علاء الدين الدفينة يروي تجربة اعتقاله: (ذهبان)… جدلية العرش والشيطان 3

التعذيب النفسي
وجدت نفسي في زنزانة انفرادية قاسية… انيسي فيها خير انيس وهو مصحف وصلني بعد فترة طويلة من طلبي له… ختمت سوره مرات عدة… بالزنزانة قرية نمل اتتبع نملها واطعمه… الطعام ممتاز وتحت اشراف اخصائي تغذية… ولكني لا آكل منه الا ما يحفظ حياتي… ثلاث وجبات فاخرة ومتنوعة وتشمل حتى التحلية… خضعت للتحقيق حوالي عشرة مرات… والبحث الاجتماعي مرة والجلسات العلاجية ثلاث مرات… وزارتني لجنة حقوق الانسان السعودية مرة واحدة.
ممنوعة عني الصحف ووسائل الترفيه الاخرى بما فيها التلفاز… ممنوع ان اتحدث لأي احد او استمع لاي حديث ما عدا الضباط المحققين… ممنوع ان اقتني قلامة اظافر باستثناء واحدة جماعية تتبع للسجن اتحراها ما بين اسبوعين او ثلاثة اسابيع وكنت استخدمها مجبرا خوفا من نقل عدوى بعض الامراض كالتهاب الكبد الوبائي والايدز وامراض اخرى مشابهة… ممنوع اقتناء اي انية للطعام او الشراب واكتفي بالاكل في الاكياس والشرب في كوب ورقي استعمله في بعض الاحيان لمدة اربعة او خمسة ايام حتى يتغير لونه ويهترئ ورقه… ولا يسمحوا لي ان اسال عن مصيري او قضيتي او مسار التحقيق… ان السؤال عن ذلك مخالفة تستوجب العقوبة… التحدث مع السجناء في الزنازين الاخرى عقوبة… رفع الصوت عقوبة… والعقوبة لا تطال الصامتين… وهل من عقوبة اكبر من الصمت؟.
كنت ارى الشمس لفترة لا تتجاوز العشرة دقائق مرة كل اسبوعين او حينما يتم اخذي مغمض العينين للمستشفى او التحقيق… والمستشفى يقع داخل السجن ويشمل كل التخصصات… متاح لك…ولكنني اعاني احيانا من الالم لدرجة ان اصاب بهبوط في الدورة الدموية اقتضى يوما ان يتم نقلي بواسطة الطوارئ عبر مقعد للمقعدين… ممنوع ان اسال الطبيب عن مرضي او اناقشه… ممنوع حتى السؤال عن الدواء واستطبابه… كانوا يسحبون عينة من دمي كل فترة ولم يخبروني يوما عن السبب… يبدو لك انه اهتمام بصحتك… ولكني اعلم ان مثلنا من المساجين يمكن ان يتم استخدام خلاياهم بغرض الدراسات والبحوث في مسائل ترتبط بالبحوث العلمية في دولة تعرف معنى مزارع الخلايا وبحوث الخلايا الجزعية… كنت كغيري من المعتقلين الذين بلغوا في هذه الفترة 5037 معتقلا ومعتقلة اخضع مجبرا لتناول عقاقير منومة ومهدئة تجعلني انام نصف اليوم… وقد كنت في امس الحوجة لها وانا اعاني اطنانا من الهموم والافكار والتكهنات حول مصيري وبذاكرتي دوما انني مسجون في دولة قانونها يستند على مزاج الشيخ (القاضي) الذي سيقرر مصيري.
بعد عدة جلسات من التحقيق القاسي والمضني طلب مني المحقق ان ابصم على تهمتي وهي (انا علاء الدين دفع الله الامين الحاج سوداني الجنسية احمل الهوية رقم 2347233724 اقر بانني خلال فترة وجودي بالسعودية قد دعوت للعصيان المدني مرتين ضد حكومة عمر البشير في السودان وقد كان ذلك في نوفمبر وديسمبر 2016م وقد تم ذلك بصورة فردية عبر صفحتي الخاصة بالفيس بوك ودون علم السلطات في المملكة العربية السعودية)… تلك كانت تهمتي التي اعتز واتشرف بها ما حييت… وخلال التحقيق وجدت نفسي انطق بالمصطلح ثم اشرح معناه لضباط لا يعرفون ما الفرق ما بين العصيان المدني والاضراب السياسي والاعتصام الجماهيري… ويخلطون ما القضايا المناطقية والدوائر الجغرافية… وتتداخل عندهم الفوارق بالفروقات ولا يدركون ان الفيدرالية ليست من جنس العلمانية وان الحرية اساس للديمقراطية… كنت تحت رحمة قوم يخلطون بين الغباء والقبا… ويجزمون ان الاغبياء من فصيلة الاقبية… وان ذلك شرك بالله.
