منظمة شباب النهضة الخيرية… رؤية جديدة للبعث الاخلاقي

علاء الدين الدفينة
بتاريخ 18/ نوفمبر الحالي 2017 م فاجات رفاعة كل الاوساط ذات الارتباط بالمنظومات السياسية والاجتماعية وتلك المرتبطة بمنظمات المجتمع المدني او ذات الصبغة الخيرية وذلك ابان افتتاح المنظمة لمستشفى الاطفال برفاعة الذي شيدته واسسته واثثته بكلفة فاقت العشرة مليار جنيه شملت حتى المعدات والاجهزة وكل ذي صلة بالعمل الطبي…
المبنى مؤلف من ثلاثة طوابق في مساحة اجمالية 410 م م وياتي على احدث نسق مطابقا للمواصفات الدولية متخطيا رصيفاته في البلاد ويتميز المشروع بانه رفاعي خالص شيده اهل رفاعة من حر مالهم كما انه جزء من خطة متكالمة للنهوض بالمدينة وعموم المنطقة تشمل العناية الكاملة بكل المرافق الخدمية وعلى راسها الصحة والتعليم (انشات المنظمة مجمعا تعليميا من طابقين وغيرت سقوفات بعض المدارس لسقوفات مسلحة وانشات اكاديمية تمريض وتعكف حاليا على تكملة مستشفى النساء والتوليد الذي يتالف من ثلاثة طوابق ايضا في مساحة 920 م م وهذه المساحة تساوي ضعف مساحة مستشفى الاطفال ) اضافة لبرامج اجتماعية تشمل تبني الفقراء واليتامي والمساكين تبنيا كاملا بما في ذلك وجبات افطار التلاميذ في كل المدارس طوال العام وكسوة العيدين والمدارس والشتاء والحقيبة المدرسية وافطار رمضان للاسر المعوزة اضافة لمجانية الدواء والتعليم باعتبارهما حق طبيعي للانسان… هذا غير بقية برامج المنظمة الاخرى…
وبينما وصلت تكلفة مستشفى الاطفال العشرة مليار جنيه فان بقية المشاريع فاقت الخمسة مليارات حتى الان بينما تعهدت المنظمة باضعاف هذه الارقام لتشييد بقية المشاريع…
من حر مال اهل رفاعة والمنطقة تم كل ذلك وبالدعم الذاتي الخالص والمعلن من حيث مصادر ومصارف التمويل…
وبينما ظلت كلفة تسسير المنظمة الادارية (صفر) طوال اربعة سنوات فانها تنشر كل ميزانيتها وتعرضها للمراجعين الماليين في كل دوراتها مطبقة مبدا الشفافية والنزاهة على اعلى مستوياتهما…
وتعتمد المنظمة فى تسسير اعمالها على نفقات عضوية مكتبها التنفيذي دون المساس بالميزانية العامة للداعمين من اهل رفاعة باعتبارها اوقافا لا يجوز التصرف فيها الا للقصد الذي بموجبه يتم الدفع…
……..
في التاريخ اعلاه جاء البشير لافتتاح المستشفى مغتصبا الحق الطبيعي لاهل رفاعة في الاحتفال بزبدة وثمرة جهدهم وكفاحهم وعطاءهم…جاء لرفاعة ممنيا نفسه برقصة و(عرضة) يؤديهما على ركام الانفس الجريحة والارواح المثخنة بالالام لمدينة اعتصرها النظام اعتصارا…لكنها ظلت صامدة…
تقدم البشير نحو البوابة الرئيسية للمبنى المشيد بامال والام هذه الكوكبة النيرة من شباب المنظمة ليتفاجا باهل رفاعة يهتفون لمنظمتهم ويرفعون بوسترات مكبرة لصورة رئيس المنظمة الشاب الرفاعي الخلوق المهندس جعفر سعد عمسيب… بينما ملات صوره الارجاء وحفلت بها الاعناق… كان الجميع يحملون صورة قائدهم جعفر عمسيب ثم تقدموا لحمله هو على الاعناق وسط بكاءه وبكاء البعض من شباب المنظمة وشاباتها… لم يهتف احد للبشير ولم يلتفتوا اليه… لم يسمع ذاك الصراخ البائس الذي يدعوه لان يسير… لم يرفع احدا صورته ولم يعيروه اي انتباه او ذرة اهتمام… كل الانظار كانت ملتفتة نحو اصدق شباب المدينة واصدق شاباتها… كان الكل يعانق في الكل والجميع يهنئ في الجميع وسط وجوم وخيبة امل البشير ووفده المشؤوم…
رفاعة تعرف جيدا انها حددت موقفها وقدمت قياداتها…رفاعة تعرف جيدا المراحل التي تخطتها وتلك التي تعيشها…وتعرف المرحلة المقدمة اليها…(وهي مستعدة لها…ولكلفتها)…
رفاعة تعرف انها تخطت فوضوية السياسة وعبثية الساسة… وتعرف ايضا انها خلقت وعيا اجتماعيا جديدا وقيادات انسانية جديدة بعبقرية وتفرد جعلتها تدوس على الالم وهي تنشد الامل…
خرج البشير من المستشفى دون ان ينطق بكلمة واحدة… خرج منها وما كان عليه ان يدخلها ابدا… خرج منها تطارده لعنات الاباء والامهات الذين فقدوا فلذات اكبادهم جراء تعسف النظام واهماله المتعمد لكل الوطن ولكل مرافقه وخصوصا اهماله للخدمات الصحية الذي تسبب في عدة وفيات في وسط اطفال المدينة خلال حكم البشير البائس المظلم البغيض…خرج منها يشيعه بيان شجاع جدا من المنظمة تعلن فيه بانها لم تحتفل بعد بافتتاح المستشفى وان مظاهر قص الشريط ماهي الا برامج رسمية لا تمثلها…وان احتفالها سياتي في وقت لاحق وبطريقة مختلفة وبمظهر مغاير…
……….
