أخبار السودان

الحكومة تنفي أي تحالفات مدبرة وتعتبر اجتماعات رؤساء الأركان بالسودان مصادفة وفي إطار تنسيق ?ثنائي?

الخرطوم ? أميرة الجعلي
لا يزال صدى زيارة الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، للعاصمة الخرطوم يُسيطر على وسائل الإعلام الخارجي ويتصدر العناوين، واكتظت وسائط التواصل الاجتماعي مثل (تويتر) و(فيسبوك) بالتعليقات الناقدة والساخرة من استضافة السودان للزيارة، خاصة من قبل المدونين المصريين، ولحق بهم بعض السعوديين الذين بدأت تغريداتهم على (تويتر) منذ أمس الأول منتقدين الحكومة السودانية، ومطالبين دولهم بالانقلاب على السودان والعمل على إعادة العقوبات مرة أخرى والكف عن التعاون معه، لكن اللافت أن اللقاء بين رؤساء أركان السودان وتركيا وقطر في الخرطوم كان أكثر زخما، مما زاد غضبهم ودفعهم للحديث عن أن السودان أصبح مقرا لإنشاء تحالفات جديدة في المنطقة .
لكن المفارقة التي لم ينتبه إليها الحانقون على زيارة أردوغان للخرطوم، أن رئيس الوزراء التركي، بن علي يلدرم، وصل أمس (الأربعاء)، إلى العاصمة السعودية الرياض، في زيارة رسمية لعقد مباحثات مع المسؤولين هناك، تشمل العلاقات الثنائية وملفات المنطقة، الأمر الذي من المحتمل أن يُعيد النظر في التعليقات والتحليلات التي رأت في الزيارة النادرة لأردوغان تخطيطا تركيا لقيادة السودان إلى حلف جديد مناوئ للحلف الخليجي الذي تقوده السعودية في اليمن.
مصادفة مثيرة:
هذه التكهنات التي ترد في وسائط الإعلام الأجنبية ووسائل التواصل، لم تكُ وحدها، فبعض التحليلات الداخلية ربطت بين زيارة رئيسي الأركان القطري والتركي واجتماعاتهما في الخرطوم، حيث ذهبت التحليلات إلى أن هذه الاجتماعات تشكل انطلاقة جديدة للتعاون بين الدول الثلاث، الأمر الذي تم نفيه من قبل رئيس أركان القوات المسلحة القطرية الفريق طيار غانم بن شاهين الغانم في حديث خاص لـ(اليوم التالي)، مؤكدا عدم وجود أي تنسيق مسبق للاجتماع الثلاثي، مبينا أنه محض صدفة، وأضاف الفريق طيار الغانم، قائلاً: (قُدر لنا الجمع جميعا، واجتماعنا دون ميعاد، وهذا من فضل الله سبحانه وتعالى).
وأشار رئيس أركان القوات المسلحة القطرية إلى أن زيارته للسودان تأتي في إطار استشارته التي لا يستغني عنها من نظيره الفريق أول مهندس ركن عماد عدوي رئيس هيئة الأركان المشتركة السودانية، موضحا أنهما يتبادلان الزيارات من وقت لآخر بجانب اتصالاتهم المستمرة .
وواصل رئيس أركان القوات المسلحة القطرية حديثه للصحيفة، إن توقيت الزيارة جاء حسب برنامج في رئاسة الأركان في كل من البلدين، والتي قال إنها كانت مزدحمة طيلة الفترة الماضية، مشيرا إلى أنهم كانوا يبحثون لأقرب فرصة ممكنة، موضحا أنها تسهلت بهذه الطريقة على حد ? تعبيره ? مؤكدا أن التوقيت لم يكن مقصودا، وإنما فقط حسب ما تيسر من برنامج .
تمارين عسكرية:
وفي ما يخص مجالات التعاون العسكري بين السودان وقطر ومستوى التنسيق بين البلدين عسكريا، قال الفريق طيار الغانم، لـ(اليوم التالي)، إن التعاون بين البلدين في المجال العسكري قديم منذ السبعينيات، أي منذ استقلال دولة قطر، لافتا إلى أنهم يتلقون الخبرات من القوات المسلحة السودانية، قائلاً: (هم هناك يساهمون في تطوير قواتنا المسلحة)، وأضاف (نحن نرسل طلاباً للدراسة في الكليات العسكرية السودانية)، بجانب التمارين المشتركة لتبادل الخبرات التي قال الفريق طيار الغانم إنها ستستمر لفترات طويلة قادمة، بحكم حجم العمل المشترك الذي تقوم به القوات المسلحة في البلدين، مشيرا إلى أنه خلال الأسابيع الماضية أجريت تمارين عسكرية، كاشفا عن استمرارها في المستقبل.
تعاون تاريخي :