…….
خلال ثمانية اشهر ونصف عشت اقسى انواع الحبس الانفرادي ثلاث مرات منها 79 يوما بسجن ذهبان في جدة… ويوم كأنه عام في سجن الحائر بالرياض… وخمسة واربعين يوما في معتقلات الأمن السياسي بموقف شندي في الخرطوم بحري… اما بقية الفترة فقد تنقلت فيها بين الزنازين المزدوجة والجماعية بسجون جدة وعسير بينما قضيت يوما انفراديا بمكة.
لم اكن اعرف الوقت ان كان ليلا او نهارا… لم اكن اعرف ان كان صبحا او عصرا… التوقيت الوحيد الذي اتحرى به الوقت هو الصلاة والوجبات… كنت اعرف الوقت من الاذان… ولكني لا اعرف توقيت الزمن… بعدفترة ضاعت مني الايام ثم ضاعت مني الشهور… ولم اتبيّن ذلك الا بعد ان تم نقلي للزنزانة المزدوجة حيث رافقت معتقلا لبنانيا لثمانية وثلاثين يوما ثم زنزانة جماعية اخرى بها خمسة معتقلين من جنسيات سورية وفلسطينية وباكستانية ولبنانية وسوداني من اصل عراقي ثم شخصي… في هذه الزنزانة الجماعية قضيت اكثر من خمسين يوما قبل ان يتم نقلي جوا بواسطة طيران الاستخبارات السعودية لسجن عسير حيث قضيت حوالي شهرين بزنزانة جماعية مع خمسة معتقلين سوريين ينتمون لتنظيم الدولة الاسلامية (داعش) بعضهم امراء حرب من منطقة الرقة السورية وبعضهم تفجيريين تم القبض عليهم اثناء محاولتهم تفجير انفسهم بحزام ناسف وبعضهم تمويليين وانغماسيين مهمتهم الانغماس القتالي في صفوف الجيوش المناوئة لهم.
في الحبس الانفرادي عانيت معنى الحرمان وعشت الحرمان وعرفت ما الحرمان وتوصلت الى ان من اراد ان يحارب الظلم فعليه ان يعيش الظلم… في الحبس الانفرادي عشت معنى الذل والاستعباد والقهر والتسلط… وادركت ان الفارق ما بين الفكرة والاحساس هو التجربة… ان من يتحدث عن الظلم لا يمكن ان يكون اصدق ممن عاشه… عرفت ما الفرق ما بين عز القبور وذل القصور وتذوقت الطعم الحقيقي للصمود… هنا عرفت احساس من يعيش نازحا في معسكرات النزوح… واحساس من فقد اسرته وعاش الحرمان… الحرمان من الام والابن والاخ ومن الامن… عرفت تماما ما الفرق بين ان تنام هانئا في فرش وثير او تتوسد رمل الهموم… هنا وهنا فقط ادركت بانه قد ان الاوان لندرك ان شعب دارفور في حنايانا وبين احشاءنا شعوب المنطقتين… هنا وهنا فقط قررت ان امضي في طريق لا طريق غيره يحقق لهذا الشعب تطلعه لحياة كريمة اساسها المسكن والملبس والماكل والمشرب والصحة والتعليم والامن… ويحقق له ذاته ورفاهيته… هنا عرفت ما معنى ان اكون الاخر… واحس الاخر…واعيش ما يعيشه الاخر… هنا بحثت في هدوء عن انجع السبل لتحقيق ذلك…. وقرات كل الظروف… وبحثت في كل الممكن… وتوصلت ان الطريق لذلك لن يكون الا بثورة عظيمة يقررها ويقودها ويحققها ويحرسها شعبنا الابي ثم يطورها ويتطور بها… ثورة تكشط كل السخف السياسي الذي يسحقه… وتؤسس لسودان يسع الجميع.
(كؤوس الدم)
بتاريخ 18 نوفمبر الحالي وعند الحادية عشر ظهرا سيرقص البشير رقصة الموت على مذبح الطفولة برفاعة…
سيقفز قفزات المصروع على نعوش الاطفال الذين ارتفعت ارواحهم وهي تئن مرتفعة نحو الذي برأها من عدم عائدة اليه لترفع كتابها الناصع الا من شكواها على عمر.. ونظام عمر.. ومؤسسات عمر.. وظلمه ذو الارقام القياسية…
بهذا التاريخ وفي هذا التوقيت وذا الزمن سيشهد البشير شهادته المتقدمة امام الله… والمقدمة امام الله عن ارواح عزيزة علينا فقدناها بمستشفى الاطفال برفاعة وهي تستجدي جرعة دواء وتستنطق الجبال عن ذرة اوكسجين ضنت بها الدولة البشيرية عليهم واعمارهم تتراوح بين الدقائق الاولى في الحياة والشهور الاولى من الدنيا… بصمت اتوا للحياة… وبصمت اكبر تركوها له ولنظامه وللمجرمين من حثالة الفاقد الانساني ببلادنا المنكوبة.
