مبروك سليم(2 ? 2): الدولار ممكن ينزل لكن سيكون على حساب آخرين طفيليين .. لدينا رؤية اقتصادية لو سلمونا وزارة المالية بكره ننزل الدولار

الدول الأفريقية حولنا لا تمتلك موانئ بحرية لكنها لا تستخدم موانئنا إلا نادراً بسبب البيروقراطية والتعقيد

اتفاق سلام الشرق ناجح وحقق نتائج ملموسة ونحن الآن بصدد إعمار كل السودان

حاوره: محمد سلمان

{كيف تنظر دكتور ?مبروك? لواقع الاستثمار بالبلاد؟

-حقيقة مافي بنية تحتية مهيأة للاستثمار بالبلاد، وأي استثمار عايز مقومات ومكونات أساسية تكون رخيصة وسهلة، فمثلاً لو إنت زارع الآن سوف تجد تكلفة النقل والترحيل لوحدها تأخذ منك نحو (35%)، لدينا (خمسة) آلاف كيلو متراً سكة حديد، تدمرت وانتهت بسبب السياسات غير الرشيدة، وأيضاً الحظر الأمريكي، الطرق تعبانة، طيران مافي ?نحن يا دوب سد مروي أدانا كهرباء?، البلاد بحاجة ماسة للمقومات الأساسية للاستثمار.

{أترى أنه لا زالت هناك فرص لتحسين واقع الاستثمار بالسودن؟

-نعم هناك فرص واسعة، لتحسين الوضع الاقتصادي للبلاد، مثلاً في مجال النقل الجوي والبحري، نحن لدينا موقع جغرافي متميز، وممكن نكون من أحسن البلدان لربط العالم، هل تعلم أن بور تسودان في قلب العالم! و?ممكن كل طيران العالم يجي بورتسودان لكونها منطقة سنتر للكثير من الدول?، من البحر الأحمر كتجارة ترانزيت، لو أخدنا (1%) فقط يمكن أن يضخ إلينا هذا مبالغ مالية معتبرة، ويعود علينا بنفع كبير، إثيوبيا، أفريقيا الوسطى وتشاد، كلها ليست لها موانئ، لكنها لا تستخدم موانئنا إلا نادراً، ?لأنها معقدة وفيها بيروقراطية، غير صالحة للاستثمار في البلد? !! نحن بحاجة إلى تغيير كامل وشامل لكل السياسات، نحن في حزب الأسود الحرة لدينا رؤية للسودان مختلفة تماماً، ولدينا برنامج اقتصادي، ومستعدين ننزل الدولار، ?لو الليلة سلمونا وزارة المالية بكره بنزل الدولار?، وهذا ليس ?كلام ساكت?، بل بعمليات اقتصادية معروفة ومدروسة، فلابد أن تخرج الدولة من الذهب، لأنه عملة، وهم الآن يقومون ببيعه و?دي مضاربة?، أيضاً سياسة الدفع المقدم بالنسبة للصادر نوع من المضاربة، وما يحدث في الصادر بيع وسوق سماسرة! لدينا في الحزب رؤية اقتصادية وتقدمنا بورقة لمجلس الوزراء، وهي إلى الآن موجودة في أضابيره، ولكنها لم تقبل وسوف يرجعون لها في يوم من الأيام! لدينا رؤية اقتصادية ورؤية لعلاقات خارجية متميزة، ليكون هذا البلد رائعاً وناهضاً.

{متى تقدمتم بورقتكم الاقتصادية هذه ولماذا لم تقبل؟

-قدمناها قبل سنتين أو ثلاث سنوات، ولو عملوا بها لكان الحال قد تحسن، بعض الناس يتحدثون بأنه بمجرد الإعلان عن رفع الحظر ستنزل علينا البركات من السماء، ونحن راهنا على أن الدولار سيرتفع، وقالوا لنا إنه لن يرتفع وسيهبط، وفعلاً ارتفع الدولار، لأنه ليس في يد الحكومة، بل هو في يد السياسة الاقتصادية، ?لو السياسة الاقتصادية صاح، إنت تمشي صاح، ولو غلط إنت تمشي غلط?، لدينا رؤية بكره ينزل الدولار، لكن هذا سيكون على حساب آخرين طفيليين، لكن سنطرح سياستنا للشعب السوداني بعد مؤتمرنا.