الذي حدث في رفاعة خلال السنوات الماضية يجب ان يكون انموذجا يحتذى في كل السودان ولكل المجتمعات… اذ عكفت رفاعة على تخير اصدق من انجبتهم ارحام الامهات… وذلك بعد حوادث عديدة للاهمال المعتمد للنظام واداراته وسياساته اودت بحياة مجموعة من الانفس البريئة برفاعة… ففي يونيو/ يوليو/اغسطس 2011 م شهدت مدينة رفاعة حراكا اجتماعيا جماهيريا تعبويا ضخما مسنودا بحملات قانونية واعلامية ضد نافذين ومتنفذين في النظام (منهم وزير ومعتمد طالتهم بلاغات جنائية) عقب موت مجموعة من الاطفال في مستشفى رفاعة… الحراك ابتدره اثنان من شباب المدينة وهدفه تخطي كل الواقع المعاش وتبني كل المرافق الخدمية وكافة شرائح المجتمع الفقيرة والمهمشة… اذ ان التهميش قد طال شرائحا عديدة من مجتمع رفاعة ومنطقتها وبنسب عاليه جدا كما طال كل مرافقها الخدمية… هذا الواقع ظل ينبئ بتوقع نتائج كارثية قد تؤدي لتفتيت المنطقة التي ظلت متماسكة رغم كل الظلم الذي حاق بها… لذلك كان هناك سؤالا مركزيا تاسس عليه الكثير جدا من العمل (في ظل الانهيار العام الذي تشهده البلاد وفي ظل الموقف الجماهيري الرافض لذلك وفي ظل ضبابية الرؤى بالنسبة لتيارات الممانعة والرفض…ما هو الحل بالنسبة للمجتمع الذي ظل يتلظى بجحيم صموده… وينعم بقوة مواقفه؟؟؟)… هذا السؤال هو السؤال المحوري… كانت الاجابات موزعة ما بين موقف يرى ان كل ما يجب ان يؤديه المجتمع لنفسه ومن تمويله وجهده وفكره انما هو واجب نظام يتنعم بحقوق الشعب…لذا يجب ان يستمر الضغط عليه حتى يؤدي مهامه… هنا برز سؤال اخر تشكلت منه رؤية اخرى… ماذا لو تواصل غي النظام؟؟؟ هل نترك المجتمع فريسة للسياسات الرسمية الفاشلة لنظام يواصل استنزاف ذاته ويستمر في سقوطه الداوي؟؟؟ الاجابة هي لا… لا بد من الانحياز للمجتمع وتبني كافة احتياجاته وقضاياه… المعارضة الحقيقية هي (تلك التي تمارس مهامها في وقت تنحاز فيه ايجابيا لمجتمعها الذي تستند عليه لتحقق مطالبه)…
من هنا تطورت رؤى وافكار اصدق الشباب برفاعة… وتقدموا عدة خطوات مهمة بكلفة بسيطة وفي زمن وجيز للغاية… استطاعوا ان يؤدوا دورا توعويا تعبويا هاما للغاية وصاغوا افكارهم ورؤاهم بعد مواجهة محدودة وتصعيد جماهيري ممتد ومتصاعد ومتطور ومتعدد الجبهات والملامح… ثم انتزعوا الاعتراف بهم قبل ان يتطور حراكهم الهادف لبناء مدينتهم وحماية مجتمعهم…
………
منظمة شباب النهضة استطاعت تثبيت عدة مبادئ وتاكيد العديد من القيم والافكار اساسها الشفافية والجماعية والمجتمعية كما انها ظلت تقدم وجوها جديدة في مكتبها التنفيذي على راس كل دورة ويصر مؤسسي المنظمة على التنحي وفتح الباب للطاقات الشبابية لاداء مهامهم…
فبعد الدورة الاولى للمكتب التنفيذي تنحى اكثر من 90% من المؤسسين فاتحين الباب على مصراعية للشباب والشابات من ذو ي الخبرات والكفاءة دون اي تمييز سياسي او عرقي او عقائدي مستندين على اهم المبادئ التي تؤكد ان الانتماء للوطن والمواطن وقضاياهما لا غير…