في هذا اليوم سنستكتب التاريخ عن الانفس المفقودة والارواح المهدرة نتيجة العبث الرسمي لنظام البشير بحياة هذا الشعب…
وفي هذا التاريخ سنستوقف البشير ليسال نفسه… كيف يفتتح مستشفى كان قد افتتحه قبل عقد من الزمان… ثم اعيد افتتاحه قبل نصف عقد… ثم ها هوذا يعيد افتتاحه للمرة الثالثة في ظاهرة (فتحية) (وافتتاحية) لا تحدث الا في زمن الصبينة السلطوية والعبث التسلطي والانظمة المتسلطة.
في هذا التاريخ سنتذكر بوضوح تام الا فضل لهذا النظام في هذا الامر الا فضل تهريج مهرجه الاول وهو يتراقص ببهو هارون الرشيد… اغاني وغواني… وبئس السقوط… وبئس المعاني.
……..
بدعم ذاتي تاسس مستشفى الاطفال برفاعة على نفقة طيب الذكر السيد فريد احمد نصرالله وقفا لروح والده… وتم الافتتاح حوالي 2009…
وبعد شهور من افتتاح البشير له ولانعدام التمويل تم تحويله من مستشفى تخصصي للاطفال الى (قسم) للاطفال بمستشفى رفاعة…
وظللنا نفقد في الاطفال… انهم يدخلون… لكنهم لا يخرجون… يعانون… ويعزي بعضهم بعضا باهات وانين… دموع وبكاء ونحيب… وصرخات تجاوبها صرخات… ثم يمضون بهدوء شديد يودعهم نحيب امهاتهم واهات اباءهم…
وتكونت لهم مقبرة باسمهم تجاور المستشفى هي (مقابر الاطفال برفاعة)…
……..
بعد ان تآمروا عليه واحالوه لقسم مهجور بدلا عن مستشفى تخصصي مرة ثانية يعاد افتتاح المستشفى في 17 /7 /2011 بعد كارثة وفاة مجموعة من الاطفال منهم طفلتي الشهيدة تاليا… اذ فارقت الحياة في يوم الاربعاء 1 /6 /2011 وهي تبحث عن جرعة اوكسجين…
وبعد صراع قانوني وتصعيد اعلامي وضغط جماهيري صدر قرار خجول وصامت من وزير صحة الجزيرة انذاك دكتور الفاتح باعادة افتتاح المستشفى… ومرة اخرى تركوه للمجهول…لا معينات ولا دعم ولا ميزانية ولا اطباء ولا فنيين الا بضع افراد لا تقل معاناتهم عن معاناة من يطببونهم…بحياء… وذاك جهد المقل امام جهل الجاهلين.
وبعد تدخل قوي ومشهود وباقي للتاريخ تدخلت رفاعة عبر شبابها ممثلين في منظمة شباب النهضة الخيرية… رفاعة عبر منظمتها الشبابية حسمت رؤيتها وقررت تولي مهامها بعيدا عن سقوط الساقطين ونهب الناهبين وانحطاط المنحطين وسرقات لصوص لم يراعوا لله محرمة ولم يرعوا للشعب مرحمة… رفاعة دفعت بلفذاتها وقدمتهم كاعز ما تملك واثمن ما تدخر حين ادركت ان الاقدار قادتها فعليا (ليوم كريهة وسداد ثغر) اذ لهذا اليوم انجبتهم وربتهم وادخرتهم…ولهذا اليوم ارضعتهم العز والشرف والشموخ والاباء…
………
بجهد شعبي خالص الا من (دعم رسمي بائس) استطاعت منظمة شباب النهضة وبتكلفة قاربت ال9 مليار جنيه (قديم) ان تشيد مستشفى من 3 طوابق خصصته للاطفال وجهزته بكل المعدات الحديثه وتعكف على عدة مستشفيات اخرى ومؤسسات صحية وتعليمية اضافة لمشاريع خدمية واجتماعية متعددة سيرد ذكرها في مقالات منفصلة…وظلت المدينة تترقب الاذن بمباشرة العمل في هذا الصرح لاكثر من عام ونصف وسط تلكؤ رسمي وتعطيل متعمد شمل حتى تجفيف الكادر الطبي… ولما ان اكتمل كل شي بجهد ودعم رفاعة وشبابها عبر منظمة شباب النهضة قرر البشير ان يفتتح المستشفى للمرة الثالثة….
