إحصائيات الفقر .. أرقام مثيرة للشكوك!

الخرطوم ? أماني خميس
يشكك الخبراء في صحة الأرقام الحكومية حول معدلات الفقر والبطالة في البلاد، بقولهم إنها أعلى بكثير من التي تعلنها الجهات المختصة، وإنه لا بد من إسناد مهمة إجراء هذه الدراسات لجهات مستقلة لتشخيص حجم المشكلة ووضع الحلول الناجعة لها.
وأظهر تقرير لنتائج المسح القومي لميزانية الأسرة والفقر، صادر عن الجهاز المركزي للإحصاء الأسبوع الماضي، أن نسبة الفقر بلغت (36.1 %) للعام 2014 مقارنة بالمسح الأخير الذي أجراه الجهاز والذي بلغ (46.6 %)، بما يعني أن مؤشر الفقر تراجع خلال خمس سنوات، وهو الأمر الذي لم يجد قبولاً في أوساط الخبراء الاقتصاديين.
ويتوقع خبراء أن ترتفع نسبة الفقر في خلال الفترة المقبلة، نتيجة للتحديات التي يواجهها السودان محلياً وخارجياً، وفي مقدمتها ارتفاع أسعار العملات الأجنبية مقابل العملة الوطنية، مما يعني عمليا ارتفاع في أسعار السلع الأساسية التي تؤثر مباشرة على أصحاب الدخول الضعيفة، ويرجح أن تقود هذه الأوضاع إلى زيادة انتشار الفقر بدلا من انخفاضه.
وتحفظ المحلل الاقتصادي، د.حسين القوني، على الأرقام الواردة في نتائح مسح الجهاز المركزي للإحصاء، معتبرا أن الفترة التي أجري فيها المسح لم تحدث أي زيادة أو تحسن في دخول المواطنين، وبالتالي تصبح هذه الإحصائيات مشكوكاً فيها.
ويرى القوني أن التحسن في أوضاع المواطنين يتطلب وجود دخول جديدة، وهي ليست موجودة في السودان ولا في ولاية الخرطوم، بل على العكس أصبحت الدخول متدنية أكثر مما كان في السابق.
ويشير إلى أن قياس زيادة أو انخفاض نسبة الفقر يتم بزيادة دخول الفرد، وفي هذا الصدد فهو يتساءل عن مدى فعالية مشاريع التنمية وزيادة الدخل بولاية الخرطوم، وكيف تم توزيعها على الفقراء، وما هو حجمها بالنسبة لاستيعاب العمالة المنتجة بدخول مناسبة.
ويعتقد القوني أن جهود الحكومة لإحراز تأثير في عملية مكافحة الفقر، لم تنعكس على التغيير في دخول الناس، خاصة وأن نسبة 30 % من المواطنين لا تعتبر زيادة محسوسة في دخول الناس، وتغيير حالة الفقر في الولاية أو المجتمع المعني.
ويدعو القوني الجهات الرسمية التي تصدر مثل هذه التقارير، لتقديم أسباب واضحة حول التغيير الإيجابي والتحسن الذي يطرأ في نسبة الفقر، وأعرب عن أمله أن يرافق التقرير المبررات أو التغييرات التي حدثت مثل (زيادة معتبرة في دخول المواطنين) والتي تسببت في انخفاض نسب الفقر، حسب ما جاء في التقرير للجهاز المركزي للإحصاء الصادر مؤخرا.
وأجمع عدد من الخبراء على زيادة نسبة الفقر بولاية الخرطوم بصفة خاصة في أطراف الولاية، ويقول هؤلاء إن مؤشرات عديدة تدل على ارتفاع نسبة معدلات الفقر مقارنة مع نسبة النزوح التي شهدتها ولاية الخرطوم.
وأجرى المسح القومي لميزانية الأسرة والفقر 20142015 بواسطة الجهاز المركزي للإحصاء وبنك التنمية الأفريقي، إضافة إلى مؤسسة إحصاء دولة النرويج.
وكشف التقرير عن أن متوسط الاستهلاك السنوي للفرد في الحضر أعلى من الريف، وأكد أن وسط دارفور هي الأعلى فقرا بنسبة بلغت 67.2 % ثم تليها ولاية جنوب كردفان بنسبة بلغت 67.0 % وتليها ولاية غرب كردفان بنسبة بلغت 64.1 % ثم ولاية شرق دارفور بنسبة بلغت 50.4 % وتليها ولاية جنوب دارفور بنسبة بلغت 49.2 % وكذلك ولاية شمال دارفور بنسبة بلغت 42.3 % ثم تليها ولاية النيل الأبيض بنسبة بلغت 40.9 % ثم ولاية غرب كردفان بنسبة بلغت 40.5 % ثم شمال كردفان بنسبة بلغت 39.1 %، وولاية النيل الأزراق بنسبة بلغت 34.6 % وتليها ولاية الخرطوم وهي الأعلى وتليها الولاية الشمالية ثم ولاية نهر النيل. أما ولايات دارفور وكردفان فهي الأقل من حيث مستوى الاستهلاك.
وأكد تقرير الإحصاء أن الغذاء هو العنصر الرئيس للإنفاق، وذلك بنسبة 60 % من الاستهلاك الكلي. لافتا إلى أن نسبة الفقر في السودان انخفضت إلى 36.1 %، بينما كانت 46 % في عام 2009.
وكشف عن الولايات الأقل فقراً على التوالي وهي: ولاية الشمالية بجانب ولاية الجزيرة، وأكد أن ولاية نهر النيل هي الأعلى فقراً بجانب جنوب كردفان، والبحر الأحمر، ووسط وغرب دارفور.
وحدد التقرير الولايات الأولى بالرعاية من الدولة والتدخل الحكومي لخفض الفقر، وهي: ولاية جنوب كردفان، وغرب دارفور، وسط دارفور، وقال التقرير إن ولاية البحر الأحمر تأتي في المرتبة الثانية من حيث الرعاية ثم جنوب دارفور.
ويعتبر التقرير أن البطالة هي أهم أسباب الفقر يليها التعليم، مشيرا إلى زيادة في انخفاض الفجوة بين مستويات الإنفاق للأسر الفقيرة والغنية مما كانت عليه في العام 2009.
اليوم التالي.