خرج البشير من رفاعة وقد لا يعود اليها ابدا بعد يومه ذاك…خرج منها وهو يدرك ان رفاعة قد نثرت كنانتها وانتقت اصدق واصلب من انجبتهم ثم رمته بهم…مثلما رمت بهم كل الظروف القميئة التي صنعها وانتجها…خرج منها ويقينه ان الوطن قد تجاوز كل مراراته وتفنن في صناعة قياداته…بعبقرية سودانية فذة…خرج منها وهو يدرك تمام الادراك ان رفاعة الرائدة في كل شي قد استبقت الجميع وهي تتهيأ للاغتسال من نجاسة ليل الانقاذ البهيمي البهيم…
رفاعة الباسلة وضعت الاسئلة الحرجة…ووضعت لها الاجابات الشافية… رفاعة الصامدة انحازت بقوة للانسان وقررت رعايته…اذ لا يعقل ان يضيع الوطن وانسانة بين سياسات النظام التدميرية وخطابات المعارضة التبريرية…فحتى ينقشع الظلام قررت رفاعة ان تنحاز بقوة ودون مواربة لانسانها…وقررت حمايته واقتلاع حقوقه بكل السبل حتى اذا سقط النظام يكون هناك انسانا يتولى شؤون وطنه ويحمل همومه… فليس من العدل ان يضيع البسطاء بين طحن النظام لهم وتغاضي المعارضة عن قضاياهم…
رفاعة قدمت لنا انموذجا جديدا في النضال والصمود…انموذجا انحازت به وبقوة لانسانها المطحون…للمهمشين بداخلها…وللفقراء والمساكين والبسطاء واليتامى… انموذجا وصلت به درجة توزيع الدواء مجانا ومن داخل المستشفيات لكل المحتاجين… انموذجا جعلها تتبنى كل ملفات التعليم لدرجة دفع رسوم التلاميذ الفقراء وتوزيع الوجبات لهم مجانا داخل مدارسهم وتبني اسرهم… انموذجا ظل الانسان فيه هو الاساس…الطفل هو الاساس…والمراة هي الاساس… انموذجا قالت عبره رفاعة لكل العالم انها وحتى سقوط النظام ستظل منحازة للانسان ومدافعة عنه لان المعارضة الحقيقية تنبع من عمق المجتمع وتسعى بالمجتمع لحماية المجتمع حتى تحفظه به وترعاه عبره…تلك هي الحقيقة وما دونها محض هراء…
وانتم اصلا مفتتحين مستشفاكم في يوم زيارة البشير ليه كان تخلوه يجد المكان فاضي لا مواطن فيه وافتتحوه في يوم اخر
نزلت للدنيا شفاعة سعة ام درمان لرفاعة لله درك يا رفاعة رفع الله اهله الي مصافي الملائكة
مثل هذا العمل هو الذي يجعل من المعارضة البديل المرتقب..وليس “بالضجه في الرادي والخطب الحماسيه”
على النخبة المستنيرة المعارضة أن تبتدر وتتبنى وتدعم مشاريع من هذا النوع..”دا براهو كافي إنو يخلي الحكومة قاعده براااااها في السهله..وكمان يلمع المعارضه”
علاء الدين أبومدين
وانتم اصلا مفتتحين مستشفاكم في يوم زيارة البشير ليه كان تخلوه يجد المكان فاضي لا مواطن فيه وافتتحوه في يوم اخر
نزلت للدنيا شفاعة سعة ام درمان لرفاعة لله درك يا رفاعة رفع الله اهله الي مصافي الملائكة
مثل هذا العمل هو الذي يجعل من المعارضة البديل المرتقب..وليس “بالضجه في الرادي والخطب الحماسيه”
على النخبة المستنيرة المعارضة أن تبتدر وتتبنى وتدعم مشاريع من هذا النوع..”دا براهو كافي إنو يخلي الحكومة قاعده براااااها في السهله..وكمان يلمع المعارضه”
علاء الدين أبومدين