………….
نسعد ايما سعادة بمباشرة هذا المبنى للعمل وتقديم خدماته للمحتاجين…وناسف لما وصل له حال البلد من بؤس يجعل رئيسه يستجدي رقصة مفضوحة يسبح فيها داخل (كؤوس الدم) ويستعرض سقوطه متكئا على نزيف الاطفال ومتوكئا جهد شباب انفقوا لوطنهم ولم يستبقوا شيئا…
…….
ليرقص البشير ما شاءت المسارح…
وليبشر برقص تزغرد له المشانق…
فانا ورب الشهداء عازمون على مواصلة المسير…
………….
علاء الدين الدفينة.
أخي علاءالدين الدفينة: أجاركم الله في مصابكم وففدكم الجلل ممثلا في ابنتك رحمها الله تعالي وعساها تكون شفيعا لك يوم القيامة لكن نصحيتي الاخوية لك هي ان لا تشخصن الموضوع فالموت قضاء وقدر ولو اجتمعت الانس والجن ما كانوا سيغيروا من حكم الله دعك من موضوع مستشفي رفاعة والبشير وكل هذه التفاصيل. لا تخلط الموضوع بالسياسة با اخي ولا تدمر حياتك بمعاداة الحكومات.. والله لا اخشي عليك من حكومة السودان فأنت الان تكتب كلامك هذا في السودان وتعلم أن لا أحد سيسألك لكني أخشي عليك من بطش وظلم السعوديين. أصبر واحتسب أجرك عند الله.
اسد يالدفينة
((وتوصلت ان الطريق لذلك لن يكون الا بثورة عظيمة يقررها ويقودها ويحققها ويحرسها شعبنا الابي ثم يطورها ويتطور بها… ثورة تكشط كل السخف السياسي الذي يسحقه… وتؤسس لسودان يسع الجميع.))
لا اقول لك كما قال المدعو [عبس عبوس] ان لا تدمر حياتك بمعاداة الحكومات فمثله لا يعرف معنا للحرية ولكنى اقولها بالصوت العالى مرحبا بك مناضلا فى معركة الحرية والانعتاق. معاناتك ومعاناة كل المناضلين مهر واجب السداد. فالشعوب تنتزع حريتها انتزاعا ولا تتسولها. واؤكد لك اننا تعلمنا من اخطاء الماضى ولن نترك ثورتنا هذه المرة لسارق أو أفاك كائنا من كان. وحنبنيه البنحلم بيه يوماتى فلا نامت أعين الجبناء.
التحية ليك ولكل الشرفاء القابضين على الجمر.
أيدك الله بنصره
و أعان شعبنا الصبور
أخي علاءالدين الدفينة: أجاركم الله في مصابكم وففدكم الجلل ممثلا في ابنتك رحمها الله تعالي وعساها تكون شفيعا لك يوم القيامة لكن نصحيتي الاخوية لك هي ان لا تشخصن الموضوع فالموت قضاء وقدر ولو اجتمعت الانس والجن ما كانوا سيغيروا من حكم الله دعك من موضوع مستشفي رفاعة والبشير وكل هذه التفاصيل. لا تخلط الموضوع بالسياسة با اخي ولا تدمر حياتك بمعاداة الحكومات.. والله لا اخشي عليك من حكومة السودان فأنت الان تكتب كلامك هذا في السودان وتعلم أن لا أحد سيسألك لكني أخشي عليك من بطش وظلم السعوديين. أصبر واحتسب أجرك عند الله.
اسد يالدفينة
((وتوصلت ان الطريق لذلك لن يكون الا بثورة عظيمة يقررها ويقودها ويحققها ويحرسها شعبنا الابي ثم يطورها ويتطور بها… ثورة تكشط كل السخف السياسي الذي يسحقه… وتؤسس لسودان يسع الجميع.))
لا اقول لك كما قال المدعو [عبس عبوس] ان لا تدمر حياتك بمعاداة الحكومات فمثله لا يعرف معنا للحرية ولكنى اقولها بالصوت العالى مرحبا بك مناضلا فى معركة الحرية والانعتاق. معاناتك ومعاناة كل المناضلين مهر واجب السداد. فالشعوب تنتزع حريتها انتزاعا ولا تتسولها. واؤكد لك اننا تعلمنا من اخطاء الماضى ولن نترك ثورتنا هذه المرة لسارق أو أفاك كائنا من كان. وحنبنيه البنحلم بيه يوماتى فلا نامت أعين الجبناء.
التحية ليك ولكل الشرفاء القابضين على الجمر.
أيدك الله بنصره
و أعان شعبنا الصبور