناك شروطاً تضعونها قبل مُشاركتكم في الانتخابات؟

نحن من مُرتكزاتنا الفكرية الديمقراطية، فنؤمن إيماناً قاطعاً بالديمقراطية، ونعتبر أنفسنا من حُماة الديمقراطية، ومن أجل ذلك نقيم مؤتمراتنا الأساسية وبصدد المؤتمر العام إيماناً بذلك، وثيقة الحوار كما تعلمون تفضي في نتائجها لإقامة انتخابات ديمقراطية حُرة، ونحن مع الانتخابات الحرة النزيهة، فمع إيماننا بمبدأ الانتخابات والديمقراطية والتداول السلمي للسلطة، نرى أن الانتخابات يجب أن تسبقها الترتيبات الصحيحة، ونحن كحزبٍ جُزءٌ من المجتمع المدني سنُراقب وننصح ونناصح، وما نراه حقيقةً سندفع به، وما نراه خطأً سننِّبه له، وهناك أخطاء واتفقنا في الحوار الوطني لعلاجها.

بعض الأحزاب السِّياسيّة تتحدّث عن إعادة تعديل الدستور وترشيح الرئيس البشير لدورة رئاسية جديدة.. فما هي رؤيتكم في حزب الأسود الحرة؟

نحن في حزب الأسود الحُرة نرشح الرئيس البشير لدورة رئاسية جديدة ليس لشخصه، فنحن حاربناه، وحملنا السلاح وحاربنا الحكومة بالبندقية.. واختيارنا للبشير وإعادة ترشيحه ليس من فراغٍ، فهو رجل وطني بمعنى الكلمة، قاد البلد إلى حوار وطني وحوار مجتمعي وإلى علاقات طيبة مع الحوار، وهو ضامنٌ لهذا الحوار، وأرى أنه إذا ذهب البشير ستكون كارثة على السودان كله، فالوطن غالٍ علينا، ونحن ما عايزين من البشير ولا مثقال ذرة.. إذا دعمناه ما دايرين منه حاجة، نحن دعمناه في الانتخابات الأخيرة من حُر مالنا ووقفنا في حملته الانتخابية ولم نطلب من البشير مثقال ذرة.. دعمناه أكثر من المؤتمر الوطني نفسه لقناعتنا أن هذا الرجل صمام الأمان.

كل الأحزاب تُعاني مَشاكل مَاليّة، كَيف تُسَيِّرون أنشطتكم وبَرامجكم، ومن أين لكم بالتّمويل لهذا المؤتمر العام لحزبكم.. هل دَعمكم حزب المؤتمر الوطني؟

نحن لا نأخذ من أحد، نتحدى أيِّ شخص يقول قدم لنا ورقة، هذه المؤتمرات عملناها بأناسنا وأعضائنا، هم الذين موّلوا مؤتمراتهم ونشاطهم من انفسهم، نعرف ان هناك مالا سياسيا ولكن لا نتقدّم له، لأن وضعنا أكبر من ذلك.. نحن لدينا قيم ورأي ألاّ يُموّل أيِّ حزب من الدولة، مفروض أيِّ حزب يُموِّل نفسه بنفسه، ولدينا رؤية نحول كل منسوبينا نحو الإنتاج.. طرحنا ورقة لندرس كل ولاية ونُحدِّد ماذا نستثمر فيها ونأتي لها بمُستثمرين.
التيار.