وبحسب طبيعة الاجتماع السوداني التركي القطري الذي لم تصدر منه أي تفاصيل سوى الخبر المقتضب الذي انفردت به وكالة الأناضول التركية وتناولته كافة وسائل الإعلام المحلية والعالمية، فإنه من المتوقع أن يكون قد ناقش تطورات الأوضاع في المنطقة والقضية التي تهم العالم المعنية بمكافحة الإرهاب والقضاء عليه. لكن مصادر رفيعة أكدت لـ(اليوم التالي)، أمس (الأربعاء)، أن زيارات رؤساء الأركان منسق لها في أزمنة مختلفة حتى لا تتعارض مع بعضها بعضا، ولم يكُ مرتبا لهذا اللقاء البتة، وقالت المصادر إن رئيس الأركان التركي جاء برفقة الرئيس أردوغان ويرتبط مجيئه أيضا بجولته لدول أخرى، وعزت المصادر تزامن وصول رئيس الأركان القطري مع التركي لتأجيل زيارة أردوغان عدة مرات، مؤكدا أن الاجتماع عقد مصادفة ودون تنسيق، وأوضح أن رئيس الأركان التركي كان في زيارة برفقة رئيس هيئة الأركان السوداني إلى أحد المرافق العسكرية، وتزامن مع موعد وصول الفريق طيار الغانم مما دفع الفريق أول عماد عدوي إلى الاجتماع مع القياديين في جلسة صغيرة .
تنسيق لا تحالف :
وفي ما يتعلق بوجود تنسيق عسكري بين الدول الثلاث، أكدت ذات مصادرنا أن التنسيق ثنائي بين السودان وقطر وليس هناك تحالف ثلاثي، مشددة على القول: (نحن لسنا منطقة تجمع لدول التحالفات)، ولفتت إلى أن علاقة السودان العسكرية مع قطر لا علاقة لها بالعلاقة مع تركيا، وأوضحت المصادر أن قطر لها تعاون عسكري قديم مع السودان، بجانب وقوفها مع السودان في كافة قضاياه، بجانب العلاقات المتميزة بين البلدين في كافة المجالات إضافة إلى استمرار تبادل الزيارات والمشاركة في التمارين، مؤكدة في الوقت نفسه أن تركيا ليست لها علاقات عسكرية قديمة مع السودان، موضحا أن التعاون جديد وحدث خلال هذه الزيارة ولا يزال على مستوى مذكرات تفاهم وليس برتوكولا عسكريا، كما لا يوجد تدريب مشترك بين البلدين. لكن المصادر أكد في ذات الوقت أن هنالك رغبة حاليا في التعاون بين السودان وتركيا، وأردفت أن التعاون بين البلدين كان على مستوى زيارات وزراء الدفاع أو الدعوة للمشاركة في معرض داخل تركيا.
أما في ما يخص زيارة نائب رئيس الأركان الروسي التي تزامنت مع زيارة (التركي والقطري)، فقالت المصادر إن زيارة نائب رئيس الأركان الروسي «ألكسندر إلكسي فيتش» مبرمجة منذ وقت مبكر، وأشارت إلى التعاون بين البلدين في مجال التدريب والعمل المشترك والممتد منذ فترة طويلة، وقالت المصادر: (إن روسيا دولة عظمى وتعمل على تدريب كوادر القوات المسلحة السودانية) .
وذكرت المصادر أن هذه الزيارات تأتي في إطار انفتاح السودان خارجياً ورفع الحظر عنه، لكن المصادر عادت وأوضحت أن مستوى التعاون محصور حاليا في التدريب الأساسي وتبادل الخبرات وليس المتطور .
وخلال الكلمة التي ألقاها رئيس أركان القوات المسلحة القطرية في دعوة العشاء التي أقامها على شرفه رئيس الأركان المشتركة للقوات المسلحة الفريق أول ركن عماد الدين عدوي، بحضور عدد من الإعلاميين والعسكريين والتي تخللتها أجواء ودية خارج الأطر الرسمية، أكد الفريق طيار الغانم أن زيارته لبحث آفاق التعاون والتنسيق وزيارة الطلاب الحربيين القطريين المتدربين في كليات القوات المسلحة السودانية، وافتتاح الملحقية العسكرية القطرية. فيما كشف رئيس الأركان المشتركة الفريق عدوي أن التنسيق والتعاون يتم مع الدول الصديقة في العالم العربي والإسلامي، وقال عدوي في كلمته الترحيبية بضيفه إن العلاقات بين القوات المسلحة السودانية القطرية تمتد منذ عشرات السنين، وأشار إلى أن الفريق إبراهيم سليمان وزير الدفاع الأسبق الذي كان حضورا في اللقاء سبق وأن عمل في القوات المسلحة القطرية، وختم حديثه بالتأكيد على أن السودان يكن حبا وتقديرا لقطر، دولة وشعبا، وأنه يتطلع لمواصلة العمل والتنسيق بين المؤسسات المختلفة، وأن التعاون بين البلدين يستهدف الأمن والاستقرار في المحيطين الإقليمي والدولي .

اليوم التالي.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..