{كيف ينظر ?مبروك? لواقع العلاقات السودانية المصرية ومستقبلها في ظل منعرجاتها تلك؟

-مصر بالنسبة لنا الأخ الشقيق، فحياتنا وحياة مصر حياة واحدة، مهما قيل من أشياء من الذين يريدون أن يفرقوا، فهناك من يفرقون في مصر، ومن يفرقون في السودان، ولكن الأغلبية والساحة تنادي بالوحدة بين القطرين، ونحن كحزب نؤمن إيماناً قاطعاً بأن تكون علاقاتنا مع مصر متميزة وجيدة، فهل يمكن أن ننكر أن مصر أنشأت جامعة النيلين، وجامعة وادي النيل، عملت المدارس، هل نحن ننكر هذه الأدوار؟ كما للسودان فضل أيضاً على مصر، والسودان البعد الاستراتيجي لمصر، ومصر هي أنبوبة ستنفجر من السكان، ولا تمدد لها إلا جنوباً عندنا، فالسودان هو المتنفس للانفجار السكاني في مصر، نحن عندنا أرض زراعية واسعة جداً، وهم عندهم خبرة وعندهم مقدرات، لكن المصريين فشلوا في أن يستثمروا في السودان و?دي مشكلتهم?، السودان نفسه لم يهئ البنية التحتية للاستثمار، كثير من المعادلات يجب مراجعتها بدقة وهدوء وعقل، ونتمنى من الرئيس البشير، أن يدفع بالعلاقات مع مصر، هناك الكثير من الروابط بين الشعبين، نحن كسودانيين لا نشعر بأننا غرباء في مصر، ولا المصريون يشعرون بغربة وعزلة عندنا، وهناك الحريات الأربع، وكثير من السودانيين عندهم شقق في القاهرة، لكن (في ناس في مصر والسودان ما دايرين العلاقات بين الشعبين تكون طيبة ومستقرة)

{هناك توترات من حين لآخر في علاقات البلدين؟

-هذه التوترات إعلامية أكثر من كونها واقعاً، وهناك من يشعل النار، سمعنا في الصحف أنَّ هناك قارباً دخل وفيه استخبارات مصرية، لكن وين الناس الاعتقلوهم هذا الكلام غير صحيح.

{لكن مشكلة ?حلايب? تظل من القضايا العالقة وعثرة أحياناً في تطور علاقات البلدين؟

-أي مصري تسألوا يقول ليك ?حلايب? مصرية، وأي سوداني تسألوا يقول ليك ?حلايب? سودانية، طيب لماذا لا نُحكِّمَها ونذهب للتحكيم، بدل ما نحن نتشاحن فيما بيننا، أو واحد فينا يتنازل للثاني ! أو نعملها منطقة تكامل، كما اتفق فخامة الرئيس البشير والرئيس السابق لمصر حسني مبارك بأن تكون منطقة تكامل.

{?مبروك سليم? أنت اتحادي ديمقراطي، ومن أسرة اتحادية هل ما زلت اتحادي الهوى والفكرة؟

-نعم، أنا نشأت وترعرعت في الحركة الاتحادية، ابتعثني الشريف ?حسين الهندي? للدراسة في سوريا، وحصلت على بكالريوس التجارة من جامعة دمشق بسوريا، ثم حصل ?مبروك? على الماجستير من جامعة عين شمس بمصر، أما رسالتي للدكتوراة كانت في (التاريخ وعلوم الحضارات) بالتركيز على حضارات شرق السودان، ونلت بها الدكتوراة من جامعة الفاتح بالجماهيرية العربية الليبية، والدي يدين بالولاء للسادة المراغنة، وإلى الآن الوالد لا يقبل في السادة المراغنة.

{حدثنا عن كيفية دخولك للجمعية التأسيسية في الديمقراطية الثالثة في العام (1986)م؟

-كان هناك ثلاثة مرشحين أنا من بينهم، وعندما عرضت الأسماء لقيادة الحزب، قال الشريف ?زين العابدين الهندي? لمولانا ?محمد عثمان الميرغني?: ?هذا الرجل تجد في اسمه أوله بركة ووسطه بركة وآخره سلام، فعليك به?، فتم اختياري للترشح وفزت بالدائرة، ودخلت الجمعية التأسيسية في العام (1986) عن الحزب الاتحادي الديمقراطي، وأنا شاب صغير.

