تسريبات

زمان مثل هذا

تسريبات

الصادق المهدي الشريف

? حتى لو تمَّ تأجيل الإستفتاء الى مايو القادم أو بعد مايو فإنّ دولة الجنوب في طريقها الى التكوين لتصبح إضافة جديدة الى دول أفريقيا… ومنظومة دول الأمم المتحدة. ? ومن يستبعد التاجيل لم يخبر جيداً مفاجآت (ساس يسُوسُ) والتي يتم تصنيعها في الخارج وتعبئتها في عبوات تستطيع العيش في المناخ الحار… لتكون صالحة لإستهلاك سياسيينا الى أطول فترة ممكنة. ? لهذا لا يستبعدنَّ أحدٌ أن تكون أحد مراكز التعليب السياسي في واشنطن تعمل الآن بجدية على تعبئة عبوة سياسية جديدة باسم (تأجيل الإستفتاء). ? ولعل رائحة هذه التعبئة فاحت للدرجة التي اشتمَّ فيها باقان أموم زعيم صقور الحركة الشعبية الروائح فصرَّح قائلاً :(لا أستبعد تأجيل الإستفتاء إذا لم تحل المشكلات العالقة). ? ولكنّ الاغرب من الخيال تلك التسريبات التي جاءت بها مجلة نيوزويك الإسبوعية… وهي مجلة غريبة على النمط الصحفي المعتاد، لأنّ مصادرها تكون ? دائماً ? على أعلى المستويات، وعلى درجة عالية من الدقة. ? التقرير يقولُ أنّ جنوب السودان سوف يصبح السبب المباشر لتطبيع العلاقة بين الخرطوم وواشنطن. ? كيف ذلك؟؟؟؟؟؟؟؟؟.
? فالمعلوم الآن أنّ قضية الجنوب هي سبب العكننة بين العاصمتين، وأنّ قادة الجنوب ما فتئوا يطالبون واشنطن بتشديد العقوبات على السودان في حال خروجهم منه بتكوين دولتهم الجديدة. ? لكن الدولة الجديدة في الجنوب تحتاج الى البقاء… والشمال هو السبب الرئيس في بقائها (تصوروا… هكذا يقول التقرير الامريكي)… ويواصل التقرير: ? أولاً على الشمال أن لا يقذف بجنوبيي الشمال الى رقعة الجنوب الجغرافية بعد الإستفتاء مباشرةً… بل عليه أن يحتمل وجودهم في جغرافيته الى أن تقوى دولة الجنوب، لانّ من شأن ذلك أن يقضي على الدولة الجديدة ويحولها الى دولة إغاثات فاشلة. ? كما أنّ على الشمال أن لا يوقف تصدير النفط مهما ساءت العلاقات السياسية مع الدولة الجديدة… بمعنى أن يكون النفط خارج اللعبة السياسية، لأنّه الشريان الذي يحيا عليه الجنوب… فإذا انقطع هذا الشريان ماتت الدولة على الفور. ? على الشمال أيضاً أن يتعاون مع الإدارة الأمريكية وحكومة الجنوب على إيجاد معادلة معقولة لتوزيع الثروة (ثروة النفط) بين سكان الجنوب وقبائله بصورة (ترضوية). ? فإحتكار السلطة لن يؤثر على الجنوب مثل إحتكار الثروة… لأنّ من شأن عدم توزيع الثروة بصورة (مرضية لقيادات قبائل الجنوب) قد ينتج تمرداً قبلياً على الفور… وهو آخر ما تريده الإدارة الأمريكية لطفلها الوليد. ? وغنيٌّ عن القول أنّ على الشمال أن لا يدعم المليشيات المناوئة لحكومة الجنوب، بل عليه أن يساعد الحكومة هُناك على التفاوض والتوصل الى إتفاقات مع المليشيات المتمردة. ? لأنّ تفجر الأوضاع في الجنوب سوف يكون كارثياً على كل منطقة القرن الافريقي… لا سِيَّما السودان حيث ستحدث هجرات قسرية وجماعية (وهناك احتمال لإبادة جماعية)… وسيكون الشمال هو محشر تلك الهجرات الجماعية، و(قد) يصل عدد مواطني دولة الجنوب بالشمال إلى أضعاف ما هو متواجدٌ الآن. ? هذا ما تريده الإدارة الأمريكية من الخرطوم… فما الذي ستقدمه الإدارة الامريكية بالمقابل. ? لا شيئ سوى تطبيع العلاقات بين الخرطوم وواشنطن، وذلك بإلغاء العقوبات الإقتصادية الأمريكية وإزالة اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب… ورُبَّما لاحقاً النظر في قضية المحكمة الجنائية الدولية. ? شُفت كيف؟؟؟.

التيار

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..