{ماهي الأسباب التي دعتك لمغادرة الحزب الاتحادي الديمقراطي؟

-حول ?الميرغني? (شرذمة) وكانوا يدبجون التقارير لمولانا ?الميرغني? (مبروك فعل كذا، وعمل كذا) فغادرت الحزب، غبت عنهم نحو (تسعة) أشهر، بعدها أسست جيش ?الأسود الحرة? بجبهة شرق السودان، هناك الكثير من القصص والحكايات أيام التجمع الوطني الديمقراطي، لكن لا أريد الخوض فيها.

{بصفتك أحد القادة الرئيسيين لجبهة الشرق، كيف تنظر لسير تنفيذ اتفاق سلام شرق السودان؟

-اتفاق سلام شرق السودان، نفذ بنسبة (80%)، وبقيت أشياء بسيطة، وهناك إرادة سياسية لنهايتها ورغم حل لجنة متابعة الاتفاق لكن هذا الأمر ترك، للمتابعات الروتينية، والنوايا الحسنة لدى كافة الأطراف، وأعتقد أن اتفاق سلام شرق السودان من أفضل الاتفاقيات بالبلاد، وحقق نجاحاً كبيراً، ومن ثمرات الاتفاق مؤتمر المانحين لتنمية شرق السودان، ومن نتائجه حصلنا على (450) مليون دولار، منها (200) مليون دولار لمشروع كهرباء السودان الذي يجري تنفيذه الآن، و(200) مليون دولار لمشروعات طرق بالولايات الشرقية الثلاث، ومنحة بقيمة (50) مليون دولار، من أمير دولة الكويت، خصصت لمشروعات الصحة والتعليم والمياه شيدت منها مدارس ومستشفيات، فشيدنا منها مدارس صناعية وزراعية لتنمية المهارات وسد الفجوة في العمالة والكثير من الحرف والمهن وتنمية إنسان الشرق، وخمس مستشفيات ريفية في كل ولاية، لكن لم يتم افتتاحها حتى الآن، لا المدارس ولا المستشفيات، ولم تعمل حتى الآن.

{هل هي مشكلة الصندوق أم الولايات؟

-الصندوق يشيد المنشآت وينفذ المشروعات ولكنه لا يدير فهي مسئولية الولايات، وهذا نعتبره من عدم تنفيذ الاتفاق، وهناك بعض الأشياء في الترتيبات الأمنية وأشياء خلافية في المفهوم، ومع ذلك أقول هو اتفاق ناجح جداً وإيجابي.

{هل أنت راضٍ عما قمتم به في شرق السودان بعد دخولكم للحكومة؟

-نحن الآن بصدد إعمار كل السودان، وليس الشرق فقط، فنحن جزء من السودان، ونسعى مع غيرنا لإصلاحه، وتبني فخامة الرئيس لإعمار كل السودان ندفع به، فطموحنا في كل السودان، ما نفذناه في الشرق ليس كل ما نتمناه، ولكن عملنا أشياء ملموسة، ولكن نحن لا نفكر في الشرق وإنما نفكر في عامة السودان كما ذكرت لك.

{ماهي الإضافات التي حققتوها للوطن ككل بعد عودتكم من المعارضة ومشاركتكم في الحكومة؟

-عندما دخلنا هذه الحكومة كانت العلاقات مع دولة الكويت مقطوعة تماماً، فأول زيارة لنا للكويت عدنا للسودان بـ(50) مليون دولار لسد مروي، وأصلحنا العلاقات بين القطرين، ثم استقطبنا (218) مليون دولار من الصناديق العربية لتعلية خزان الروصيرص، وكل هذا يصب في إطار السودان العام، فنحن لم نتحدث عن الشرق فقط، بل نقف مع وحدة السودان وتنميته، وحزبنا منتشر في كل الولايات والقرى والفرقان، ونتخطى التكوينات الاثنية والجهوية.
التيار.